|
من دفتر ذكرياتي في أبو غريب / (في قسمنا عدد من المصريين !!) (11) جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
من المعروف أن ألأخوة العرب ( من غير العراقيين) لهم قسم خاص ، يطلق عليه قسم / العرب وألأجانب ، نعم كان ذلك القسم حصراً لهم دون غيرهم..أما بقية ألأقسام كانت للعراقيون .. في القسم المذكور كان العشرات من العرب ومن مختلف ألأقطار العربية ( مصر ، اليمن ، السودان ، دول الخليج والمغرب العربي) ..ولكن ياترى لماذا كان معنا مصريان..؟؟، لنرى !!. ************ منذ اليوم ألأول لدخولي الى قسم ألأحكام الخاصة / قسم السياسيون ، تعرفت على أكثرية الموجودون ، هنالك عادة متبعة ( عادة حلوة ) كلما نزل نزيل جديد في القسم حتى يتقاطر عليه القدماء للتعرف والسؤال فيما إذا كان يحتاج مساعدة.. وهنا يبقى النزيل الجديد في ضيافتهم لحين زيارة أهله وجلب الضروريات له.. لايهم حتى لو كانت المدة أشهر.. تراه في كل وجبة مدعو لتناول الطعام مع مجموعة.. وألأهم إن أبن بلدته يقومون بالواجب وأكثر .. هنا ترى التعاون الحقيقي وكرم الضيافة ونخوة أهلنا في كافة المحافظات.. يشهد الله رأيت كرماً من أهالي الجنوب الى حد المبالغة !!. في اليوم التالي علمت بوجود أثنان من ألأخو المصريون... تعجبت لماذا هنا؟؟. قبل ألأجابة كان معنا شابان من مصر العربية وهما : 1 / موسى أباظة .. لقبه ( كابتن موسى ) ، كان أحد أبطال / الكاراتيه ، متزوج من عراقية من عائلة العمري من مدينة الموصل وله منها ولدان بعمر عشر سنوات وثمانية.. في كل شهر مرة أو مرتان كانوا يزرون الكابتن . 2 / رأفت المصري .. كان يملك محل للتصوير في منطقة الدورة في بغداد . تعجبت.. فعلاً أنهما مصريان.. جلست معهم وتحدثت معهم.. تبين أنهما تجنسا بالجنسية العراقية .. أي أنهما آلآن عراقيان.. لذلك يعاملا كعراقيون !!. أما سبب أعتقالهما.. فلكل واحد منهم قضية وحكاية..لايعرفان بعضهما .. فحكاية ألأول / موسى أباظة كالأتي : موسى كان بطل من أبطال الكاراتيه ، يحمل كذا وسام وكذا أحزمة.. كان مدرباً لقوات الشرطة العراقية ، تارة يدرب قوات مقر وزارة الداخلية وتارة شرطة الموصل حيث عائلته هناك!!. بحكم موقعه وجنسيته المصرية ، كان له علاقات مع السفارة المصرية وحصراً مع ( القنصل ) .. كان يخرجان سوية بسيارة ألأخير ويتناولان الطعام معاً ويتجولان في العاصمة.. لقاءاتهما كثرت.. لذلك كان / الكابتن تحت المراقبة من قبل المخابرات العراقية!!. في أحد ألأيام ، يعتقل / الكابتن.. ويستجوب.. من خلال التحقيق يسمعونه شريط بصوته وهو يتحدث عن التدريب والقوات العراقية وأسماء القادة!!. الكابتن موسى أعتبرها مسألة أعتيادية... المخابرات أعتبروها تسريب معلومات عسكرية لجهة أجنبية !!. لذلك يحاكم / الكابات موسى بعشرة أعوام ، ويودع أبو غريب !!. بالمناسبة / موسى من عائلة محترمة ومعروفة.. والده أحد أعضاء المشاركين في ثورة عبد الناصر.. رأيت الكثير من صور والده بالرتبة العسكرية وهو / جنرال في القوة البحرية المصرية !!. موسى كان شاباً مؤدباً ومحبوباً من قبل الجميع.. كان قد فرض نفسه على الجميع بأدبه وخلقه وكلامه اللطيف . أما الثاني / رأفت المصري ، كنا نناديه بـ ( رأفت الهجان ) .. كان عكس موسى ، حيث تعليمه قليل وألأهم تصرفاته صبيانية للغاية..لذلك كان يتعرض الى ألأهانات بكثرة.. كان فقير الحال ، لذلك كان الدكتور / عبد الكريم هاني ـ وزير العمل والشؤن ألأجتماعية ألأسبق كان قد تكفل بأكله ورعايته ، مقابل ألأول بغسل الصحون وأعمال بسيطة !!. تهمة رأفت كانت ثقيلة.. وثقيلة.. حيث كانت الشكوك تحوم حوله بكونه كان يعمل لصالح / المخابرات ألأسرائلية ( الموساد ) لكن ألأدلة كانت فليلة.. لذلك حكم عليه بالمؤبدـ عشرون عاماً ـ وإلا عقوبته ألأعدام !!. أرتبطت بصداقة قوية بالكابتن موسى.. وقد أعطاني عنوانه في مصر.. وواعدته فيما إذا خرجنا سالمين من المعتقل سيأتي يوم وأزوره.. ولكن للأسف الشديد فقدت العنوان كما فقدت سنوات من عمري وشبابي!!!. كانت أيام صعبة ومحزنة.. ذهبت ولكنها لاتفارقني... لنا حلقات أخرى بأذنه تعالى.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |