فضائية الفيحاء وما جاورها

يوسف أبو الفوز / سماوة القطب

haddad.yousif@hotmail.com

في كل مكان من هذا العالم صار معروفا بأن العراق هو المكان الاخطر لعمل اي اعلامي سواء عراقي او من اي جنسية ، بل ولنشاط وتواجد اي انسان مثقف ، وسط ما الت اليه الاوضاع الامنية من تدهور بسبب من النشاط الاجرامي والتخريبي للجماعات الارهابية والتكفيرية وفلول النظام الديكتاتوري المقبور ، وايضا بسبب نشاط جماعات ضلامية واحزاب لا تقبل فكر اخر متنور او معارض او حتى مخالف لها في وجهات النظر ، ولا تستوعب الموضوعية والحيادية في عمل الاعلامين والمثقفين ، وهكذا رحنا نطالع تقاريرا محزنة ومؤلمة بتفاصيلها تصدر من مختلف المنظمات والاتحادات المعنية بحقوق الانسان ونشاط وعمل الصحفيين والمثقفين ، تشير الى عدد الضحايا من الصحفيين سواء الذين قتلوا او الذين اختطفوا او الذين تعرضوا الى مضايقات وتهديدات جدية . ووسط التدهور الامني وضعف الحكومة العراقية في ادارة الصراع بين الكتل والقوى المتخندقة خلف ستار الدين والطوائف ، وتعثر الخطط الامنية وبطء سير نجاحها ، برزت منطقة كوردستان الحبيبة كواحة امن وسلام ـ رغم كل ما يقال عن امراض المحسوبية والمنسوبية والفساد الاداري والمالي الذي يعيق تعزيز التجربة الديمقراطية وبناء كوردستان الحديثة ـ وصارت كوردستان ملاذا امنا للكثير من السياسيين ورجال الاعمال والمثقفين ، وصارت مركزا للنشاطات الثقافية المتميزة والنوعية التي تهتم بالشان الثقافي العراقي بشكل عام . ومن هنا استقبل الكثير من المثقفين العراقيين بارتياح وامل خبر انتقال فضائية الفيحاء لتعمل من ارض كوردستان المعطاء ، بأعتبار ان ذلك سيوفر غطاءا امنيا رحبا للعاملين ويبعدهم عن دائرة مختلفة الضغوط التي تعرضوا لها خلال وجودهم في مكان عملهم السابق ، وسيساعد في تطور وامتداد نشاط  فضائية الفيحاء ، التي تميزت وخلال فترة عملها بتبنيها سياسة الموضوعية وفتح مختلف ملفات الشأن العراقي وبجراة نادرة ووقفت بجراة الى جانب حقوق الشعب الكوردي في حقه في العيش في عراق ديمقراطي فيدرالي ، رغم كل المعوقات والضغوطات المتتالية والتي اخذت اشكالا عدة .

وما ان بدأ البث التجريبي لفضائية الفيحاء من على ارض كوردستان ، حتى راح الكثير من المشاهدين والمتابعين ينتظرون انتظام البث والبرامج الغنية ، ولكن الاخبار القادمة من ارض كوردستان لم تكن تسر احد من المخلصين لتجربة الشعب الكوردي النضالية المجيدة . فالتقارير عن وضع رجال الاعلام بشكل عام تشير الى ان هناك ثمة تجاوزات حصلت هنا وهناك ، وراحت الاقلام المعادية للشعب الكوردي ولحقوقه التاريخية في الحياة وتقرير المصير تحاول استثمار ذلك وتنشر العديد من الافتراءات والاكاذيب مستغلة وقائع وحقائق حصلت هنا وهناك .

وها هي الاخبار تحمل لنا خبر مداهمة مقر فضائية الفيحاء في مدينةالسليمانية والاعتداء على العاملين فيها ، وسط اندهاش واستغراب كثيرين من المتابعين والمحبين للشعب كوردستان ولفضائية الفيحاء !

وراح العديد من المثقفين العراقيين يتبادلون الرسائل والمكالمات الهاتفية مبدين قلقهم الشديد على ما حصل ، فهو ليس امرا عابرا ، وهو امر يثير كما هائلا من الاسئلة . وكتبت شخصيا للكثير من الزملاء مبديا استغرابي الشديد ومنتظرا بيانات رسمية سواء من ادارة قناة الفيحاء او من الجهات الرسمية الكوردستانية ، لشرح وايضاح ملابسات الحادث ، فاذا كانت فضائية الفيحاء انتقلت الى ارض كوردستان وباشرت بتنظيم عملها ارتباطا بأتفاقات مع حكومة كوردستان ، فكيف يمكن لقوى الشرطة المحلية ان تقوم بهذا الاعتداء ؟ من يقف خلف تدبير وتنظيم ذلك ؟ ايدخل ذلك تحت مضلة الفساد الاداري والمالي ؟ ما هو موقف السطات العليا التي اعطت الاذن لعمل قناة الفيحاء ؟ ايمكن ان يمر الامر هكذا ببساطة ، وما هي الضمانات ان لا يتكرر ؟ وغير ذلك من الاسئلة !

ومن موقع الوقوف الدائم الى جانب الشعب الكوردي في نضاله من اجل حقوقه المشروعة ، ومن الموقف المبدئي الى جانب حرية الكلمة وحرية الفكر وحقوق الانسان بشكل عام ، ومن جانب التطلع الى تعزيز الحياة السياسية ، واعطاء دور اكبر للاعلام والمثقفين ليساهموا في بناء العراق الجديد ، العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي ، ادعو الجهات المعنية والمسؤولة في كوردستان الى التحقيق الجاد والشفاف وتبيان الموقف المسؤول في كل ما جرى سوى من اعتداء على قناة الفيحاء او من تجاوزات بحق اعلاميين ، ويجب ان يكون القانون هو الفيصل في كل امر وهو الحامي لحرية الصحفيين والمثقفين ، فلا نريد لتجربة كوردستان ان تكون عرضة لامراض تفتك حاليا بالجزء العربي من وطننا حيث يغيب القانون خلف مبررات لا حصر لها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com