|
البرلمان العراقي والاجازة والشأن الداخي ياسر سعد / كندا إذا كان شر البلية ما يضحك فإن من المبكيات في العراق الجريح ما تدفع بالمراقب للشأن العراقي والذي تكاد تذهب نفسه حسرات على ما آلت إليه اوضاع هذا البلد المنكوب بإحتلال غاشم وحفنة من الساقطين سياسيا من الذين ارتضوا ان يكونوا بغالا للإحتلال وأغلالا على الوطن الذبيح, الى السخرية الممزوجة بالمرارة والألم. أخر فصول الكوميديا السياسية على المسرح العراقي ما ورد في الانباء بأن اعضاء في مجلس النواب العراقي قد إستنكرو ما اعتبروه «تدخلا» من جانب الادارة الاميركية في عطلتهم الصيفية، والضغط عليهم لقطعها بغية المصادقة على مشاريع قوانين تعتبرها واشنطن مهمة. وكان البيت الابيض قد أعلن أن ادارة الرئيس جورج بوش تحض البرلمان العراقي على إعادة النظر في مشروع أحيل عليه، ويقضي بأخذ إجازة خلال الصيف، وخصوصا أن ثمة مشاريع قوانين عاجلة تتطلب إقرارها. وكان غوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الابيض قد قال بأن أخذ الإجازة الصيفية قد يبعث بـ«إشارة سيئة ليس فقط للمجتمع الدولي بل للشعب العراقي أيضا». بيد أن عددا من النواب حذروا من أن الضغط الذي تمارسه واشنطن على البرلمان العراقي، قد يولد نوعا من الإصرار من قبل الأحزاب السياسية على أخذ الاجازة الصيفية التي تستمر لشهرين، حسبما اوردته وكالة الصحافة الفرنسية. واعتبر النائب محمود عثمان عن الكتلة الكردستانية، هذا الموقف الاميركي «تدخلا لا موجب له»، مؤكدا ان «البرلمان يشعر بالمسؤولية، وإذا رأى هناك حاجة لتشريع قوانين ملحة فمن المحتمل ألا يأخذ عطلة». وأضاف «أرى هذا التدخل غريبا وقد تكون له نتائج عكسية». ورأى الشيخ خالد العطية النائب الاول لرئيس البرلمان العراقي والعضو في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الشيعي، ان اخذ عطلة صيفية «شأن داخلي، والمجلس هو الذي يقررها أو يلغيها». من جانبه، قال وائل عبد اللطيف النائب عن القائمة العراقية ان القرار في هذه المسألة «يجب ان ينطلق من البرلمان وليس من خارجه». هولاء هم سياسيوا الاحتلال وصنيعته من خلال عمليته المسخ والتي أُطلق عليها العملية السياسية, والتي جاءت بسياسيين لا يفكرون بأبعد من مصالحهم الشخصية ونزواتهم وغرائزهم السياسية ولو كانت على حساب البلد الذين يزعمون الانتماء إليه وعلى حساب مستقبله وأمن مواطنيه وحياتهم وحاجاتهم الاساسية. الكونغرس الامريكي في حالة من التجاذب والمناقشات النارية والتي تتناول الشأن العراقي حرصا من المشرعين الامريكيين على المصالح الامريكية ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة العسكرية الامريكية والتي تدهورت وما تزال في العراق, فيما اعضاء البرلمان العراقي يسعون ويجاهدون للحصول على إجازة صيفية ممتعة فيما المفخخات تهز العراق, والجثث تملأ الشوراع والازقة, ومستقبل البلاد في مهب الاعصار تتنازعه وتتجاذبه الطموح الايراني والجموح الامريكي والاحقاد الصهيونية. لم يتذكر البرلمانيون العراقيون الشأن الداخلي, وهم والحكومة العراقية أخر من يعلم بزيارة المسؤولون الامريكيون وغيرهم لبلادهم, بل ولا يملكون من أمرهم شروى نقير, هم ضيوف بلا إرادة رهن المنطقة الخضراء-السوداء يتعرضون للتفتيش وقد تتعرض زميلاتهم في البرلمان للتحرش من الحرس الامريكي كما ذكر بعض البرلمانيين سابقا. كل هذه الامور واكثر منها لا تستدعى تذكر مسألة الشأن الداخلي, غير ان اجازة الصيف الطويلة حركت مراجل النواب ومن كل الاتجاهات الكردية و"الاسلامية" وغيرهم. ربما يحاول البرلمانيون الهروب من العراق بحجة الاجازة الصيفية وهم يشاهدون قوات الاحتلال تترنح وهى تتلقى الضربات الموجعات من المقاومة العراقية وقد تبدأ بهروبها الكبير بأبكر مما يتوقع الكثيرون. الحكومة العراقية والتي يهيمن عليها "الاسلاميون" وإتئلافهم المبارك من المرجع السيستاني, هذا التجمع والذي كان يدعوا ويتبجح بالمقاومة السلمية والسياسية لإنهاء الاحتلال, هو الان من يحتج على الكونغرس الامريكي لإنه يطلب جدولة الانسحاب. نعم هم يخافون من إنسحاب الاحتلال لإنهم يعلمون ان الشعب العراقي والذي عاني من فسادهم وإفسادهم وتسلطهم على مقدارت الوطن وتفقيره وحرمان المواطن ومن كل المذاهب والاعراق من المقومات الاساسية للحياة في حدها الادنى, قد نبذهم واعتبرهم السبب الرئيس لمعاناته ومآسيه المتواصلة. فمن يرضى ان يكون دليلا ذليلا لقوات الاحتلال تحت أي مسمى لا يرتجى منه خير ولا يتوقع منه إلا مايسوء ويشين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |