|
أن أي جهاز استخبارات يعتبر سلطة وفق قانون ويتمتع ذلك الجهاز بالقانون الذي يخوله أن يقوم بمهمات بوليسية من قبيل التجسس وكشف الجرائم المرتكبة والتي سوف ترتكب ضد أمن الوطن حيث تحول عناصر ذلك الجهاز دون وقوعها وتعتبر من أهداف عملها وهي على سبيل الذكر لا الحصر مكافحة الإرهاب والتجسس وحماية الدولة وقياداتها ونظام الحكم فيها وكذلك حريات وحقوق المواطنين وحماية القانون والأمن من خلال تقديم الاستشارات إلى رجال الدولة من المسؤولين بالإضافة إلى توفير الحراسة والأمن لقيادات الدول والدبلوماسيين الأجانب وذلك أثناء الزيارات الرئاسية الرسمية وما شابه ذلك من الأعمال والمهام الحساسة. وقد تندرج أعمال دعم سلطات الأجهزة الأمنية الأخرى في البلد والتنسيق معها من بين الواجبات والمهام التي تأخذها أجهزة الاستخبارات على عاتقها وكون جهاز الاستخبارات وبسبب مهامه الحساسة يعتبر جهازا مهما و غاية في الأهمية الحساسية بالنسبة لأي دولة ذات سيادة وكونه سلطة تأتمر بأمر الحكومة وحتى مخصصاته لابد أن تكون من الحكومة فتأخذ الدول على عاتقها لهذه الأسباب وغيرها إلى الاعتماد على كادر متميز من العاملين في مثل تلك الأجهزة وتشترط شروطا كثيرة على المتقدم للعمل في صفوف ذلك الجهاز وهذا لا يفسر طبعا بسبب كون تلك الأجهزة تظم ضمن طاقم كوادرها الحقوقيين والمحللين والاقتصاديين والتقنيين والإداريين، بل أن المرشح للعمل فيها يتم اختياره بعد أن يجتاز عدد من الاختبارات المهمة كالمتعلقة بذكائه وفطنته أو تلك المتعلقة بتربيته وسيرته. وتدعو أجهزة الاستخبارات العالمية مواطنيها إلى التعاون معها بتقديم المعلومات إلى دوائرها ومباشرة أو عبر الاتصال بها عن طريق أرقام الهواتف والفاكس التي تضعها تلك الدوائر في خدمة المواطن أو عن طريق البريد الإلكتروني لها والمعلن في الشبكة الإلكترونية العالمية أو في مواقعها هيّ على شبكة الانترنيت حيث يمكن للشخص العادي أن يقدم أي معلومة بدون حتى التعريف باسمه وتعامل المعلومات التي يقدمها بسرية تامة وتلقى بالتأكيد اهتماما مباشرا وسريعا من قبل عناصر الاستخبارات تلك هذا ما معروف في العالم المتحضر عن تلك الأجهزة من معلومات أما معلوماتي عن أجهزة استخبارات العالم المتخلف وبلا شك ، فهي لا تشبه إلى حد كبير ما موجود في أوربا أو أمريكا أو حتى في بعض دول العالم التي لم تدخل في حالة حرب أو صراع داخلي أو خارجي منذ مئات السنين، ولعل بلدي العراق استثناء من هذه وتلك. ففي عهود الملكية التي كانت سيادة البلد تابعة للقوى الاستعمارية الكبرى والمتمثلة في انگلترا وفرنسا ، كانت أجهزة استخبارات العراق تعمل من أجل خدمة الحاكم فقط وليس من شأن تلك الأجهزة العمل على توفير الأمن للوطن والمواطن أو عدم تحفزها للارتقاء بمستوى أداء أفضل يتعدى دور الجاسوسية على الشعب للحفاظ على مصالح الحاكم . وكانت تظم بين أفرادها أبناء الطبقات البرجوازية الماسكة للإدارة في الاستخبارات وأبناء الطبقات المسحوقة للعمل في طاقم عملياتها البوليسية. وقد تمثل الدور الرئيسي لجميع من كان يعمل باستخبارات العهود البائدة بالتآمر على الأحرار والوطنيين وتعذيبهم وقمع أي نشاط معادي للنظام الملكي آنذاك وتصفيته . وحينما قاد الزعيم عبد الكريم قاسم ثورة 14 تموز التي أنهت العهد الملكي في العراق وأسست للعهد الجمهوري عام 1958 أراد الزعيم أن يشكل جهازا للاستخبارات مع بعض من ضباط الجيش الذين ساهموا في نجاح حركته مغايرا لجهاز الاستخبارات القديم ولهذا دعاهم لإنشاء استخبارات الحق كما دعاها مستندا على النزاهة والسلوك القويم للشخص والشعور بالمسؤولية الوطنية لتكون شروطا من أجل قبول المتقدم للعمل في ذاك الجهاز الفتي وطبعا عمد إلى تغيير كل العناصر التي أجرمت بحق الوطن والمواطن ، على الرغم من الاختراقات التي لم يسلم منها جهاز استخبارات عبد الكريم قاسم ورغم تغيير الكثيرين من القائمين عليه أمثال الفريق الاوقاتي قائد القوة الجوية آنذاك أوالعميد السيد محسن الرفيعي أو العقيد الدليمي الذي تعرض في وقت رئاسته لجهاز الاستخبارات الزعيم قاسم إلى الاغتيال من قبل مجرمي البعث عام 1959 .وأثناء تسلل البعثيّين للسلطة في العراق في الستينات من القرن الماضي عمدوا إلى جذب كل العناصر البعثيه التي تدربت في دول مثل ألمانيا الشرقية و روسيا على جميع صنوف الطرق البشعة للتعذيب لكي تعمل في جهاز الاستخبارات التي أوكلت أليه مهمة وحيده هي قمع كل صوت يعارض ولو بالحلم أو بالخيال النظام العفلقي الموغل بالجريمة ضد أبناء الشعب العراقي ولم يكتفي بالبعثييّن من العراقيين فقط وأنما كان يضم جهاز الاستخبارات الكثيرين من العرب البعثيين من مصر والأردن وسوريا وفلسطين وغيرهم ولم تقتصر مهمة ذلك الجهاز على قتل الشعب بل أخذ على عاتقه تفتيت شخصية المواطن العراقي وهدم كل القيم الإنسانية النبيلة فيه مما أدى إلى نتيجة عقم ذلك الجهاز من أن يولد شخص شريف في وسطه الذي لم يدخر أي وسيلة بشعة ليجربها بحق المواطن العراقي ولغاية واحده هي الحفاظ على الثورة وقيادتها المجرمة المتمثلة بشخص المجرم هدام.ومن هنا نستشعر اليوم الحاجة الملحة لإقصاء كل العناصر التي تعاملت وعملت مع أجهزة القمع الصداميه البعثية وخاصة في جهاز استخبارات صدام الإجرامي وعدم إدماجهم في جهاز استخبارات العهد العهد الجديد وكذلك إبعادهم عن العمل في أي جهاز حكومي آخر فمعظم منتسبيه قد فقدوا الشعور بالمسؤولية الوطنية بقدر ما فقدوا من ضمير حي أو أي شعور أنساني آخر.وأصبح هم كل واحد منهم هو كيف يجني المال من العراقي الضحية ليساومه على حياته وقد أساءت الحكومة الحالية كثيرا باعتمادها على بعض من أولئك المشار إليهم في أجهزة الدولة ومنها جهاز الاستخبارات وإذا كان هناك من اهتمام فلابد من أن ينصب على تنظيم عمل تلك الأجهزة وربطها مباشرة بالحكومة لكي تكون مسؤولة عنها ويسهل محاسبتها وتطهير العناصر التي دخلت خلسة ظمن تشكيلات جهاز الاستخبارات الحالية لتعمل من أجل ديمومة بقاء الإرهاب وليس لاجتثاث أصوله ولعل القصة التي أود الإشارة أليها هنا تثير الحماسة الوطنية في نفوس الغيارى من أبناء العراق والعاملين في الحكومة ورغم الحصار والعوائق التي بات يستشعر بها المواطن العراقي بأنها تكبل الحكومة ولكننا لا نعتقد بأن الشرفاء من العراقيين سيعجزهم تحكم المحتل أو تدخل الأجنبي لعمل كل ما في وسعهم تقديمه من أجل العراق والعراقيين . وليس بعيدا عن الحدود الكويتية سوى بضعة أمتار قليلة كان سيتخطاها المواطن العراقي علي محسن البهادلي ليدخل للكويت ليطير منها إلى السويد حيث توجد عائلته بانتظاره هناك ومع الأسف فهو لا يستطيع الطيران من البصرة إلى السويد مباشرة لاسباب كثيره ولان هذا لا يرضي كثر في العراق وخارجه فما عاد مثل هذا الشيء يروق للكثيرين وهو ليس شأن مهم ، لو لم يلتفت علي إلى شخص كان ينادي عليه بالرجوع للحدود العراقية مرة أخرى فاستجاب بالحال مطمئنا وعاد ولكنه يا ليته لم يعد ! فلقد كان ضابط استخبارات البصرة من صرخ عليه ليعود وفورا طلب منه جواز سفره الذي قد ختم من قبل الحدود العراقية منذ قليل ، فسلمه مطيعا لضابط استخبارات سفوان حضرة النقيب الذي لربما كان شرطيا في نفس الجهاز بالعهد القديم .ولم يشعر على إلا وهو قيد الاعتقال من قبل النقيب وأثنين آخرين معه ومع أن علي حاول تقديم هوية الأحوال المدنية التي كانت بحوزته لهم والتي تسمى الجنسية العراقية إلا أن هذا جعلهم يستشيطون غضبا عليه فقد سألوه ولماذا أنت تحمل تلك الهوية معك وكيف تحمل الجواز السويدي وما إلى ذلك من أسئلة كانت نهايتها سؤاله لهم وما هيّ تهمتي فلم يردوا عليه سوى أنهم تركوه بضع دقائق ولحسن حظه فقد أتصل بأهله ومعارفه ليخبرهم ما حصل له وليستنجد بمن وصل منهم لمرتبة في الدولة ولم تمضي سوى دقائق معدودة حتى وصلوا الذين أتصل بهم علي مستنجدا فتعرفوا على حضرة النقيب فبادرهم أن الموضوع بسيط وسأعود مع علي ونتقابل معكم في المقر خلال دقائق وما عليكم سوى انتظاري هناك وتمر اللحظات مر السنين على علي وماهيّ إلا سويعات حتى أستقر رأي النقيب على أن يأخذ علي إلى بغداد لانه ظفر بصيد ثمين كيف لا وهو قد تفنن بإيجاد تهمة حقيرة لعلي المسكين مثل ( تمويل الإرهاب) ليلصقها له بالحال وتمر السيارة التي تقل علي إلى بغداد عبر الازدحام بوابل من مطر الرصاص المنهمر من بنادق النقيب وجماعته وفي الطريق سأل أحد الشرطه نقيبهم هل ( أنصكه سيدي) نقتله فكان جوابه لا فلقد عرفوا أهله بأنه لدينا ، وكان قبل هذا أن سألوه هل معك نقود فقال نعم كم ؟ كذا دولارا .. وما أن وصل إلى بغداد حتى وجد نفسه محجوزا مع أمثال مؤيد السامرائي الذي كان من بين المجرمين الذين فجروا ضريح الإمامين العسكريين وآخرين بالعشرات من الذباحين الذين يتفاخرون وهم في معتقلهم بذبح آلاف العراقيين من الأبرياء ومتنعمين بحماية المحتل تحت عنوان رعاية حقوق الحيوان حيث التبريد في المعتقل والأكل بأنواعه والفواكه ولم يخرج علي مما ابتلاه الله فيه إلا بعد أن دفع أهله كم من الدولارات للسيد النقيب ليغير التهمة فيخرج علي براءة لعدم ثبوت الأدلة من محكمة عدل المنطقة الخضراء وهو الشخص الذي كان من ضحايا المجرم هدام حيث خرج مع من خرج في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 بالبصرة وسلك الطريق لصحراء رفحاء بالحجاز وبدون جواز سفر ليكون لاجئا في غابات السويد بعد بضع سنين من الصبر فحصل على الجنسية السويدية التي سهلت دخوله للبصرة عن طريق الكويت ولولاها لما تمكن من دخول الكويت التي لم يسمح له النقيب في استخبارات لا يعرف جل منتسبيها الحق من الدخول أليها مرة أخرى إلا بعد شهرين أو أكثر بقليل قضاها في الاعتقال المفبرك بالبهتان على البريء وقد رأت عيناه الإرهابيين وهم يطلق سراحهم..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |