غاز في مجلس الوزراء العراقي!!
تناقلت وسائل الاعلام بيان صادر من " أمانة " مجلس الوزراء العراقي عن حدوث تسرب غاز أدى الى نشوب حريق بسيط بدون اي ضرر او اصابات. بداية يجب ان يجتمع ملايين العراقيين على موعد لصلاة الشكر لان الضرر لم يصيب مجلس الوزراء " والاساتذة " العاملين به. لانه لو حدث هذا الضرر لاسامح الله فسيكون علامة فارقه في عراق اليوم الذي يسوده الأمان والخير والرفاهية والاستقرار والعدل والانصاف. بحيث حتى الموت الطبيعي للعراقيين قد أختفى وبشكل ملفت للنظر.
خاصة بعد ان كان العراقيين قد تعودو خلال اكثر من ثلاث عقود سابقة على الموت الصدامي الجماعي من خلال المقابر الجماعية ذات الطوابق المتعددة. والتي تحول اليوم مجرمي ومنفذي هذه المقابر الى رجال دين جدد وهيئات جديدة والادهى الى رجال سياسة ومناصب في العراق الجديد ابتدآ من نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء وحتى بعض الوزراء وايضا بعض اعضاء البرلمان. وهذه واحدة من اشارات الخير والتفاول لدى العراقيين حينما يتحول بعض ذباحيهم الى مسوؤلين في الدولة.
وحتى لانبتعد عن موضوعنا. لااعرف لماذا ذكرني هذا البيان " الغازي " لمجلس الوزراء. بحادثة يعرفها معظم العراقيين. كان ذلك بداية التسعينات والبلد وأهله يعانون شبه مجاعة وعوز كبير بسبب الحصار الاقتصادي المحلي والدولي. فخرجت الصحف في صباح احد الايام باعلان من المجرم المقبور عدي بن الصنم الساقط. يقول الاعلان ( فقدت البطاقة التمونية الشهرية الخاصة بالمواطن عدي صدام حسين. فمن يعثر عليها يرجى تسليمها الى العنوان التالي..... ) وطبعا كان ذلك الاعلان والتصرف هو نوع من الاستهزاء والاستخفاف بعقول ومشاعر العراقيين وباأوجاعهم وجراحاتهم الكبيرة. لذلك اتخذت الناس هذا التصرف الغبي من هذا الصنم الصغير مثل النكته للتندر بها في المجالس الخاصة. واليوم وقد تعددت اصنام العراق الجديد وزادت مهازله فبالتاكيد سيذكر العراقيين مصائبهم الشخصية واليومية مع النفط والغاز ووقود السيارت وهم يسمعون هذا البيان الغازي " لامانة " مجلس الوزراء العراقي. فلقد اصبحت قنينة الغاز عند العائلة العراقية " تحفه نادره " لايمكن الحصول حتى على نظرة ولو خاطفة لها او على الأقل استنشاق نسماتها ولو كانت قاتلة. اما مسالة الحصول عليها وبالسعر " الشهرستاني " نسبة الى وزير النفط العراقي الشهرستاني. فان ذلك يعتبر من سابع المستحيلات ومن اول معجزات الضمير الغائب في عراق اليوم. لان سعر قنينة الغاز الواحدة في العراق اليوم تعادل اكثر من 20% من راتب الموظف العراقي المسكين. خاصة هذا الموظف هو المسكين الدائم في التاريخ العراقي حيث كان سابقا اذا لاينتمي الى حزب الصنم الساقط فان من الصعوبة ان يحصل على قنينةالغاز او حتى طبقة البيض او سطل اللبن او الحليب. واليوم اذا كان هذا المسكين لاينتمي الى بعض الاحزاب او لايحمل توصية منها فان الوظيفة نفسها معرضة للفقدان والضياع. نعم التحديات كبيرة وهائلة امام الحكومة اليوم والارهابين وحثالات النظام السابق مستعدين لتهديم الجسور وضرب انابيب النفط وحرق كل العراق لاثبات فشل التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق. اضافة الى الدعم الاقليمي ودول الجوار لغرض اسقاط هذه التجربة. هذا شيء لاينكر ولايمكن تجاوزه من كل مراقب منصف. لكن ايضا لايمكن لهذا الانصاف ان يكتمل وهو يغظ الطرف عن الممارسات والسرقات في وضح النهار بالثروة النفطية للعراقيين من " بعض " الموجودين في الواجهة السياسية الجديدة. فلقد تم تأسيس شركات استيراد المحروقات النفطية في الخارج حتى قبل صدور القرار من مجلس البرلمان العراقي. وهذه الشركات موجودة في دبي وعمان وانقرة وطهران وهي جميعها باسماء اقرباء لوزراء ومسؤولين معروفين. وايضا المعلن ان الحكومة تستورد شهريا بحوالي مليار دولار مشتقات نفطية من دول الجوار. وحقيقية الامر أن هذا المبلغ فعلا يخرج شهريا من ثروات العراقيين لكن لاتدخل مشتقات نفطية عبر الحدود الا 25% من المليار والباقي 75% يدخل فقط على الورق كعقود وهمية وتذهب هذه المبالغ الطائلة الى جيوب أتقنت اللعبة جيدا وأدمنت السرقة والاختلاس والسحت الحرام. على حساب حياة وامن وراحة العراقيين.
ويمكن ايجاد بصمات السرقات هذه في البيوت والعمارات الفخمة والكبيرة التي اشتراها البعض في العواصم الاوربية وايضا الشركات التي ملكها في بعض الدول الخليجية والعربية. انه نوع من خيبة الامل والحزن المركب هذا الذي يحيط بالعراقيين فهم بين فكي الارهاب وبقايا حثالات الصنم السابق ومن جانب اخر رواد الموت والحرامية الجدد. لذلك على اي مسؤول عراقي في الحكومة او البرلمان يدعي الشرف والنزاهة ان يميز نفسه وبشكل واضح عن هذه عصابات الموت والسرقات في العراق الجديد وكلي يقين بوجود هذه النماذج الخيرية ولو بنسبة قليلة من باب لو خليت قلبت. والا فان التاريخ لن يرحم. وايضا وللامانة ان العراقيين لايأمن لهم جانب مع حكامهم، في اية لحظة تجد الجثث تسحل في الشوارع. وندعوا الله ونتمنى ان الا يصل البلد الى هذه المرحلة الدموية البشعة. لذلك هنا يجب ان يبرز دور اهل العقل والحكمة وبعد النظر في تفادي مثل هكذا كوارث قادمة لامحال. اذا استمرت قواعد هذه اللعبة المميته في العراق. وكم كنت اتمنى على " أمانة " مجلس الوزراء ان لاتصدر مثل هكذا بيان " غازي " تقلب فيه مواجع العراقيين وتذكرهم بالقيمة الكبرى والعليا للست " قنينة الغاز " والاستاذ " نفط " ومعالي " البنزين " وسيادة " الكهرباء ". ومن غير النفط ومشتقاته في عراق اليوم يستحق لقب الست والاستاذ ومعالي وسيادة. يا " أمانة " مجلس الوزراء المحترمون.
العودة الى الصفحة الرئيسية