الفنان إحسان الجيزاني يختار ليلة زفافة معرضا فوتغرافيا يهديه الى اطفال العراق
عبد الكريم ابراهيم
jezany@freenet.de
الغربة لدى العراقي لا تعني الانقطاع عن الجذور وتبني افكار تتعارض مع الشعور بالحنين اتجاه الوطن، فالجنسية والأرض ليست مجرد كلمات يقطفها عبثاً لأنها ذات معانٍ لا يمكن ان نشعر بها الا في حالات الابعاد القسري والكيفي، ولعل الوطن في نظر البعض عبارة عن مساحة من أرض لها حدود ولكن ه ذا المفهوم الخاطئ الذي جعل البعض يبيع انتماءه الحقيقي مقابل مكاسب مهنية.
المواطنة الحقيقية تمتد جذورها لالاف السنين لا يمكن ان تقف عند حدود الجنسية، بل هي احتضارات كامنة داخل النفس البشرية ليست مكتسبة يمكن استحضارها وقت نشاء واحياناً يعيش الانسان حالة صراع داخلي ما بين الجذور الأولى والوضع الجديد والانتصار يتوقف على مدى الاستعداد والتقبل ولعل الفنان احسان الجيزاني الذي ابعدته الظروف قسراً عن بلده العراق حمل معه هموم وطننا بكامله وكرس نفسه وصياغة خاصة من اجل نشر معاناته عبر الصورة الفوتوغرافية مرة عبر اقامة المعارض مرة اخرى، ولكن ان يقيم هذا الشاب العراقي المغترب معرضاً لاطفال العراق في يوم زفافه امر يستحق الاجلال والتقدير لانه لم ينسى قضيته الأولى والاخيرة وهي الوطن حتى في لحظات زفافه، ولقد وجد في زوجة المستقبل الفنانة التشكيلية والكاتبة البحرينية كريمة زهير امرأة تشاركه همومه وهي ليست حالة من باب المصادفة بل دوافع ومشاعر مشتركة، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختار هذان الزوجان اللذان يحملان حساً فنياً رائعاً يوم زفافهما لاقامة معرضاً لاطفال العراق.. الاجابة وا ضحة يمكن ان نلمس ان الانسان خصوصاً الفنان يحمل رسالة وهي لا تتوقف عند حدود معينة بل
تشغل كل كيانه ولماذا هذه المرأة العربية تتبنى هذه الفكرة، اهو الايمان بعدالة القضية ام هي التبعية الزوجية.. ربما يكون الايمان هو الاقوى الى الواقع لانه لا يمكن فرض ايديولوجيات فكرية بالقوة بال تأتي عبر الايمان المعمق بالشعور الحسي، وهناك عوامل مشتركة وبواعث انسانية تدفع ان ترتقي الافكار والمحسوسات معاً.
والجيزاني الذي سبق له ان كان كالسندباد يدور بأرجاء المعمو رة يحمل معه عدسة كامرته وهي تسجل صور المعاناة لشعب تحرقه قوة الشر كما كان في السابق هجمات هولاكو وجنكيز خان، وذهبت تلك السنوات السوداء وبقيت بغداد بكرخها ورصافتها وعيون المها التي وقفت على الجسر تنتظر من يمسح دمعتها في ظل القتل اليومي الذي طال اهم شيء في هذه الدنيا الا وهم الاطفال، فقد حاول الجيزاني في هذا المعرض ان ينقل لنا صورة واقعية لاطفال العراق الذين دفعوا ثمن الظلم في النظام السابق واليوم تحاول خفافيش الظلام القادمة من وراء الحدود لقتل البسمة على شفاههم.. الصور متعددة ولكن الطفولة هي نفسها ما بين طفلاً يحمل وعاء الحلوى على رأسه ليدور بها الازقة وعيون اعياها التعب والحاجة واخرى ترتمي تحت محرك السيارة وهي تحمل مفتاح البراغي، اما العربات التي اتخذتها الاطفال في بقية البلدان وسيلة للهو واللعب في بلد كالعراق هي وسيلة لكسب العيش من اجل بعض الدنيانير تعينهم في حياتهم الصعبة.. واخيراً السلاح الذي اصبح اللعبة المفضلة لدى اطفال العراق.. اهي المعاناة ام دلالة المستقبل كما يريدها الجيزاني.
ان الرسالة الانسانية التي حملها الفنان العراقي المغترب احسان الجيزاني والتي اتخذت من جيل المستقبل مادة لعدسته تجعلنا نقف بكل شموخ ونقول ان للعراق ابناء مخلصين دفعتهم الغيرة والحس والوطني في ان يتبنوا قضية الطفولة كأحدى المفردات التي نالتها ادوات القتل اليومي واصبحت تعيش حالة عدم استقرار وهي قبل كل شيء رسالة انسانية عالمية من اجل تحفيز الفنانين والكتاب للاهتمام بقضية الطفل العراقي وجعلها محطة عالمية يجب ان تتوقف عندها كل اقلام الكتاب وعدسات الفنانين.. ومن اجل طرح سؤال واحد عبرها لماذا تقتل الطفولة في بلدي؟!.. ولماذا لا تجف الدموع عند هذه الوجوه التي اكتحلت عيونها بالمعاناة والمأساة.. متى يتوقف كل ذلك.
هذه هي الرسالة الانسانية التي يجب ان يجند الانسان نفسه من اجلها وخصوصاً الطفولة البريئة
.تنويه
تم حفل زفاف الفنانان الفتوغرافي العراقي إحسان الجيزاني و كريمة زهير
في قاعة مرمريز بمملكة البحرين
العودة الى الصفحة الرئيسية