|
يخرج علينا بعض جهابذة العصر بمقالات فيها افكار وتحليلات ما انزل الله بها من سلطان, فقد قرأت موخرا مقال بقلم احدهم يفيد بان التفجير الانتحاري بسيارة مفخخة بين مجموعة من الاطفال في النعيرية كان من تدبير المحتلين, وقد اكد لنا في هذا المقال وفي مقالات سابقة له بان الارهاب في العراق هو من صنع المحتل ويسوق الاسئلة والامثلة والادلة واحدا تلو الاخر مبرهنا ومجسدا بعبقرية ما موجود في راسه من تخيلات واوهام وتمنيات لا علاقة لها بالواقع والموضوع, وتماشيا مع افكار وتحليلات كاتب المقال موضوع البحث اضيف بان الامريكان لا يكتفون بصنع الارهاب بل لا يكفون عن قتل الحلاقين وحرق صالونات الحلاقة والتجميل الرجالية والنسائية, ومحلات بيع الخمور واللهو والفرح والانترنيت, واغلاق دور السينما والمسارح والمسابح, ومدارس الموسيقى والرقص, ويمنعون الغناء ويفجرون محلات الاشرطة والسيديهات السينمائية والغنائية, ويفرضون الحجاب والجلباب على النساء ويحرمون لبس الشورت على الرجال حفاظا على الذوق العام ولدرء غضب المعممين, ويهجرون ويقتلون المسيحين والصابئة والازيدية والسنة والشيعية والعرب والاكراد والتركمان والكلدان والاشوريين والارمن, ويغتالون الرياضة والرياضيين والسياسة والسياسيين والكتاب والصحفيين والادباء والفنانين, ويحرضون ايران على التدخل بشؤون العراق الداخلية, ان الشغل الشاغل للمحتلين هو صنع وادارة الارهاب لنا نحن الابرياء الانقياء النزيهين ورجال ديننا الابرار الطيبين الزاهدين وجيراننا الاقليميين الودودين المحبين. ان تنفيذ عمل ابله احمق كهذا من قبل الامريكان لا يوحي بان لهم اهداف كبيرة في العراق والمنطقة, ولا ينم عن ذكاء يؤهلهم بان يكونوا قوة عظمى تتلاعب بمصائر الشعوب والحكام في اغلب البلدان. احاول هنا ان افرق بين التحليل الموضوعي للمثقف والمعرفي المتمدن وتحليل البداوة الوارد في المقال موضوع البحث. اما اذا كان هدف الامريكان من قتل عشرين طفلا هو خلق الفوضى, فالارهابيون من الصداميين والاسلاميين القاعديين وملالي ايران والمليشيات والمقاومة الشريفةتقوم بهذه المهمة القذرة وعلى اتم وجه, ولكن يبقى الغافل يقول ما يشاء بالرغم من انه فاقد الاهلية, ويبقى الجاهل يعتقد بان الاخرين يفكرون كما يفكر, ويعكس عليهم ما كان سيكون عليه تصرفه فيما إذا لو كان هو في نفس الموقف, فقد استطاع هذا الجهبذ ولوحده ان يضع النقاط على الحروف ويضيع الحروف مع النقاط, وان يبريء الارهاب والتكفيريين الاسلامويين وملالي ايران والمليشيات والذهنية الطائفية من هذه الجريمة, وهذا النضال لمدعي العلمانية يشكر عليه ولن ينسى الارهابيون هذه الخدمة الجليلة بالرغم من اعترافهم باغلب الجرائم على صفحاتهم الالكترونية ووسائل الاعلام الفضائية كالجزيرة وغيرها, وننتظر من نفس المحلل المتحلل من الالتزام بالوطنية وبحياة العراقيين نضالات اخرى على نفس الصعيد وبوتائر متصاعدة والله الموفق. لماذا التخفي تحت عباءة العلمانية والتلحف بها صيفا وشتاءا, كونوا جريئين واطرحوا انفسكم ككتاب او مفكرين او دعاة اسلاميين وهذا حق لكم لا جدال فيه, وبمراجعة بسيطة لكل ما كتب احدهم وقراءة ما بين السطور نرى بانه اسلاموي من الطراز الاول فهو يعتمد في مقالاته على مفكرة الاسلام وعلى ما يطرح في المنتديات الاسلامية, وتاكيدا لكلامي سانشر قريبا مراسلات بريدية الكترونية بيني وبين احدهم بهذا الخصوص مع مقتطفات من كتاباته قريبا. ان صح ما ورد في المقال المعني وفي مقالات الكاتب السابقة, واذا اخذنا بنظر الاعتبار انه لا يمكن للمحتلين تنفيذ كل الاعمال الارهابية في العراق بانفسهم وان عليهم التخطيط فقط والاعتماد على جهل اخرين بالتنفيذ فذلك يعني بان كل من يعمل على تعميق الانفلات الامني والفوضى في العراق هو عميل معتمد لدى الامريكان وبهبات مجزية, من القاعدة الى الصداميين الى البعثيين الى الجيوش السنية والمليشيات الشيعية الى معممي ايران, باختصار ان كل من يقوم بتنفيذ العمليات الارهابية والقتل في العراق هو عميل للامريكان وهذا النوع من التفكير يجعلنا في حيص بيص. اما ان يكون المحتل هو من يقوم بالتنفيذ فهذا يعني انه لا وجود للارهابين او تدخلات خارجية من حرس ملالي ايران الثوري وغيرها, ولا وجود للمليشيات السنية والشيعية, ولا وجود حتى لدولة العراق الاسلامية المعلنة, وبالتالي نحن نطالب بسذاجة حل مليشيات غير موجودة اصلا, ونطالب ايران بان لا تتدخل في الشان العراقي ظلما, ونطالب القاعدة الخروج من العراق عدوانا, اما نحن مجانين او هؤلاء المجانين مجانين, واذا كانت الفوضى تخدم الاحتلال, والمقاومة الشريفة تنادي بقتل المحتلين وكل من يتعاون معهم من جيش وشرطة وسياسين وفنانين وادباء وصحفيين واساتذة وعلماء مما يؤدي قطعا الى الفوضى والانفلات الامني, اي بما يخدم الامريكان وتحقيق مشاريعهم في العراق والمنطقة, فهذا يعني قطعا بان المقاومة الشريفة في العراق غير شريفة لان نشاطاتها تصب في خدمة المصالح الامريكية, وحتى قتل المرتزقة الامريكان فهو لا يعدو ذر الرماد في العيون, وتساعدهم على ان تسير الامور وفق الخطط الموضوعة من قبلهم, وهذا قلب لكل الوقائع والتحليلات والحقائق والاستنتاجات التي تقول بانه في العراق ارهاب قاعدي وصدامي ومليشيوي وايراني واسلاموي وقومي عروبي, وهناك مقاومة شريفة وطنية عراقية صميمية غير طائفية ولا قومية لها موقف مشابه لموقف الارهاب وايران مع اختلاف الاهداف ضد المحتل والحكومة العراقية, واعتقد بان اغلب القراءات للواقع العراقي ومن القاصي والداني تقول بان المحتل في مازق خطير ومستنقع اسن ووحل طيني يصعب التحرك فيه, وهناك قراءة \" موضوعية \" للمقاومة الشريفة والارهاب ومعممي ايران تقول بان المحتلين على وشك الهروب من العراق والنفاذ بالعزيزة. وجدير بالذكر هنا الاشارة الى ان بن لادن والقاعدة والاخوان المسلمين والاحزاب الدينية والقومية والتي نمت وترعرعت في عالمنا العربي والاسلامي بمساعدة واسناد الامبريالية الامريكية ابان الحرب الباردة لم يكونوا عملاء برواتب, بل تم توظيفهم خدمة للمصالح الاستعمارية من خلال منظوماتهم العقائدية الجامدة لمحاربة الاتحاد السوفيتي والشيوعية, ااكد توظيفهم من خلال منظوماتهم العقائدية. سؤال يطرح نفسه ويراودني من زمن بعيد, لماذا يتمكن الامريكان من اشعال فتنة في العراق وفي باكستان وفي لبنان وغيرها الكثير من الدول, ولا نستطيع نحن ان نشعل فتنة بينهم, مثلا لماذا يستطيع الامريكان من اشعال فتنة بين السنة والشيعة او بين الاحزاب العراقية ولا نستطيع مثلا نحن ان نشعل فتنة بين الكاثوليك والبروتستانت او بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي وندخلهم في حرب اهلية. وبنفس السياق لماذا يتمكن الصهاينة من خلق فتنة وحرب اهلية بين فتح وحماس في فلسطين وبين الفرقاء في لبنان ولا يستطيع الفلسطينيون واللبنانيون من ان يشعلوا نار الفتنة بين حزب العمل والليكود او كاديما. ببساطة لانهم تجاوزوا عقائدهم الجامدة الى الفكر والعلوم والصناعة, ولانهم بلدان مؤسسات ديمقراطية وقوانين مدنية وحريات مرعية, ولاننا لسنا كفوئين في ايجاد ثغرة في منظوماتهم الفكرية للنفاذ منها في اشعال فتنة في اميركا مثلا, بالرغم من تعدد الاعراق والقوميات والاديان واللغات والثقافات بما يفوق اي بلد اخر. نحتاج اذا هنا الى وقفة وتساءل, اين الخلل؟ ولماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ ومن؟ بالحقيقة هذا الموضوع يحتاج الى مقال مطول مفصل معزز بالارقام والشواهد والتواريخ, بل قد يصلح ان يكون اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه. بتقديري اعتقد اننا مؤهلين لتقبل الفتنة والتلاعب بنا من قبل المحتلين او الحكام او المعممين من رجال الدين, لذلك ارى اننا بحاجة لمراجعة جادة وحركة اصلاحية لكل موروثنا التاريخي والديني الطائفي وتداعيات هذا التاريخ من عادات وتقاليد وسلوكيات وعلاقات,واعادة النظر في اولي الامر والسياسة والدولة ونظام الحكم, هنا او هناك مربط الفرس. المقال موضوع البحث يدل على عقل يسير باتجاه واحد ضيق وهو نوع من انواع التغريب الذي عنده لا يستطيع السياسي ان يميز ويتحرك ويتغير ويصوب,واكثر من هذا يتخشب ويتصلد عقائديا ويفقد الرؤية والرؤى ويراوح في الموقف بالرغم من كل المتغيرات. وضاع العراق بين الاحتلال واهل العروة الوثقى.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |