|
شخبطة على الحائط الانسولين علاج السكر منحة كندا للعالم توما شماني – عضو اتحاد المؤرخين العرب بإكتشاف الانسولين قبل اكثر من ثمانين عاما، سجل به الطب احد اروع انجازاته، والانسولين هرمون موجود طبيعيا في الجسم استخدم اثر اكتشافه لمعالجة داء السكر، المرض الذي عرفته الانسانية منذ ان وعت وجودها، ولكنها كانت مشلولة تجاهه. وكان مرض السكر معروفا منذ ابتداء الفصل الاول من التاريخ الطبي وقد ورد ذكر السكر في المخطوطات الطبية في مفردة يونانية ترجمت الى السريانية ثم العربية في العصر العباسي فاسموه (الديابيطا). كان القدامى حين اكتشفوا ظاهرة السكر في الانسان في حيرة من امره وكانت ايديهم مشلوله عما يفعلونه وكان مريض السكر حتى نهاية الربع الاول من القرن العشرين يعاني مايعاني حتى يقضي نحبه المحتوم في تعقيدات لا حد لها، هكذا كان شأن السكر ولم يتواجد له العلاج الا بعد اكتشاف الانسولين وقد حدثت هذه المعجزة هنا في تورونتو. كان السكر مرضا عنيدا حتى حل اكتشاف الانسولين منقذ الحياة. وكان اكتشاف الانسولين قد حدث في قسم الفسلجة بجامعة تورونتو بكندا، واصبح الدواء الاعجوبة الذي اطال حياة الملايين من البشر حول العالم وبذلك تغير وجه مرض السكر الذي حير الاطباء دهورا. اكتشاف الانسولين حدث في عام 1922، وحققه فريق من الباحثين برآسه (بانتنك) وشاركه في البحث، كل من (بيست) (ماكلويد) و(كوليب) وبهذا الانجاز الرائع الذي اطال حياة الكثير من موت كان مقدرا لهم ان يموتوا سريعا، وحاز الفريق الطبي اول جائزة نوبل نالتها كندا. داء السكر مرض فسلجي يؤثر على استقلاب السكر وذلك عندما لاتستطيع غدة البنكرياس انتاج الانسولين كليا او عندما تكون كميته المفرزة قليلة او ان الجسم لا يستطيع الانتفاع من الانسولين لقلب السكر الى طاقة تستفيد منها الانسجة وبذلك يبقى الدم مشبعا بالسكر، والذي يزيد امر مرض السكر سوءا هو انه ينتج الكثير من التعقيدات الخطيرة في الجسم ، يعقب على ذلك البروفيسور (برنارد زنمن) رئيس (معهد بانتنك) المعروف عالميا فيقول (هذه التعقيدات تعطل الكثيرمن الاعضاء عن العمل، وتشمل ما يعرف بتدني شبكية العين و الرؤيا، نتيجة تقدم مرض السكر والتعقيد الآخر هو الاعتلال العصبي المؤدي الى تدني وظائف النظام العصبي وحدوث الخدر وقد يؤدي الامر الى مشاكل في الاوعية الدموية الدقيقة في الاطراف فيقود الى التقيحات والبتر وكذلك تعقيدات الكلية وكل واحد من هذه المشاكل يعتبر خطيرا يؤدي الى الموت). ويقول البروفسور (زنمن) ايضا (رغم ان اكتشاف الانسولين قد احدث ثورة في التعامل مع مرض السكر، فلدينا الكثير من العمل الذي نقوم به لحل مشكلة مرض السكر وان تركيزنا الرئيسي ينصب بالدرجة الاولى على محاولة معرفة، ان كان بالامكان التدخل لكي نمنع مرض السكر كليا من الاساس، كما ان هناك محاولات لمنع حدوث الاصابات الثانوية التعقيدية التي تصاحب مرض السكر). التعقيدات التي يحدثها مرض السكر هي العمى واضطرابات القلب والدورة الدموية والكلى مما تؤدي احيانا الى قطع العضو وبهذا يقول البروفسور برنارد زنمن، (استطاع المرضى ضبط كميات السكر الى المستويات الطبيعية والكثير اصبحوا به يعيشون حياة طبيعية)، وكان مليون ونصف المليون فرد في كندا يعاني من مرض السكر المرض العضال. هذا وقد احتفل (معهد بانتنك) في جامعة تورونتو قبل عدة سنين، بالذكرى الخامسة والسبعين لاكتشاف الانسولين، في ندوة عالمية، شارك فيها المئات من اساطين الطب من ارجاء العالم لمناقشة آخر ما توصلوا له والذي هدفه منع مرض السكر من الحدوث, قصة اكتشاف الانسولين، ملحمة تاريخية كبرى حدثت في كندا قبل اكثر من ثمانين عاما وهي اذ تحمل تاريخا حافلا بالتحدي والانتصار، فإنها من ناحية اخرى، بدلت مجرى حياة مرضى السكر الذين كان عليهم ان يموتوا سريعا، والكثير من الاطفال ولجوا الحياة ثم ماتوا على عجل دون ان يدرك آباءهم وامهاتهم العلة التي ولدوا بها. يتحدث الطبيب المؤرخ (مايكل بليس) عن الصورة التي كان عليها مرضى داء السكر،قبل وبعد اكتشاف الانسولين، فيقول (من المؤكد ان اكتشاف الانسولين بدل تاريخ الحياة مع داء السكر، فقبل الانسولين كانت الاصابة بداء السكر الشديد، تعتبر حكما بالإعدام ومع الانسولين اصبح المصاب بالسكر قادرا على العيش، لذا فبعد اكتشاف الانسولين لم تعد مشكلة داء السكر مشكلة لاحلال الموت، بل حياة جديدة يعيشها المريض الى مدى غير محدود). وفي مقابلة قمت بها قبل عدة سنوات ويوم كنت اكتب لراديو كندا الدولي، سألت المؤرخ (مايكل بليس) لماذا نجحت (جامعة تورونتو) في التجربة التي فشلت فيها جامعات اخرى عبر اميركا الشمالية واوربا، فقال (في الواقع كان هذا المكان الاول الذي توفر فيه التمويل الكامل والفكر النير، لمهاجمة مشكلة الافراز الداخلي للانسولين، وعندما ركزوا جهودهم حوله في النهاية، وجاءوا بباحثين طليعيين، كان هناك الانسولين كامنا في البنكرياس ينتظر من يلتقطه).الانسولين كان الحد الفاصل بين الموت والحياة، في عام 1921 كان المريض (ليونارد) الموشك على الموت، أول مريض يتلقى الانسولين فعاش بعدئذ ثلاثة عشر عاما ونيف من عمر لم يتوقعه، اما المريض (داك اروين) فهو يأخذ زرق الانسولين منذ ستين عاما ومازال على قيد الحياة. في الايام الاولى من اكتشاف الانسولين اصيب العالم بالذهول، الى درجة ان جريدة (التورونتو ستار) علقت دون ان تصدق قائلة في عنوان ضخم تصدر الصفحة الاولى منها، (هل سرقوا حقا ذلك الهلع من داء السكر). كان الانسولين الاول يؤخذ من بنكرياس الكلاب ثم من مجازر ومسالخ ذبح الحيوانات، وفي الثمانينات ظهر الانسولين نصف المركب اصطناعيا، في التسعينات ظهر الانسولين الانساني المهندس وراثيا. واكتشاف الانسولين كان الدافع لنمو الابحاث في كندا ثم ادى الى خلق مختبر (كونوت) الشهير وهو اكبر المعاهد العالمية في انتاج اللقاحات خاصة شلل الاطفال والخناق ثم (مضاد التيتنس) مرض تخشب الفك. ان الانتصار على داء السكر استحق جائزة نوبل في الطب، فمنحت للباحثين الكنديين (فردريك بانتينك) و(جي مكلويد) ولكنهما شاركوها مع زميلين ساهما معهما في البحث، هما الطالب (جارلس بيست) و (كوليب) اعترافا منهما بفضلهما في البحث بكامله. قبل اكثر من سنوات اجريت مقابلة لرادديو كندا الدولي مع احد الاختصاصيين الجراحيين وكان مشروعه زرع (جزيرات لنكرهان) في البنكرياس جراحيا، وهي جزيرات تحتويها غدة البنكرياس كتقنية جديدة للعلاج الا ان هدفه لم يتحقق ولكن الآمال لا تزال حية خاصة واننا نعيش عصرا فريدا في الطب مختلفا عما مضى قبل عقد من الزمان. فالآن التقنية الجراحية غيرها الآن الا ان المحاولة لا تزال قائمة. بالتقنية الوراثية استطاعت شركة (ايلي ليلي) وهي من اكبر منتجي الادوية انتجت الهيوميلين بالهندسة الوراثية والمادة لا تخلق الحساسية للمريض كما كانت حقن الزرق في الايام الاولى اكبر من حقن اليوم باربع الى خمس مرات، يتجرع مرارتها المريض. غير انه بقي الدواء الوحيد منذ ان اكتشف وقد نقي الى درجة كبيرة خاصة في السنوات العشر الاخيرة، وكان ينتج من بنكرياس الابقار والخنازير ولكنه الآن ينتج بتقنيات اعادة تشكيل (الدي ان اي). البنكرياس تفرزه اللبائن لقلب الكلوكوز اي السكر الى طاقة تسنفيد منها الانسجة الحية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |