لله درك يا يوسف

علي آل سعبر

Asabry45@hotmail.com

لقد سمع الكثير منا ( إن الم يكن اغلبنا ) بقصة نبي الله يوسف عليه السلام وما دار بينه وبين أخوته، حتى انتهى به المطاف أن يكون عبدا عند عزيز مصر، ومن ثم أودع السجن لعدة سنوات ظلما وبهتانا لأنه أبى أن يتنازل أو يساوم على المبادئ التي يحملها؛ فلو انه أطاع "زليخا" لعاش كما يعيش عزيز مصر، متنعما في القصور بين الجواري والحور، يأمر فيطاع ويطلب فيجاب، لكنه آثر ظلمة القبور ( السجون ) على بهجة القصور .

وهذا الموقف يذكرني بمواقف أبناء المقاومة العراقية, الشرفاء أبناء الوسط والجنوب إبان عهد نظام الطاغية صدام المقبور ( نظام التمييز الطائفي )، فقد نالوا حظهم من الاضطهاد والتشريد والتقتيل، وفر منهم من فر إلى خارج العراق وقتل منهم من قتل وامتلأت السجون بالآلاف منهم حتى أن بعضهم تفسخت جثثهم الطاهرة في طوامير ذلك النظام، لا لذنب اقترفوه سوى أنهم من شيعة آل البيت الذين أبوا أن يساوموا على مبادئهم وقاوموا سياسة ذلك النظام في مسخ الهوية الشيعية؛ فلو أنهم أطاعوا سياسة صدام ونظامه المقبور لعاشوا في رغد عيش ولما جرى عليهم ما جرى .

وما إن سقط الصنم حتى تنفس الناس الصعداء وهللوا واستبشروا, وعلى الأخص شيعة آل البيت فقد اعتقدوا أن من بقى من أبناء تلك المقاومة, عندما يلي الحكم سوف ينصف الناس ويقضي على الحيف والجور الذي وقع عليهم ويعوضهم عما أصابهم من ذل وهوان وان يرتقي بهم درجات العزة والكرامة والأمان، أسوة بنبي الله يوسف عليه السلام عندما من الله عليه وأخرجه من السجن ومكنه من خزائن مصر "يتبوء منها حيث يشاء"، فقد واسى الضعفاء، وأعطى الفقراء ورفع الحيف والظلم عن المظلومين وقربهم، وأعاد لكل ذي حق حقه، وانتشر العدل والأمان في زمانه برغم القحط الذي كان يحيط بهم، ولكن ..... أقولها بكل ما للكن من مرارة, ما إن ارتقى من بقي من أبناء تلك المقاومة ( أو من يدعي انه ينتسب إلى تلك المقاومة ) سدة الحكم حتى ظهرت الخلافات بينهم وبدء الصراع على المناصب والكراسي وانكشفت مطامعهم، وصارت اجتماعاتهم والتي من المفترض أنها تدور حول تحسين وضع المواطن العراقي وخاصة أبناء محافظات الوسط والجنوب ورفع الضيم عن كاهلهم وتعويضهم عما أصابهم من ظلم وضيم والارتقاء بهم ليكونوا في مصاف البشر الآخرين لا كما هو حالهم في عهد النظام البائد وحالهم الآن، إلا أن الواقع عكس ذلك فكل اجتماعاتهم تدور حول غنيمة كل واحد منهم من الأموال العراقية، فالبعض منهم يطلب دارا تليق بمكانته الاجتماعية الجديدة، والبعض الآخر يطلب رفع مرتبه الشهري ليتماشى مع متطلباته الجديدة فمبلغ خمسة آلاف دولار التي يتقاضاها الآن غير كافية لتلبية كل احتياجاته، ونسي هذا البعض أن هناك مئات الآلآف من العراقيين الموالين لآل البيت المهجرين داخل وطنهم لا يجدون مكانا يأويهم ولا رغيف خبز يشبع بطون أبنائهم، ليس هذا فحسب بل وصل الهوان في البعض منهم بل اغلبهم في أن يتاجروا بمواقفهم الجهادية إبان العهد البائد للحصول على اكبر عائد مادي لهم ولحاشيتهم وحمايتهم التي قد يصل عددها عند بعضهم إلى المئات .

واما من ترفع عن النزول الى هذا المستوى وما زالت فيه بعض حمية المقاومة، فعقله لم يستوعب ما صار إليه من سلطة وانه عضو مؤثر في القرار السياسي العراقي، بل مازال خائفا مترقبا يفكر ويعمل وكأنه مازال في المقاومة لا سلطة له ويجب أن يتنازل عن أهم حقوق من انتخبوه حتى ترضى الأطراف الأخرى عنه، لكي يقولوا عنه انه ليس بطائفي، فوالله ليسوا بقائليها مهما تنازل لهم ( ولن ترضا عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )* سورة البقرة 120  *

حتى بدأت تظهر تلميحات في الإعلام العربي والعالمي تشير إلى أن الشيعة ليسوا أهلا للسلطة لأنهم ليسوا كفؤا لها، والهدف من هذه التلميحات هو الانقلاب على الشرعية وعلى حكم الأكثرية، لتعود الكرة إلى الأقلية لتحكم الأكثرية مرة أخرى, وهذا ما تصبوا إليه كل الدول العربية ومن ورائهم إسرائيل وأمريكا والدول الغربية، لذلك أقول لمن أسلمناهم مقاليد أمورنا:

رفقا بنا وبمن انتخبكم وأودعكم أمانة المفاوضات واتخاذ القرارات نيابة عنه، فعليكم أن تتخلوا ولو لبعض الوقت عن أنانيتكم وخلافاتكم الشخصية والحزبية  ولا تخونوا مبادئ ثورة الحسين عليه السلام التي رفعتموها شعارا لكم لتفوزوا بفضلها في الانتخابات، وان تتنبهوا لعظيم المؤامرة التي تحاك ضد شيعة العراق وان هذه المؤامرة لو نجحت لا سامح الله سوف تطيح بكم وبكراسيكم قبل أن يصل ضررها إلينا، فارفعوا الدغل من نفوسكم ووحدوا صفوفكم وشمروا عن سواعدكم واستوقدوا الذهن وتيقظوا لكل ما يحاك ضدنا وضدكم، فالخطب عظيم، وعسى أن يكون منكم من يسير فينا سيرة نبي الله يوسف عليه السلام ....... لذلك أقول لله درك يا يوسف.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com