|
جدلية الولاء، للوطن أم للدين!!! زهير الزبيدي (حب الوطن من الايمان) حديث نبوي شريف حقا إنها جدلية عمياء صماء، تظهرلدى الغالبية من الناس، لاسيما منهم من إختلطت عليه الأوراق، وتضخمت في عينيه الشعارات، فأمسى لايميز بين الايمان بالدين والايمان بالوطن، وهما الصنوان اللذان لايفترقان. كفقدانه القدرة على التمييز بين المجاز والحقيقة، وبين المثالية والخيال. فأستغل اصحاب الكلمة وفرسان الشعارات من السياسيين، توظيف الدين بالإتجاه الذي يجعل الناس رعية للغير وليس لأولياء أمورهم الوطنيين، فسيسوا الدين حتى النخاع، لينزعوا منه قدسيته ويلبسوها لاشخاص، لم يأخذوا هذه القدسية من الدين، بل خلعوها على أنفسهم، بحكم أصدروه، أوفتوى ثورية هيجت مشاعر السذج من الناس، حتى غدوا كمفكري القومية العربية ، أؤلائك الذين مالوا الى الدين عند الضائقة، ونفروا ونفّروا منه عندما يكونوا في موقع القوة. في الوقت الذي يجب أن يكون فيه تدين السياسة الأرجح في عملية البناء على الأقل، لتترك أثرها على أداء الناس والمسؤولين على حد سواء، بما يستلهموه من خوف من الله، وإمتثال لتعاليمه، في الاستقامة والنزاهة وحب الوطن، وحفظ المال العام، وخدمة المواطن دون النظر الى عرقه وجنسه ودينه، وهذا مرده الى قوة الدين وضعف من يتاجر به. لان الدين فكر ـ لاسيما ديننا الاسلامي العظيم ــ راسخ في الأصل، ومتربع على عرش الحقيقة. فكلما تاجر به شخص، وما ان وصل الى نصف عمقه أغطسه وأغرق مصالحه الشخصية،لان عمقه، تغرق فيه الشعارات لتطفوا على سطحه أوراقا خالية من مضمونها، وأعماقه تؤسس لأداء المتدين الحقيقي، ولهذا تراه لايحتمل اللف والدوران، والمزايدات السياسية، فينكشف بسرعة من يتجار به ولو بعد حين، لان: انما الدين المعاملة، وليست الشعارات. هكذا راج بازار الدين في السياسة، وبازارالسياسة في الدين، حتى اجبروا المسكين الدكتورعلاوي، أن يزور الامام علي عليه السلام في الانتخابات الماضية، وحصل ماحصل. وأقتسم السنة والشيعة للشعب العراقي، الذي قدم الدماء سخية، وما أن وصلت ساعة الفرج بسقوط الصنم، حتى قفز سنة وشيعة العالم، للمزايدة على تلك الدماء الطاهرة الزكية، ليكونوا قيمين عليه وهم الذين صفقوا للطاغية وهو يلعب بالشعب كما يلعب الطفل بالكرة، أمام أنظار العالم العربي ومسامعهم، بل ويصفقون لذبحنا وتهجيرنا ومطاردتنا، أغلقوا الحدود ، وسلموا المعارضين له، حتى حولوا الطاغية الى بطل قومي، وقتها ونحن ننحر كالنعاج، لم يجد شيعي من شيعة العالم، دافع عن شيعة هذا العراق، ولا سنيا من سنة العالم دافع عن سنة هذا العراق. واليوم ترفع شعارات المذهبية، هؤلاء لؤلائك، وهؤلاء لؤلائك، ولكنهم فريق شيعي متخم بالمال والحكم والسلطة، ويميل حيث يظمن له البقاء، وفريق سني أتخم في الزمن المقبور ومتخوم اليوم، يميل الى حيث يحفظ له حقوقه الشخصية ، أما باقي السنة، وباقي الشيعة، فهم أدوات كبيادق الشطرنج، ومتاريس سياسية ، ومتاريس هجومية ودفاعية . الوطن أيها الأحبة، حبه من الايمان وهذا قول رسول الله (ص) حيث قرن حبه بايمان الشخص ، ما يعني إنه ثابت من ثوابت الدين . لكن سؤال يطرح نفسه : أي وطن هذا؟ هل هو ما عرّفه علماء الاجتماع، مجموعة من الناس تربطهم روابط مشتركة وتجمعهم مساحة من الأرض ومصالح مشتركة، أم أن الوطن يمتد بامتداد الدين والمذهب، رغم تباين الروابط التي تصنع الوطن بكله، من مثل اللغة والقومية، الدين، التأريخ، التراث، المصالح المشتركة، العرف والخصوصية؟ واذا كان هكذا، أين يكون موقع المذهب من كل هذه الروابط التي تجمع بين المجتمع الواحد؟ إنها جدلية عمياء ، غير مموسقة لاذن بذاتها، ولا نابعة من عقيدة واضحة، بل ان موسيقاها يحمل لحن الفوضى البناءة، التي يعمل من أجلها الجميع يتهم بها بعضهم الآخر، وهنا يبرز دور الجد والهزل، دور الحقيقة والضلال ، دور المثالية والخيال، فإذا كان المذهب يمثل رابط من كل تلك الروابط دون مصالح مشتركة ، أي يفسروه على أن تكون منقادا لتلك الدولة لانها تمثل مذهبك، وأنها القوية الآن وأنت الضعيف، فهذا لعمري هو عين الدجل والكذب والضحك على الذقون. لقد جربنا على أراضيهم ونحن نعيش الفاقة والفقر والمرض، وهم يصفقون ويصطفون مع مجرم باغ، فمن يدعمه بالمال ، ومن يشوش له الحقائق بالاعلام. حتى ايران طلبت منا المصالحة معه من أجل حفظ حقوقها، أما نحن شيعة العراق كما يقول المصري فـ ( طز). لم يمد أحد الينا يد المساعدة، وإذا مدها أحد ساومك على وطنك . ففي السعودية حكاية لا يصدقها عقل القرن السابع عشر، عندما رُمي شعب بكامله في صحراء، لتنتهك كرامته عمدا. وفي ايران، عشنا يساوم على جهادنا وجهودنا ، وطننا ممزق ويريدون توجيه البوصلة الى وطنهم ما يعني نزع الهوية باسم المذهب، ونحن من رعى المذهب وحافظ عليه بتقديم الدماء الطاهرة منذ ضربة ابن ملجم لعلي عليه السلام، وحتى يومنا هذا، نُضرب بنفس السيف ، لكن هذا السيف تجده كل يوم بيد، ونعامل بنفس معاملة حجر ابن عدي وأبا ذر الغفاري. الوطن أيها السادة لايتقاطع مع المذهب والدين والقومية ، الوطن هو الوعاء للجميع، للذي يسكنه وله فيه جذوره الممتدة عبر التأريخ ، أما الدين أوالمذهب، ينظم العلاقة بين الشعوب على اختلاف أفكارهم وأديانهم، في الوطن الواحد، وفي اوطان الدنيا كلها، لكن باصوله الحقيقية، وليس شعارات ترفع حسب المرحلة، وتختفي لترفع غيرها في مرحلة أخرى وتسقط سابقتها، انما الدين فيه ثوابته ظاهرة كالشمس التي لاتغيب، لأنها لا تقبل الاختفاء والتأجيل، إنها عقائد الأمة. ولا هي تدور في دائرة جهة ما، كي لايعرف اتجاهها ولا هويتها، وتحركها اشباح تتخفى خلف تلك الشعارات، إنما هي شعارات إنسانية، وللإنسانية جمعاء، تقف مع الجميع بمسافة واحدة، وفق قيم الدين لمعنى الإنسان، القيمة العليا الذي كرمه الله ، وخلقه بأحسن تقويم. أيها العراقيون إنه الوطن المقدس، فلا تفرطوا فيه لولآت لاتغني الشعب من خوف، ولاتسمنه من جوع. إنه العراق العظيم، الذي عندما كان وطنا، لم يكن في اقليمه وطن إلا هو. إنه العراق العظيم، فلا تدعوا غيركم يزايد على وطنكم ووطنيتكم، وليدلو كل عراقي نجيب بدلوه، ليضع لبنة في بناء العراق الجديد، أما الآخرون فكلهم يغارون منكم ولا يغارون عليكم. ولاتطلبوا المواقع والحصص، لأن الموقع يؤخذ بالأداء المخلص، والخطاب الصادق، وعليكم التقرب الى القلوب فستسهويكم ما دمتم الشرفاء، وسيختاركم الشعب وإن اختلفت هويتكم الدينية أو المذهبية أو العرقية، لانك قدمت نفسك خادم للشعب وليس رئيسا تتأمّر عليه، فلقد ولا عصر الأصنام ودخلنا عصر خدمة الشعب وأحبائه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |