|
الحرب الثقافية بين الماضي والحاضر
عدنان الجعفري ـ مؤسسة اليوم الموعود الثقافية ـ الكوفة المقدسة باتت الحرب الثقافية التي يعيشها المجتمع الغربي عموما وأمريكا خصوصاً من أوضح الواضحات والبديهيات التي لا نقاش فيها وخاصة بعد سقوط صرح الاتحاد السوفييتي القطب الموازي للهيمنة الأمريكية وقد طفحت تصريحات الساسة والمفكرين الغربيين بذلك ؛ وهذا ما صرحت به رئيسة وزراء بريطانيا السابقة (تاتشر) (لقد قضينا على الاتحاد السوفييتي وبقي أمامنا الإسلام ) . فان صراع الحضارات التي ينضر لها الساسة والمفكرين وصناع القرار . وفي هذا الصراع يصورون في آخر المطاف نجاح الحضارة الغربية فكراً ومبادىء . وهذا مبدأ ما يسمى بالعولمة .فاليوم باتت حرب العولمة الثقافية مدعومة بالحرب السياسية والاقتصادية والعسكرية فقد كانت قبل فترة من الزمن حملة تقودها الإمبراطوريات الإعلامية بكل وسائلها وما تمتلك من طاقة ومكائد ضد المجتمع المسلم منهم اللذين صوّروا إن الإسلام فكراً ونظاماً إرهابياً ورجعياً ولا يعني بمتطلبات المجتمع الحضاري فكان نظام الدولة الإسلامية في إيران ضربة قاصمة لإفشال المخطط ضد الدستور الإسلامي ثم اخذوا يطالبون بحقوق المرأة ويشيعون بان الإسلام والقران قد سلب حقوق المرأة في إعطاء الحرية لها وصوّروا للمجتمعات بان الانفلات والفوضى هي أرقى أنواع الحرية وشنوا الحملات تلو الأخرى ضد الإسلام ومبادئه السامية بكل ما أتوا من قوة ... ولكن المجتمع المسلم يرتع في ظلمات الجهل والفقر والحرمان رغم الثروات التي يمتلكها والتي جعلت من المجتمع العربي والإسلامي البقرة الحلوب للمجتمع الغربي واقتصاده . واليوم تنهض أمريكا ومن لفّ لفّها لإنجاز مشروع الشرق الأوسط الكبير وكانت الانطلاقة من أفغانستان والعراق ثم إلى الوطن العربي تباعا . ولو تساءل كل واحد منّا هل جاءت أمريكا لأجل النفط وهي من تمتلك مخزون عالمي ضخم من النفط بالإضافة إلى اقتصادها القوي الذي يُتيح لها الاستيراد من كل الدول المنتجة للنفط هذا بالإضافة إلى إنها تسيطر على معظم مصادر النفط في العالم فلماذا تنق المليارات من الدولارات وتؤدي بأرواح جنودها إلى التهلكة والنفط تحت سيطرتها بدون دخول قواتها إلى الدول العربية عموماً وإسلامية خصوصاً ؟! ولو كانت أمريكا تريد تخليص الشعوب من الدكتاتوريات فلماذا نصبتها على رقاب العرب والمسلمين بواسطة نفوذها الدولي ؟ ولماذا لم يساندوا الانتفاضة الشعبانية المباركة ؟ويعينوا الشعب العراقي على تخليص نفسه بنفسه وبدون احتلال البلدان ؟! نقول لا تسيروا خلف الوعود الأمريكية فأنها سرب . فهاهم علماؤنا العاملون قدس الله أسرار الماضين منهم وحفظ الباقين لنصرة الإسلام . فكان السيد روح الله الخميني يصف أمريكا ب( الشيطان الأكبر ) رغم إن العداء الأمريكي للإسلام لم يطفو على السطح وانشغال أمريكا بالحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي ومن الجدير بالذكر فأن الشيطان الأكبر يمتلك شياطين صغار يأتمرون بأمره وينفذون مطاليبه ؛ كما إن من صفات الشيطان هو الوسوسة في صدور الناس وهي ما يسمى بالحرب الثقافية .فأصبح اليوم المتمسك بالثوابت الإسلامية والقرآنية متطرفاً والجهاد في الإسلام بطرقه السلمية أرهباً أو تمرداً ونظامه نظاماً دكتاتورياً متسلطاً وقد روجوا بان ولاية الفقيه نظامها دكتاتورية دينية . فعلينا العمل الدءوب للوقوف أمام هذه الحرب من خلال الوسائل والقنوات التي رسمها لنا الإسلام واهم هذه القنوات عند الإسلام هي : أولا :منبر الجمعة : لما فيه من ايجابيات ً وفوائد جمة فهو أشبه بمؤتمر إسلامي اسبوعي يناقش فيه قضايا المجتمع المسلم خصوصاً وما يدور في عالمنا عموماً هذا من جانب الخطبة السياسية أما الخطبة الدينية فهي بث التوعية والإرشاد للمجتمع المسلم وتثبيت القيم والمبادىء التي يطالب بها الإسلام ولكن مع شديد الأسف فان هذا المنبر قد انحرف(عند البعض )عن مساره الصحيح فقد أصبح دعاية انتخابية وصوتاً يطبّل ويزمّر للمشاريع الاستكبارية ويصنع المبررات لهذه المشاريع الهدامة بإطار إسلامي فقد استخدم أهل السياسة هذا المنبر المبارك لخدمة مصالحهم منهم اللذين جعلوا الدين في خدمة السياسة وليس العكس فالإسلام لا يريد (تسييس الدين ) بل ( تدين السياسة ) وجعلها ( أي السياسة تخدم مصالح الإسلام ) . ثانياً: المنابر الحسينية : وهذا ما يختص به أتباع مذهب أهل البيت (ع) فان فكر الإمام الحسين وثورته ذات أسس وقيم سليمة يتبناها حتى من هو خارج الإسلام فضلا عن باقي طوائف المجتمع المسلم وهذا ما لاحظناه في تحرير الهند من الاحتلال البريطاني وهو رجل بوذي كما في مقولته المشهورة ( تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر ) ... الخ من المثقفين والمفكرين غير الإسلاميين اللذين اقتبسوا من مبادىء نهضة الإمام الحسين (ع ) ما يحررهم من الظلم والاستبداد على مر العصور التي تلت معركة ألطف . واليوم نجد إن هذا المنبر في بعض الدول التي تبنته والعراق خصوصاً قد انحرف عن مساره في نشر الثقافة الإسلامية فأصبح الخطيب (البعض منهم ) يصور هذه النهضة المباركة للإمام الحسين (ع) بأنها مجرد مكان للبكاء والعويل مبتعدين عن أهداف الحسين (ع) في ثورته ضد الظالمين . بل أصبح المنبر في العراق في الآونة الأخيرة مشروعاً للكسب الحزبي والانتخابي لا مشروعاً لنصرة الإسلام والعاملين بنهجه . ثالثاً: وسائل الإعلام : المرئي والمسموع والمقروء بكل تفرعاته فانه أهم وسيلة وأفضل سبيل لنشر ثقافة الإسلام ومجابهة الحرب الثقافية الغربية . فان نصف الحرب هي الإعلام كما يعبرون فكيف بالحرب الثقافية فهي الإعلام كله كوسيلة للمواجهة الثقافية .ولكن مع شديد الأسف لم نجد فضائية واحدة تُعنى بالأمور الثقافية وخدمة الإسلام بل نجد اغلب الفضائيات العربية والإسلامية تسير نحو الطائفية والتطرف وادعاء أصحابها إنهم الفرقة الناجية دون غيرهم بل أصبحت إلى ما هو أسوا من جعل الفضائيات مشروعا لدعم أفكار أصحابها والذين تبنوها وأسسوها لجلب المصالح الشخصية والنفعية فلم نجد فضائية تعنى بنشر الفكر الإسلامي بقنواته الصحيحة وكذلك لم نجد الدعوة إلى وحدة الإسلام والمجابهة الموحدة فأصبح (كل يدعي الوصل بليلى ) أما على مستوى الصحف والمجلات فحدث ولا حرج فأصبح اغلب صفحاتها محبذة للسياسة والرياضة والأمور الدنيوية ودعم الأفكار التي يؤمنون بها مبتعدين عن الدعم للإسلام والقران والسنة الشريفة لاضهار الإسلام والشريعة الإسلامية كنظام يمكن أن يقود العالم نحو الاستقرار والاستقلال وتحقيق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع . رابعاً: المثقفون الإسلاميون : ويشمل رجال الدين والمثقف الإسلامي فان لهم الدور الأكبر في رفد منابر الجمعة والمنابر الحسينية ووسائل الإعلام لنشر الثقافة الإسلامية ومواجهة الهجمة الثقافية على المجتمع المسلم وعليهم - أي المثقفين الإسلاميين - أن يكونوا مستقلين عن أي جهة حزبية أو سياسية للعمل من اجل نصرة الإسلام والشريعة المحمدية بعيداً عن كل الاتجاهات ومحاولة بلورة جميع الأفكار الإسلامية . خامساً: المؤسسات الثقافية : والتي تتبنى عقد الندوات الحوارية الهادفة والبناءة ونشر الثقافة بين ربوع المجتمع والوصول بالمجتمعات الإسلامية إلى تبنّي الأفكار التي من شأنها توضيح الصورة الضبابية التي رسمها الغرب الكافر . وأخيراً نقول إن كل الوسائل الثقافية التي ذكرنا إن عملت بمجموعها وبتوحد أهدافها وبنيّة خالصة لا تشوبها المصالح الضيقة فان النصر سيكون للإسلام إن شاء الله.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |