|
كركوك سلة خبز العراق لسبعين عاما لن تخونها ذاكرة الشعب يشار آصلان كركوكلي أعتقد أن الرسالة قد وصلت الجميع بأن كركوك ليست كأسا من ماء الحياة يمنح للمنتصرين العافية وطيب الإقامة أو نشوة السكر ولذة الخلود. فمازال هناك الكثير مما يجب الإنتظار له والقادم قد يكون الأصعب والمستحيل. إن كسب بعض المعارك لا يعني كسب الحرب فلذلك قصة. لقد إنتصرت النازية في معارك على طول جبهات الحرب الطويلة وسجلت الملاحم هنا وهناك ولكنها خسرت الحرب أخيرا وسقطت . فالسلاح ليس البوصلة التي توجهك الى مشارف القلعة وقد تجعلك البندقية أن تنبطح وتحتمي بصخرة أو تلاحق شبحا في زاوية من القلعة لأنك تخشى لعنتها وتعتقد بأنك غير مرغوب فيها، وإنما الرؤية الصافية والتحية تجعلك ترفع رأسك أمامها وشتان من يطأطأ رأسه خلف صخرة ومن يرفعه عاليا، إنها القلعة وفارق الرحم فمن نزل منه صعد على ظهرها بحق البنوة والرحم . مشكلة الإخوة في الحزبين الكرديين أنهم يرون أن الفرصة الحالية هي الوحيدة التي قدمت لهم الحلم واقعا على طبق من ذهب. هكذا يفكرون ما دمنا نملك السلاح والمال ولنا اليد الطولى في بغداد على من سوانا وأوراقنا قوية في لعبة الموت العربي والزمن قد لا يتكرر بتناقضاته المفيدة كما هو اليوم فلماذا الإنتظار إذا. إنها معركة المصير.. ولأن كركوك تعني النفط والإقتصاد فلتكن هي محك علاقاتنا وسياساتنا وتحالفاتنا مع الاطراف وعلى اساس تعاطيهم معنا. ولكن من يضمن الى هذا المصير المسير؟سؤال طالما أرّق الجميع وتناقضت التصريحات. فهناك تركيا التي تمتد إمبروطورية الى عمق مئات السنين وخلفياتها التاريخية وقدراتها العسكرية وشحناتها الشعبية ومع كلها هي عضوة في مجموعة علاقات أوربية وأمريكية عسكرية كالناتو وإقتصادية أخرى مع نفوس سبعين مليون لا زال البعض يتعامل معها على أساس حسابات عشائرية. وهناك إيران الثعلب حيث تعرف من أين تؤكل الكتف ومتى وهي إمتداد وتفكير إمبراطوري آخر فضلا عن عمقها الإسلامي وشحنات شعبيتها وقدراتها العسكرية. وهناك سوريا الغاضبة من الأكراد. وأخبار عن إنسحاب أمريكي متوقع كما ان منطقة الحزبين الكرديين ليست على ساحل بحر ومحصورة بين هؤلاء فماذا يعني هذا في حسابات كسب الحرب. لا شيء غير ما درّت الأيام من غنائم بعض المعارك ومن ثم السقوط. ليس في السياسة والحرب ما يدعم ديمومة واقع لا يقوم على أساس رصين. وليست من رصانة أكثر من الحق والخطط القصيرة المدى قد تكسب معركة ولكنها لا تضمن كسب الحرب. ودعوى الأحزاب الكردية في كركوك مثالا حيث دخلوها بالسلاح رغما عن أهلها لا من أجل إسقاط الدكتاتور فيها حيث سقط قبل وصولهم إليها وإنما ليهيمنوا على مقدرات الناس لفرض أجندتهم وقبلهم فعله صدام فهو اليوم مثال. فمن يعتبر وهذه سنّة الحياة لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. كركوك اليوم مادة الصراع وليست المقصودة منها المدينة وقومياتها وإنما هي سلة خبز العراق لسبعين عاما ولا زالت وليس من الوفاء تركها مادة لتقسيم البلاد . كركوك هاجس الجميع سواءا من أعلن أو كتم. هواجس لا تنتهي، وفي مخيلة الرئيس تنعكس على أحاديثه كل يوم وقد لفت إنتباهي تكراره وتأكيده على وحدة العراق وأن تقسيمه خرافة أو خيال وخزعبلات وما شاكل من الوصف مع أنه لا يفوّت فرصة إلا إنتهزها من أجل تثبيت مبدأ لهم في حق تقرير المصير وهو ما يعنيه في قاموسه الحزبي بتقسيم العراق وإقامة دولة كردستان، وهذا ما لا يخشى غريمه حتى أمس من ترديده صراحة مشكورا وبالأبعاد الثلاثية والسداسية وأعني بالسادس باطن الأرض. لا شك أنهم يحملون في داخلهم الكثير من الدهشة عن التغييرات التي حدثت لصالحهم وهواجسها عند السيد مسعود البرزاني أكثر مما لدى الرئيس بأطنان لأنه قطع كل الأوصال مع محيطه المحترس والمراقب لسلوكهم وعلاقاته مع الأطراف العراقية تدور مدار النفاق السياسي وطالما وجهت هذه الأطراف والشرائح رسائلها إليه بأشكال شتى عن مدى إنزعاجهم وتحملهم له . حسابات النقاط تشير الى ان القضية على كف عفريت ولو خرج من قمقمه يوما وما ذلك ببعيد، حيث نُذر الإنسحاب الأمريكي من العراق وتوالي رسائل اللوم من الخارجية الأمريكية تترى الى مكتب الأقليم في أربيل حتى بات صاحبه يخشى من إنقلاب قد يصادر ما كسبوه من المنافع خلال السنين الماضية ولأجله قدم السيد وزير الخارجية الزيباري إلتماسه من الأمريكيين في الرياض. أتمنى أن أتفق مع بعض الإخوة الكتاب اللذين يطمعون في الرئيس الطالباني ان يكون بيضة القبان في معادلة الصراع على كركوك لينحني للوطن فيكبر ويعتز قومه. فالطالباني أعرف بمكونات كركوك وطابعه التركماني العام من البرزاني وبإمكانه أن يعترف ذلك بشجاعة ليتناول قضيتهم على أساس الحقوق وليس الأطماع. فحين يتعاطى مع حقائق كركوك كما هي لا شك أنه سيكسب التركمان قبل أن يكسب التركمان مدينتهم كركوك فيبني لقومه مستقبله من دون نزاع فيه ولا خطر يهدده في المستقبل . ولكني أشك في ذلك ولا أرى بصيص أمل للتفائل سيما ان الرجل قد أثبت أنه برغماتي الى حد النخاع ولا يتحمل النقد لأنه عاش رئيسا منذ إنشقاقه من زعامة المرحوم البرزاني. وفي ثقافة الشرق يحرم نقد الرئيس. لقد رأيناه وصبره حين تجاوزت عراقية محرماته فجاءت الطامة الصغرى فكانت حكما قضائيا بغرامة بالملايين على صحفية تركمانية نقلت خبرا عن مصاريف جيب الرئيس. (فرئيسنا يحب النكات ولا يحب النقد) هذه ملاحظة مهمة للصحفيين والكتاب نرجوا الإنتباه اليها ، فماذا لو كتبت هذه الأخت صاحبة جريدة القلعة الكركوكية عن الأيام الأولى حين دخلت الأحزاب الكردية الى كركوك وبدأت سيارات الشحن تحمل الوثائق والكتب والمصادر والآثار والسجلات من دوائر الدولة الى الشمال لقد قامت القيامة ووقعت الطامة الكبرى. وحري أن نعزي العراق بهذه الثقافة والديموقراطية المأنيبة والرجال والأحزاب . فما دام الحزبين الكرديين يطمعان في كركوك ويلحان عليها ولا يتعقلان بالنتائج غير ضمها الى السليمانية وأربيل فهذا يعني نهاية التفائل والطريق المسدود . عندما يفتقد أي حزب الى الحساسية ولا يعير اهمية للحق والحقوق إلا الى مشروعه الحزبي والقومي سيتحول الى وحش كاسر وإن النتائج سوف تكون دمارا لا غير. لو كنت رئيس حزب كردي لملكني الحياء ومنعني أن أفرض إسما كرديا لرئاسة المحافظة في كركوك لهوانها قبال كرامتي وكرامة الإنسان وشخصية حزبي وقدسية الحقوق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |