مع وضد شاعرنا الكبير سعدي يوسف

وداد فاخر / النمسا*

www.alsaymar.de.ki

house.vienna@chello.at

لشخصية وشاعرية سعدي يوسف مكانة كبيرة عندي منذ يفاعتي. ورغم انه ابن مدينتي الرائعة البصرة، َودَرسَ بعض الطلاب من جيلي إلا إنني لم التق به، ولم نتعرف على بعض. وفي احدى المرات استلمت منه رسالة ايميل مساندة وكان ذلك قبل سقوط النظام الفاشي وأنا ارسم صورة تشريحية لأحد الشخصيات الانتهازية في مقالة نشرتها عنه.

ولأنني اعتبر نفسي ناظما للشعر ولست بشاعر، وكنت ولا أزال اختزن بذاكرتي خزينا من الأبيات الشعرية وبعض القصائد التي حفظتها منذ الصف الرابع الابتدائي بدفع من معلم العربي آنذاك واحد أبناء أبي الخصيب أيضا الأستاذ عبد العزيز الظاهر والد الأستاذ مزيد الظاهر، كقصيدة ميسون الشاعرة أم يزيد بن معاوية التي تهجو فيها زوجها معاوية ابن أبي سفيان، وقصيدة أمير الشعراء احمد شوقي في التوجع لدمشق بعد احتلالها من قبل الفرنسيين واستشهاد البطل يوسف العظمة، وقصيدة نهج البردة التي مدح فيها شوقي النبي الكريم وغنتها أم كلثوم على غرار قصيدة ( البردة ) لكعب بن زهير بن أبي سلمى، وغيرها الكثير.

وكان هناك ثلاث شعراء شيوعيين من أبناء أبي الخصيب في البصرة توجعت لهم. وأولهم بدر شاكر السياب الذي حاد عن مبدأه، وانحرف بعد ذلك حتى عن الوطنية الحقة عندما شتم الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الذي كانت له اليد الطولى عليه في العناية به وبعلاجه على نفقة الدولة العراقية، ومن قبل ذلك تنكر للحزب الذي درج فيه وتأثرت أفكاره الوطنية من خلاله، وهو الحزب الشيوعي العراقي.

أما ثانيهما فهو المرحوم مصطفى عبد الله، الصديق الهادئ في البصرة والذي التقيته بعد ذلك وفي أول أيام الهجرة عند الهروب من قبضة الفاشية في المغرب، وصادف أن سكنا وعملنا معا في نفس المدينة وهي مدينة القنيطرة، وكان والصحفي الرائع عامر بدر حسون من أشار علي بترك المغرب واستغلال الدعوة التي وصلتني للذهاب إلى الكويت لأكون قريبا من الوطن وكان ذلك في بداية عام 1979، والثورة الإيرانية تسجل نجاحا في المنطقة، ويمور المغرب ضد مليكه الحسن الثاني الذي استضاف شاه إيران المطرود محمد رضا بهلوي. وفي العام 1989 وكنت لا أزال بعد في الكويت جاءني نبأ وفاة المرحوم مصطفى في حادث تصادم عن طريق الحزب الذي قدم لي التعزية بفقده.

وكان سعدي يوسف الثالث الباقي هو وشاعرين بصريين رائعين، الصديق الحميم وابن محلتنا الشاعر مهدي محمد علي نزيل حلب الشهباء الذي أتمنى أن يواصلني بعد انقطاع، والشاعر الرائع عبد الكريم كاصد، خاصة بعدما خلا ميدان الشعر في العراق والبلدان العربية بوفاة الشاعر عبد الوهاب البياتي، ثم وبعد ذلك شاعر العرب الأكبر الجواهري. وهذه الملاحظة الأخيرة وهي تفرد سعدي في ميدان الشعر كانت سببا في غضب احد شعرائنا العراقيين من سكنة عاصمة الجمال باريس مني علما إنني واحد الأصدقاء السابقين كنا ضيوفه حيث كان ينتظرنا لنلتقيه في محطة قطار باريس ( مونبارناس ) ونحن في طريقنا لاجتماع " شاترلو ". وكان الحديث أدبيا صرفا، وعندما تطرقنا للشعر قلت بعفوية ومن دون تكلف أو تصنع : الحقيقة لم يبق في مضمار الشعر العربي بعد رحيل البياتي والعملاق الجواهري غير سعدي يوسف. وكانت هذه العبارة هي القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال، وصال وجال صاحبنا الأديب في توجيه التهم الجزاف لي، كوني بنظره " شعوبيا " لأنني استشهدت بعبارات من كتاب " مثالب العرب " للأديب " أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي " في تبيان لؤم بعض العرب ممن جيش جيوش الإرهاب ضدهم بعد سقوط صنمهم الكبير في بغداد يوم التاسع من نيسان المجيد 2003. ومن يومها بدت علاقتي مع ابرز جريدة الكترونية للنشر على الانترنيت تضعف شيئا فشيئا، وبدأ صاحبنا الذي وصمني بـ " الشعوبية " يضايقني ما أمكن بغية الامتناع عن النشر في تلك الجريدة فهو المحرر الثقافي فيها حتى تركت النشر فيها غير آسفا وليومنا هذا.

وما أريد أن أقوله أن لا يؤدي البغض والحسد للتشنيع على شاعر مجيد كسعدي يوسف، وان يستغل البعض هناته وما أكثر هنات الشعراء، فذاك أبو محسد المتنبي وهو إمام’ شعراء العرب تراه ساعة يمدح بكافور الاخشيدي، وأخرى يشتمه ويوصفه بأشنع الأوصاف، وآخرين غيره ركبوا مركبا صعبا. لكن أن يتم التشنيع والهجوم على شاعر ظل حتى سقوط هبل العرب نقي اليد والسريرة، ومناضلا وفيا لشعبه فتلك فرية كبرى.

لكني مع ذلك أتمنى ومن كل قلبي على شاعرنا الرائع سعدي يوسف أن يعي أخطائه الأخيرة التي جرته بفعل عوامل عدة أولها الاحتلال لعراقنا الحبيب وما جره ذلك الاحتلال من اختلال في موازين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وشيوع ظاهرة الإرهاب، وبروز الميليشيات الطائفية على الساحة العراقية كنتيجة حتمية لسياسة المحتل الأمريكي الذي خطط متعمدا لشيوع تخريب العراق من كل النواحي عن طريق المحاصصة القومية والطائفية التي أرست لتناحر بين النسيج العراقي الذي كان مهيئا أساسا لهذا الشكل من التناحر كنتيجة حتمية بعد حكم دكتاتوري فاشي خرب فيه ذمم وأخلاق الكثير من العراقيين واضر بنسيجه المتماسك، أن يعي تماما خطورة هذه المرحلة الشديدة التعقيد والتي تتطلب تظافر جهود كل الخيرين من اجل العراق الحبيب بعيدا عما يشكله بعض العروبيين من وسائل الفرقة والتناحر وهم يضربون على وتر الاحتلال الذي نبغضه جميعا.

صراحة نتمنى أن يعود لنا طائرنا المغرد ويحط على أيكة العراق ويعود طاهرا نقيا لصفوف الحزب الشيوعي الذي نشأ وتربى في أحضانه، ليشنف آذان الجميع بأنغامه الشجية بعيدا عن ترهات جريدة المرتزق عبد الباري عطوان، وحقد وطائفية البعض ممن غرز بعض النفس الطائفي في دواخله، لكي تزهو البصرة والعراق بشعرائها العمالقة بعد ذهاب عصر الفاشية وانهزام أصوات منكرة وممجوجة كأحد شعراء السلطة محمد راضي جعفر المدير السابق لما يسمى بدار الثقافة الجماهيرية البعثية في البصرة، وأخيه عبد الكريم راضي جعفر، وشاعر البعث المهزوم كاظم نعمة التميمي.

هامش رقم صفر :-- جرو من جراء البعث ليس كباقي الجراء العادية خصصت له مساحة مدفوعة الأجر في جريدة إيلاف الالكترونية، والموقع " الوطني " كتابات لكي يبث فيه سمومه ضد الإخوة الكورد وشيعة علي. وقد تجرأ ذلك الجرو في احد المرات وتطاول بكل دناءة وصفاقة على نخلة العراق السامقة الجواهري الكبير، وكنت له يومها بالمرصاد حينما تناولته بنعال أبو تحسين، وها هو يتجرأ هذه المرة بعد أن رأى إن هناك ضوءا اخضر من البعض فتجرأ على سعدي يوسف عندما نفث سمومه العفلقية على مستنقع كتابات. لذلك تطلب أن نرفع من جديد نعال أبو تحسين ونعيد إسكات ذلك الجرو، انه جرو البعث الأجرب " خضير طاهر ".

 

آخر المطاف :

 

 في زمن المنشورات السرية

 في مدن الثورات المغدورة

 في أعمدة الصحف الصفراء

 يبيع الجزارون لحوم الشعراء المنفيين

 العرافة قالت هذا زمن سقطت فيه الكتب المشبوهة

 والفلسفة الجوفاء

 " عن موت طائر البحر – عبد الوهاب البياتي – "

 

 * شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com