|
الحرية بين الواقع والمضمون
سالم الموسوي / مؤسسة اليوم الموعود الثقافية الكوفة العلوية المقدسة الحرية هي ذلك الواقع المفهوم الواسع الذي يحتوي على كثير من المعاني بحيث ينطوي على كثير من المفاهيم الوضعية التي صيغت ووضف مفهومها الإنسان المتمرد عن القيم والثوابت عبر الأزمنة والأصعدة ولكن تبقى الحرية وتنحصر وتنطوي بصورة عامة على مفهوم واحد مشترك يشترك فيه الجميع من المفاهيم وهو تفي سيطرة الغير بصورة عامة مطلقة كما قال الأمام الحسين (ع) عندما نصح وخاطب الجيش الأموي المنحرف وأراد أن يعرف للشعوب المستعدة والمستضعفة من الذين سلبت قدراتهم وخيارتهم وقناعتهم على أن تتحرر من العبودية ومن سيطرة الغير وقال الأمام الحسين (ع) (( يا شيعة بني سفيان أن لم يكن لكم دين ولا تخافون المعاد وكونوا أحراراً في دنياكم )) وأما إذا كانت الحرية بالمفهوم المعاصر تقيد بقيم ومفاهيم تتعارض تماماً مع القيم والأخلاق والسلوكيات الوضعية التي أطلقت مفهوم الحرية بإفراط بحيث تؤدي بالملتقى إلى التورط بالعبودية والخضوع والرغبة للهوى وحب ألذات فأما الحرية بمفردها الحقيقي الخاص والخالص والذي يعبر عن ارتباط الإنسان ارتباطاً أساسياً بالمطلق الخالق وإقرار العبودية المطلقة له التي تستلزم بالضرورة التمرد بقي كلما هو ظلم واستعباد واستغلال . فكلما زاد ذلك الفهم عند الإنسان أزداد تحسسه وثوريته على الواقع المنافي للقيم والثوابت للمشروع المطلق فالحرية هي المسؤولية الواقعة على عاتق الإنسان في ممارسة دوره في المجال الاجتماعي والسياسي لنفي التبعية والانقياد إلى جهة مخالفة للواقع والذوق السليم . قال الأمام علي (ع) في وصيته لأبنه الحسن 0(ع) (( الذي يبين فيها نفسي سيطرة الغير بصورة مطلقة أو لا تكن عبد غيرك وقد خلفك الله حراً )) وكما قاله الأمام الصادق (ع) في تعريف الحرية والمجال الذي تتحرك فيه حيث قال (ع) خمس خصال لم تكن فيه شئ منها لم يكن فيها كثير متمتع ( 1 - الوفاء 2 - التدبير 3 - الحياء 4 - حسن الخلق 5 - هي تجمع هذه الخصال (الحرية)) في النظم الو صفية وبالخصوص النظام الديمقراطي. تعتبر الحرية فيه هي النقطة المركزية والمحورية التي تبنى عليه منهجه وانطلاقه (النهج الديمقراطي) وهو نفي سيطرة الغير وإطلاق حرية الهوى بدون قيد ورقيب . فالديمقراطية تطلق الحرية بالمفهوم المغاير للإسلام فهي تعطي للفرد مساحة واسعة في ممارسة حريته وإشباع رغباته وأهوائه بحيث ننظر إلى المحرمات التي يحاسب ويعاقب عليها النظام الإسلامي للحكومة الإلهية والتي هي خارج نطاق العقل والذوق السليم , على اعتبار إنها من المنافيات للحرية الحقيقية والتي هي حق طبيعي من حقوق الإنسان المعاصر , فهي تعطي حق وتجيز أفعال وسلوكيات شرب الخمر وارتكاب المحرمات مثل الزنا ونشر الإباحية واللواط والذي اخذ مجالا في التشريع والتقنيين للأنظمة الديمقراطية في العالم , فالحرية بهذا الشكل هي منافية وفي تقاطع مع الحرية التي يقرها الإسلام من ثوابت عقائدية وفقهية , أما النظام الديمقراطي فيعتبرها حق من حقوق الإنسان , وإنها تعرضت لظلم واضطهاد وحجر من قبل النظام الإسلامي ( حسب تعبيرهم ) . فإذا كان ذلك هو الواقع الذي تريده الديمقراطية والأنظمة الأخرى فنحن نقول ونتساءل : اولا : ما هو الهد ف الذي يكمن من وجود الأنبياء وإرسالهم الى الأمم والشعوب ؟ ثانيا : ماهو دور النبي والمحور الذي يجب أن يتحرك به ؟ ثالثا : ماذا أراد الا نبياء ( ع) أن يعلموا الناس من خلال اطروحاتهم وثوراتهم كانت ضد من ؟ رابعا : النبي يدعو إلى الحرية وأطلا قها ؟ أم إلى تقيد الحرية وانزوائها ؟ خامسا : إذن ماهي مسوؤلية الإسلام الذي نادى به جميع الأنبياء (ع) ؟ سادسا : هل يهتم الإسلام بملكوت السماء أي (الرهبانية) وترك ملكوت الأرض (الفكر السياسي) ؟ سابعا : هل تقيم الدنيا بدون قيم السماء ؟ أم تتناقض مع رسالة الأنبياء ؟ ثامنا : هل تعد الدنيا هي الهدف والغاية ؟ أم هي وسيلة لحياة أفضل ؟ إن العبودية والخضوع للدنيا والانفراد بها قد يستتبعه بالضرورة الخضوع والخنوع للحاكم والطاغوت الذي يستتبعه سكوت وتنازلات كثيرة ( ما خافوا حر السيف إلا ذلوا ) وعلى حساب القيم والمعايير الثابتة للحكم الإلهي الذي يريد أن يحرر الإنسان ويخرجه من ذل العبودية والخنوع إلى عز الطاعة والاعتراف بالعدل المطلق الذي تحت رايته يتوحد العالم ويستقر .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |