الشيعة : واقع وقيادات.. رموزهم الوجه الآخر لمآزقهم

حسن حاتم المذكور

smathcor@web.de

الطائفـة الشيعيـة التـي تشكل 65% تقريباً مـن مجموع المجتمع العراقي.. واكثر من 97% من مجتمع الجنوب والوسط العـراقي، جغرافيتهـم غنيـة بالثروات الطبيعيـة والحضاريـة والفكريـة والأبداعيـة.. غنيـة بالذهب الأسود والمياه والنخيل والأهوار بكل مـا تحتويـه من خـزين غـذائي هائـل ومظاهـر سياحيـة، وكذلك ورغـم استهدافهـا فهـي غنيـة بالمفكرين والأدباء والشعراء والكتاب والفنانين ومبـدعين مزروعين شعـراً وفنـاً وغناءً وتواضعاً وروح سمحـة وشبكـة خيوط انسانيـة للوداعـة والألفـة والتعايش الأجتماعي في كل بقعـة من الجسد العراقـي، لكنهـم مـن الجانب الآخـر يتجمـع فـي كيانهـم بؤس العـراق وحـزن العراقيين وعلى رأسهم تقـع كوارث التاريخ العراقي، واستقرت فـي مدنهـم وقراهـم وبيوتهم اسواء افآت الجهـل والفقـر والمرض وعلى امتداد مئآت السنين، يرافقهـا عبوديـة تاريخيـة مقيتـة لمـن هـم اقـل منهـم شأناً وعـدداً وكفاءة ووطنيـة وحبـاً للعـراق ووفاءً لأهلـه.

ـ لمـاذا كـل هـذا... ؟

ـ ايـن الخـلل... ؟

ـ مـن المسؤول... ؟

نحـن الجيل الذي عاش كارثـة التسلط البعثي على امتداد اكثـر مـن 43 عاماً، استيقضنا على واقع تلك الأسئلـة التي لـم تعـد غامضـة محيرة عصيـة الأجابـة.

الحالـة الراهنـة وسرعـة التطورات والتغيرات داخـل المجتمـع رفعـت الأغطيـة عـن مكامن الخلل وعن الأجوبـة المجمـدة الملثمـة جهلاً وتضليلاً واستغفالاً لتلك الأسئلـة التاريخيـة.

عاصفـة امريكيـة اسقطت جـدار العبـودية الموروثـة من الأجداد فـي 09 / نيسان / 2003، حدث غيـر الحسابات وفتـح الملفات وسلخ جلـد النوايا والخلفيات والتراكمات، ودمـر الواقـع ووضـع الجميـع امام الأمتحانات الصعبـة، فأما النجاح او نصف النجاح او السقوط عودة فـي مـربع الأنتكاسـة التاريخيـة، ماذا تريـد تلك العاصفـة اهدافها اتجاههـا دوافعهـا مشاريعهـا مخططاتهـا الخلفيـة فذلك آمـر آخـر وشأنهـم، امـا ما نـريده نحـن، مـاذا ينبغـي علينـا فعلـه، ومـن ايـن يجب ان نمسك عصـى الأوضاع المستجدة المتسارعـة ونختار المـوضع الذي نعض منـه الكتـف تماماً مثل ما يفعلـه وسيفعلـه بقـدر مـن الحكمـة والشطارة اخوتنـا الأكراد، ومـا يصـر عليه اخوتنـا فـي الديـن مـن الطرف الآخـر لأستعادة سلطتهـم وعبوديـة الآخـرين.

هنـا عنـد تلك النقطـة المصيريـة يجب ان نتوقف ونتأمـل ونتبصـر ونبحث عـن الأجـوبـة الناجعـة لتلك الأسئلـة التاريخيـة وبخطوات راسخـة على اصعـدة الوعـي والمعرفـة والبنـاء المشترك وأختيار الكفاءات والتقدم وفـي وجداننا دوافـع اعادة بنـاء الأنسان والجغرافيـة خاصـة ولدينـا مـا يكفـي ويفيض لأنجاز تلك المهمـة المصيرية.

جماهير الجنوب والوسط العراقي بأغلبيتهم الشيعيـة قدمـوا عبر تاريخ نضالهـم ومعارضتهـم الظلم والطغيان’ علمانيين واسلاميين ويساريين من مختلف الطوائف والمذاهب والأعراق الكثير من الضحايا والشهداء وتعرضوا للتصفيات داخل اوكار التعذيب او اجتثاثهـم كوقود تحت الطلب لكوارث الحروب والغزوات والتطهير العرقـي والطائفـي والأنفلـة على اساس المذهب والهويـة، ولم تتوقف عزائمهم واصرارهم على استعادة حرياتهـم وكرامتهـم وحقهـم فـي التمتع بثرواتهـم والتخلص مـن فقرهـم وبؤسهـم وجهلهـم وعبوديتهم.

بعـد التغيير الذي حصـل فـي 09 / نيسان / 2003 نهضت وانتفضـت جماهير الجنوب والوسط واسطفت خلف مرجعياتهـا وحوزاتهـا وقياداتهـا الدينيـة والسياسيـة، وقدمـت ما عليهـا بمنتهى الحيويـة والنشاط ونكران الذات.

وحسب المشورات والأرشادات والتوجيهات والفتوات والخطب الناريـة والأنشاء الجذاب، انجزت عمليتـين انتخابيتين متحديـة جميع الصعوبات والأخطار رفعت خلالهـا رموزهـا وقيادات احزابهـا الأسلاميـة الى هرم السلطـة السياسيـة ووضعتهـا على ابواب الثروات الوطنيـة’ وعلى هـدى نفس الدوافـع والأحلام اشتركت وانجزت عمليـة الأستفتاء على الدستور، صدقت وآمنت ومنحت ثقتهـا واصواتهـا كاملـة دون ان تسأ ل مـن هـذا ومـن يكون ذاك، كانت الفتـوة والبرنامج والخطب والوعود والألقاب والأنساب كافيـة ان تدفع بنات وابناء الجنوب والوسط لأفتداء رموزهم ومرجعياتهـم وقياداتهـم بالروح مضافاً اليهـا الدم الشيعـي.

وحسب رغبـة ونزعـة وشهوة الأستعراضات والتبجحات واثبات قـوة التمثيل والطائعـة العميـاء لأبتزاز او مساومـة الأخرين وتأكيد قـوة تأثير الفتوة وسحرهـا بتغييـر مـزاج الملايين من بنات وابناء الطائفـة وتحريكهـا اللاارادي يميناً ويساراً وايقافهم ( وعادة سـر )، الى جانب الأقتناع القاطـع، ان كسب الأنتخابات القادمـة لا تكلف القيادات والرموز السياسيـة الا ( جـم فتـوة ).

كانت الطائفـة مطيعـة مسيرة حقاً تاركـة الباقـي علـى الثقـة.

اندفعت بمسيرات مليونيـة وعادت بأخـرى، لطمت وطبرت وزنجلت مهيئاءً لهـا ما لا يحصى من مناسبات الحزن والكآبـة سواء ان كانت ذكـرى مولداً ام وفـاة، وتخلت كلياً عن مظاهـر الفرح والبهجـة ونوبات التفكير والأحساس بالخلل الذاتـي، مخـدرة تنتظـر الأشارة فقط جاهـزة للشهادة بالمئآت من فوق الجسور او تخطف وتذبح وتغتصب وتسلخ جلودهـا وتفخـخ اجسادهـا، وتتجمـع بالعشرات والمئآت داخل الحسينيات والأسواق والمدارس والساحات والطرق والزيارات بأنتظار المفخخات والعبوات الناسفـة والأنتحاريين ليحصدوا منهـم ما يشاءوون.

ماذا حصـد ويحصـد الملايين مـن فقراء الجنوب والوسط العراقي... ؟

لا شيء غير البؤس الموروث.. لا شي غير دموع الأحباط وخيبـة الأمـل وحسرة اوجاع الأنتكاسـة والدمار والموت اليومـي.. واستمراريـة وراثـة الجوع والجهـل والأوبئـة والعبوديـة المركبـة... غير الاف المهجرين والمهاجرين بلا امل للعـودة، والاف الأرامل والعوانس والاف الألاف مـن الأيتام، والألاف من بنات وابناء الجنوب والوسط الذين ابتلعتهـم عصابات المخدرات والرذيلـة والسقوط الأجتماعـي.

انهم فـي ذمتكـم ايها الناطقون بأسمهم المتاجرون بمآساتهـم والصاعدون على سلم معاناتهـم، تتصارعون تتناهشون تتقاتلون وتتراشقون بالدم الشيعي من اجـل حصـة الشفط مـن ارزاقهـم،

مـن منكـم اقترب مـن بؤس تجمعاتهـم وتفقـد اوضاعهـم وتحسس حاجاتهـم وتألم لأوجاعهم وخصـص فتـوة على الأقل من بين الفتوات الكثيرة يدعوا فيهـا الى التطوع لتعليهم مباديء القراءة والكتابـة وقطـع عشر ما شفـط من ثرواتهـم لبناء بعـض المراكـز ومؤسسات الأرشاد الصحـي واستنفرتـه الغيرة لمكافحة اسباب الرذيلـة والفساد والخراب الأجتماعـي، مـن اطعـم الجائعين وكسى العرات ورفع بعضاً من الحيف عـن ارملـة واجبر خاطـر يتيماً ومسح على رأس من اثكلت بأبناءهـا، من منكم ارتجف حزناً ومسح دموعـة بأذيال عمامتـه امام مآساة بناتنا وابناءنـا فـي مواخيرالفساد والرذيلـة فـي عمان ودمشق والعواصم العروبيـة الآخرى واطلع على حجـم كارثـة الأتجار بطفولتهـم وشبابهـم.

هكـذا ايهـا المرجعيات والأيات والسماحات والأشبال تنظرون الى الملايين مـن بنات وابناء الجنوب والوسط والشيعـة منهم بشكل خاص وتختزلون قيمتهـم الأجتماعيـة والأنسانيـة بأرقام صوتيـة واعلانات انتخابيـة بعدها يشخون على ادميتهـم.

الا تعلمون ان وعي وصحـة وارادة ووحـدة الملايين من ابناء الجنوب والوسط وحدهـا كفيلـة بأعادة الأمور والحق والمصير والمستقل الى نصابهـا , ليس في حدود جغرافية الجنوب فحسب، بل على عموم العراق.

لعنـة امير المؤمنين ( ع ) على مـن يساهموا بتعبيـد الطريق امام عـودة جمهوريـة موتنـا الثالثـة لحزب المخصيين العفالقـة ليستبدلوا مصير الجنوب والوسط بفضلات قد تسقط من بين انياب القتـلـة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com