في اعقاب السقوط المريع للنظام البعثي الصدامي بدأ العراقيون يتطلعون الى غد مفعم بالأمل وبدأت النفوس تهفو الى مجريات أمور تأخذ بأيديهم الى العيش الكريم والأمن المفقود والضمانات الحياتية المتاحة لشعوب الأرض. وتمر الأيام والشهور لتصل ألى أربع سنوات عجاف ضاق فيها العراقيون والفقراء منهم بشكل خاص ذرعا بمصائب الحياة وبدأو يركنون الى التشاؤم وفقدان الأمل. وسط هذا الركام تحصل في العراق اليوم أمور هي أقرب الى الخيال والأساطير منها الى الواقع. أليكم مشاهد حية منها:
يوم الأربعاء المصادف 13 حزيران أستهدفت أيد مجرمة كافرة عديمة الضمير والأخلاق للمرة الثانية مرقدي الأمامين العسكريين (ع) في سامراء. وقد عمدت الحكومة كالعادة الى تشكيل لجنة تحقيقية من أعلى المستويات للتحقيق بملابسات الحادث المشؤوم. العراقيون يعلمون مسبقا أن نتائج التحقيق لهذا الحادث الجلل سوف تظل طي الكتمان مثلما حصل في حادث التفجير الأجرامي الأول وجسر الأعظمية والعشرات من الحوادث الجسام الأخرى. لماذا يحصل ذلك في ظل حكومة قامت على نشر الديمقراطية وأشاعة الشفافية والأنفتاح ومفاتحة الشعب؟! يقول البعض: هل لمسؤولين كبار في الدولة يد في ذلك خدمة لأطراف ما؟!
تعلن الحكومة العراقية منذ عام 2003 عن ميزانية سنوية كبيرة لأدارة شؤون البلاد. ولعل ميزانية عام 2007 التي بلغت نحو 41 مليار دولار دليل على مانقول. يسأل المواطن: أين تذهب الأموال المخصصة للمحافظات، فلا تعبيد طرق مناسبة ولاأنشاء أماكن لترفيه المواطنين الذين ذاقوا الأمرّين ولاأقامة أسواق لائقة، ولا ولا! أذن كيف صرفت تلك الأموال؟! أين اجهزة وزارة المالية والأجهزة المراقبية والحسابية؟ أين لجنة النزاهة؟ أين الحكومة من كل ذلك؟
في بعض المحافظات اتي تمتلك ثروات معروفة يعلم القاصي والداني من المواطنين أن كبار المسؤولين فيها، وجلّهم من الأحزاب (الدينية!!) المتنفذة، يعملون لصالحهم من خلال أحالة المشاريع الكبيرة الى أخوانهم وأقاربهم والبدلاء عنهم! المواطن البسيط يعلم أن أحد المحافظين في واحدة من أهم المحافظات العراقية قد غدا مليونيرا من خلال أرصدته اللامشروعة في دبي وأرصدة احد أشقائه في الكويت ولاندري وضعه المالي في الأردن وسوريا وغيرها!! أذا كان المواطن البسيط يعلم كل ذلك فأين الدولة؟! يقول الناس: مادام الأمر هكذا فأن المحافظ المذكور لابد أن يتقاسم تلك الأموال الطائلة مع من هو أعلى منه!!
مع بروز ظاهرة الأحزاب متعددة الولاءات وحيازة السلاح بلا معنى وتقدم الجهلة صفوف الناس وأنتكاس المثقفين وتراجعهم برزت ظاهرة القتل المجاني السهل للناس في مختلف أنحاء العراق. ولعل الأستهتار المريع والأغتيالات المأساوية للناس في البصرة مثلا على أيدي جماعات مسلحة ترتدي الملابس السوداء وتدعي الأنتماء الى (التيار الصدري) وترتكب أبشع الجرائم والأفعال المشينة بحق المواطنين تعطي مثالا ساطعا على ذلك! يقول الناس: أن كل شيء قد غدا بأيدي أولئك الجهلة في وقت لاتتمكن فيه القوى العسكرية أو الأمنية من فعل شيء يذكر! كيف هذا؟ أليس من طريف الكلام أن يعلن أن البصرة، مثلا، سوف تتسلم الملف الأمني نهاية هذا العام؟!
عراق اليوم ضيعات لمن يمتلك القوة المسلحة ويحوز السلاح والمال والرجال (تكساس أيام زمان!!). أحزاب (دينية!!) تتصارع مثل ديكة شرسة على الثروات وتكديس السحت الحرام وغدا (قادتها!) من كبار المستثمرين، والا فبماذا نفسر تواصل عمليات تهريب النفط ومشتقاته من البصرة الى دول الجوار المجرمة بحق العراقيين؟! كيف يتحكم بضعة أفراد من عشائر متخلفة بأحد موانيء البصرة لأدخال حتى البضائع المحرمة؟! هل غدا ذلك أمرا مقبولا ومشروعا؟! هل الحكومة موجودة بالفعل؟!
ليتذكر من تبوأ السلطة في العراق في هذه الحقبة التاريخية الهامة والخطيرة من تاريخ العراق أن التاريخ لايرحم. وليسأل كل مسؤول نفسه: لماذا ينظر الناس عبر الأيام بتعظيم الى مقام الأمام علي (ع)، ولماذايتشبث الفقراء بذكرى الزعيم الشعبي عبدالكريم قاسم؟ في حين يصبون جام لعناتهم على صدام ومن تبعه من الصداميين الى يوم الدين؟!
نقولها للتذكير فحسب!!
العودة الى الصفحة الرئيسية