|
ثلاثة مليون ونصف تركماني يصبحون كم الفا: من المسؤول؟ علي توركمن اوغلو طوال الاسبوع المنصرم انشغلت وكالات الانباء بمتابعة صدى المقابلة التلفزيونية التي اجرتها فضائية العربية مع رئيس اقليم كردستان العراقي السيد مسعود البرزاني . انا كمواطن عراقي تركماني لايهمني هنا من تلك المقابلة سوى جملة واحدة افادها سيادته بحق التركمان , حيث قال في سياق حديثه : ( ان التركمان في كركوك هم كم الف ....) . نحن نعلم ان السيد البرزاني في موقف خصومة سياسية معنا نحن التركمان لايمانه الراسخ بان انشاء دولة الكردية التي يريد رؤية قيامها في حياته لاتتم الا بأزالة التركمان من خارطة العراق ان لم يستطيع فعلا فقولا ( سبق تصفير التركمان في الاستمارة الاحصائية لاقليم كردستان ) . ولكن نعتقد ان الخصومة السياسية شيء وتوجيه اهانة الى امة عريقة خصيصا وسيادته يشغل منصبا رئاسيا في الدولة العراقية شيء اخر . ان هذه الجملة التي استخدمها سيادته تكاد تذكرني بجملة استخدمها صدام حسين بعد تسلمه منصب رئاسة الجمهورية في العراق سنة 1979 وتحديدا في الفترة التي اعتقل فيها الشهيد التركماني ( الزعيم عبدالله عبد الرحمن ورفاقه ) حيث قال ردا على السيد ( سليمان دميرال ) رئيس الوزراء التركي انذاك ( بان الاتراك يسألوننا اين فلان واين علان ونحن نقول لهم اذا انتم مهتمين بهم هكذا فهم كم واحد تعالوا وتلقطوهم تلقط ) فما اشبه اليوم بالبارحة . انا اريد هنا ان اوضح شيئا مهما للرأي العام العراقي والعالمي فأقول : ان منطقتنا غنية بثقافات متعددة وفيها تتداخل الاديان والمذاهب والقوميات البعض من هذه القوميات اقليات في دولها والبعض الاخر اغلبيات وماعدا العراق فانه لايمكن معرفة تعداد الاقليات في دول المنطقة بالتحديد لعدم اجراء احصائيات سكانية على اساس الانتماء العرقي وبالتالي يبقى مفتوحا على مصراعيه للتخمين والتقدير ولما كان من طبيعة البشر انقياده لاهوائه لذا نرى البعض يلجا الى تهويل تعداد بني جلدته في دول الجوار حتى يقدر البعض منا من ينتمي الى قوميته الى عشرات الملايين مما يخرجهم من وصف الاقلية ويكسبهم دون ان يدري صفة الاكثرية في ذلك البلد . وبالعكس تماما يخفض البعض منا تعداد رقباؤه وخصومه من القوميات الاخرى ويحيلهم الى بضعة افراد . ان تعداد الاكراد في تركيا شأن يخص المسؤولين الاتراك بالدرجة الاولى وشأن يخص بعض الاخوة من القوميين الاكراد لذلك لن اخوض في هذا الموضوع الان حيث سأفرد له مقالة خاصة لاحقا ليس لسبب وانما لان السيد مسعود البرزاني هو الذي اقام علاقة خفية بيننا نحن التركمان الذي خفض تعدادنا الى ( كم الف ) وبين اكراد تركيا الذين رفع تعدادهم الى ثلاثين مليونا . وكأنه يقول بأن لسيادته اليد الطولي في الصراع فأذا ما استطاع الاتراك تحريك كم الفا من التركمان فسيادته يستطيع تحريك ثلاثين مليونا من الاكراد في تركيا التي يبلغ تعداد نفوسها اربعة وسبعون مليونا . لقد اشرت في بداية المقال ان العراق البلد الوحيد من بلدان المنطقة الذي اجرى احصاءا سكانيا حسب الانتماء القومي سنة 1957 والمعدل في سنة 1959 واعتمادا على ذلك الاحصاء الذي يعتبر لحد الان الوحيد المعتمد لنزاهته من الاهداف السياسية فأن تعداد التركمان فيه ( خمسمائة وسبعة وستون الف من اصل ستة ملايين ومائتان وستة وسبعون الف نسمة من نفوس العراق ) . ان رقم الثلاثة مليون ونصف تركماني المتداول هو رقم مستخرج حسابيا من رقم الخمسمائة وسبعة وستون الف نسمة الذي اعتمد اساسا لذلك حيث استعمل رقم ( 3.5% ) كمعدل للزيادة السكانية المعتمدة في العراق كبلد من بلدان العالم الثالث ولان الرقم خمسمائة وسبعة وستون الف نسمة تم تسجيله في عهد الدولة العراقية ( اي في عدم وجود الامبراطورية العثمانية لكي يضطر غير التركمان تسجيل انفسهم تركمانا تقربا من السلطة او مخافة منها )، ولكون التركمان لم يصابوا بالعقم دون العراقيين ، ولكون التركمان لم يعرضو للتهجير الى تركيا ( ما عدا من هاجرالى بلدان العالم وبنفس المعدل الذي هاجر به العرب والاكراد ان لم يكن اقل ) ، ولكون التركمان لم يتعرضوا دون غيرهم من العراقيين الى كوارث طبيعية كالزلازال، والامراض الفتاكة السارية يبقى الرقم ( 3.5) مليون نسمة للتركمان معقولا وموازيا لنفس معدل زيادة تعداد العرب ( 18 ) مليون و( 5 ) مليون للاكراد المقبولة . اذن ان التركمان ليسوا كم الفا في كبرى مدنهم كركوك ، بل هم يقلون في عموم العراق عن اخوتهم الاكراد بمليون ونصف فقط. وبالتالي يصبح هذا الرقم منيعا ضد التخفيض الكيفي وضد التهويل الكيفي ايضا ، ولا يصح علميا تخمين الارقام لتعداد القوميات في العراق في حضور ارقام حقيقية تم احصائها فعليا . انني وانا اكتب هذه السطور ردا على جملة السيد مسعود البرزاني ، الذي اراد بها الاستهزاء بالتركمان في مزايدة علنية مع ثقافة ( جدرية دولمة ) المعروفة ، يكاد يملاني الحزن ويمزقني الاسى لاضطراري انا العبد الفقير لله الى الرد بما املك من امكانيات ضئيلة مقارنة بالامكانيات المفترضة للاله الاعلامية التركمانية . لقد كنت انتظر من مؤسساتنا السياسية والاعلامية التركمانية باختلاف انتمائها الحزبية ( وما اكثرها عندما تحصى ) ان يستخدموا امكاناتهم العلمية الحزبية الكبيرة للرد وعدم السكوت فيما تخص مسألة في غاية الاهمية لحياتنا ولكرامتنا كأمة اصيلة وفيه لهذه الارض .ان انسحاب الاعلام التركماني الحزبي المنظم من الساحة هو الذي يشجع الاخرين على التطاول علينا . ولنا ان نتصور ان احدا من قادة التركمان هو الذي وصف الاخوة الاكراد ( بكم الف ) لكنا رائينا الكم الهائل من المقالات التي كانت ستملا الصحف المنشورة الاخوة الاكراد ( بكم الف ) لكنا رائينا الكم الهائل من المقابلات التلفزيونية والتنديدات الجماهيرية من المثقفين وغير المثقفين الاكراد ، بل حتى كنا سنرى المسيرات المليونية الاحتجاجية الكردية ! اخيرا لي عتب خاص من السيد محمود المشهداني الذي اعلن بأنه يحتضن السيد البرزاني ويشد على عضده لتصديه للتهديدات التركية ، وقال عقب نجاته من الانفجار الذي استهدف احد ابنية البرلمان العراقي ( بأنه سوف يقطع اليد التي تمتد الى سيادة العراق !؟) ، فاقول له ما دام سيادتك غيور هكذا على العراق والعراقيين وكرامتهم لماذا لم تصحح قول السيد البرزاني المسؤول الدولة العراقية وتعاتبه وانت تشد على عضده وتنصحه ان لا يوجه الاهانة الى شعب اصيل كل ماجناه هو غيرته على وحدة العراق الذي تتولى سيادتك منصب رئيس برلمانه .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |