مجاديـة المثقفين!

رياض الحسيني / كاتب صحافي وناشط عراقي مستقل

www.alhusaini.bravehost.com 

قرأت ما سطرته ايادي احد الزملاء وهو يطلب من ادارة شبكة الاعلام العراقي والحكومة العراقية "ارجاعه للخدمة"؟! ورغم غرابة الطرح وتعاطفي والكثيرين امثالي معه الا انني احسست بمدى الولع الذي تملّك الكاتب للعودة الى جريدته السابقة! هذا فضلا عن استعداده لكل ماتطلبه منه الحكومة العراقية وشبكة الاعلام فبدا المقال توسلا واستعطافا واستجداءا اضاع الفكرة الجميلة التي توسدها. طبعا السيد الزميل ليس اول ولا اخر من يطلب علنا من الحكومة العراقية بعد ان جرّب كل الوسائل الممكنة للحصول على الموافقة لطلبه فقد سبقه (البروفسور التقدمي) من قبل في طلبه ليكون "ملحقا ثقافيا" في اي دولة ولو في مجاهيل افريقيا على حد تعبير المقال الاستجدائي الذي نشره على الملأ  (المهم ملحق وخلاص) اما اين وكيف فليس مهما؟!

وبين هذا وذاك فالاول ترأس تحرير جريدة الحكومة (الرسمية) بعد السقوط والثاني كاتبا، شاعرا، بروفسورا، تقدميا، واخيرا درويشيا، على حد تعبيره طبعا ولم آت من عندي حرفا والله العالم. زميلنا الاول لم يتعض للفتات النظر التي كانت تأتيه من الحكومة التي كان يتوجب عليه الانصياع لاوامرها ونواهيها على اعتبار ان الصحيفة ناطقة بأسمها وهي من يموّلها وراتب الزميل منها فتمرده على الصحيفة من قبل واستجداؤه العودة اليها وفق استعداده لتقبل الشروط الحكومية من بعد ليس بسبب "الحرية" و "الرئة" او حتى "المثانة" والى غيره من الشخبطات المثقفة التي نداري خلفها حقيقة مانريده! دليل ذلك ان الحكومة هي هي ولازال الائتلاف العراقي الموحّد اللاعب الاكبر في مجمل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم، هذا من جهة. من جهة ثانية لازال رئيس الوزراء من حزب الدعوة الذي ينتمي اليه زميلنا (الملغى عقده) وخلافات الاخير مع رئيس الوزراء السلف الدكتور ابراهيم الجعفري هي هي مع الخلف الاستاذ نوري المالكي. هذه الخلافات هي هي بين الطرف الذي انظم اليه لاحقا اخونا وهم (جماعة الملف) بقيادة غالب الشابندر الذين مافتئوا وهم يصفون المرحلة التي يمر بها العراق اليوم بالـ "دم قراطية" بينما يترحمون على ايام الملكية والاستعمار ويصفونها بانها "ايام الخير" وبين (خط الدعوة-لندن) كما يسميه البعض بقيادة الدكتور ابراهيم الجعفري الذي يتهمونه بالاستفادة من منصبه! فما الذي تغير وماحدى مما بدى؟! اما اذا كان سبب الخروج من الصحيفة كما يدّعي اخونا هو "الارهاب الفكري" فهل انتفى هذا السبب الان وهل اصبح العراق بين ليلة وضحاها جمهورية افلاطون؟! بيد ان من يطلب الفضاء الفسيح ليسطّر على صفحاته مايؤمن به من طريق ولينير الدرب للاخرين ومن دون رقابة فليس هناك افضل من الصحف الالكترونية وما اكثرها واكثر روّادها! الكاتب الملتزم هو الذي يفرض نفسه ولا تحدّه حدود اما اعتبار ان الرئة الوحيدة للتعبير هي "جريدة الحكومة" فهذا امر عجاب لايستقيم!

المنطق السليم لاساس الاستجداء هو ان الراتب الذي كان ولازال يتمتع به رئيس تحرير جريدة الحكومة مغري جدا. اما السبب الاخر والاهم هو ان الخروج من رئاسة تحرير هذه الجريدة يعني الخروج نهائيا من اللعب مع الكبار وهذا الخروج يملي على صاحبه اللعب مع الصغار او الوقوف على مدارج المتفرجين وانتظار الفرج كأمثال صاحب السطور العبد الفقير. بيد ان الخروج من المنطقة الخضراء له انعكاسات سلبية على من تعوّدها وخصوصا الوجهائية والصفقات والشهرة والتدرّج الوظيفي فضلا عن الامتيازات والعلاوات وبدلات السفر والخطورة ذلك على اعتبار ان المنطقة الخضراء بمواجهة على خط النار! لقد امضى العبد الفقير ليلتين في المنطقة الخضراء واعلم يقينا انها على خط النار فالهاونات على قدم وساق!

أمانة احس بالقرف وانا انظر الى المستوى الذي اوصل البعض "المثقف" نفسه اليه من "الجدية" لمنصب حكومي! احس بالاشمئزاز وانا اقرأ لمن يدّعي الامانة والنزاهة ان يطالب لنفسه علنا بمقعد وثير! اشعر بالخيبة وانا اواجه من يدّعون الثقافة والتقدمية وهم يستجدون هذا وذاك من اجل وظيفة بينما الاجدر بهم ان يخدموا الوطن والشعب من اي موقع، ان كان بعض حقيقة في بعض مايقولونه من شعارات وما يروّجون له من اداعاءات. فأين نزاهة المثقف واين عفة المثقف واين عزوف المثقف؟! اين كرامة المثقف واباءه وكبرياءه وشعار "الحكومة وراء المثقف وليس العكس"؟! حقيقة حينما يصل بالمثقف لان يطرق الابواب كلها غير آبه بمن يفتح له ان كان كريما او لئيما فلا يصح عليه الا لقب "مجدّي"! اللهم اشهد اني سأقطع اصبعي قبل ان اسطّر حرفا مما كتبه "مجادية المثقفين"! اللهم فاشهد.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com