تعدد الزوجات في الإسلام والشرائع الأخرى

لؤي قاسم عباس

loaay_kassim@yahoo.com

قد يعتقد البعض ممن سيقرأون هذا المقال بأنني من دعاة تعدد الزوجات فأقول _ أن لي زوجة واحدة وأنا اعملُ ليل نهار فكيف بي إن صرن اثنتين ثم الويل لي ان صرن أربع .

ثم بسم الله ابدأ فأقول :- ان فكرة الزواج هي فكرة غريزية وطبيعية وميل فطري لدى الإنسان ، وفكرة التعدد هي فكرةُ قديمة حكمتها الظروف والأحوال التي مرت بها البشرية والحاجة إلى حفظ النوع الإنساني ففي أول تطور بشري كان ( المجتمع الامومي ) حيث تسود الأم فهي التي تختار الأزواج وهي التي تملك العصمة ، وما لبث أن تطور المجتمع البشري وعاد الأب الى تملك زمام الأمور من جديد نتيجة الحاجة والتطور الذي لحق بالمجتمعات البشرية ... وفي اول قانون وضع للبشرية وهي مسلة حمورابي أباحت شريعته تعدد الزوجات ولكن في حالة مرض الزوجة .

وبعدها نجد ما اخبرنا به التوراة في سفر التكوين الإصحاح الرابع ( واتخذ لامك لنفسه امرأتين اسم الواحدة عادة والأخرى صلة ) ولامك هو والد سيدنا نوح _ عليه السلام وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام _ وجاء في الإصحاح 16 من نفسه ما نصه ( فأخذت ساراي امرأة إبرام هاجر مصرية جاريتها بعد عشر سنين لإقامة إبرام في ارض كنعان وأعطتها لإبرام رجلها زوجة له ) وفي الإصحاح 25 ( وعاد إبرام فأخذ زوجة اسمها قطورة ) وهكذا نجد ان سيدنا إبراهيم – عليه وعلى بينا أفضل الصلاة والسلام _ تزوج من 3 نساء ( سارة – هاجر – قطورة ) مما يدل على إباحة الزواج بأكثر من واحدة .

إننا نجد بأن جميع الشرائع السماوية قد أباحت تعدد الزوجات غير ان الديانة المسيحية هي الديانة الوحيدة التي حرّمت الزواج بأكثر من واحدة بل انها حرمت الطلاق فقد جاء في الإنجيل ( من قال لأمرأته أنتِ طالق فقد زنى بها ) ومن هنا جاء تحريم الطلاق عدا بعض الأستثناءات فقد ابيح لشارلمان ملك فرنسا ان يتزوج من امرأة ثانية - فالملوك لهم قانون خاص - .

اما بالنسبة للقوانين المدنية فقد جاء في القانون الفرنسي المدني ( يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة لكل من يعدد بزوجاته ) وذلك وفق المادة 340 من القانون الفرنسي المدني وبذلك اباح هذا القانون ان يعيش الاثنان منفصلين جسدياً مرتبطين اسمياً ولا يمانع من تعدد المعشوقات .
اما القانون الإنكليزي فقد حدد سنتين مع الشغل ( لتنفس الجريمة )

لقد كان من نتائج هذا التحريم تفشي الانحلال الخلقي والإباحية والفساد في تلك المجتمعات مما أظهر الكثير من الإمراض لعل من أهمها ( الأيدز ) حيث يعاني منه الملايين في تلك المجتمعات ولننظر الى ما كتبه المسيو بلانيول في كتابه القانون المدني ( ان سبب استحالة الحياة بين الزوجين هو – الزنا - وان التفريق الجسدي لا يزيل داء بل يستبدله بداءٍ آخر حتى ان الزوجين بعد التفريق يمكنهما ان يقترفا مساوئ اكثر من ذي قبل ) فالقانون إذن لا يمانع تعدد المعشوقات والمعشوقين ولكنه يمانع تعدد الزوجات .

اما الزواج قبل الإسلام فكان على أنواع

1- زواج الاستبضاع : حيث يبعث الرجل زوجتهُ إلى احد الحكماء او الفضلاء لينكح زوجته لتنجب له أطفال جيدين .

2- زواج الرهط : حيث يشترك مجموعة من الرجال في امرأة واحدة .

3- زواج البدل : حيث يستبدل الرجلين زوجاتهما مع بعضهما البعض .

4- الجمع بين الأختين .

5- زواج امرأة الأب : حيث كان الابن الأكبر يرث زوجات أبيه حين وفاته وكأنها سلعة ... وجاء السلام ليضع حداً لهذه الصور المشوهة لهذه الرابطة الإنسانية والاجتماعية بان جعل الزواج مبنيُ على القبول والإيجاب ويشترط الإعلان وبهدف حفظ النوع الإنساني قال تعالى ( ومن آياته أن خلقَ لكم من أنفسكم ازواجاً لتسكنوا إليها وجعلَ بينكم مودة ورحمة ) وجاء في الحديث الشريف ( تناسلوا تكاثروا حتى تثقلوا الارض بكلمة لا اله الا الله فأني مباهي بكم الامم يوم القيامة ) وورد ايضاً ( من استطاع منك الباءة فليتزوج ) و ( الزواج سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني ) و( الزواج نصف الدين فأتقوا الله في النصف الأخر ) أن الاسباب التي دعت الإسلام الى تعدد الزوجات هي :

- طبيعة تكوين المرأة حيث انها تصل سن البلوغ قبل الرجل إضافة الى كونها تخضع لسن محدد للإنجاب لا يخضع اليه الرجل .

- نسبة تزايد الإناث على الذكور بسبب الحروب فالمجتمعات البشرية عموماً تعاني من تزايد نسبة الإناث الى الذكور .
- كما ان العلم اثبت ان متوسط عمر المرأة اكبر من متوسط عمر الرجل مما يؤدي الى زيادة الأرامل من النساء لأن الرجل في حالة الزواج في اغلب الأحيان يكون اكبر من المرأة سناً لذلك فنظام تعدد يوفر المعيل للمراة فهو ( نظام تكافل اجتماعي )
- الحالة الاقتصادية ، فالـ (رجال قوّامون على النساء ) وهم الذين يقررون ما اذا كانوا قادرين على الزواج بأكثر من واحدة ام لا
- المسألة المهمة وهي أن الرجل أكثر ميلاً للجنس من المراة ( وهي مسألة أخالف بها كل علماء السايكولوجيا ) منطلقاً بذلك من النص القرآني الذي اباح تعدد الزوجات إضافة إلى ذلك فأن المرأة تحكمها العفة والحياء .

- حاجة الرجل الى المرأة فقد تكون مريضة او تستطيع الإنجاب فيكون الزواج بالثانية كحلٍ بديلٍ عن الطلاق . . وهنا قد يسأل سائل عن السر الذي منح بموجبه الرجل الحق بالزواج بالثانية مع الاحتفاظ بالأولى ولم يبيح للمراة ذلك ان السبب بديهي ففي حالة تعدد زوجات الرجل لاتختلط ( المياه ) فيضيع النسب وبذلك ينسب المولود الى أبويه .. اما في الحالة الأخرى فتختلط ( المياه ) وعندها يضيع النسب ...
ورغم إباحة الإسلام لتعدد الزوجات الا انه وضع شروطاً أهمها القدرة والاستطاعة والعدل قال تعالى ( وان خفتم الا تعدلوا فواحده ) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com