|
فضائية الفيحاء وورطة الأماكن المستهترة بالإنسان و بالعقل العراقي..!
محسن الجيلاوي ولدت قناة الفيحاء الفضائية بالتباسات عديدة لعل أولها ذلك الفقر في وظيفة الإعلام المرئي واستراتيجياته والفيحاء ليست استثناء في ذلك بل هو ما يميز الاعلام العربي برمته فهو ذو وظيفة غير حرة ومرتبط بأنظمة أو بمؤسسات موازية لها ذات طابع سلطوي وإقصائي وأحادي النظرة وبعيد عن أي فهم منسجم مع وظيفة هذه التقنيات ومع رياح هذا العصر...فالفيحاء لم تجد لها سوى لعبة الأرض والمكان والسياسات التي تتصيد في واقع الصراعات السياسية العراقية...فالإماراتيون كما سائر بلدان الخليج كان همهم تفتيت العملاق العراقي، ليس بنظام صدام الذي كانوا ولعقود طويلة يدعموه ماديا وسياسيا، بل بعد بديل يخافون ملامح افقه القادم، لهذا بعد سقوط صدام مباشرة وقعوا في ورطة أكبر في فهم إدارة ما هو ماثل ويمسهم مباشرة ولم يجدوا أسهل من زرع مشاكل داخلية لكي لا يعيشوا ورطة حساباتهم السياسية السابقة في عراق موحد وقوي وقد يكون غير ديمقراطي وينظر لهم من فوق وفق مغامرات حكام لا يحترمون الصداقات وقدرات الأصغر كما يرون ويعتقدون وقد يكون قريبا من إيران مما يعني ابتلاعهم قد يصبح أمرا سهلا..لهذا سمحوا للفيحاء على أراضيهم، بوصفها ذات ملامح شيعية مما يعطي لتعميق المشروع الطائفي( المضعف للعراق جغرافيا وسكانيا واقتصاديا ) وسائل أكبر لدفعه إلى الأمام وقد لعب الإعلامي هشام الديوان المرتبط بدوائر وصداقات خليجية دورا في ذلك... ولكن يبدو أن الخليجيين تنبهوا لاحقا إلى مدى فداحة اللعب بالنار الطائفية التي ستحرق ليس العراق بل المنطقة برمتها رغم أن الإمارات أكثر البلدان تماسكا من هذا الجانب لكنها على خوف محق من التمدد الإيراني لهذا هي بين نارين نار الجار النووي القادم ونار الجيران الذين يخافون من زوابع المشاكل الداخلية...الجميع يحاول أن يلعب على تكتيكات قصيرة ومائعة في جعل العراق يدور في خوار المشاكل الداخلية ووحده الاعلام من يستطيع استمرارية هذه الدوامة على الأرض فالعراقي متلقي سهل يمكن اللعب بثقافته وفكره وتوجهه السياسي لأسباب معروفة منها طبيعة المكون الموروث من نظام شمولي استبدادي عاش على واقع تهميش وتسطيح وتغييب ثقافة العراقي لكي يكون متلقي فعال ومستقل...وبعد أن أدت الفيحاء دورا ما في ذلك وبعد أن لمعت البعض الخليجي يبدو أن مهمتها انتهت..والدولة الإماراتية القادمة من مشايخ إلى مؤسسات كان عليها أن تدرس استراتيجيات التعامل ولعبة المصالح وان تكون ولو شكليا على مسافة واحدة من الأمواج التي تلعب في العراق، وحسنا فعلت ولكن الضحية كانت قناة الفيحاء وتلك المجموعة التي قد تكون لها نوايا بريئة وصادقة في مسالة مناقشة مصير وطن رغم أن هذا لا يلغي النوايا الأخرى في طمع الحصول على علاقات قد تدر ذهبا للبعض الآخر..لهذا كان لزاما عليها أن ترحل ولكن إلى أين؟؟؟ وكنت امني نفسي أن تنتهي الفيحاء من الإمارات....فالصمت ابلغ من الكلام أحيانا وأكثر فائدة أيضا...لكن رغبة البعض الذين استخدموا المحطة لتلميع أنفسهم من ماضي ثقيل ومن مديح رخيص كانت أكبر في شحذ ذوي الخبرة القليلة في الدهاء السياسي من أن أفضل مكان هو كوردستان العراق( كون أغلب الذين كانوا أكثر حضورا وتنافسا على شاشتها من المستفيدين من قدرات بعض فاتورات الدفع لبعض القيادات الكردية حيث المهرجانات المتتالية ومعها ضرب الكباب ( والخرجية )والفنادق الفارهة ) وكنت أرى أن تحقق ذلك فعلى الأقل في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحزب الديمقراطي فهناك على الأقل أعراف اجتماعية وتقاليد سياسية أفضل بكثير من حزب السليمانية الذي تنكر للمئات من الاتفاقيات والوعود في سائر علاقاته مع القوى الكردستانية دع عن غيرها كانت نتائجها ألاف من الضحايا الذي قتلوا في حروب العبث التي قادها هذا الحزب المغامر بجدارة يحسد عليها لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن...! واعتقد ان الإهانات التی تعرضت لها الفيحاء وهی عند أبواب البث المباشر من هناك له دوافع سياسية بحتة يراد منه القول للوافد الجديد أن لا صوت يعلو فوق صوت الحزب، وهو كذلك جزء من ثقافة ومواصلة إهانة كل ماهو عربي ومستقل حيث يترافق ذلك مع أهانه وتشديد الضغوط على أي عربي قادم إلى السيمانية وكأنها جزء من المريخ وليست تابعة للسيد الرئيس حفظه الله ورعاه ولا اعتقد ان ثقافة هذا الحزب التي أنتجت مذيعهم وكادرهم الشوفيني المعروف ( فرهاد سنكاوي ) قادرة على احترام واستقلالية وسيلة إعلامية ايا كانت فهذا وهم وهراء في عراق اليوم..وإذا لم تتحول الفيحاء إلى منبر للمدح والمداحين سيزورها أشباح الظلام كل ليلة حتى تتحول إلى بوق حقيقي وواضح..فالديمقراطية عندنا أما أن تكون مع الحاكم أو تصنف خائنا وغريبا وغير مرغوب فيك، بل ان معالجة إرسالك إلى السماء أسهل من شربة ماء..فالذي حدث رغم قسوته وبشاعته هو بروفة فاما أن تكون معنا على طول الخط وما عدا ذلك فالقادم أكثر هولا وبشاعة حيث لا صوت يعلو فوق صوت الحزب المغامر... إن الفيحاء في بروفة وفي ورطة حقيقة وستثبت الأيام إن بقت في نفس المكان انها فضائية تابعة وان نتاجها لا يمر دون موافقة شرطة وعسس حكام السليمانية رغم أن البعض قد يحاول تكثيف هراء الحديث كونها مستقلة وتمتلك مشروعها الخاص ولكن ذلك لن ينطلي على الناس الذين خبروا بفترة قصيرة نوايا وأفاق وتطلعات حكام العراق الجدد..!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |