|
مَنْ يجتَثُ مَنْ علاء مهدي - سدني
الصورة التي طالما نقلها لنا المسؤولون العراقيون عن الخطة الأمنية كانت صورة بألوان إيجابية أضاءت الأمل في نفوسنا لعودة الأمن والإستقرار للوطن المنكوب. أما التصريحات التي كان يطل بها علينا المسؤولون الأمنيون في وزارتي الدفاع والداخلية والتي أنصب أغلبها على توفر بعض المعدات الحديثة التي تم نصبها بقصد أكتشاف السيارات المفخخة وبقية المواد المتفجرة قبل حدوثها ، فهي الأخرى أعادت لنا بعض الثقة في أن الأمور تسير على ما يرام. خلال سفرتي الأخيرة إلى سوريا ، التقيت العديد من العراقيين الهاربين من جحيم الحالة الأمنية. في تلك الفترة أكد لي الكثير منهم أن الحالة الآمنية تسير نحو الأفضل خاصة في المناطق الملتهبة مثل الدورة والسيدية والبياع. حتى أن قسماً منهم ذكر لي أنهم عائدون للعراق بسبب من تحسن الحالة الأمنية. بعد أقل من شهر على – نجاح - الخطة الأمنية العتيدة ، يتمكن الإرهاب من تنفيذ عملية تفجير أنتحارية داخل مجلس النواب العراقي فيقتل ثمانية ويجرح آخرين. ورغم أن الخسائر البشرية كانت مأساوية إلا أن مجرد التفكير بأن الإرهاب قد تمكن من قهر النظام الأمني للمنطقة الخضراء واجتاز كل الإجراءات والاستعدادات الأمنية ليدخل قلعة النظام العراقي الجديد المحمية مباشرة من قبل البنتاغون لينجز عملية تفجير أنتحارية فذلك يعني أن الإرهاب قادر على الوصول حتى إلى البيت الأبيض وليس المنطقة الخضراء فحسب. يبدو أن البعث العراقي تمكن بعد أربع سنوات من الضربة الأمريكية القاضية من لم شتاته وإعادة تنظيم آلته الإرهابية وفق معطيات ومتغيرات المرحلة التي مرَّ بها وكذلك توقعاتهم المستقبلية. ومن المسلم به أن هذا الحزب لم يعد بإمكانه العودة للساحة السياسية بنفس الأسم والآهداف والستراتيجيات القديمة ، لذلك فمن الواضح ومن خلال تتبع الأحداث أن الكثير من التنظيمات والمجموعات الصغيرة قد تشكلت على أنقاض وبقايا البعث المنبوذ وبأسماء وآيدلوجيات مختلفة مدعومة بالمال العراقي المسروق والسلاح العراقي الذي – منح – لهم ولمنتسبي الجيش والقوى الأمنية والإستخباراتية بقرار الحاكم المدني للعراق بول بريمر بحل الجيش والشرطة والقوى الأمنية الأخرى دون تخطيط ودراسة مسبقة لنتائج مثل هذا القرار الأهوج. الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن العملية والتي تدعى – جماعة دولة العراق الإسلامية – هي بالتأكيد إحدى هذه التنظيمات وهي من اسمها جماعة تختبئ خلف غطاء الدين لممارسة عملياتها الإرهابية ضد الأبرياء العراقيين وليس المحتلين. الغريب أن مجلس النواب العراقي والحكومة العراقية لا زالا يناقشات قانون إجتثاث البعث وتعديلاته في وقت أثبت فيه البعث أنه قادر على أجتثاث ليس مجلس النواب فقط وأنما المنطقة الخضراء وليس جسر الصرافية فقط وأنما كل الطرق المؤدية للبيت الأبيض. ترى ، هل ستتمكن السلطات التشريعية والتنفيذية من أجتثاث البعث قبل أن يجتثهم؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |