أمريكا ومظلة الحاج أحمد العطار ...!!

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

ورطة ... والله لايورط عبده.. وإنشاءالله تعالى عدوك يتورط ..لادواء للورطة والتورط إلا ما ندر ..ألأمثلة كثير ة:

الحاج أحمد العطار كان جارنا..يملك أشياء قديمة وقديمة جداً.. على سبيل المثال :

كان يملك رايدو منذ الحرب العالمية الثانية..كان ألأصدقاء وألأهل يداعبوه ويسألوه:

ــ حاج الى متى تبقى متمسك بهذا الراديو.. في ألأسواق أنواع الراديو..بأحجام وأشكال مختلفة.. وأنت متمسك بهذالراديو الكبير..لماذا ..؟؟.

كان يضحك ويقول :

ــ بابا أنتم ماعندكم عقل.. هذا جارمني* أصلي.. وين أكو منه ..؟؟.

ونفس الشىء بالنسبة الى ( قداحته ) وساعة الجيب .. وأخيراً مظلته !!!.

أعتقد إن تلك المظلة كانت ( باب ألأول ) أول وجبة نزلت الى أسواق السليمانية أشتراها والده وتركها له.. كانت قديمة جداً بحيث كانت عديمة اللون!!!.

من كثرة ألأستعمال..أصابها عطل.. ولكن هل يتركها أو يرميها ...؟؟ مستحيل!!..أخذها الى أحد المصلحين..كان ذلك المصلح بين بابي سينما / سيروان..( نسيت أسمه ) ولكنه حاجاً أيضاً .. وكان يصلح ألأسلحة النارية والمظلات وكان مجاز من قبل الحكومة لتصليح ( بنادق الصيد والمسدسات )................ مهنة غريبة !!.

قبل قدوم فصل الشتاء بأشهر.. أخرج ( الحاج أحمد) مظلته ليكشف عليها.. فوجدها ـ عاطلة ـ عن العمل.. حينها أخذها وتوجه الى ( الحاج / المصلح ) ..بعد التحية والسلام ، ناوله المظلة.. فأجابه المصلح :

ــ أتركها حاج وتعال فد ثلاثة أيام!!.

أستغرب الحاج وقال :

ــ على بختك مابيها شىء.. عطل بسيط..أجيك باجر!!.

لكن المصلح أصر على موعده..حينها أقتنع الحاج ولكن رغم عنه..!!.

بعد ثلاثة أيام.. كان الحاج موجوداً في محل المصلح ليأخذ المظلة.. ولكن المفاجأة أن الأخير أخبره بأن العطل كبير ويحتاج الى أسبوع أخر..!!.

بعد أسبوع ..نفس الشىء أخبره عليه أن ينتظر أسبوع أخر ..!!.

غضب الحاج وقال :

ــ حاجي ..بروح أبوك شنو دتصلح سيارة لو طيارة..؟؟.

رد عليه المصلح :

حاجي.. بروح أبوك أنت..لاتشغلني تفضل خذ مظلتك وصلحها بغير مكان!!!.

هنا كان الحاج لابد أن يطيع أوامر المصلح لكونه هو المصلح الوحيد في المدينة.. وألأهم أن لقدوم الشتاء وقت طويل فلابد أن ينتظر.. ما الضرر؟؟.

قبل أن يذهب..أخبره المصلح وقال له :

ــ حاجي.. لاتجيني.. من أصلحهه أني أجيبه الك!!.

شكره الحاج.. وعاد هذه المرة أيضاً بخفى حنين!!.

تمر أيام وأسابيع وأشهر .. والمظلة ظلت معلقة في مكانها.. جاء الشتاء.. والمطر كان مطراً بمعنى الكلمة.. عدى المطر الثلوج والرياح.. حينها أظطر الحاج أن يقتحم محل المصلح ..وقرر أن لايعود وإلا معه المظلة !!.

من دون مقدمات دخل المحل وقال :

ــ شوف حاج.. والكعبة المشرفة ما أغادر المحل إلا ومعي المظلة ( صاغ سليم) .. مو عيب عليك أنت طفل..؟؟ لو أني طفل..؟؟ ماتخاف من الله .. هاك شوف ملابسي المبللة!!.

صاحب المحل كان بارد ألأعصاب.. رد عليه بكل هدؤ:

ــ تفضل أستريح..أشرب أستكان شاي ونتحدث بالمسألة!!.

هنا يغضب / الحاج أحمد أكثر :

ــ يامسألة.. قابل دتناقش معي الحرب العالمية..؟؟. أريد المظلة وآلآن!!.

رد عليه المصلح :

ــ عليك الكعبة أستريح.. وسأصارحك بالموضوع..!!.

ما أن سمع الكعبة المشرفة حتى جلس الحاج.. وقال :

ــ تفضل أغاتي جلسنا!!.

قال المصلح :

ــ شوف حاج.. أنا خجلان.. أنا في ورطة معك.. أستحي أقول !!.

تعجب الحاج وقال :

ــ على بختك حاج نحن أخوان..أية ورطة ؟؟.

قال المصلح :

ــ بصراحة ياحاج.. منذ اليوم ألأول حاولت تصليح المضلة ولكنها بسبب القدم أنكسرت تحت يدي.. ومظلتك قديمة مالها (قطع غيار) .. وبما أنني ذو سمعة في المدينة لذلك كنت في كل مرة أحاول أغفالك وأقول أنشاءالله ينسى المظلة..!!... وآلآن مستعد أن أهديك مظلة جديدة !!.

ضحك الحاج أحمد ونهض وقال :

ــ لاياحاج.. عجبي..لماذا لم تخبرني منذ اليوم ألأول.. الف مظلة فدوة الك.. في أمان الله عيوني!!!.

ما أن خرج الحاج أحمد حتى أشترى مظلة جديدة وأنتهت المشكلة !!.

مربط الفرس /

أمريكا هو المصلح..أنه كالحاج ذات سمعة.. وألأهم أنه المصلح الوحيد في العالم كما كان الحاج المصلح الوحيد في المدينة..له سمعته في أنحاء العالم.. ياترى هل يجوز:

أن يقول بملأ فمه : ياناس.. ياعالم.. بالحقيقة أنا متورط في العراق...!! ما العمل..؟؟

هل ممكن دخول الحمام زي خروجوا ....؟؟؟.

شخصياً أقول لاء.. ولكن ياترى ما العمل والمظلة مكسورة ومالها قطع غيار.. فأين المفر.. الشعب ألأمريكي والعراقي ودول الجوار والعالم.. يعلمون أن أمريكا قررت تصليح المظلة..الجميع بأنتظار عملية التصليح.. ولكن أمريكا لاتملك شجاعة الحاج المصلح وتعترف بالواقع.. وإلا كفيلكم الله المظلة أنكسرت بيدها منذ ألأسبوع ألأول من أحتلال العراق.. من يقول لاء لينورني ويقنعني ولكن بهدؤ ومن غير مهاترات رخيصة ، أريده أن يقنعني بأدلة بأن أمريكا تملك شجاعة الحاج المصلح حينها مستعد أن أتنازل عن موقفي .......... ولكن هيهات ..كسروا العراق.. يامن يصلح العراق..غريبة بعض الكتاب ـ عددهم قليل ومعروفون من قبل الجميع ـ ( كتاب أخر زمان ) لايتجرؤن من الكتابة عن هذه الحالات الشاذة .. بل يقومون بمدح السلاطين لعلهم يحصلوا على وظيفة ( حقيرة ) تجاه تلك المواقف الرخيصة!!.

أخوان :

سلاطين اليوم لهم جيش من الكتاب والصحفيون... أقرأوا صحفهم وأكتشفوا النفاق والتملق..أكتبوا عن وطنكم الجريح .. وشعبكم المتشرد.. هم أولى بالكتابة ... اليس كذلك .. راجعوا أنفسكم ترة لاوظائف شاغرة في الديرة !!!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* جارمني / يقصد الماني الصنع.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com