|
المرأة العراقية .. معاناتها .. تهميشها .. صبرها .. في ظل نظام صدام الديكتاتوري البغيض
خالد شويش القطان قبل جلوس صدام حسين على كرسي الحكم واستلامه مقاليد السلطة في بغداد ، كانت المراة العراقية طاقة متفجرة وشعلة متوهجة في بناء المجتمع العراقي، الا أن دورها بدأ ينحسر مع بداية حكم الطاغية ولحقت بها اشكال متعددة من اوجه الظلم والحيف والتهميش.. وقد اصاب هذا الظلم كافة شرائح المجتمع العراقي، ما عدا المغرر بهم من المتعاونين مع اجهزة النظام ، لاتسام صدام ونظامه بالنزعة الديكتاتورية المحضة التي سلبت الشعب ارادته ومقدراته .. فمن حرب إلى حرب، ومن دمار الى محرقة، ومن سجن الى معتقل، ومن مشنقة إلى احواض السيانيد، ومن الكلاب البوليسية إلى البندقية والمقابر الجماعية، وبذلك فقد الشعب العراقي كنتيجة حتمية لسياسة النظام الهوجاء الخارجية والداخلية، الكثير من ابنائه وثرواته ومقدراته وبناه التحتية، وقد انعكست آثار هذا الدمار والمآسي، وهو امر طبيعي، سلبا على كيان المرأة ودورها في صيرورة الحياة وبناء المجتمع المثالي الذي يرتقي سلم التطور والحضارة الانسانية. فقد ثكلت المراة العراقية وترملت ويتم اطفالها وغيب معيلها وسندها، وجرت الدموع انهارا من عينيها، وصارت تعيش في سواد لافكاك منه في سجن كبير اسمه (العراق) يشرف عليه الديكتاتور واعوانه. وقد حاول نظام صدام اهانة المراة العراقية بانتزاعها بالاكراه من بيتها او من جامعتها او من دائرتها، واجبارها على ارتداء الملابس العسكرية وحمل السلاح، وزجها في معسكرات التدريب الدعائية، محاولة من النظام في خداع الشعوب والانظمة العربية بما يسمى ب (جيش تحرير القدس) لتبييض سجلاته السوداء الملطخة بدماء العراقيين، وكذلك اجبر الكثير من النساء تحت ضغط الحاجات المادية، واغرائهن بالهبات والعطايا في تجنيدهن في اجهزة امنه ومخابراته، لمتابعة ابناء الشعب ونقل المعلومات عن تحركاتهم، وخصوصا المعارضين منهم والذين يشكك النظام بولائهم له. بل ان النظام الصدامي الديكتاتوري قد أهان المراة وبصورة وحشية مخزية، إذ زج الكثير من الرافضات لاساليب حكمه الدموي، او اللواتي كن من عوائل معارضة وثائرة بوجهه في سجونه ومعتقلاته الرهيبة ، ومارست اجهزة النظام معهن ابشع اساليب التعذيب، وفق آلية واجهزة مبتكرة من قبل عناصر هذه الاجهزة، لم يسبق لاية جهة في العالم أن استخدمتها في سجونها، ولانريد أن نخوض في هذه الاساليب الاجرامية، لان الخوض بها يحتاج إلى صفحات وصفحات.. ومن اساليب اجهزة النظام في اهانة المراة، تحطيم شخصيتها واذلالها إلى حد يندى له جبين الانسانية ، وتقشعر له الابدان ، إذ مارست عناصر هذه الاجهزة عملية اغتصاب السجينات والمعتقلات ، ثم بقر بطونهن ، بل وصل الامر بهذه الاجهزة المستهترة بالانسان والانسانية الى ممارسة الجنس بالقوة مع السجينات واغتصابهن امام ازواجهن او اخوانهن وهن مربوطات الايدي والارجل ، ومن اساليب اجهزة النظام الخسيسة في اذلال المراة وتحطيم شخصيتها ربط المراة السجينة مع شقيقها بالحبال بعد تجريدهما من الملابس ! فأي بشاعة ووحشية هذه التي يمارسها نظام القتلة بحق المرأة وبحق العراقيين ، ونحن في مطلع الالفية الثالثة ؟ هذا غيض من فيض من ممارسات اجهزة النظام القمعية الاجرامية بحق المرأة . ونتيجة لظروف الحصار القاهرة التي افرزتها حروب صدام وعنجهيته الفارغة ، اصبحت المراة العراقية تعيش في دوامة مستمرة لغرض توفير لقمة العيش لاطفالها ، بعد أن كانت المائدة العراقية تزدحم بانواع مختلفة من الطعام قبل تسلم الطاغية لمقاليد الحكم في العراق ، وهذا ما دفع بالمراة واجبرها على الخروج الى السوق وممارسة عملية البيع والشراء ، والاشتغال بالمهن التي لاتتناسب وتركيبتها الجسمانية والفسيولوجية ، وبعض هذه المهن مذلة ومهينة للمراة ، وتحملت المراة العراقية كل ذلك من اجل تامين اسباب المعيشة لاطفالها وافراد اسرتها ، خصوصا المراة التي فقدت معيلها ، بل وصل الامر بالبعض من نساء العراق الى البحث عن فتات الطعام في حاويات القمامة وفي تجمعات المزابل ، هذا الفتات المتبقي من موائد اعوان النظام اللئام وزبانيته المتخمين على حساب لقمة الشعب ، لكي تسد به رمق اطفالها الذين يتضورون جوعا ، والمشاهد على هذه الحالات كثيرة في ظل نظام صدام المشؤوم ، بعد أن سحقت عجلة الحصار المستمر الآلاف من العوائل . وعلاوة على البؤس والحرمان والظلم والجور والسجن والتعذيب والتنكيل والاهانات والاعدامات التي تعرضت لها المراة العراقية في ظل الحكم الصدامي ، فقد اصيب الكثير من النساء العراقيات بامراض لاحصر لها ، بسبب الوضع المعيشي والصحي المزري ، مما ادى الى هلاك الكثير منهن ، اما الحوامل من النساء فقد تعرضت اجنتهن وهم في بطونهن الى اصابات مرضية وتشوهات خلقية ماانزل الله بها من سلطان ، جراء الحرمان وسوء التغذية ، واثار الاسلحة المدمرة والاشعاعات الكيمياوية الناتجة من حروب النظام ، وحماقاته واستخفافه بالانسان العراقي . وهذا ادى الى ولادات عليلة ومشوهة ، والبعض من هذه الولادات لايستمر في العيش الا ايام معدودة ثم تموت ، والبعض الاخر منها مصابة بامراض مستعصية لاينفع معها علاج او دواء ، ما اضاف على المراة عبئا ثقيلا ناء به كاهلها رغم ماتعانيه من بؤس وحرمان من ابسط متطلبات الحياة اليومية . ومن افرازات الحصار وسوء التوزيع وعدم اعتماد خطط اقتصادية ذات حلول ناجعة ولو نسبيا ، بسبب انشغال النظام بحروبه ومشاكله الداخلية والخارجية ، ارتفعت الاسعار في السوق بشكل جنوني ، حصل نتيجته ركود اقتصادي شامل ، بسبب الانخفاض الحاد في القدرة الشرائية لعموم الشعب العراقي ، وخصوصا العوائل الفقيرة المسحوقة التي تمثل غالبية الشعب ، وهذا ادى بدوره الى عزوف الملايين من الشباب العراقي عن الزواج ، ما نتج عنه بروز ظاهرة العنوسة بصورة مخيفة ولاول مرة في المجتمع العراقي ، وهذا مؤشر خطير في مجتمع اسلامي ، يرى أن ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج كارثة اجتماعية لها اثارها ونتائجها السلبية في الحياة وديمومتها ، وقد اثر هذا سلبا على المراة وسلبها حقا من حقوقها في الزواج وتكوين اسرة ، وحرمانها من حقها في الانجاب . ان مظاهر الظلم واستلاب الحقوق الذي تعرضت له المراة العراقية الصابرة في سنوات حكم صدام وعائلته كثيرة ، ولها اوجه متعددة ، فقد تعرضت لظلم سياسي واجتماعي واخلاقي ومعيشي وغيرها ، الا انها رغم ما عانته وتعانيه فقد بقيت صابرة رافعة يديها الى السماء من اجل حلول ساعة الخلاص من الطغمة الفاسدة . ورغم ما اصاب المراة العراقية وما ذاقته من ويلات تحت حكم نظام صدام الطاغية ، فانها لم تستسلم ولن تستكين ، وبقيت ومازالت تجاهد وتكافح من اجل اسرتها ومجتمعها ، ومن اجل الحفاظ على كيانها كاللبوة التي تذود دفاعا عن عرينها ، على الرغم من جبروت الطغاة .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |