|
يوم الطفل العالمي ودور رابطة المرأة العراقية خانم زهدي لقد تركت الحرب العالمية الثانية ملايين من الأطفال بين مشردين ويتامي ومعوقين بالأضافة الى ترك أعداد كبيرة من الأطفال الذين عاشوا حياة المعتقلات النازية بعيدين عن أهاليهم وعوائلهم وأوطانهم بعد هجرتهم منها مكرهين ,لقد كان هذا الوضع المأساوي الأثر الكبير في خلق حركة مناهضة للحروب والنزاعات المسلحة المختلفة إذ بادر مكتب الأتحاد النسائي الديمقراطي العالمي ( أندع ) الى عقد اجتماع في موسكو عام 1949 لدراسة موضوع يوم خاص للأطفال في العالم للأهتمام بالطفولة وحياتها في نواحيها المختلفة . في عام 1950 أقر مجلس أندع في اجتماعه في هلسنكي يوم الأول من حزيران من كل عام يوما عالميا للطفولة , تقام النشاطات المختلفة من أجل سعادة الطفل من خلال اللعب والمهرجانات والهدايا والنضال من أجل حقوقه كأنسان وليشعر الأطفال بالحب والحماية والأهتمام . لقد أقرّ هذا اليوم بشكله النهائي كيوم عالمي للطفولة في مؤتمر نسائي برعاية أندع في فيينا عام 1952 يوما ليس لأظهار البهجة والمحبة بل وتشديد النضال من قبل الأمهات والنساء وكل محبّي الأطفال لحمايتهم من الحروب والأسلحة الذرية وتأمين حياة أفضل , سعيدة وآمنة . لقد سبق تحرك الأتحاد النسائي العالمي أهتماما من قبل عصبة الأمم (الأمم المتحدة اليوم ) بالطفولة منذ عام 1924 حيث أقر إعلان حقوق الطفولة الأول إلاّأنّ اللائحة لم تر نور التنفيذ , وفي عام 1959 أي بعد مضي خمسة وثلاثين عاما على اللائحة الأولى أعلنت لائحة حقوق الطفل الثانية ثم جاء إعلان عام 1979 عاما للطفولة ولم يتم إقرار اتفاقية حقوق الطفل إلاّ في 20 / 11 1989 ولم تدخل حيز التنفيذ إلاّفي 29 /30 -9 -1990 وقد كان النظام الدكتاتوري قد أعلن موافقته على الألتزام بالأتفاقية , ولكنه في الواقع انتهك 25 مادة وديباجتها انتهاكا سافرا , وقد أرسلت لجنة المتابعة في الأمم المتحدة تحفظا للنظام البائد لعدم التزامه بالتنفيذ قانونيا . هذه كانت مقدمة لما مرت به لائحة حقوق الطفل لكن ! ما دور الحركة النسائية العراقية في مسيرة الأول من حزيران في مختلف اتلظروف التي مرت بها ؟ إنّ الحركة النسائية العراقية المتمثلة برابطة المرأة العراقية قد تعرفت على هذه المناسبة منذ تأسيسها عام 1952 وبدأت الأحتفال به عام 1954 وبعد أن أصبحت عضو في أندع وفي ظروف سرية غاية في الصعوبة وفي ظل استعداد الدوائر الأمبريالية والسلطة الرجعية لربط العراق بحلف بغداد العسكري العدواني . لقد عاش الأطفال العراقيون حياة صعبة ومؤلمة مشاركين عوائلهم المعاناة والمآسي والآلام من جوع ومرض وجهل واضطهاد وشاركوا أمهاتهم السجون فمنهم من ولد وترعرع في السجن لم يعرف شيئا عن خارج أسوار السجون والزنازين لم يتعرفوا سوى على القطط التي كانت تملأ السجون وتقاسم السجينات والسجناء حياتهم . كما كان للأطفال نصيب من القتل والتعذيب في ظل الأنظمة القمعية التي سيطرت على العراق في 1963 وبعدالهجمة الشرسة على القوى الوطنية والديمقراطية عام 1979 وسيياسة النظام في استخدام الأطفال كوسائل ضغط على الأبوين وعمليات التهجير القسري والأبادة في الأنفال والمقابر الجماعية . على الرغم من الصعوبات التي واجهت رابطة المرأة العراقية الاّ أنها لم تتوان عن نضالها من أجل طفولة سعيدة متبنية قضية الطفل والمطالبة بحقوقه وحمايته كجزء هام من برنامجها وأهدافها كما احتفلت معهم بيومهم لأدخال البهجة والسرور الى قلوبهم واشتركت في المؤتمرات العالمية في أواسط الخمسينات في لوزان / سويسرا لحماية الطفولة وكذلك في مؤتمر موسكو للسلام والطفولة كما ساهمت في نشاطات عام الطفل 1979 رغم ظروف العمل السري وصعوبة الأوضاع حيث كانت الملاحقات والمداهمات للعاملات والعاملين في المنظمات الديمقراطية المحظورة آنذاك من قبل االنظام . وفي فترات الأنفراج السياسي التي هي قصيرة جدا خاصة بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 عملت الرابطة جاهدة لتحقيق المكاسب لأطفال العراق كافتتاح المستشفيات والمدارس وتحسين أوضاعها والعناية بصحة الأطفال كما أقامت احتفالات ضخمة ومسيرات بالنمناسبة . في خضم النزاعات والأوضاع الأستثنائية والحروب التي خاضها النظام والحصار االذي فرض بسبب السياسة الرعناء للدكتاتور , كان التأثير مأساويا على الطفولة البريئة وأخذ الأهتمام بالتسلح على حساب الحقوق المشروعة للطفل في التعليم والغذاء الجيد والمسكن المريح وضاعت كل المكاسب التي تحققت بفضل نضا ل كل القوى الخيرة بما فيها رابطة المرأة العراقية .باختصار لقد انتهكت لائحة حقوق الطفل تحت مسمع ومرأى الأمم المتحدة . بعد سقوط النظام وفي ظل الأحتلال وغياب السلطة والقانون وسيادة الفوضى وفقدان الأمن والأستقرار السياسي وتصاعد الأرهاب والجرائم والتفجيرات وسيادة الطائفية وضياع الهوية الوطنية فالطفل هو الضحية الأسهل في مثل هكذا ظروف ستنتهك حقوق الأنسان وحقوق الطفل هي جزء منه !ففي مثل هذه الأجواء من الحرمان والخوف لايمكن أن تراعى حقوق وطكيف سيحتفل أطفالنا وهم محرومون من أبسط مستلزمات الحياة وهو الشعور بالطمأنينة . لكي تزدهر الطفولة وتنشأ عفية سليمة ينبغي أولا وقبل كل شيء أن يستتب الأمن ويقر الدستور بالمواثيق الدولية ويلتزم بتنفيذها وفي مقدمتها لائحة حقوق الأنسان وحماية الطفولة كجزء هام من فقراتها . إن إعادة بناء المجتمع العراقي يحتم القضاء على الأرهاب وسيادة دولة القانون وإعادة بناء ماهدمته الحروب , والأهتمام بالمؤسسات التربوية والعناية بالصحة , وتحتم مساهمة المرأة في عمليات تطور العراق السياسية والأقتصادية والأجتماعية في ظل تطبيق الديمقراطية لينعم الأطفال بالتنشئة الطبيعية والمستقبل المضمون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |