حملت التفاصيل وتبادل إلقاء المسؤولية التي نشرت عن تحرك بعض القوى السياسية العراقية المشاركة في العملية السياسية للإطاحة بحكومة المالكي بدعم عربي وتركي، حملت تداعيات مقلقة تتجسد في افتراق أطراف هامة من المشاركين في العملية السياسية بدوافع نفعية شخصية مقرونة بهاجس طائفي، مع اتخاذ عواصم دول الجوار مقرا لنشاطاتها و الاستفادة من إمكانية وخبرة مخابراتها بهدف القفز على السلطة والاستحواذ على امتيازاتها في بلد غني كالعراق، وجاءت خلفية هذا التشجيع والدعم العربي والتركي مستندة من تبرم دولة الإمارات و السعودية والأردن ومصر وكذلك تركيا من استتباب الأمر في العراق لحكومة شيعية موالية لإيران، يضاف الى قلق عام يخيم على أنظمة المنطقة من نجاح العراقيين في إرساء نظام ديمقراطي، مما يؤشر "لسابقة" تستدعي الوأد قبل النشوء و الترسخ، وفق عقائد ومصالح تلك الأنظمة.
التأكيد العراقي من قبل الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني على الجهد المخابراتي العربي والتركي لتقويض الحكومة العراقية لم يؤكد أو ينفى من قبل الدوائر الرسمية أو الإعلامية العربية و الأمريكية، وبسبب من العلاقات الأمنية و المخابراتية بين الولايات المتحدة من جهة والإمارات والأردن والسعودية ومصر وتركيا من الجهة الأخرى، فان غض الطرف الأمريكي عنه يأتي مظهر ضغط آخر على حكومة نوري المالكي التي تستعجلها الإدارة الأمريكية لأهداف انتخابية داخلية بالدرجة الأولى، في تحقيق استحقاقات عراقية كبيرة منها استتباب الأمن وتشذيب الدستور و إقرار قانون النفط.
تلك التداعيات تأتي في الوقت الذي تتعالى فيه ومنذ مدة أصوات طائفية عراقية وعربية لإذكاء صراع عنصري مذهبي أهوج " صراع فارسي عربي"، هو في مضمونه صراع على النفوذ والزعامة في المنطقة الغنية بالنفط، التي شهدت مآسي الحرب العراقية الإيرانية العبثية التي دامت ثمان سنوات و قتل خلالها ما يقارب المليون ضحية واحرق أكثر من ألف مليار دولار، وخلفت شروخا عميقة بين الشعوب العربية والإيرانية. تلك الأصوات التي تسعى لإذكاء ذلك الإحتراب من جديد تتعامى من ان لا شعوب ولا أنظمة المنطقة تقوى على الانخراط في حرب عبثية جديدة ، ويكفي ما سال و يسيل من الدماء التي صار إهدارها اليومي معلما يوميا من معالم المنطقة.
الزعامات العراقية المختلفة ومنها قيادة حكومة السيد نوري المالكي بالذات مطالبة بمنع حدوث تكرار التجربة اللبنانية عندما ارتهن البلد الشقيق لإرادات ومصالح غير اللبنانيين، ووجدت المصالح الإقليمية والدولية من يساعدها من أبنائه في التحكم بمقدرات وطنهم. وعلى الحكومة العراقية الشروع بجدية لتنفيذ ما أعلنته من برامج داخلية والتزامات دولية، والتقدم بخطوات عملية من اجل تخفيف معاناة المواطنين والحد من الاحتقان الطائفي عبر تحجيم نشاط الميلشيات والكشف عن فضائح الاختطاف الجماعي والجثث المجهولة الهوية وتقديم الفاسدين من المسئولين الى العدالة على اختلاف انتماءاتهم المذهبية أو السياسية. تلك وغيرها من الإجراءات تفوت الفرصة على المتربصين بالسلطة وتشجع القوى السياسية الأخرى و جماهيرها على مساندة الحكومة في تحمل مسؤولياتها الجسيمة، وتنفيذ التزاماتها تجاه الشعب العراقي والمجتمع الدولي.