خابت أحلامكم يا أبناء العم سام وأحلام من راهن عليكم من العربان

علي آل سعبر

alialsaabary@yahoo.com

لا يخفى على كل الساسة العراقيين وعلى الكثير من الناس وحتى البسطاء منهم الأهداف التي جاءت بالقوات الأمريكية إلى العراق، وبغض النظر عما أعلنوا من أهداف واهية حينها، إلا أن هدفهم الأساسي كان تدمير القوة العراقية المتنامية خشية على إسرائيل منها، ليس لأنها بيد حامي العروبة كما يدعي صدام القائد الضرورة ولكن خشية من حصول ثورة شعبية تطيح به وبنظامه العفن فتنتقل هذه القوة إلى الخيريين من أبناء هذا الشعب فتشكل هذه القوة خطرا حقيقيا على إسرائيل كما هو حال أبناء المقاومة في الجنوب اللبناني .

وأما هدفهم الثاني في الأهمية هو : تطويق إيران والحد من قدراتها العسكرية المتنامية وكبح نفوذها في المنطقة لأنه أصبح يهدد إسرائيل وحلفاء أمريكا من جانب والنفوذ الأمريكي في المنطقة من جانب آخر، لذلك نشرت قواعدها العسكرية في الخليج العربي عام 1991 ونشرت بوارجها في الخليج العربي وفي بحر العرب بحجة حماية مصالحها من خطر ( تلميذها النجيب ) صدام حسين وبذلك ضمنت غلق حدود إيران الجنوبية الغربية والجنوبية، ومن ثمة جاءت بولدها البار برفيز مشرف ونصبته رئيسا لباكستان اثر انقلاب عسكري ثم احتلت أفغانستان بحجة مكافحة الإرهاب ( التي قامت بزرعه ورعايته في المنطقة أبان الحرب الباردة ) وبذلك أغلقت الحدود الشرقية لإيران، وأما من الشمال فهناك تركيا وهي عضو فاعل في حلف الناتو الذي تقوده أمريكا، لذلك لم يبقى لتطويق إيران وعزلها عن العالم سوى احتلال العراق وغلق الحدود الغربية لها ومن ثم إيجاد الحجج الواهية لضربها وتدميرها، لذلك كان لابد من احتلال العراق ليكون اكبر قاعدة أمريكية ملاصقة لإيران، لان العراق يمتلك حدودا مع إيران تبلغ 1100 كيلومتر وبهذا يسهل تنفيذ المخطط الأمريكي في المنطقة .

وأما الهدف الثالث في الأهمية من احتلال العراق : هو السيطرة على موارده النفطية فهو ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم بعد السعودية وبذلك تكون أمريكا قد سيطرت على ثلث إنتاج النفط في العالم بعدما سيطرت على نفط الخليج بالكامل وبهذا سوف تسيطر على إمدادات الطاقة العالمية ( أي شريان الحياة في الدول الصناعية الكبرى ) ومن ثمة السيطرة على قرارات تلك الدول، فمن يساير أمريكا في طغيانها سوف تتعطف عليه أمريكا وتمده بالطاقة ومن يعارضها سوف تقطع عنه هذه الإمدادات ليذهب إلى الجحيم، فلذلك كان لابد من احتلال العراق لتحقيق هذا الهدف .

وأما الهدف الرابع في الأهمية : يكمن في الوضع الاقتصادي الخانق في أمريكا في ذلك الوقت ( والى وقتنا الحاضر ) فان أمريكا كانت تعاني من ركود اقتصادي كبير بسبب ظهور المارد الاقتصادي العملاق الجديد ( الصين ) واثر ذلك على نمو الاقتصاد العالمي وخصوصا أمريكا بسبب المنافسة القوية على الأسواق الخارجية هذا من جانب وتلكؤ مفاوضات التجارة العالمية والعولمة من جانب آخر والذي أدى بدوره إلى تراكم السلع الأمريكية في مصانعها وازدياد نسب البطالة في أمريكا مما أدى إلى استياء أصحاب رؤوس الأموال والشركات وقطاعات كبيرة من الشعب الأمريكي من هذا الوضع الاقتصادي المتردي، فكان لابد للساسة الأمريكان من إيجاد وسيلة للخروج من هذا المأزق الحرج؛ فكان الحل في احتلال العراق وتدمير كل بناه التحتية (حتى المجاري ) وبعد ذلك فتح السوق العراقية على مصراعيها لرؤوس الأموال والشركات الأمريكية بحجة الإعمار ولا بأس بإعطاع بعض فتات الكعكة العراقية إلى من يساند أمريكا في حربها القذرة على العراق، وكما أعلنها بوش صراحة قبل احتلال العراق بأيام قليلة حيث قال : إن الدول التي ستساند أمريكا في حربها المقدسة على العراق سوف يكون لشركاتها الحق في إعمار العراق ومن لم تساهم لن يكون لها الحق في المطالبة بإعمار العراق .

إن كل هذه الأهداف التي خطط لها الساسة الأمريكان وغيرها ممن لم اذكرها هنا، لم تتطرق إلى مدى الدمار والخراب الذي سيصيب الحرث والزرع والنسل ومدى المآسي والحيف والظلم والقهر الذي سيقع على العراقيين نتيجة لاحتلال العراق وتدمير مدنهم وقراهم وبيوتهم فوق رؤوسهم، بل انصب تفكيرهم على كيفية إيقاع اكبر ضرر بالمواطن العراقي حتى يتم تركيعه وإذلاله وترويضه ليكون عبرة لغيره من شرفاء العالم، وليكون مطيعا لسادته الجدد ( أبناء العم سام )، لان الأمريكان والأوربيين يتصورون إن الدول العربية والإسلامية عبارة عن غابات مليئة بالحيوانات البرية المتوحشة والمتمردة، فلا بد من ترويض هذه الحيوانات الآدمية حتى تتماشى مع متطلبات العولمة والحضارة الجديدة، فجاءوا بما يسمى (( مشروع الشرق أوسط الجديد )) والذي لا أريد الخوض فيه حتى لا اخرج عن الموضوع، ولكن.... كما يقال في المثل العربي رب ضرة نافعة فبرغم الأذى والخراب الذي أصاب العراق والعراقيين نتيجة الاحتلال فهناك شيء لم يكن ليحدث لولا دخول الأمريكان في العراق ألا وهو إزاحة صدام عن العرش الذي اغتصبه إلى المكان الذي يليق به وبأمثاله ( بالوعة القاذورات ) وسقوط الصنم واندحار كل الأفكار المريضة والخبيثة المتمثلة به وبنظامه العفلقي العفن وزوال أسطورته حيث لا رجعة لها .

والشيء الآخر المهم الذي حصل بعد الاحتلال هو اكتشاف المواطن العراقي لقدراته الكامنة من شجاعة وبطولة وصبر في مقارعة المحتل وإفشال مخططاته الخبيثة والدنيئة والتي كانت غائبة عنه بسبب ظلم وقهر نظام صدام المقبور له، وهذا الاكتشاف أدى إلى انقلاب السحر على الساحر، فقد فشلت مخططات الأمريكان وذهبت أهدافهم أدراج الرياح، صحيح أنهم دمروا القوة العراقية والمتمثلة بالجيش العراقي ولكن.. ظهرت لهم قوة عقائدية جبارة متمثلة بجيش المهدي وأبناء المقاومة الشيعية الشريفة ( الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين مهما كان معتقدهم ) والتي أدت إلى تخبط القوات الأمريكية وانهيار معنويات جنودها في العراق، والذي يطلع على وضع القوات ألأمريكية في العراق يرى إن ألأمريكان لن يشتركوا مستقبلا في أي حرب خارج أمريكا ولمدة عشرة سنوات على الأقل وبالتالي فقد انهار هدفهم الثاني ( والمتمثل بتطويق إيران وضربها عسكريا )، وهدفهم الثالث أيضا فأنهم أصبحوا يستوردون المشتقات النفطية من دول الجوار لسد احتياجات جيشهم والسوق المحلية من تلك المنتجات، وكذلك انهار هدفهم الرابع فبدل أن يأكلوا الكعكة العراقية صارت خسائرهم حتى ألان أكثر من 500 مليار دولار ( كلفة عدوانهم على العراق )، وكل هذه الأموال جاءت من دافعي الضرائب الأمريكان والذين لم يخفون استيائهم من سياسة بوش الرعناء، إذا فالمسالة مسالة وقت ( وقت قصير ) ليس إلا حتى تنسحب القوات الأمريكية وحلفاءها من العراق مخذولين منكسرين فارين والى غير رجعة .

والآن أيها الساسة العراقيون ( وعلى الأخص ساسة كتلة الإتلاف العراقي الموحد ) وقد تكشفت لكم كل أوراق اللعبة الأمريكية ولاحت في الأفق بوادر فشلها وعجزها وخابت آمال من راهن عليها من العربان، فما هو دوركم أمام هذه اللعبة الأمريكية القذرة ؟ هل هو دور الساذج المتفرج فقط والذي تملى عليه الأوامر الأمريكية وهو يهز رأسه استحياء إيحاءا بالقبول ( كما تفعل البنت عندما تطلب للزواج )، أم لكم دور أهم ؟ وهو التنازل عن حقوق من وضع روحه على راحة يده وذهب إلى صناديق الاقتراع لينتخبكم ويضع ثقته وأحلامه وتطلعاته في أيديكم ولكي تتنازلوا عنها بكل بساطة لمن فرضته أمريكا عليكم باسم حكومة الوحدة الوطنية أو المصالحة الوطنية أو ما شابهها من المسميات، فانتم والأكراد تمثلون 80% من مكونات الشعب العراقي ومع هذا فإن الأكراد نالوا كل حقوقهم الوطنية بل أكثر من استحقاقهم لأنهم اعتمدوا على دعمكم لهم في تمرير القوانين التي نالوا بها ما نالوا، أما انتم فلم تستغلوا ذلك الدعم ولم توجهوه كما يجب، بل اقتصر دوركم على التنازل وباستمرار لمن يمثلون اقل من 17% من مكونات الشعب العراقي، فلو استمر يتم في هذا الهوان والانكسار سيكون حالكم حال العرب اليوم في مفاوضاتهم مع الصهاينة، فهم أكثر من 300 مليون يقبلون أقدام الصهاينة والذين لا يزيدون عن 5 ملايين من اجل الجلوس معهم على طاولة المفاوضات وذلك بسبب تنازلاتهم المستمرة للصهاينة .

فانا أقولها لكم دون خجل لقد خيبتم آمالنا فيكم وأحذركم من الاستمرار في التفريط بحقوقنا الوطنية وكرامتنا التي أصبحت تهدر من قبل من هب ودب من العربان من آل سعود وحكام الخليج والحكام العرب دون أن تردوا لهم الصاع صاعين، حتى أنهم من ضعف موقفكم اخذوا يتطاولون على المرجعية وعلى معتقداتنا، فإلى ما السكوت والهوان ؟ أإلى إن ينتفض عليكم من انتخبكم وأجلسكم على كراسي السلطة والنفوذ ( أبناء الوسط والجنوب ) أم إلى متى أفيدونا يرحمكم الله ..........؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com