|
الهاربون من الحياة عدنان الجعفري / مؤسسة اليوم الموعود الثقافية / الكوفة المقدسة الهاربون من مسرح الحياة الاجتماعية كما يسميهم الشهيد السعيد محمد باقر الصدر )قدس سره الشريف)، وهم المنعزلون والمتقوقعون عن الناس تحت غطاء الزهد والتقوى والورع و....." كما يدعون " فهم في حقيقة الأمر هاربون من تحمل المسؤولية الإلهية الملقاة في عاتقهم. وهذه الطائفة التي صنفها الشهيد الصدر الأول (قده) من ضمن طوائف المجتمع الفرعوني الذي يعّرِفه " لأنه المجتمع أو الأمة التي لا تتبنى الفكر والتشريع الرباني في بناء نفسه سواء كان مجتمعاً من الأزمنة الغابرة أو الحاضرة فهو مجتمع فرعوني". فالهاربون من الحياة هم أكبر طبقة زُرِعَ في نفوسها الخوف والذعر من المستكبرين لأنهم اكثر ناس على دراية وعلم بالظلم وتباعته والظالمين وهوياتهم, كما انهم يعلمون جيداً أن عليهم مسؤولية مقاومة الظالمين وردهم عن ظلم الناس واستضعافهم, لكنهم بسبب ممارسة المستكبرين القمعية من الضغط والقسوة الشديدين وسلب الكرامة والتضليل الواسع, تحولوا إلى ضعفاء " غير معذورين عند الله " كما يقول شهيدنا الصدر فيهربون من المسؤولية الى أنواع من العزلة والرهبنة والتصوف و..... وما شابه ذلك. وبذلك يصفهم الشهيد الصدر الاول (قده) بقوله " تحت هذا العنوان يحاول جماعة من الناس أن يبرروا سلبيتهم واتجاه حركة التصدي للمستكبرين ودينهم. هذه الفئة يشجعها المستكبرون لما فيها من الضمان في تخدير عقول الناس ودفعهم باتجاه أنفسهم وذواتهم بحجة التآلف الروحي وانعزالهم عن المجتمع وعدم مطالبتهم لحقوقهم وحقوق الآخرين التي استحوذ عليها المستكبرون بغير حق ". ولهذه الصفة التي يصفها الشهيد الصدر فان هذه الجماعة هي أخطر مكون على الأمة الإسلامية حتى من المستكبرين أنفسهم لأنهم أصبحوا " أميّون للشعوب المسلمة " وهم اكبر عامل مساعد لاندثار مباديء الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي قام عليها الاسلام ونما وانتشر في ربوع المعمورة. إن هؤلاء هم أداة مع المستكبرين لاعانتهم على أهدافهم بل ان المستكبرين لا يكترثون للاديان التي تهتم بالطقوس الشكلية ولكن تخشى وتراقب الاديان مهما كان توجهها التي تتبنى فكرة التحرر ورفض الاستعباد والدعوة الى الحرية الحقيقية. إلا ان وجود هؤلاء الناس هم سكينة بيد المستكبرين لقتل الامة الاسلامية والسيطرة عليها والادهى من ذلك إن هؤلاء يتحركون باسم الاسلام والقرآن وقد خاطبهم القرآن لكشف حقيقتهم في سورة الجمعة " ياأيها اللذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين " وقد أجاب القرآن عن سريرتهم " ولا يتمنونه ابداً بما قدمت ايديهم والله عليم بالظالمين ". كما ان المستكبرين قد دفعوا بعض أعوانهم الى المجتمع وقد ألبسوهم لباس الخشوع والرهبنة والانعزال عن الدنيا وزينتها لماذا؟! يقول الشهيد الصدر الاول(قده) " يجمعوا حولهم مَن يستطيعوا من الجهلة والجبناء غير متأخرين عن دفع(الرواتب) لبعضهم اذا تطلب الامر حتى يقول (قده) : ((ومن هؤلاء الذين تدفعهم السلطة ربما يكون عالماً فقيهاً أو وكيلاً لمرجع أو إماماً لمسجد )) والشيء الملفت للنظر إن هذا الاتجاه أو الجماعة موجوداً في كل مجتمعات الظلم على مَرّ التأريخ ولهم أتباعهم ورجالهم حتى صار أصلاً في دينهم كما هو حال النصرانية, أما في الاسلام فأن الشهيد الصدر (قده) يقول " ظهر هذا الاتجاه على شكل مدرسة فقهية وأخلاقية, ولا أظنك تجهل اليوم منهم في مجتمعات المسلمين ومن ليس مستعداً إلا الحديث في مسائل الصلاة والصيام وسائر العبادات التي لا يرفضها المستكبرون, ومن يرى أن كل راية ترفع قبل قائم آل محمد(ص) باطلة !! " وبذلك فأن وجود هكذا مدارس فكرية وفقهية بين المسلمين هم خطر على مهدي آل محمد (عج) لأنهم لا يدعون الى بناء المجتمعات والقواعد الشعبية المنتظرة لنشر الأطروحة العادلة الكاملة المتمثلة بالاسلام وبذلك فأن المستكبرين يسعون لبناء ونشر هذه المدرسة الفقهية ليس حباً بها بل لأنها تساعدهم في نجاح مخططاتهم الرامية للسيطرة على مقدرات الشعوب والقضاء على الفكر الثوري الاسلامي الذي يرفض العبودية ويطالب بالتحرر والدعوة الى عالمية الإسلام فكراً ونظاماً. " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |