رائد الخط العربي .. كردي قتيل

 حمزة مصطفى

اصدر الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية بيانا ادان فيه بشدة قيام مجموعة ارهابية باغتيال رائد الخط والفن العربي والعراقي خليل الزهاوي . واعتبر الحلي وهو ايضا مسؤول الملف العراقي في الجامعة ان هذا العمل يمس مباشرة الثقافة العربية وفن الخط العربي من خلال استهداف رموزه الثقافية في العراق والذي كان خليل الزهاوي من روادها . بداية لابد من القول ان قيام الجامعة العربية باصدار بيان ادانة لحادث من هذا النوع انما هو التفاتة ذكية. لان دور الجامعة ينبغي ان يتخطى الحدود السياسية التي  كانت ــ منذ انشاء الجامعة عام 1945 وقبلها ــ وحتى لحظة اصدار بيان نعي الزهاوي  عامل فرقة للعرب . بينما يمكن ان تكون الثقافة والفن وكل اشكال التعبير والوعي الجمعي عامل توحيد بشكل من الاشكال . ومن المفيد هنا تثبيت حقيقة اساسية وهي ان الامين العام المساعد لم يلتفت في بيان ادانته لحادث اغتيال رائد الخط العربي الى هوية الشهيد الزهاوي او جنسيته او طائفته او عرقه .فهو ربما لم يعرف ان الشهيد الزهاوي هو كردي , وانه كان يمكن ان ينتقل مع عائلته الى اقليم كردستان في ظل الاوضاع الامنية المتدهورة في بغداد برغم خطط فرض القانون التي بلغت حتى الان ثلاث خطط بينما لم تتمكن من الحفاظ على حياة فنان بمستوى الزهاوي ومئات غيره من الاكاديميين والعلماء والفنانيين والادباء والصحفيين فضلا طبعا عن عشرات الالاف من المواطنين الاخرين . غير ان الرجل ظل يعتقد حتى لحظة اغتياله انه يحمل رسالة تتخطى الحدود العرقية والطائفية والهويات القومية والمذهبية . ويبدو انه ظل يعتقد ــ وللاسف كان في غاية الوهم هنا ــ ان لا احد يمكن ان يضعه في دائرة القتل لانه وهو الكردي الاصل اصبح رائدا للخط العربي ومن ابرز رموزه في هذا العصر . وانه السني المذهب ظل يعيش حتى لحظة مقتله في حي ذي اغلبية شيعية . لان الزهاوي لم يصنف نفسه كاي فنان صاحب رسالة على اساس الاعراق والمذاهب والاديان والطوائف . وعليه فان الزهاوي مثله مثل الزهاوي الشاعر لم يكن سوى شاعر عراقي دخل منظومة العصر في اوائل القرن الماضي من بوابة الثورة على التقاليد البالية والدعوة الى التحرر والتقدم والعلم . لكن لم يكن الزهاوي لا جميل صدقي الشاعر ولاخليل الفنان بعيدان عن اصلهما وفصلهما الكردي . فهما وسواهما من فطاحل الادب والفن والتراث والعلم والمعرفة ممن خدم الادب والثقافة والحضارة العربية والاسلامية يعتزون باصولهم الكردية لكنهم يعتزون بدورهم التنويري الرائد . وعليه فان ماقدمه خليل الزهاوي للخط العربي سيظل مصدر فخر له ولعائلته ولقوميته الكردية الاصلية التي يعلمنا ابناءها اصول خطنا العربي ويتكلمون في كثير من الاحيان لغتنا افضل واكفأ منا .. مع ذلك فان المكافأة التي نالها الزهاوي على يد هؤلاء هي القتل وبالتاكيد فانهم قتلوه باسم دين او مذهب دون ان يعرفوا انهم ارتكبوا اشنع فعلة بحق ما يدعون الانتساب اليه من دين اومذهب . وعليهم اعادة قراءة بيان الادانة الصادر عن الجامعة العربية ليدركوا حجم الخسارة التي منيت بها الثقافة العربية والتي كان احد حماتها مواطن كردي كان جزاؤه القتل على ايدينا . ولا ادري هنا لماذا تذكرت مستوى اخر من جزاء سنمار ذلك الذي حصل عليه ابو مسلم الخرساني الذي اسقط الامبراطورية الاموية وسلم السلطة للعباسيين ومع ذلك كان جزاؤه القتل على يد ابي جعفر المنصور ... ولمن لايعرف فان ابا مسلم الخراساني كان كرديا هو لااخر .ليس هذا فقط , فان هناك من يرى ان الغرب الذي وسبق ان وعد الكرد باقامة دولتهم المستقلة في كل كردستان طبقا لمعاهدة ( سيفر ) فانه عاد ونكث عن وعوده بعد تطبيق معاهدة ( لوزان ) انتقاما من صلاح الدين الايوبي الكردي الذي كان اول من طرد الصليبيين من القدس حتى ان القائد الفرنسي ( غورو )  فان اول شئ عمله لدى دخوله دمشق بعد احتلال فرنسا لسوريا هي زيارته قبر صلاح الدين حيث وقف على راسه قائلا ( ها قد عدنا ياصلاح الدين ) .. ولا اعرف بماذا خاطب قتلة خليل الزهاوي الزهاوي لحظة الاجهاز عليه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com