|
كتبت في أحد الأيام مقالة أعاتب فيها الكاتب محمد عبد الجبار شبوط وكانت ردا على مقالة كتبها الرجل لا تحمل في متون سطورها غير تكرار الفعل المضارع( يدرك) ولان الفعل المضارع وكما هو معروف في اللغة العربية واحدة من صفاته هي الاستمرارية ، فلهذا كان الأخ الشبوط يستخدمه ليطرق به سمع رئيس الوزراء ! أو لربما يريد به غاية في نفسه أخرى! المهم كان وكأنه يعبر بها عن نفس شخص رئيس الوزراء فطالما ردد عبارة يدرك رئيس الوزراء، أو يدرك الأخ أبو أسراء ويدرك الحاج نوري وكأنه كان بجنبه وينادمه وهم متكأين على وسادة واحدة ويجمعهم سقف مضيف واحد من مضايف أهلنا في طويريج، وكأن رئيس الوزراء من كان يملي على قلم الشبوط لكي يسجل هو كلماته ولقد ذكرني هذا بموقف حصل مع الأخ الكاتب المبدع حسن العلوي حينما كان جزءا من النظام السابق وكان ينادم رأس صدام في أول بروز له أمام الجماهير العراقية في نهاية السبعينات مع الفرق الشاسع بين وزن الشخصيات تلك وشخص رئيس الوزراء نوري المالكي. ولربما احتجت اليوم إلى نفس الفعل الذي كان يستهل به مقالته الأخ محمد الشبوط عن رئيس الوزراء فلقد أدرك أخيرا أن نظام المحاصصة الحزبية والطائفية لا ينفع الاعتماد عليه وتحديدا في ترشيح وزيرا للدفاع أو الداخلية أو وزيرا للكهرباء فقط وهذا ما ذكره الرجل في اجتماعه مع عدد من رؤساء تحرير نخبة من الصحف العراقية يوم أمس في بغداد، إلا أن رئيس الوزراء لم يدرك أن العراقيين جميعهم قد لا يتفقون على مجمل القضايا التي تخص شؤون بلادهم ولكنهم يتفقون على شيئا واحدا مهما وهو نبذهم لنظام بالي كنظام المحاصصة الحزبية والطائفية والعنصرية المعمول به ألان في العراق، لانه وبكل بساطة يشبه والى حد كبير طريقة لعب الأطفال حينما يريدون تقاسم أدوات اللعب فيما بينهم ليمتلك كل واحد منهم لعبة إلى أن ينتهي وقت اللعب فيتركوا اللعب والألعاب بعد عناء اللعب بها أو لمللهم منها فتبقى تركة ثقيلة لا يتحمل امتلاكها أحد من المتصارعين عليها ، أو أنها أشبه ما تكون بعملية اندماج وتقاسم للأدوار لنساء متعددات لزوج واحد في بيت واحد يختلفن في كل شيء إلا في انتمائهن لذلك الرجل. ولكن وان سلمنا بسلامة ذلك الإدراك الذي قد جاء متأخرا وناقصا من قبل شخص رئيس الوزراء ، فهل يا ترى أن ذلك كافيا ؟ ! أم أننا بحاجة لان يدرك معه الكثيرين الذين إن أعددتهم فستطول القائمة بهم لتصبح مضاعفة خمسين مرة بحجم قائمة المطلوبين لقوات التحالف . أليس أن الرجل ليس هو الوحيد الذي بيده خيوط اللعبة كاملة وهناك من يحكم في العراق بعنوان في مجلس الأمن الوطني أو في ما يسمى بمجلس الرئاسات أو غيره من العناوين الكثيرة في البرلمان أو القوائم والكتل التي لا نريد تعدادها هنا ...؟! وليس بعيدا عن نظام المحاصصة ، نجد من المخجل حقا التكاسل واللامبالاة وعدم التفاعل الحقيقي مع قضايا الوطن والمواطن من قبل وزير الخارجية هوشيار زيباري الذي يسمع ويسكت عن الكثير من المشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي في الداخل والخارج وهو لا يحرك ساكنا لعمل ما يتطلبه الموقف من مسؤولية وطنية وأخلاقية نحو أيجاد حلولا تخلص المواطن العراقي من ذل تعرض له في خارج حدوده أو استهانة به عند مراجعته لاحد السفارات العراقية أو الدوائر التابعة لوزارة الخارجية العراقية في الداخل، فلا يعقل أن يتعامل الوزير الكردي مع القضايا التي فيها مساس لحدود كردستان العراق كالتدخل التركي للقضاء على فلول نشطاء حزب عبدالله أوجلان أو المتعلق منها في قضية كركوك وضمها إلى الإقليم أو المتعلق بحجم حصة الإقليم من الموارد النفطية أو الميزانية العامة فنراه متحمسا ومتحدثا لبقا عن كل تلك المشاكل، أما ما يخص تذمر العراقي المسافر عن طريق الأردن من ممارسات حقيرة يتعامل بها رجال الأمن في الحدود الاردنيه العراقية أو في المطارات الاردنيه مع أي عراقي يمر بها فلا يحرك لها ساكنا سيادة الوزير، لان المسافرين من هذه المنافذ أغلبهم عرب ولا يحتاج الاخوة الأكراد لا للسفر عبرها ولا التعرض لإهانات الأردنيين وكيف يحتاجها الأكراد وقد أمن لهم الوزير زيباري وغيره من سفراء كردستان من العاملين في السفارات العراقية الأجواء ليسافروا مباشرة عبر مطار السليمانية ومطار أربيل وتمكن إخواننا وأخواتنا الكرد من السفر من مختلف الدول الأوروبية مباشرة إلى كردستان . أن مسألة التعامل بهكذا معيار لا تنم عن شعور بالمسؤولية الوطنية ولا تلبي الحاجة إلى شيوع نوع من التكاتف والتضامن مع المواطن العراقي أينما وجد ومن أي انتماء تحدر ولا ينمي لديه الإحساس بالتمتع بالمواطنة الكاملة فيما إذا حصل إخلال في التعامل على أساس اثني عنصري أو طائفي مذهبي ، بل أن ما متوفر يتعدى حد التصور ففي أحد السفارات العراقية حصل موقف أمامي والمواقف كثيرة لم أستوعب فكرة من تعامل به في حيينها حيث راجع أحد الاخوة الكرد السفارة ليقدم لها أوراقه التي صدرت بقرار صادر من قبل الوزارة لكي ينظم للعمل في تلك السفارة ولان هذا الشخص المعيّن لا ينتمي إلى نفس حزب السفير الكردي أيظا فلقد تجاهله سكرتير السفير ولم يدخله وبقى مع المراجعين ينتظر الأذن بالدخول وهو الذي يعتبر موظف وزارة الخارجية وكان يريد المباشرة بالعمل في تلك السفارة فكيف بغيره ؟! وحينما يحصل العراقي على جواز سفر فتجد فيه وفي أول صفحة منه نصا طويلا عريضا يتحدث عن كون الحامل للجواز العراقي لابد وان تتوفر له كافة الإمكانيات من تسهيلات دخول وحرية مرور وتقديم كل ما يحتاج إليه من مساعدات ورعاية عند مساس الحاجة والاقتضاء لذلك.والطريف أن تلك العبارة كانت تبتدأ في العهد الملكي بأسم صاحب الجلالة ملك العراق وأصبحت في العهد الجمهوري باسم وزير الخارجية العراقية لتتناقص، من غير رفع اسم وزير الخارجية من المناشدة المذكورة في الصفحة الأولى للجواز العراقي الرعاية لرعايا الدولة العراقية ولتصل إلى مستوى أدنى من مستوى السفير فالسفير وحتى القنصل في العهد الجديد لا يهمه أي أمر من شؤون المواطن العراقي في غربته ولا يعنيه ذلك بقدر الاهتمام بمن هم حصرا من أتباع حزبه أو رفاق دربه! ولعل تلك الحالة تندرج على كافة المستويات لتشمل العراقيين في الداخل والخارج على حد سواء، وإلا فكيف نفسر عدم الاهتمام بحرية وحياة العديد من الصحفيين والإعلاميين والفنانين وأصحاب الكلمة من كتاب وشعراء وأصحاب مواهب أخرى في عراقنا الجريح والذي ينزف فيه الإنسان العادي دمه والمبدعين على نفس الوتيرة. في أحد المرات تعرض الكاتب الكويتي المبدع فؤاد الهاشم إلى تهديد مباشر من قبل المجرم برزان التكريتي وهو في الكويت ولقد حادثه المجرم عبر مكالمته له من سويسرا مهددا بالقتل، وما أن تناقلت الأخبار لتصل الى مسامع كبار رجالات الدولة الكويتية حتى بادرت الكاتب فؤاد لتسأله عن ما إذا كان يقبل أن توفر له الحكومة حراسا شخصيين يرافقونه من أجل توفير الحماية له أربع وعشرين ساعة باليوم وفعلا فلقد رافقه ثلاث الى أربع رجال من الأمن لحمايته من خروجه من بيته الى عمله وحتى عند منامه ليلا طيلة مدة سنة . ولا أدري متى نصل الى هكذا مستوى من الرقي في اعتبار الإنسان العراقي ثروة من ثروات الوطن التي تفرط بها الأحزاب العراقية كما فرط بها من قبل طاغية العراق ولا زالت تمارس بحقه وسائل القتل والإرهاب والتنكيل والقهر لتشكل معلما بارزا في حياته اليومية وزاده الذي قدر عليه أن يتناوله بقليل من الجرعات أو كثير فهو قد تعود على المصائب والويلات والحروب والدمار والبطش والقهر والفقر والعوز والتمييز . والى أن يأتي اليوم الذي يدرك فيه كل الساسة العراقيين من المشاركين في الحكومة أو من الذين في خارج طاقمها أن الشعب العراقي سوف يرفضهم لتمسكهم بمبدأ المحاصصة المقيت ، قد تتحسن فيه ظروفهم تلك ويصلوا الى مستوى الإنسان في دول أفريقيا ولا أقول في دول الجوار ويعزفون عن الفرار من وطنهم الذي لم يجدوا فيه من يحميهم أو يوفر لهم فرصة العيش بكرامة وحرية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |