الحل سياسي ...نهاية المطاف !!

هادي فريد التكريتي / عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

hadifarid @ maktoob.com

منذ أن دخلت القوات الأمريكية العراق ،عن طريق الحرب ، على الضد من رغبة الشعب العراقي وغالبية قواه الوطنية والديموقراطية ، حدث خراب هائل ومدمر على كل صعيد ، ساهمت في هذا الخراب ، ليس فقط أمريكا وقواتها المحتلة مع شريكتها إنكلترا ، إنما كل دول الجوار ، العربية والأجنبية .

القوى لسياسية العراقية ، الإسلامية ـ الطائفية ، والقومية ـ العنصرية ، نتيجة لهذا الواقع دخلت في صراع دموي فيما بينها من أجل تقاسم تركة النظام الساقط ، للحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والمادية ، كان يتمتع بها أزلام النظام السابق وأركان حكمه ، وما سمحت بنهبه وحيازته والسيطرة عليه ، قوات الاحتلال ، كان عن طريق شرعنة مبدأ محاصصة طائفية وقومية ، الذي دق إسفينا بين مكونات الشعب العراقي ، وفتح الباب على مصراعيه لنزاع بين هذه القوى ، والسيطرة بالقوة عن طريق مليشياتها المسلحة ، على ما ليس لهم حق فيه ، من المال العام وممتلكات الدولة ، وحتى الممتلكات الخاصة للأفراد .. إدارة الاحتلال لم تقف عند هذا الحد في تصعيد النزاع بين القوى السياسية ، وإنما راحت تغض النظر عن نزاعات طائفية ودينية وعنصرية ، بين العراقيين في المنطقة الواحدة ، لتهجير الأقليات منها ، ولتكوين مناطق عرقية وطائفية مغلقة ، جوهر النزاع سياسي ، لبسط هيمنة فكرية وسياسية على مناطق مختلفة من المحافطات والمناطق الأخرى ، وبالذات بغداد والمحافظات المحيطة بها ، إضافة لكركوك ، وهذا ما حذرت منه القوى السياسية الوطنية وفضحت مخطط القائمين به ، من القوى الطائفية والقومية العنصرية ، ومن هم وراؤهم من داخل الحدود وخارجها ، كما كانت الإدارة الأمريكية قد ساهمت في هذا المخطط ، عن وعي وإدراك ، عن طريق قواتها المحتلة التي تجاهلت ما يحدث ، لعدم أهميته حسب تصورها ، وما يحصل هو شأن داخلي بين المتنازعين ، حتى وإن حصل بقوة السلاح . فسقوط العديد من الضحايا .بين أطراف النزاع ، يستوجب تدخل القوات الأمريكية ، لأنها المعنية ، قانونا كدولة احتلال ، مسؤولة أولا وأخيرا عن استتباب الأمن ومكافحة الإرهاب الذي غطي رقعة واسعة من مناطق عراقية مختلفة . فتصاعد النزاع الطائفي المسلح ، أسبابه كثيرة ومتعددة ، ليس من ضمنها تفتيت العراق أمريكيا ، وإنما ما تسعى اليه تشكيلات الإرهاب المختلفة بما فيها القوى التي تطلق على نفسها \" المقاومة الشريفة \"، ليس إضعاف حكومة طائفية ـ عنصرية وإسقاطها فقط ، بل إلحاق الهزيمة بالقوى الأجنبية ، بأكثريتها الأمريكيةـ الانكليزية ، عن طريق إلحاق خسائر مادية وبشرية أكثر بهذه القوات ، وهذا ما تحقق في السنتين الأخيرتين ، حيث بدا المشهد يتبلور أمام الشعب الأمريكي ، ولعموم مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية ، كأن القوات الأمريكية تقاتل في فيتنام أيام زمان ، وهي تغوص في المستنقع العراقي ، بحيث كثرت زيارات القادة السياسيين ، والعسكريون الأمريكان ، على أعلى المستويات للمستنقع العراقي ، محاولين الحد من خسائر ضحاياهم ، والضغط على رئاسة الدولة والحكومة العراقية ، للخروج من المأزق العسكري ، بأي ثمن ، ولإيجاد حل للنزاع الدائر بين قوى ، ظاهرها الإرهاب وباطنها سياسي محض ، وكلما ارتفع عدد ضحايا الجنود الأمريكان ، كلما اتسعت رقعة المحاسبة لإدارة بوش شعبيا ورسميا ، كما تتصاعد المطالبة بانسحاب قواتها ووقف التخصيصات الحربية ، خصوصا بعد أن سيطرت المعارضة الأمريكية على القرار السياسي ، ولم يعد بمقدور الرئيس بوش ، الصمود أمام المساءلة المستمرة له ولأركان إدارته ، سوى الاستعانة بجنرالات جيشه وزجهم في مواجهة السياسيين ، في الكونكرس ومجلس الشيوخ ، ليشرحوا لهم ماذا يعني وقف التخصيصات الحربية أو انسحاب قواتهم من العراق ..!كما هو حاصل اليوم ، نتيجتها اعترف بوش وإدارته ، وكل القوى السياسية الأمريكية ، بأن الصراع الدائر في العراق هو سياسي وليس عسكري ، وهذا ما طرحته القوى الوطنية والديموقراطية العراقية قبل أربع سنوات ، إلا أن قوى الإسلام الطائفي والتيار القومي العنصري ، الذين هيمنوا على القرار السياسي ، وعلى نهب ثروات العراقيين ، كانوا يدورون في فلك مصالحة وهمية مع أشباح من صنع أيديهم ، وليس مع قوى تنافسهم وتنازعهم على المشاركة في السلطة وعلى إصدار القرار ، فالإعلان الأمريكي بأن الصراع في العراق سياسي وليس عسكري ، يفرض على الإدارة الأمريكية التي تقود الصراع في العراق ، وعلى الحكومة العراقية ، أن تنهي الصراع وفق هذا المبدأ وليس عن طريق السلاح ، وهذا يتطلب إجراء تغيير ليس في الحكم وتشكيلته فقط ، بل يتطلب الأمر تعليق العمل بالدستور ، أو تعديله أولا وقبل كل شيء آخر ، بموجب ما أقرته المادة 142 من الدستور الدائم ، كما يتطلب دعوة الخصوم للحوار ، الذين لاتعترف بهم لجان المصالحة التي شكلتها حكومة المحاصصة الطائفية والقومية العنصرية وهذا ما يتنافى والنهج الذي سار عليه الحكم منذ تشكيل أول حكومة محاصصة وحتى اللحظة ..

نهاية المطاف ..الحل السياسي وليس العسكري ، هو الحل ، ولو طبق هذا المبدأ منذ أربع سنوات ، لما تعمق الشرخ الوطني ، ولما تكبد الشعب العراقي كل هذه الخسائر المروعة ، ولحفظت إدارة بوش هيبة أمريكا بين اللدول والشعوب ، ولصانت دماء جنودها ، ولحفظت ماء وجهها ، ولصدقها العالم أنها تريد بناء الديموقرطية في مثل بلدنا ..!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com