تأريخ الشيعة في مناهضة الاحتلال

 

أن مناهضة الشيعة للاحتلال تابع من إيمانهم العميق بنهج أهل البيت (ع) الرافض لكل أنواع الضلم ...

 

عدنان الجعفري / مؤسسة اليوم الموعود الثقافية / الكوفة المقدسة

al_moaood@yahoo.com

رغم كل التضحيات التي قدمها المسلمون ألشيعه في العراق والتي أدت إلى وضع اللبنات الأساسية لاستقلال العراق وبناء الدولة الحديثة ألا أنهم يتعرضون إلى حرب الإقصاء والتهميش مع شديد الأسف وعدم الأنصاف بحق تلك الجهود التي بذلوها وللتأريخ وكتابه المتصفين شواهد كثيرة ... كما إن الذي دفعني إلى الحديث عن مواقف الشيعة في مناهضة الاحتلال وعلى مر العقود السابقة منذو عام 1916 م والى يوماً هذا هي الحرب الدعائية والإعلامية ضد المسلمون الشيعة ونعتهم بأعوان الاحتلال وأذنابه من قبل بعض الذين يزعمون أنهم إسلاميون أو قوميون أو وطنيون... فنقول أن للشيعة مواقف تأريخيه ومشرفه نابعة من أيمانهم بالثوابت

والمبادئ التي أسسها لهم منهج أهل البيت (ع) في رفض الضلم والاستبداد بشتى أنواعه واتجاهاته . فمنذ اندلاع الحرب العالمية الأولى حيث كان العراق يعيش تحت الحكومة العثمانية المسلمة ذات الطابع ألعدائي لشيعة أهل البيت (ع) نتيجة التراكمات الطائفية والعدائية منذ عهد معاوية وحتى يومنا هذا وقد تصاعدت موجة التميز والحرب الطائفية من قبل السلطات العثمانية بعد قيام الدولة الصفوية في إيران وإعلانهم الصفوين – أن التشيع مذهب دولتهم الرسمية . وبذلك دفع الشيعة في العراق ضريبة .ذلك الصراع الطائفي بين الدولتين فبعد إعلان التشيع كمذهب لدولة الصفوية فكان لردة الفعل لدولة العثمانية هي اضطهاد شيعة العراق ومارس السلطان (سليم الأول ) سياسة إرهابية بحقهم حيث اعتبرهم غير مسلمين وأعلن ضدهم الحرب المذهبية واستصدر من رجال الدين فتوى بكفر الشيعة وجواز قتلهم وراح ضحية هذه الفتوى أربعون ألف شيعي في يوم واحد ودخل العامل العسكري ليعرض الشيعة والسنة إلى الاضطهاد فقد عاش العراق فتراة احتلال متناول من قبل العثمانيين والصفوين وفي كل مرة كان المحتلون يمارسون الاضطهاد الطائفي وكان منها ما مارسه السلطان مراد الرابع حرباً طائفية على الشيعة كانت واحدة من النكبات القطيعة في التاريخ الإسلامي . حيث قتل فيها خمسين ألف شعي   في حملته وكذلك والي مدينة كربلاء عام 1842م حيث قتل فيها الوالي نجيب باشا عشرين إلف شيعي فكانت هذه لمحه عابرة لتاريخ طويل   من المعاناة والمآسي  والقمع والإرهاب ومااشبة الأمس باليوم فبعد كل هذه المعاناة والقتل والتشريد كان موقف الشيعة مفاجأ ومثيراَ للدهشة عند أول هجوم للاحتلال البريطاني للعراق , فجاء ذلك الموقف الذي قلب جميع الحسابات والمعادلات من قبل الجانب البريطاني  من جهة وجانب الدولة العثمانية   فكان الحسابات البريطانية أنها تحصل على الدعم من قبل الشيعة لأنهم سو ف يخلصهم من ظلم العثمانيين وقسوتهم

وتحريرهم وهذا واظح جداَ في الرسالة السفير البريطاني في اسطنبول إلى و زير الخارجية البريطاني تاريخ 25 أيلول 1914 أي قبل إعلان العرب على دولة العثمانية بقوله (( ان على نائب القنصل البريطاني في المدن الشيعية المقدسة أن يؤثر عليهم ـ على المجتهدين ـ بشكل كيفي بجلبهم الى جانبنا )) غير أن محولة البريطانيين لم تجد نفعاَ ، فقد كان  موقف علماء الشيعة صارماَ في هذا الأ تجاه  سريعاَ لم يستغرق وقتاَ للتأمل ففي 9 تشرين الثاني وصلت البرقية التالية التي يذكرها 0 د0غسان العطية في كتابه (( العراق نشأة الدولة )) التي توضح موقف المسلمين الشيعة في المدن الشيعية (( ثغر البصرة الكفار محيطون به 0 الجميع تحت السلاح 0 تخشى على باقي البلاد الأسلام 0 ساعدونا بأمر العشا ئر بالدفاع ) 0 فجاء الرد سريعاَ من قبل العلماء الشيعة حيث أفتوا بالجهاد للدفاع عن بلاد المسلمين ضد الغزو البريطاني وعقة اجتماع في المسجد الهندي في النجف الأشرف خطب فيه المرجع الديني المجاهد السيد محمد سعيد الحبو بي والشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ جواد ألجواهري مؤكدين على وجوب الاشتراك مع الحكومة المسلمة ـ أي العثمانيون  ـ في دفع الغزاة عن البلاد السلام 0 وكذالك في الكاضمية تصدة الشيخ مهدي الخا لصي لحركة الجهاد وأصدر فتواة بوجوب الدفاع عن البلاد الاسلام فأ قدم الشيخ الخا لصي على خطوة ابعد من غيره من مراجع الشيعة حيث أصدر فتوى أوجب فيها على المسلمين صرف جميع أموالهم في الجهاد حتى تزول غا ئلة الكفار ومن أمتنع عن بذل ماله وجب أخذه كرهاَ 0 وهذا موقف يعكس مستوى التفاعل مع قضية الحرب ضد إلاحتلا ل والظاهرة الاستعمارية منطلقاَ من تقدير خطورة المواقف الذي سوف يصيب ألأمة العربية والإسلامية 0 كما أفتى السيد المجاهد مهدي الحيدري في الكاطمية والميرزا محمد تقي الشيرازي في سمراء بوجوب ممارسة الإنكليز مع الحكومة المسلمة 0 أما سنة العراق فأن التيار القومي الذي أغلبه منهم كأمثال نوري السعيد وسامي العسكري وغيرهم فقد اتخذوا جانب التحيز إلى الا حتلال البريطاني مما جعلهم يتسلمون مناصب الدولة الحديثة في العراق ومن ثم أنضمى تحت ألواء الشريف حنين في الحجاز الذي أسس البذرة الا ساسية لانبثاق المشروع القومي العربي وكانت ثورة الشريف حسين في الحجاز( 1916) م ضد الأتراك والتي سميت بالثورة العربية وقد حاول بعض المؤرخين أن يغطى شمس الحقيقة في هذه الثورة ويصورها مشروعاً لاستقلال الأمة العربية بحجة أن الشريف حسين أقنع البريطانيين بمشروعه وطلب منهم الدعم لأن حقيقة الأمر أن بريطانيا أرادت من الشريف حسين بثورته ضد الأتراك أن توجد خللاً في النظام العثماني من الداخل لأضعافه والقضاء عليه ولكي لا يتكرر نفس المشهد في الحجاز كما حدث في العراق من محاربة العرب للبريطانيين وقد أعطت الوعود والمواثيق لمساعدة الشريف حسين والوفاء له بشروطه لجعل الحجاز والعراق والشام تحت حكمه مما دعى الشريف حسين من زج جنوده مع البريطانيين في احتلال الشام عام 1918 م في تشرين الأول من ذالك العام ولكن جاءت مواقف اتفاقية سايكس بيكو . صدمة عظمى للوعود وعدوها إياه وغدروا بها مما تسبب من كوارث للأمة العربية والإسلامية بسبب تلك لاهم لها سوى المناصب والكراسي فلو قاربنا بين الشيعي العراقي والسني المتمثل بالتيار القومي وبالذي يدعون العروبة والإسلام لكن من الأنصاف أن نقول هنالك شخصيات عراقية سنية وبعض العشائر السنية كانت تتعامل مع الاحتلال بروح وطنية عالية ولكنها ضئيلة وذالك لأن التيار القومي قد طغى على جميع الوطنيين من السنة كما أنهم لا يمتلكون مرجعيات موحده قياساً برجالات المقاومة ونتيجة مواقف الشيعة اتجهت بريطانية لدعم التيار القومي وتسليمه مناصب السيادة في البلاد ابتداءً من حكومة الملك غازي وحتى حكومة البعث المجرمة عدا حكومة عبد الكريم قاسم (رحمه الله) التي خففت من حجم الضغوطات وأساليب القمع على الإرهاب على الشيعة رغم أنهم يتجاوز ثلثي العراق بل يفوت على ذالك . فالشيعة يتعاملون مع الاحتلال على أنه العدو الأول للأمة لإسلامية وينطلقون من ثوابت العقيدة الإسلامية والمبادئ الوطنية التي تحافظ على هوية العراق والأمة العربية والإسلامية . ونحن اليوم في ظل الاحتلال الأمريكي في القرن الحادي عشر فقد عاد أعداء الإسلام والأمة العربية من جديد لاحتلال البلدان العربية والإسلامية تحت ذريعة (محاربة الإرهاب) و(نشر الديمقراطية) وما يسمى ( مشروع الشرف الأوسط الكبير ، فالقوم أبناء القوم !! وأخطأوا في حساباتهم مرة أخرى في الحصول على الدعم من قبل الشيعة وظمهم تحت لوائهم لاكنهم فوجئوا بأبناء الخط الصدري وبعض رجالات الشيعة أمثال الشيخ جواد الخالصي والسيد احمد البغدادي وبعض الوطنيين الشرفاء من جميع أبناء العراق فكانت مفاجئة وصدمة في الحسابات الأمريكية والدولية سواء من الدول العربية أو باقي الدول بموقف الشيعة لقيادة نجل الشهيد محمد صادق الصدر ( قدس سره) في مقاومة الاحتلال مقاومة شريفة بعيدة عن كل ألوان الإرهاب والتفخيخ ولكن قياس موقف الاحتلال البريطاني مع الأمريكي ليس بالصورة التطابقية والمشابهة إلى حد ما  لان هنالك جانب كبير من الشيعة انتهجت موقف ما يسمى بالمقاومة السلمية أو السياسية كما يعبرون وذالك لان المرجعيات اليوم اتخذت هذا السياق من الموقف ضد الاحتلال وكذلك الأحزاب السياسية والإسلامية الشيعية حيث تم عقد المؤتمرات والندوات في الخارج لرسم الخطوط السياسية والمستقبلية للعراق وفق اتفاقات أبرمت علنية منها والبعض لأخر سري لا يعلمها إلا الله والحاضرين لتلك المؤامرات عفواً المؤتمرات حول الشأن العراقي والحديث ذو شجون وألام ولكن الملفات للنظر أن الشيعة اليوم يتعرضون للأبادة والتصفية الجسدية نتيجة الحسن الطائفي الذي تولد بشدة في الاحتلال ونتيجة المواقف العربية للدول المجاورة ذات الطابع السني والجامعة العربية وغيرها التي حاولت إقصاء الشيعة وتهميش دورها وإعطاءها صفة العميلة للاحتلال والسائرة بركب المشروع الأمريكي وذلك لموقف ألأحزاب الشيعية من المشروع الأمريكي وكذلك بعض الأحزاب السنية والعلمانية لكنهم فوجئوا بصدمة كبرى وهي أن الأحزاب في وادي والشعب في واد أخر وقد أخفقت حساباتهم ( الاحتلال والأحزاب ) حول الشأن السياسي في العراق وللحديث بقية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com