|
صفوتنا لم تكن نجوما لامعة ،، لقد كانت باهتة!! رياض البصيـــر أسماء (متهمة) ؛ أسست العراق الحديث!! كان كل ما وجدته من اسماء يسميها البعض المنبهر أو المتاجر أو الببغائي أو المضلل كان يسمي تلك الأسماء بـ ( اللامعة ) أو ( المضيئة ) في تاريخ العراق ،، ولأني من دعاة ( التماس العذر للآخرين ) لكون طاقة الأنسان الفكرية يحددها غذائه الفكري .. فأن الرد عليهم بقصد التصحيح أراه " ردا خائبا " .. الا أن الأسماء التي ساهمت في تأسيس العراق وجدتها تتسم بصفات وخواص مشبوهة ( بلوثة في الشرف الوطني ) .. تلك الأسماء هي التي كانت وراء أحداث سوداء وحمراء في تاريخنا " الكابوس " ومن ثم كانت ممرا قاسيا ؛ أوصلنا الى وصلنا اليه من جحيم لايصدق ..
خاصية اللعب على الحبلين معظم زعامات العراق هي بالأصل كانت (( صفوة أو نخبة )) البلاد ،، كانت قد تناسخت من قرن لقرن (( ومازالت تتناسخ )) ،، فحافظت على زعاماتها بالرغم من التغيرات السياسية المستمرة ووجوه الاحتلالات المتتالية لكونها كانت تستخدم قانون (قدم هنا وقدم هناك ) ،، ومبدأ انطي ( باليمنة وآخذ باليسرة ) ،، و( فضْ بكارة الناموس فدوى لعيون أبناء السلاطين ،، ثم اشهر سيفك عندما يزاح الحاكمين ، طلبا للثأر وغسل الجبين ) ،، و( كن لينا في السراي ،، ويابسا في أكواخ الفقراء ) وغيرها من فنون المحافظة على الامارة والاحتفاض بالخدم والعبيد و(( اللحم )) و(( الثريد )) .. تلك هي الشخصيات التي كانت تقبض من شيخ الكويت وشيخ المحمرة " ليلا " وتفتك بالعباد في البصرة وميسان " نهارا " ثم تتبرع لصندوق جهاد الاستانة بالأموال الطائلة وبالفلاحين لتحرير ( دول البلقان ) من الدول الكافرة!! ،، وبنفس الوقت كانت( تهرب ) للأنكليز الأسلحة والأغذية وتحمي سفنهم النهرية .. هي الشخصيات التي (تبوس) رأس كلب الميجر من أجل خمسة دنانير وتساند ثوار تلعفرلتحرير الموصل ، هي الشخصيات التي نسفت سكك حديد الشرقاط وتزين خيامها وتكثر طعامها احتفاءا بالأنكليز ... تلك الزعامات هي نفسها صارت فيما بعد ( وجوه مجلس الأعيان وفازت بكراسي البرلمان ومناصب المديرين والقائم مقامات ) .. وهي التي جمعت التواقيع والمضابط من المزارعين ( الجوعى ) والفقراء (أكلة الحشيش وشيخ صملة ) قربة لرضا ( كوكس ) وجوائز الأنجليز وفداءا للمعاهدة البريطانية العراقية لتأسيس دولة يقودها ( المنافقين ) شاكرين الأنكليز لتحريرهم من دولة بني عثمان التي عاشوا في كنفها يتقبلون العطايا والهدايا ويحمون مواكب القواد والأمراء الترك ويدعون الله بطول العمر لسلاطين وامراء الأستانة المسلمين ...
خاصية الخيانة كان أغلب زعماء ( الثورة العربية "الكبرى!!" ) هم من الجذور العراقية ، وكانوا جل اولئك من ضباط الجيش العثماني ،، ومعظم الضباط العراقيين هم أصلا كانوا أبناء ( الصفوة !! ) من رؤساء عشائر وأبناء تجار ومن ابناء الأسر والبيوتات العراقية ( المشهورة بعلاقاتها الخاصة مع السراي العثماني ) وقليل منهم من ابناء ( ساسة الخيل وكبار الخدم والعبيد ) العاملين بأخلاص في بيوتات الباشوات من القواد والأمراء الأتراك .. هؤلاء الضباط كان من الطبيعي أن يأدوا اليمين ( ويحلفوا بالقرآن الكريم ) أنهم لن يخونوا سلطان المسلمين وسيدافعون عن السلطنة ويجاهدون المعتدين !! .. وبصرف النظر عن عدل وظلم ( الأستانة ) ،، فان اولئك الضباط قد نكثوا يمينهم و تحالفوا مع الحلفاء ضد الجيش العثماني ،، بمعنى أنهم جاهدوا مع المعتدين ضد جيشهم العثماني ،، اولئك هم أنفسهم تسنموا سدة الحكم العراقي فكانوا ( روؤساء وزراء وكانوا وزراء ) فتراهم تارة أتراك وهم خونة للأتراك ،، وتارة ( من العرب الذين أقسموا أغلظ الآيمان في الكعبة المشرفة الا يخذلوا العثمانيين فخانوا العثمانيين وتنازلوا عن الأسكندرونة وفلسطين وقطّعوا سوريا الكبرى) وتارة بريطانيين فخانوا البريطانيين وناموا في أحضان النازيين .. هم أولئك الذين أسسوا العراق ،، وسنوا السنن ونشروا أفكارهم ،، فهل يعطي الماء غير الماء وهل تعطي النار غير النار،، وهكذا هم صنعوا تاريخنا فكان تاريخا ولودا بالخيانات المتكررة والتي كان يدفع ثمنها دائما شعبنا المبتلى بصفوته أو بنخبته ...
خاصية النضال من أجل الذات سأكتفي بحادثة واحدة من كثير من الحوادث ،، ففي البصرة كان زعماؤها الصفوة والنخبة قد حاولوا مرتين بفصل البصرة عن العراق وربطها بحكومة الهند.. الاولى في 20/مارس/1920 والثانية في 13/حزيران/1921 ،، وفي المحاولتين كان زعماء الأنفصال وهم وجوه البصرة واعيانها يتباكون ويستفزون الناس ( الغشمة ) ويتوسلون بالمندوب السامي البريطاني ويقدمون الحجج و( ظليمتهم ) ويهيجون الرأي العام البصري بالانفصال وجعلها امارة محمية من الأنكليز لأخراج أهل البصرة المتضررين من قاع الحياة!! .. وفعلا نجح السير (( كوكس )) بتحقيق مطالب وجوه الصفوة ( المختارين ! ) بفضل الصدقات العثمانية ،، بان عين ((عبد اللطيف باشا المنديل )) وزيرا للتجارة وأمر بتعيين (( أحمد باشا الصانع )) وزيرا بلا حقيبة وزارية ،، و (( سليمان الغماس )) رئيسا لبلدية البصرة ،، وغيرها من المناصب التي حصدتها النخبة ،، لصالح ترف أهل البصرة (( المعدمين )) .. وأثارها مرة أخرى (( ناجي بك السويدي )) في عام 1922 ،، بعدما ارتأى مجلس الوزراء اقالة وجوه البصرة وهم (( ناجي السويدي ،، والدكتور حنا خياط ،، وعبد اللطيف منديل ،، والحاج رمزي ،، وعزت باشا )) من حقائبهم الوزارية ،، فما كان منهم الا الدعوة لأنقاذ البصرة وأهل البصرة مرة أخرى ،، من قاع حياتهم وبؤس حياتهم ،، عن طريق المطالبة بفصل البصرة عن حكومة بغداد المركزية للمرة الثالثة،، ولكن هذي المرة لم يصدقهم أحدا ،، فقد عرفوا (( أن المصالح الشخصية للوجوه والأعيان )) هي الغايـــة وان (( الوسيلة )) دائما وأبدا هي الآلام وجوع وفقروجهل الشعوب..
صفــــوة القول ماذكرته انفا هي لاتمثل كل خصيصات زعمائنا الصفوة ،، بل جزء من كل واسع لايتحمل المقال ذكره ،، فمشكلتنا تبقى قائمة ،، ان لم نهد البناء ( سياسيا و ثقافيا واجتماعيا ... الخ ) من الأساس ،، ونطوي السجل ونكتب على ظهر غلافه (مافات فات ،، فقد كان كل ماكان ،، جهلا وخوفا وسهوا واضطرار) ،، ونفتح سجلا جديدا نكتب فيه (سيكون مانريد له أن يكون ،، فقد تعلمنا حسن الاختيار) لأن نشاط الطاقة الفكرية يحددها الغذاء الفكري ،، وقبل ذاك وذاك فلنتقئ أولا ،، كل ماأكلناه من صحون " صفوتنا " الملوثة بدماء شعبنا وجوعهم وعوزهم وذلتهم ،، حتى ندرك أن خلف صفوة النجوم (( الباهتة )) تلك نجوما لامعة حقا ،، أخفاها دخان حرائق النخبة،، حتى لانذكر من الماضي القريب والبعيد ، أي ذكريات ،، ولانذم الموتى ولا حتى نذكر محاسنهم .... فقد كان كل ما كان ،، سهوا واضطرار ....
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |