|
المعلوم ان مطلب تشكيل حكومة خالية من المحاصصة هو مطلب ملح واصبح ضرورة اكثر من اي وقت مضى ولكن تحقيقه سوف لن يتعدى الامنيات والاحلام والرغبات طالما كان اساس البناء مُشيد على مبدأ المحاصصة الطائفية والحزبية . وفي العراق لدينا المحاصصة المركبة حيث كل طائفة وقومية وديانة تجمعت في تكتل حزبي حتى خلت الاحزاب المشكلة من التعددية وما هو موجود منها في طريقه الى التفتت وبذلك ليس سهلا التخلص مما تم تاسيسه بسهولة مع توافر حالات انعدام الثقة المتبادلة بين السياسيين الذين هم ينتمون الى وطن واحد وذلك نتيجة انعدام الصداقات الحقة التي هي كفيلة بأزالة الكثير من الحواجز وحالات انعدام الثقة, وهذه الثقة المعدومة تجعل السياسي يتمتع بالحساسية المفرطة تجاه السياسي الآخر وقد تكون اي كلمة بسيطة تنطلق من هنا وهناك تثير مشاعر القلق والخوف والحيطة والحذر حتى اصبح التقسيم الطائفي في افكارنا , فلو أن أحداً قرأ اية قرآنية وختمها ب(صدق الله العظيم ) أو ختمها ب (صدق الله العلي العظيم ) فأن هذه الخاتمة الموضوعة بين قوسين تحدد طائفة من قالها وهذا هو مجرد أحد الامثلة على الحساسية المفرطة المتبعة عندنا جميعا وكأن زيادة كلمة أو نقصانها تُعد من الكبائر مع أنها لاتضيف للآية القرآنية ولاتُنقصها شئ, المهم هنا هو أننا ساهمنا بشكل أو بآخر في تكريس المحاصصة التي لاتؤدي ألا الى التباعد والتنافر والذي يسعى الاحتلال والارهاب ومن وراءه الى تعميقه بيننا والذي قد يؤدي وفي أسؤأ الحالات الى ألأقتتال لاسمح الله . وعودة الى الحكومة التي صرح السيد رئيس الوزراء مبدياً رغبته في أعادة تشكيلها كلياً بعيداً عن المحاصصة وقد يكون الامر ممكناً اذا توفرت الثقة المتبادلة بين جميع الكتل السياسية ,واذا توفرت حسن النوايا, واذا توصل الجميع الى تلك القناعة وعملوا جميعا على تفعيل ذلك عملياً, وألا فأن الحلول الأخرى للتخلص من المحاصصة هو اعادة نظر هادئة وغير متسرعة بأسس العملية السياسية التي قامت عليها واعادة تشكيل تكتلات سياسية ذات تعددية متنوعة في داخل الكتلة الواحدة مقترنة بحملة تثقيفية شاملة تصب في هذا الاتجاه وحين نتوصل الى هذه المرحلة ستبقى امامنا فرصة الدعوة والتصويت لانتخابات جديدة شاملة وتكون من خلال الدستور ومؤسساته لابطريق آخر وعندئذ يمكن أن تنشأ لدينا كتل سياسية لاوجود للاغلبية أو ألأقلية الطائفية او القومية فيها وأنما كتل وطنية تعمل لأجل العراق والعراقيين دون ان تسمح لأي جهة خارجية بالتدخل وفرض الاجندات كما يحدث حالياً في عراق اليوم حيث نرى من أشكال التدخل ما سوف يدمر العراق حاضراً ومستقبلاً حتى وصل النزاع الى تسمية محافظة بابل أن كانت ستبقى على أسمها التاريخي او يتم تغييره الى الحلة...! . بشكل عام فأن طريق أنهاء المحاصصة وعر وشائك وطويل وأن فقط تصفية النوايا والارتباطات هو الطريق الذي يمكن من خلاله أختصار المسافات تلك . وقد رأينا جميعاً سحب الكتلة الصدرية لوزراءها الخمسة أملاً في تعيين مستقلين مكانهم لكسر المحاصصة الطائفية ولكن وبعد مرور قرابة الشهرين لم ينجح السيد رئيس الوزراء بالمجئ بمجموعة مستقلة او خالية من الولاآت السياسية, أذن فكيف سيمكن تعيين قرابة ال 35 وزيراً مستقلاً وتكنوقراط وخالياً من الولآآت السياسية ُ أنها مسألة شاقة وتتطلب تفاهمات ليست يسيرة وتنازلات ليست دون مقابل ولكن لو وضعنا مصلحة العراق أمامنا ومصلحة الشعب المسكين الذي نشاهد آلآلآف منه وهو يسكن الخيام الهشة في الحر الشديد والمناظر التي لاتستطيع ان تراها بدون ان تبكي وتأسف على احوال هؤلاء الناس والذين تُركوا الى مصائرهم , لابد ولأجل هذا الشعب الفقير في أغنى دول العالم أن نساهم كشعب وسياسيين في كسر طوق المحاصصة الذي يحاصرنا لننطلق الى ماهو أفضل لشعبنا ووطننا بعيدا عن تكتل الطائفة الواحدة والقومية الواحدة .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |