لقد لفق أيتام صدام وعفلق خلال نصف قرن تاريخ حركة 14تموز 1958م،بحق قائدها
الفريق الركن عبد الكريم قاسم، بدء بمقارنتها الظالمة بنكبة العراق في
8شباط 1963م، على النحو التالي: فكلاهما عمل عسكري، مع الفارق إن الذي قاد
العمل العسكري ضد الحكم الملكي هو العقيد الركن عبد السلام محمد عارف وأذاع
بيان الثورة بصوته، وكان الزعيم عبد الكريم قاسم ما يزال في معسكر منصورية
الجبل في بعقوبة بإنتظار نجاح الثورة أو فشلها. أما في (ثورة) 14 رمضان فأن
العمل العسكري قد نفذه ضباط حزب البعث العربي الاشتراكي الذين في الخدمة أو
الضباط الإحتياط أو الضباط الذين أحالهم قاسم الى التقاعد. وأرسل الحزب
المهندس السيد عدنان القصاب الى دار العقيد الركن المتقاعد عبد السلام محمد
عارف لجلبه من داره وكان يسمع في حينه بيان الثورة من المذياع، وعندما
أوصله السيد القصاب استفسر عارف : هل أرتدي بدلة عسكرية أم مدنية؟
فقال له : بكيفك. فغادرا الدار بسيارة السيد القصاب بإتجاه كتيبة الدبابات
الرابعة في أبو غريب التي كانت بإمرة العقيد الركن خالد مكي الهاشمي أحد
الضباط الأحرار لثورة 14 تموز وأحد أعضاء المكتب العسكري لحزب البعث العربي
الاشتراكي، وكان عارف يرتدي الملابس المدنية، ومن هناك تحرك الثوار نحو مقر
مجلس قيادة الثورة المؤقت في دار الإذاعة العراقية في الصالحية.
ولا أدري ماهو مقياس الوطنية على مقاس حكومة قاسم عن غيرها! هل لأن حكم
قاسم فردي عسكري إنعزالي!؟ أم لأن حكومة شباط فيها مجلس وطني لقيادة الثورة
ولو كان فيها (قائد عسكري أوحد..) ما حصل الذي حصل بعد (9) أشهر..
ب – تقول إن عدة دول نال الإنقلاب عطفها.. ومنها (تل أبيب).
وأقول :
هل جرى تبادل التهاني بمناسبة الثورة بين قادة الثورة وحكام تل أبيب؟ أم
على أي شيء بنيت ذلك القول!؟.. ثم ألم يقم السفير البريطاني بمقابلة الزعيم
عبد الكريم في مقره بوزارة الدفاع في نفس يوم الثورة وبعد أن حصل على وعد
بإستمرار ضخ النفط، نال الإنقلاب العسكري عطف الجميع.. وللعلم فإن التآمر
بدأ على ثورة رمضان منذ تاريخ 17 نيسان يوم توقيع ميثاق الوحدة الثلاثية
بين مصر وسورية والعراق وبعد (9) أشهر من قيام الثورة أودع ضباط البعث
السجن نتيجة إنقلاب قاده عارف (قائد الثورات الثلاث) حسب ما يكني نفسه..
الذي جلبه البعث رئيساً للعراق!.
ج – تقول عن (ثورة) 8 شباط 1963 (معسكر من الضباط المتقاعدين والفاشلين في
الخدمة العسكرية لم يسجل الانقلاب لأي وحد منهم سجلاً عسكرياً حافلاً كسجل
ضحيتهم!).
أقول :
(ثورة رمضان نفذها ضباط في الخدمة الفعلية، منهم من تحرك من كتيبة الدبابات
الرابعة في أبو غريب وقسم آخر تحرك من معسكر الرشيد وقسم انطلق من الورار
في الأنبار وقسم من ضباط القوة الجوية في الحبانية وكركوك، إضافة الى بعض
الضباط الإحتياط، واشترك في تنفيذ الثورة ضباط متقاعدون كما ذكرت ولكنهم
ليس بالوصف الذي ذكرت، بل احيلوا على التقاعد من قبل رئيس الوزراء عبد
الكريم كونهم من المعارضة القومية والبعثيين , وجلهم ممن حارب في فلسطين
مثل قاسم وهم من الضباط الأحرار لثورة تموز مع الفارق ان غيرهم قد سرق
الثورة وأزاح منفذها ورفاقه وصار صاحبنا يطرب لمقولة (الزعيم الأوحد) و(عاش
زعيمي عبد الكريمي حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي) الخ من هتافات الغوغاء
من أنصار اللاسلام من الذين تركوا بناء الوطن وراحوا يهتفون (إعدم إعدم
لاتقول ماعندي وقت إعدم) وأعود وأقول : بأي شئ (الضحية) متميز عنهم!؟.
هل ينكر إن الضباط (أحمد حسن بكر، عبد السلام محمد عارف، طاهر يحيى، محمود
شيت خطاب، عبد الستار عبد اللطيف، صالح مهدي عماش، عبد الكريم مصطفى نصرت،
رشيد مصلح، عبد الهادي الراوي، عبد الغني الراوي، خالد مكي الهاشمي، طه
الشكرجي، صبحي عبد الحميد، حردان عبد الغفار التكريتي، عبد الكريم فرحان،
عارف عبد الرزاق و عبد الرحمن عارف...) ليسوا من الضباط الاحرار؟! وأي سجل
حافل !؟.. فكل ضباط الجيش العراقي هم ضباط شرفاء لايمكن نزع صفة الوطنية عن
أحد منهم ابتداءً من (أبو) الجيش ومؤسسه المرحوم جعفر العسكري وحتى الفريق
الركن هشام صباح الفخري وانتهاءً بآخر ضابط شطب اسمه (الرئيس الأميركي
للعراق بريمير باشا) يوم حل الجيش العراقي كله اكراماً للصهيونية
والإنعزاليين الكرد من الحزبين الإنفصاليين والايرانيين والكويتيين
والكذابين أمثال الجلبي والإنبطاحيين من أشباه الصحفيين والكتاب
والروزخونية الذين تحولوا الى (طير مندو). أما ذكرك أسماء الطيارين (منذر
وواثق وفهد) أقول يكفيهم شرفاً أنهم لم يؤدوا التحية لقائد محتل أمريكي كما
يحصل اليوم. وأخيراً أود التذكير بأن العديد من المواطنين قد ساندوا
(الثورة) منذ اليوم الأول ولذلك تأسس الحرس القومي من كافة الفئات الوطنية
ودخل الجهاز بعد ذلك من دخل فتم نخره من الداخل.
د- وجدت السجل العسكري (للضحية) قاسم وللتذكير فأن سجله كما ذكر صديقه
المرحوم عبد الكريم الجدة في كتابه (ثورة الزعيم الأوحد) خلاصته ما يلي :
أولاً : أشترك قاسم بحركات الفرات الأولى من يوم 11 مايس 1935 الى 29 تموز
من السنة نفسها وكان منتسباً آنذاك الى الفوج الثالث، أي انه شارك في قمع
(إنتفاضة) الناس في الجنوب كما تسمى اليوم.
ثانياً : اشترك مع القيادة الغربية في حركات ثورة مايس 1941 إعتباراً من
تاريخ اليوم الثاني لغاية اليوم الثلاثين من الشهر المذكور، وهو في كل
خطاباته لم يتطرق الى هذا الموقف الوطني لكنه بالمقابل مجد إنقلاب بكر صدقي
ورد الإعتبار له!؟.. ولاندري هل لمقتل قريبه محمد علي جواد قائد القوة
الجوية الفتية علاقة بالموضوع؟!.. أم لإعتبارات أخرى!؟.
ثالثاً : بتاريخ 3 أيلول 1945 اشترك في حركات برزان الثالثة لغاية 20 تشرين
الأول من السنة ذاتها وكان بمنصب مقدم لواء المشاة الثالث.
رابعاً : إشترك في حركات حرب فلسطين من 5 مايس 1948 الى 11 حزيران 1949.
خامساً : اشترك بمنصب معاون مدير الإدارة للقوات العراقية الموفدة لشرق
الأردن ثم اسندت اليه قيادة الفوج الاول لواء الاول والفوج الثاني لواء
الاول.
سادساً : شارك في صد فيضان دجلة سنة 1945.
سابعاً : اصبح مرافقاً لرئيس الوزراء الراحل نوري سعيد.
ثامناً : شغل منصب آمر اللواء التاسع عشر التابع للفرقة الثالثة في منصورية
الجبل.
وتعليقي على السجل اإأعلاه الآتي :
هل سيتم التحقيق ومحاكمة وادانة الزعيم عبد الكريم قاسم كونه شارك في قتال
المتمردين البرزانيين الكرد في شمال الوطن عام 1945ومنذ عام 1961 حتى 8
شباط 1963.. كما يحصل اليوم لقادة الجيش العراقي الذين تصدوا للغزو
الإيراني لشمال القطر وللمتمردين الذين عاونوهم في قتال جيش بلدهم؟!.
كل الضباط الفاشلين شاركوا في حرب فلسطين مثله وشاركوا في (قتال) فيضان نهر
دجله ولكن النهر كان أقوى من امكانياتهم فغرقت بغداد. وعار على الزعيم
قيامه بإعدام مؤسس أول خلية للضباط الأحرارالعقيد رفعت الحاج سري الذي أسس
الخلية الأولى في فلسطين عام 1949 ووافق على انتساب الزعيم لحركة الضباط
الأحرار عام 1954 حسب ماورد في كتاب الزعيم اسماعيل العارف وزير المعارف
وهو الذي كسبه للحركة وعرفه بقائدها الشهيد رفعت الحاج سري.
ما هذا السجل الخالد لدوره في قمع (ثورات) شيوخ العشائر في الجنوب.
حركات الجيش العربي في فلسطين والتي ضمت بعض (الجيوش) العربية تقاس
بالنتائج، وهي ضياع فلسطين، وقيام دولة العدو الصهيوني، ولاننسى ان القائد
العسكري للجيوش العربية في حينها كان (كلوب باشا) الإنكليزي أما القائد
العام فهو أمير إمارة شرق الأردن عبد الله بن الحسين، الذي اغتيل في المسجد
الاقصى في القدس عام 1951 رداً على خيانات الحكام العرب، (يرجى الرجوع الى
كتاب محمد حسنين هيكل المفاوضات السرية بين العرب وأسرائيل) للإطلاع على
مافيه من وثائق و(بلاوي) ومن نتائج الهزيمة في فلسطين، سقطت حكومة دمشق
بإنقلاب قاده قائد الجيش الزعيم الكردي حسني الزعيم عام 1949 واغتيل الأمير
عبدالله كما ورد أعلاه وفي مصر قامت ثورة 23 تموز 1952 ولم تنفذ الثورة في
العراق إلا عام 1958. عليه فأن موضوع البطولات والعنتريات لبعض الاسماء من
الضباط العراقيين وغيرهم من العرب محكومة بما كان مرسوماً لتلك الجيوش
فالمهم كان القرار ان تعلن دولة العدو الصهيوني في نصف فلسطين ويتم
الإعتراف بها من قبل الدول الكبرى وغيرها اما النصف الآخر من فلسطين فمتفق
على تقاسمه، الضفة الغربية تندمج مع امارة شرق الأردن لتسمى (المملكة
الأردنية الهاشمية) وهذا ما تم فعلا، اما غزة فتم إلحاقها بمصر فاروق.
ه - : في يومي 8و9 شباط سحق حزب قومي حزباً يسارياً متطرفاً بلا رحمة أو
معنى وأقول :
ارجع الى كوادر الحزب الشيوعي الأحياء والى الوثائق ستجد ان قيادة الحزب
الشيوعي العراقي قد اتخذت موقفاً معادياً (للثورة) منذ الساعات الأولى ففي
صباح الجمعة 8 شباط طبع حسين الرضوي (سلام أحمد) سكرتير اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي بياناً كتب بخط اليد وتم توزيعه على عجل عنوانه (الى
السلاح..)، يدعو فيه أعضاء الحزب وأنصاره لحمل السلاح والتصدي للحركة
الإنقلابية!؟.. وتم ذلك فعلاً فحصل التمرد قرب وزارة الفاع في منطقة الباب
المعظم وفي بعض مناطق شارع الكفاح والشواكة والكاظمية، وبما ان الثورة كانت
ضد نظام عبد الكريم قاسم فقد وجدت لها عدواً نائماً هاج من قمقمه.. وعلى
الباغي تدور الدوائر، وهل ننسى بأننا عرب ولاننسى ثأرنا حتى لو بعد (40)
سنة وما بالك بالحزب الشيوعي الذي سحل الناس في الشوارع وساهم في صنع أول
مقابر جماعية في تاريخ العراق وساهم في التحقيق والتعذيب في محكمة المهداوي
وغيرها وما زالت تعليقات واشعار وهتافات عناصره في محكمة المهداوي ترن في
الأذان رغم تقادم السنين، وعندما حصل التصدي و التمرد الشيوعي ماذا توقع أن
يكون الرد؟! سحق بلامعنى! ترى تعتيم على الحقائق أم إنها فرصة بعد ذهاب
سلطة البعث لتزويرالحقائق؟! ولماذا جلس الشيوعيون مع البعثيين الأخوة
الأعداء سنة 1973 وهل ذكر إعترافات قادة الحزب الشيوعي في التلفزيون عام
1963 وأعترافات (الثعلب التنظيمي) للحزب الشيوعي العراقي (عزيز الحاج)؟!..
وقادة تظيم القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي سنة 1969؟!.. هل نسى
قطار السلام المتوجه الى الموصل عام 1959 وماذا فعلت فرق الموت الشيوعية هل
نسيت محكمة حسن الركاع في المسيب ومحكمة الشيوعي عبد الرحمن القصاب في
الموصل ومحكمة المهداوي وغيرها، وأخيرا هذا الحزب اليساري الذي كان يرفع
شعار بروليتاريا العمال صارت قياداته تؤدي التحية للسيد المحتل (بريمر)
وصار السيد حميد موسى زعيم الحزب الشيوعي يستلم راتبه من ممثل الإمبريالية
الأميركية.. عندما كان عضوا في مجلس اللطم سئ الصيت، يقول بريمير في كتابه
(عام قضيته في العراق) إن أعضاء ذلك المجلس الذي شكله : كانوا ال (25) نفر
مختلفين في كل شئ إلا على رواتبهم!!.
و – تقول : في 8 شباط استخدم الإنقلابيون لأول مرة بعد انقلاب بكر صدقي في
عام 1936 الطيران لتدمير قدرات رئيس الدولة، وبدلاً من ان يتوجه منذر
الونداوي وواثق عبد الله رمضان وفهد السعدون بطائراتهم الى تل ابيب آنذاك
قاموا بكل (جدارة) و (شجاعة) و (بهلوانية) بضرب مقر وزارة الدفاع وهاجموا
عبد الكريم قاسم.
وأقول :
أولاً إن الزعيم لم يكن رئيس دولة وإنما كان رئيس وزراء وما مجلس السيادة
إلا دمية بيديه مع كامل احترامي لعناوينه، أما مسألة الذهاب الى تل ابيب..
لا أدري هل الهرب على طريقة الخائن منير روفا(ت1998م)؟! أم القتال ضد العدو
الصهيوني؟! فإذا الأخيرة أقول العتب والعيب ليس في هؤلاء الضباط بل العتب
على القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء وزير الدفاع الزعيم الأوحد
عبد الكريم قاسم الذي كان (يخرج) خارطة فلسطين من الخزانة القريبة منه، لكل
وفد يلتقيه ويتحدث معه عن قرب تحرير فلسطين على طريقة الفترة الانتقالية
التي دامت من اول يوم أستلامه السلطة حتى مصرعه. ولو انه اصدر امراً لأولئك
الضباط بدك معاقل العدو الصهيوني لما ترددوا هم وغيرهم.. وحتى قائد القوة
الجوية الشيوعي الطيار جلال الأوقاتي لو كلف بهذا الواجب المشرف فإنه لن
يتردد.
ثانياً قول: استخدم الطيران للمرة الثانية بعد الأولى التي نفذها بكر صدقي.
أقول :
لاننسى ولانتلاعب بالتاريخ فقد استخدم قاسم سلاح الطيران لأكثر من مرة فقد
استخدمه في المرة الأولى عندما ارسل قاسم طائراته لقمع ثورة العقيد الركن
عبد الوهاب الشواف في الموصل عام 1959 وللتذكير:
صباح 9 آذار 1959 قامت أربع طائرات من السرب الخامس في معسكر الرشيد بقصف
اللواء الخامس بالموصل حيث مقر العقيد الركن عبد الوهاب الشواف، حسب الأمر
الأنذاري الصادر من قيادة القوة الجوية وبأمر من رئيس الوزراء عبد الكريم
قاسم، وقد قاد الطائرات الأربع كل من : الرئيس الطيار يونس محمد صالح
الدباغ والرئيس الطيار خالد جرجيس سارة (آمر السرب) والملازم الطيار صباح
نوري والملازم الطيار مصطفى أحمد، ونتيجة القصف الجوي أصيب الشواف بجروح
وبعد نقله الى المستشفى قام بإطلاق النار على نفسه.
وقد استخدم قاسم سلاح الطيران للمرة الثانية لضرب المتمردين الأكراد منذ
عام 1961 يوم اعلن ملا مصطفى بارزاني تمرده ضد السلطة التي رحبت به بعد
ثورة تموز واسكنته في دار نوري سعيد ببغداد.
ومع ذلك أقول إن أي إنقلاب عسكري ضد أي سلطة داخلية عندما يتم الإحتكام فيه
للسلاح، فلا فرق بين استخدام الدبابة أو الطائرة أو الموت خنقاً أو بإبرة و
تسفيراً كما حصل للملك فاروق او الفريق عبد الرحمن محمد عارف او شاه ايران
او أمير قطر او الملك سعود او الشيخ شخبوط..أو ان أيعمل إنسانا إنقلاباً
على نفسه عندما يكون رئيساً بالوكالة على طريقة عارف عبد الرزاق الذي قاد
انقلاب ضد عبد السلام عارف وآخر ضد عبد الرحمن عارف وفي الحالتين تنزع منه
رتبته ويهرب الى القاهرة.
ز – قول : في يومي 8 و 9 شباط قاتل العقيد عبد الكريم الجدة قتالاً لا مثيل
له منذ إستشهاده.. ربط الرجل ركبته بحبل متين واحتضن رشاشه وراح يقاتل
دبابات الانقلابيين.
أقول: نعم قاتل العقيد عبد الكريم الجدة (آمر الإنضباط العسكري) يوم 14
رمضان ولم يهرب وقبل ان استمر في الحديث عن الجدة، قول: قول : (قاتل قتالاً
لامثيل له منذ إستشهاده) وأقول ان من يقاتل الأميركان وعملائهم اليوم في
العراق سواء كان عسكري أم مدني لهو قتال مشرف وعظيم وقتال من أجل قضية ما
بعدها قضية، لم يقدم عليه أحد سوى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم
يقاتلون أقوى محتل في العالم جلب العملاء معه على أسرجة دباباته مع بقية
الأمتعة والبساطيل.. أما قول (لامثيل له) فأقول : هل كنا قريباً منه؟!
فالزعيم كذلك صمد في بناية الدفاع حتى سلم نفسه في اليوم التالي، ثم ان
الجدة قتل بفعل قصف الطائرات قرب نافورة الماء.. نعم ولم يهرب.. ومع ذلك هل
العسكري يقاتل الدبابة برشاشة نوع (سترلنغ) وبمسدس أبو البكرة ذي ال (6)
طلقات!؟ عرف من خلال كتابات ومقابلات، ابتعاد عن المبالغات وقصص العجائز
وحكايات الزير سالم.. ان الجدة قاتل كعسكري وكرجل دفاعاً عن موقعه وعن
زعيمه وعن نظامه نتفق معك بنعم.. إضافة الى ان الجدة كان يأمل مثل زعيمه
بقدوم المدد من معسكر الرشيد ومن لواء قاسم التاسع عشر تحديداً ومن أسراب
الطيران في قاعدة الرشيد الجوية وغيرها، خاصة وأن الزعيم قد أجرى عدة
اتصالات هاتفية ولم تفلح وأرسل الجدة الملازم كنعان حداد الى معسكر الرشيد
ولم يستطع الدخول وسجل الزعيم خطاباً بصوته وأرسله الى الاذاعة لغرض بثه
ولم يتم ذلك وذهب المرافق وصفي طاهر الى مدينة الثورة لجلب الحشود لكنهم
امام اول صلية رشاش كانوا في حالة هروب نحو مدينتهم.. وهم الذين هتفوا بعد
سنوات : (بأسم صدام سمينا مدينتنا..).
في كل العالم معروف دور آمر الإنضباط العسكري ومعروف واجب مديريته ومن ذلك
ملاحقة الجنود (الفرارية) والمشاركة في مراسم دفن القادة والإحتفالات..
الخ.. أما الزعيم فقد حول دائرة الإنضباط الى دائرة أمنية مرعبة فهي تمارس
الإعتقال والتعذيب والإشراف على سجن رقم (1) الرهيب في معسكر الرشيد وغيره
في محافظات القطر.. وهل لديك معرفة بعدد الضباط الذين نفذوا ثورة تموز وقد
اودعهم قاسم سجون الإنضباط؟ وكذلك اعداد السياسيين سواء كانوا بعثيين او
قوميين او مستقلين ومنهم عميد كلية الحقوق الأستاذ المرحوم عبد الرحمن
البزاز والطالبة الجامعية السيدة يسرى سعيد ثابت.. ومنفذ الثورة الأولى عبد
السلام عارف وغيرهم..
وهل ذكر قدوم أحمد بن بلا عام 1960 في أول زيارة له للعراق وكيف ان البعث
والقوى القومية الأخرى قد نزلوا بقوة الى الشارع للمشاركة في مسيرة
الاستقبال لهذا المناضل والمجاهد العربي الجزائري.. فكان حشدهم قد بدأ من
باب مطار بغداد (موقع مطار المثنى السابق) حيث التجمع النسوي البعثي مروراً
بتقاطع دمشق الحالي وكان من بين اللافتات التي رفعتها النسوة لافتة كبيرة
تحمل شعار الحزب (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) فقدم الجدة وحاشيته
وحاول تمزيق اللافتة إلا إن النسوة تصدين له ودفعنه ومن معه بعيداً..
وعندما سمع بن بيلا الهتافات وشاهد اللافتات استفسر من قاسم وقال له لماذا
لايستلم هذا الحزب السلطة؟!.
لو عدنا الى كتاب (أسرار ثورة 14 تموز) لمؤلفه صديق الزعيم وصديق الجدة
الزعيم اسماعيل العارف لوجدته يذكر الساعات الأخيرة للجدة وقاسم نقلاً عن
مرافق الزعيم المقدم الركن قاسم الجنابي ومن ذلك ما ورد في الصفحة 414 :
(بعد ان احتلت القوات المهاجمة معظم ابنية وزارة الدفاع، قتل اثناء القصف
الجوي مرافقه العقيد وصفي طاهر وآمر الانضباط الزعيم عبد الكريم الجدة).
ح – ذكرت بعض اعوان قاسم وقلت انهم تخلوا عن زعيمهم وانضموا (للثوار!!)
الجدد.
وللتذكيرنعم هرب البعض بجلده ولكن لم ينضموا كلهم الى معسكر الثوار، فأحمد
صالح العبدي كان مع الزعيم وفي اليوم الثاني سمح له بتركه فخرج من الباب
المطلة على نهر دجلة وسلم نفسه للقوات العسكرية هناك وأودع في المعتقل في
جناح كان يضم المرحوم حامد قاسم الشقيق الأكبر للزعيم، أما الجلاد سعيد مطر
فقد هرب بالعزيزة الى خارج القطر عن طريق ايران لخوفه من الملاحقة كونه احد
اعضاء الهيئة التحقيقية المرتبطة بمحكمة المهداوي، أما ماجد أمين فقد هرب
متنكراً بملابس قروي وهو يجر (حمار) أجلكم الله.. وقد قتل بالنعمانية
بمزرعة تعود الى المرحوم محمود الدرة أحد ضباط ثورة مايس 1941 وكاتب وقارئ
بيان ثورة الشواف سنة 1959 وتم جلب جثمانه ووضع مؤقتاً في حديقة الإذاعة
والتلفزيون. أما السيد قاسم الجنابي الذي سلم نفسه مع الزعيم يوم الجمعة 9
شباط فلم ينفذ به الاعدام لأنه شمل بقرارالعفو الصادر من الحزب وأبلغه بذلك
السيد حازم جواد وأوصى به خيراً المرحوم علي صالح السعدي أمين سر القطر
حينذاك واخرجه المرحوم حردان عبد الغفار التكريتي الى غرفة جانبية.
ط – قول : (والحقيقة أن لا عدي وأباه أو خاله وعمه عثروا على ربع من قيم
المرحوم عبد الكريم الجدة..).
وأقول لكم :
لاأدري ما علاقة من ذكرت بموضوع المرحوم الجدة!؟.. وكيف تحكم ان المرحوم
عدي كان يتهكم عندما ذكر الجدة. فهو لايعرفه ولم يكن مولوداً عندما رحل
الجدة الى جوار ربه.. وان عدي واخوه قصي وأبن اخيه(الشبل) مصطفى قد
استشهدوا برصاص الأميركان في مدينة الموصل.. وقد اطلق بعض الغوغاء الرصاص
فرحاً بذلك.. ومن يقتل برصاص المحتل فهو شهيد عند الله رضي البعض ام لم
يرضى ولم يهربوا مثل غيرهم.. أما والد عدي فهو مدرسة الشرفاء بالقيم
والدفاع عن الارض ولاينكرقيمه إلاالناقص والمرتد والذليل والعميل وإبن
الزنى.. فهل مشهد اغتيال و إعدام رئيس دولة عربي من قبل الأمريكان الذين
سلموه الى الاجلاف الفرس وأبناء اللقطاء الشعوبيين يسر! اًقول بعيداً عن
شرعية المحكمة الأميركية من عدمها ان وقفة الرئيس أمام هول المشنقة ورهبة
الموت موقف يندر ان نجد رجال يقدرون عليه.. وهو وصمة عار للذين رقصوا
وهتفوا وشتموا عند جسده، وليس ذلك بطولة فلولا بوش المتصهين لما وصل هؤلاء
الرعاع وحكامهم الى حذاء الشهيد صدام حسين.. فصدام صاحب القيم ليس مثل
المالكي الذي يقول له بوش بالمؤتمر الصحفي بعمان : انت رجلنا في العراق!!!
وتعال نحسب : أغتيل الرئيس صدام على قضية واحدة وهي قضية الدجيل والإدعاء
بمقتل 148 شخصاً رحمهم الله وهو رئيس دولة وتعرض لمحاولة إغتيال نفذها بعض
عناصر حزب الدعوة والحزب المذكور لاينكر ذلك.. ترى كم شخص قتل في منطقة
الزرقة بالنجف يوم 8 محرم الماضي على أيدي الأميركان وقوات السلطة
والميليشيات تحت غطاء جند السماء؟! وكم عدد الشهداء في العراق منذ الإحتلال
والى اليوم وكم مقبرة جماعية حصلت!؟ ومن نقل القاعدة عبر ايران والإرهابيين
الى العراق!؟ وهل كنا نتحدث سابقاً عن المحاصصات والسنة والشيعة!؟ أما خال
عدي فهو عند الرب الرحيم الذي يحاسب على الصغيرة والكبيرة ولاننسى انه لم
يكن عميلاً للإنكليز والأميركان وقد حارب الإنكليز وكان ابن أحد ضباط ثورة
مايس 1941 وأحد قادة قائمة (الجبهة التعليمية الموحدة) التي كانت تفوز في
انتخابات نقابة المعلمين في زمن قاسم وأعلى منصب اداري وصله في زمن حكم
الحزب هو محافظ بغداد ورئيس مجلس الخدمة.. وهو أكفأ من غيره من الوزراء
السراق الذين نسمع بهم هذه الأيام.. وأشرف منهم لأنه عربي وليس هجين.. ف
(القادة) الحاليين سأختصر تأريخ بعضهم :
أحدهم كان يبيع الكباب عند مرقد السيدة زينب في دمشق وهو (قيادي) اليوم
وعضواً في البرلمان الحالي..، اخر كان يبيع (المحابس) على (جنبر) في سوق
الحميدية وله موقع وكرسي في البرلمان الحالي.. وآخر كان يقوم بتزوير الفيز
بين عمان وألمانيا عضو البرلمان الحالي ومكلف بتكوين لوبي صهيوني من خلال
البرلمان وحزبه الورقي.. وآخر كان يقرأ المقتل الحسيني للنساء ويعمل
(حملدار) للحجاج بين لندن ومكة والرضا ثم صاررئيساً للوزراء ويتحدث عن
الشفافية ومدير عام السياحة الذي كان يصلح (الواتربمات) في أحد زوايا النجف
وكون عمه الأب الروحي لحزب الفضيلة فقد حصل على هذا الموقع! وأحد النواب
الحاليين والوزير والمحافظ السابق محكوم عليه قبل سنوات بقضية اخلاقية
ثابتة أما رئيس الدائرة القانونية في الهيئة العليا لإجتثاث البعث فسجين
سابق بقضية سرقة اضبارة لأحد المتهمين بهدف الاستفادة المالية وهي قضية
قانونية بعيدة عن أي دوافع سياسية ومع ذلك استغل ذلك اللص قضية سجنه للحصول
على موقعه الحالي لغرض الانتقام من الكوادر الوطنية المخلصة من خلال
استغلال سيف الاجتثاث، مع العرض ان اوراق قضية المذكور وقرار الحكم عليه
موجودة في وزارة العدل ونقابة المحامين العراقية. وعضو (مجلس عقم) سابق
محكوم عليه في الاردن بقضية اختلاس بنك البتراء والحكم والقضية تمت عام
1988 قبل ان (تلمع) المذكور اميركا وقبل ان يؤسس حزبه العتيد بعد التسعينات
والمصيبة انه من عائلة غنية وهو مصاب بالشذوذ الجنسي وكي لانتهم بالتدليس
عليه نقترح ان تقوم لجنة طبية محايدة بفحصه هو و (زميله) قنبر إبن
المرحومة! وزعيم أئتلاف كان يعمل جلاداً لدى الايرانيين لتعذيب الأسرى
العراقيين في اقفاص الأسر الإيرانية. ونائب رئيس انتهازي كان بعثياً ثم
تحول ماركسياً ثم حط ضيفاً على مايسمى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية
وأخيراً صار صديقاً لسكان البيت الابيض!. وأمين حزباً اسلامياً متذبذباً
يوم يقول لا للدستور ويوم يقول نعم لدستور المعلم بوش! ذلك الشخص ترك الجيش
العراقي وحصل على التقاعد وحصل على معونة وموافقة الحزب للعمل في الكويت في
منظمة الملاحة العربية وقد وفقه الله واصبح من الاثرياء العرب بحكم موقعه
ومازال يتغنى بذبابة المالكي ويكيل المديح للحكومة الوطنية لأن الجليد قد
ذاب ولأن الدين قد غاب وللدولار يسيل اللعاب.
والمصيبة ان الجميع يدعون النضال حتى المحامية مريم الريس التي شاركت في
مؤتمر المحامين في بيروت مطلع القرن الحالي وادعت هناك سرقة (جزدانها) وتم
جمع (الخرجية) لها وكانت (تتعارك) مع اعضاء الوفد العراقي وتقول : لماذا لم
تضعوا صورة السيد الرئيس على الصدر مثلها!؟ صارت من المعارضة اليوم ومن
وجوه التلفزيون التعبانة ولسانها وصوتها يصل الى دار كوفي عنان!. وهل تريد
يا سيد شامل ان ازودك بأسماء بعض من كانوا وكلاء لدى السفارات العراقية
وغيرها وكم مسؤول لايحمل الجنسية العراقية او انه يحمل اكثر من جنسية!.
وأخيراً وليس دفاعاً عن أعمام الشهيد عدي، فأحدهم أغتاله الإحتلال الاميركي
ورواية قطع رأسه بالحبل تحتاج الى ساحر كي تمر عليه، أما الآخر السيد
سبعاوي فكان يؤدي دوراً للمقاومة العراقية لكن مخابرات دولة عربية مجاورة
سلمته الى الاميركان على امل تخفيف الضغط على نظامها ولازال هو وشقيقه
الاخر أسرى لدى الأميركان المحتلين.
وعندما اذكرك بهذه المعطيات فلايعني ذلك الدفاع عن اخطاء وقعت في الماضي..
ولكن ما يحز بالنفس ان هؤلاء الذين قدموا مع الاحتلال هم اناس (جوعية)
والسلطة لديهم فرصة لترتيب الاوضاع! فهيئة النزاهة التي شكلها بريميرلاتنفك
ان تعلن كل مرة قائمة بحرامية بغداد والعراق سواء كانوا وزراء آخر زمن ام
كوادر متقدمة في سلطة الاحتلال!.
2 – أود الاشارة الى موضوعين :
ا – إن أي مسؤل من حقه ان يعين حاشية له او افراد من اهله وأقاربه والمثل
الشعبي يقول: (الاقربون أولى بالمعروف) وان كتاب الله العزيز ذكر ان سيدنا
موسى طلب من الرحمن ان يكون شقيقه هارون وزيراً يعاونه.. وليس غريبا ان
يقوم كل مسؤول بتعيين اقاربه فهي (فرصة) ولا اذيع سراً ان السيدة (اسراء)
ابنة رئيس الحكومة المنتخب! كان قد زوجها والدها من (صانع) حلاق في دمشق
(ليستريح) منها ويتفرغ للنضال.. اما اليوم فيعيش زوجها في لندن (أمير)..
وأبن مام جلال المدعو (قواد) سفيراً للكرد في اميركا وشقيق الياور الراسب
في الثالث متوسط سفيراً في الخليج وأبن عم اًياد علاوي صار وزيراً للدفاع
والمالية وابن اًخ الجلبي (تزحلق) بعد كشف علاقاته بالصهاينة فأبعد عن
المحكمة الخاصة. وخال السيد مسعود بارزاني زيباري (يشتغل) بمنصب وزير
خارجية!. وابن محسن عبد الحميد دبلوماسي والاخر نائب رئيس الوقف السني
وشقيق الهاشمي صار رئيساً لأركان الجيش الذي شكله الإحتلال ثم اًغتيل على
اًيدي فرق الموت. وأبنة الدكتور فؤاد معصوم (جوان) صارت وزيرة ثم صارت
مطلوبة لهيئة النزاهة فاستقرت بالسليمانية (وفنه) يوصل المالكي لهناك
ويجيبهه! والقائمة طويلة طويلة.. والنفط مازال يهرب بلا عدادات.. وصار عمار
الحكيم يسمى في النجف عدي الحكيم.. اما شقيق موفق الربيعي الذي حصل على دار
في مجمع دوميز بكركوك منذ (30) عاماً فلم يشمله الترحيل وهو يرتع في
المنطقة الخضراء مع شقيقه فقد صار احوال!.
تذكرت معمماً سكن لندن عدة عقود وكان عضواً في المحفل الماسوني وسكيراً من
الدرجة الأولى (سادة ومخبوط) صار عضواً في مجلس اللطم وولده وزيراً للنفط
ومن يوم ان جاء صار ابناء بلد النفط ينامون طوابير عند محطات الوقود.. وحصل
والده الذي اذاع يوم سقوط بغداد في 9 نيسان الأسود عطلة رسمية! حصل على لقب
(الفاسق) من قبل تيار ديني..
اًب – النظام الجمهوري 14 تموز 1958 :
اًولاً : في مصر يوم 23 تموز 1952 شارك جميع الضباط الأحرار في تنفيذ
الثورة، اًما في العراق فإن عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف قد إتفقا على
تجاوز الضباط الأحرار وبالذات اللجنة العليا البالغ عددهم خمسة عشر ضابطاً
اضافة الى اللجنة الوسطية.
ثانياً : نفذ الثورة العقيد الركن عبد السلام محمد عارف، وأدى التحية الى
زعيمه عبد الكريم قاسم، وأعلن عن تشكيل مجلس السيادة بدلاً من مجلس قيادة
الثورة المتفق عليه مسبقاً.
ثالثاً : من خلال الاطلاع على تركيبة الوزارة الاولى، ان العلاقات الشخصية
بين الضباط الاحرار وزعماء الاحزاب السياسية قد لعبت دورها في وضع الاسس
التي تم بموجبها تأليف الوزارة، وقد لعب عامل الصداقة والقرابة الشخصية
دوره في اسناد المناصب الوزارية الى المدنيين المستقلين.
رابعاً : من يطلع على بعض المصادر ومنها كتاب الجدة (ثورة الزعيم المنقذ) –
وللعلم ان هذا الكتاب قد كتبه العميد خليل ابراهيم عندما كان بمنصب معاون
مدير الاستخبارات العسكرية - يجد الكثير من الحقائق على بساطتها، والجدة
يشير في مقدمة الكتاب : (لما كنت من اقرب الناس الى زعيمنا الاوحد عبد
الكريم قاسم ومطلعاً على كثير من احواله الخاصة والعامة بحكم مزاملتي له
واتصالي به طيلة ربع قرن مضى).
ومن خلال هذا الكتاب يجد القارئ طبيعة تعيين (حاشية) الزعيم الذين كانوا
أقوى من الوزراء ومن اعضاء مجلس السيادة.. ومن الأمثلة على التعيينات يشير
الجدة :
(1) – مساء الجمعة 11 تموز 1958 التقيت في بغداد مع الزعيم عبد الكريم
واستطلع رأيي عن المنصب الذي ارغب فيه؟ فقال : إذن أنت آمر للانضباط
العسكري.
(2) – شغل عبد الكريم قاسم منصب آمر الفوج الأول من اللواء الأول الذي كان
يقوده الزعيم الركن نجيب الربيعي قبل واثناء حرب فلسطين، وبعد تعيين اللواء
نجيب الربيعي قائداً للفرقة الثالثة عين عبد الكريم قاسم آمراً للواء
التاسع عشر التابع لفرقة الربيعي، ثم عين الفريق الربيعي ملحقاً عسكريا ً
في جدة، وأثناء توديعه بالمطار يدعي الجدة ان الزعيم عبد الكريم قال له :
(سترجع الى العراق بمنصب رئيس مجلس السيادة بعد الثورة). وبالفعل عين بذلك
المنصب بعد ثورة 14 تموز 1958.
(3) – صبيحة الثالث عشر من تموز 1958 اتصل الزعيم بزميله في الكلية
العسكرية وصديقه الزعيم احمد صالح العبدي واعلمه : (عند سماعه التعيينات من
الاذاعة عليه الإلتحاق بمنصبه الذي اختاره له وهو منصب رئيس هيئة اركان
الجيش والحاكم العسكري العام).
(4) – عين الزعيم عبد الكريم (الرئيس) حافظ علوان آمر فصيل الدفاع
والواجبات في مقر اللواء التاسع عشر (لواء عبد الكريم) بمنصب السكرتير
الشخصي.
(5) – عين الزعيم عبد الكريم (الرئيس) قاسم أحمد العباس الجنابي – المنسوب
الى صنف الهندسة في لواء الزعيم الى منصب المرافق الأقدم للزعيم.
(6) – يوم 14 تموز عين العقيد فاضل عباس المهداوي (ابن خالة الزعيم) آمراً
الى اللواء الاول في المسيب التابع الى الفرقة الأولى، وبتاريخ 20 تموز
1958 عين رئيساً الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة بمحاكمة رموز النظام
الملكي، التي عرفت بأسم (محكمة المهداوي) و(محكمة الشعب) والناس يتندرون
عليه (أبو الفحم).
(7) – ماجد محمد أمين : عين بمنصب رئيس الادعاء العام في محكمة المهداوي.
(8) – عين العقيد وصفي طاهر (صديق الزعيم) والذي كان مرافقاً لرئيس الوزراء
نوري السعيد، عين مرافقاً للزعيم.
(9) – اسماعيل العارف : صديق الزعيم، يذكر في كتابه (أسرار ثورة 14 تموز)
أنه من كسب الزعيم الى صفوف الضباط الاحرار عام 1954. وبعد الثورة عين
بمنصب امر اللواء الخامس والعشرين في بغداد ثم عين وزيراً للمعارف ووكالة
وزارة الارشاد.
(10) – شكل المجلس العرفي كما يلي :
العقيد شمس الدين عبد الله العبدلي – رئيساً للمجلس العرفي العسكري.
العقيد احمد حسن البكر – عضواً أصلياً للمجلس العرفي العسكري.
المقدم عبد الرزاق عبد الرحمن الجدة – عضواً أصلياً للمجلس العرفي.
ثم عين العقيد احمد حسن البكر آمراً الى اللواء 19 وابعد من موقعه ثم عين
آمراً الى الفوج الاول في اللواء العشرين، وجرى اعتقاله بعد ذلك بتهمة
التئآمر على الزعيم.
(11) – وصل الزعيم بعد نجاح الثورة الى بغداد واتجه الى وزارة الدفاع قبل
الظهر وتسلم مناصبه : القائد العام للقوات المسلحة، رئيساً للوزراء، وزيراً
للدفاع.
(12) – عين العقيد عبد السلام عارف نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية.
(13) – العقيد رفعت الحاج سري مؤسس حركة الضباط الاحرارعين مديراً
للاستخبارات العسكرية.
خامساً : تحولت محكمة المهداوي الى بوق لسلطة قاسم، ومورس التعذيب بأساليب
يندى لها الجبين، وتولى التحقيق والتعذيب الكثير من الضباط وبينهم اعضاء في
الحزب الشيوعي العراقي ومنهم : المهداوي، ماجد محمد امين، طه الشيخ احمد،
سعيد مطر، وصفي طاهر، والعقيد هاشم عبد الجبار رئيس الهيئة التحقيقية...
الخ. وقد احال الزعيم بعض الضباط الاحرارالى محكمة المهداوي وتم تنفيذ حكم
الاعدام بهم رمياً بالرصاص ومنهم : الزعيم ناظم الطبقجلي قائد الفرقة
الثانية والعقيد رفعت الحاج سري وضباط كثر بتهمة المشاركة بثورة الشواف وتم
تنفيذ الحكم فيهم بتاريخ 20 أيلول 1959 ونتيجة لجبن وتردد الشهيدين وعدم
تنفيذهما مااتفقا عليه مع الشواف دفعا نفسيهما ثمناً لذلك.
سادساً : حصلت مجازر نفذها الشيوعيين والبارتيين وتم اكتشاف اول مقبرة
جماعية في منطقة (الدملماجة) في الموصل ومجزرة كركوك وجرت عمليات سحل لجثث
الوطنيين بحجة انهم بعثيين او قوميين او اسلاميين! وتم تعليق الجثث على
اعمدة الكهرباء او على الاشجار ومن ذلك تعليق جثة الشهيدة (حفصة العمري)
وهي عارية..
السؤال الذي يطرح نفسه : لماذا هذا الدور الى آمر الانضباط العسكري؟! ترى
هل يعرف السيد شامل اسم آمر الانضباط خلال حكم البعث طيلة 34 عام..!؟. وهل
هتافات الشيوعيين التي كانت تصل اسماع الزعيم : (اعدم.. اعدم.. لاتقول ما
عندي وقت.. اعدم..) هل تدل هذه الهتافات على ديمقراطية الحزب الشيوعي؟!
(عيني كريم للأمام ديمقراطية وسلام..) ام تعطشه للدماء العراقية؟!..
سابعاً : يوم 9 شباط اعدم الملازم كنعان حداد إبن منطقة الفضل في ستوديو
الموسيقى بدار الاذاعة مع الفريق الركن عبد الكريم قاسم! هل توقفت امام سبب
اعدام هذا الملازم مع القائد العام وماهو دوره ولماذا صمد ولم يهرب!؟..
ثامناً : سيذكر التاريخ دوماً ان الزعيم عبد الكريم ذهب الى دار الاذاعة
ليلة العيد وتحدث منتصف الليل من التلفزيون وأصدر عفواً عن الشباب البعثيون
الذين تصدوا له في شارع الرشيد سنة 1959. والزعيم لم ينفذ حكم الاعدام
بزميله عبد السلام محمد عارف، ويشير اسماعيل العارف في كتابه ان الزعيم
كلما تذكر الشهيد ناظم الطبقجلي الذي اعدمه يجهش بالبكاء!
فالزعيم انسان له حسناته وسقطاته.. أغرته الهتافات وأخذه الهوس بالصور
والتماثيل وانفرد بالسلطة واستمر رافعاً شعار (الفترة الإنتقالية) منذ عام
1958 وحتى سقوط نظامه ولم يلجأ الى الإنتخابات بل بقي (الزعيم الأوحد)..
عاش ومات في دار مؤجرة تابعة الى مديرية الأموال المجمدة ولم يمتلك دار..
وفي عام 1969 اسقط مجلس الوزراء في زمن حكم حزب البعث العربي الاشتراكي
قائمة ديون الهاتف المترتبة عليه ومبلغها (19) دينار!.. أجل فتح مشاريع
مجلس الاعمار وكانت كبيرة في ذلك الزمان التي هي اليوم من اختصاص امين
العاصمة.. أحبه الفقراء وكان يتردد على مدينة الثورة ليلاً.. وكان يطرب
لهتافهم.. ويرى صوره معلقة على مداخل الصرائف.. وعلى واجهات المخابز
والمحلات.. وعلى صفحات الجرائد كل يوم.. ولم يسمح لأحد من اقاربه الاستفادة
واستغلال السلطة، وقد سمعت من ابن خالته الذي كان يعمل موظفاً في امانة
العاصمة وقتذاك : انه زار الزعيم قبل توزيع دور حي الاسكان بجانب الكرخ
ببغداد وتمنى ان يمنحه واحدة من تلك الدور.. فكان ان رد عليه الزعيم : وهل
انا املك داراً حتى اعطيك!؟..
ذهب نوري السعيد الى ربه دون قبر.. وذهب عبد الكريم قاسم بعده دون قبر..فقد
ابتلعته المياه والاسماك..
تاسعاً : قضى الزعيم ليلته الاخيرة وحتى فجر 14 رمضان 1963 في دار المرحوم
عبد الرزاق الجدة في الاعظمية.. ومات دفاعاً عنه اول قائد في نظامه هو
المرحوم عبد الكريم الجدة..
عاشراً : في شتاء سنة 2005 زرت مقبرة الشيخ عمر السهروردي التي قصمها
الطريق المعلق.. وفي الجهة القريبة من باب الطلسم احد ابواب بغداد
المدورة.. كانت هنالك بقايا قبور. كنت مع اصدقائي نبحث عن قبر صديقنا
الشهيد لؤي جلال الذي سقط صريعاً في الحرب العراقية الإيرانية عام 1982 وقد
فرقتنا الايام بين دارس خارج الوطن وآخر يحمل رتبة لواء في الجيش وآخر
مديرعام متقاعد.. وجدنا قرب رمس صديقنا مقبرة آل الجدة فقرأنا الفاتحة
عليهم ومنهم المرحوم عبد الكريم الجدة..
:كل هذا الزلزال الذي حل بالعراق.. والخراب الذي جناه علينا الاحتلال
واعوانه.. ألايحرك فيك نخوة المعتصم فتشهر قلمك كل يوم لتبرز جرائم
المحتلين.. بدلاً من دورانك حول طاحونة الماضي بمره وحلوه.. نعم إنك تكتب
ولكنا نرغب بالاكثر فالاقلام الوطنية أما صامتة أو متوارية أو شحيح مدادها
بسبب الإجتثاث وغيره أو تكتب وتحسب نتائج كل كلمة اضافة الى ان البعض يقبع
خلف القضبان في الاقبية وفي معسكرات الأسر.. ومنهم من اختار منافي جديدة
ويخشى ان تطارده اجهزة مخابرات تلك الدول وخاصة العربية منها.. أما إذا
رغبت الاستمرار على هذا النهج فأود ان أسألك : هل الجدة شيعي أم سني
والزعيم كذلك.. وهل كان المرجع السيد محسن الطباطبائي الحكيم محقاً عندما
أفتى بأن (الشيوعية كفر وإلحاد..).. وهل الزعيم عندما أعدم كان صائماً أم
فاطراً وهل أدى الشهادتين.. وهل يجوز بعد ان دفعنا انهاراً من الدماء خلال
حرب دامت (8) سنوات، ان ترفع صورة الخميني في العراق على جدارية مع بعض
الرموز الدينية قرب مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني بهدف إستفزاز مشاعر
الناس إكراماً لقلة صفوية طائشة.. وهل يحق لرئيس دولة العراق المحتلة
(بيتان) العراق ان يسمي المحتلين بالمحررين!!.. وهل يستطيع (فخامته
وضخامته) ان يطرد السفير الأميركي من بناية القصر الجمهوري؟!.. ترى لو كان
الزعيم (محطم الإستعمار..) حياً.. هل يرضى ان تتبختر دبابة اميركية في
مناطق الكسرة والجوادر والفضل والعوينه؟!..
ياسيد شامل : لقد خسر العراق جنوداً وضباطاً كباراً وشرفاء ومن كل
المكونات.. دفع الوطن انهاراً من الدماء.. أرى ان مصيبتنا فينا فنحن شعب
لانتكيف مع الديمقراطية والتعددية ولا نرضى الإحتكام الى صناديق الإقتراع..
وما يجري اليوم من تزييف وتصنيع للديمقراطية هو مجرد سراب في صحراء الوهم
العراقية التي ينقش ذاكرتها (الدريل) وسمل العيون والموت غدراً.. الخ مع
العلم ان جدنا القديم (حمورابي) اول من سن القوانين قبل اكثر من (4000) سنة
ونقشها على مسلة حمورابي الموجودة نسختها الأصلية في متحف برلين.
وأخيراً ليس لي إلا ان اقول :
رحم الله الملك الذي خرج مع العائلة المالكة مسلماً نفسه صبيحة يوم الثورة،
فتم اعدامه مع العائلة المالكة قرب النافورة في حديقة قصر الرحاب (قصر
النهاية) ولم يكن مع العائلة من سلاح سوى كتاب الله العزيز الجليل..
ورحم الله الزعيم فقد مات صائماً في رمضان ولم يكن شيعياً او سنياً وإنما
مسلماً بالوراثة.. ولم يشاهد صورته كثير من الناس وهو برتبة فريق ركن التي
استحقها بجدارة وحسب القدم العسكري قبل شهر من مصرعه..
ورحم الله الرئيس الذي اغتيل صباح العيد فحصل على لقب شهيد الحج الأكبر وهو
القائد العربي الثاني الذي غدرت به أرجوحة الأبطال بعد الشهيد العربي عمر
المختار..
ورحمنا الله جميعاً برحمته فكلنا خطائون..
وباتظار الرد على كل هذه التخرصات والتلفيق العفلقي، وعاش الزعيم الخالد
الشهيد ،عاشت جمهوريته الخالدة، وعاش الشعب