|
ربما يتساءل المرء عن مصلحة دول الجوار العراقي في ما يحصل الآن على أراضي العراق، وربما أيضا يتوقف الكثير عند مجموعة الروابط العرقية والمذهبية التي تربط العراق بهذه الدول، وعلاقة هذه الروابط بما يحصل وما حصل عبر تاريخ هذا البلد منذ تأسيسه الهش وحتى يومنا هذا. ولربما نتساءل أيضا كيف تم توزيع الأراضي والمقاطعات والأقاليم والولايات ومناطق النفوذ النفطي والاستراتيجي حينما جلس القصابون في مؤتمر سايكس بيكو ليؤسسوا دولا وكيانات تأتي متناغمة مع رغباتهم ومستقبل إمبراطورياتهم وتنزف دماءً ودموعا طيلة ما يقارب المائة عام. هذه الروابط التي كانت عبر عقود الزمان سببا ودافعا لكل مآسي الشعوب العراقية وما حصل لهذا البلد المنكوب طيلة ثمانين عاما منذ استوردوا له ملكا حتى باعه في المزاد رئيسه السابق صدام حسين. بدلا من أن تكون سببا في استقرار العراق وقوة علاقاته مع دول الجوار. ولعل الاختلاف العرقي والمذهبي وامتداداته في كل من إيران وتركيا وسوريا لعب دورا بليغا في كل مآسي العراق وحروبه ومع معظم جيرانه، فلقد تحارب صدام حسين ونظامه مع إيران لثماني سنوات في واحدة من أقسى الحروب بعد الحرب الكونية الثانية وأطولها وربما أتفهها لكي لا يمتد مذهبها الجعفري بشكله الثوروي والسياسي إلى بطون ما بين النهرين المحكوم بمذهب أبو حنيفة النعمان ورفاقه الثلاثة الآخرين، بل واستغنى قبلها عن نصف شط العرب وآلاف الكيلومترات من الأراضي لإيران كي لا ينتصر الكورد في ثورتهم حينما اتفق مع شاه إيران على تقاسم شط العرب عام 1975 فيما عرف باتفاقية الجزائر التي اغتالت الثورة الكوردية المعاصرة، التي كانت قد اندلعت في أيلول 1961، وكذا فعل في تنازلاته للأشقاء جدا في السعودية والأردن بآلاف الكيلومترات من الأراضي على الحدود الدولية معهما لأرضائهما بمساعدته كي لا يتسع ( المد الشيعي الفارسي المجوسي وأخيرا على عادة البعض من سياسيينا ( البلباكيت) في توصيفهم للأخوة الأعداء بالصفويين ). وعلى الجانب الآخر لم يكتف القائد الضرورة (رحمه الله وأطال بقائه في البرزخ حتى يلتحق به الرفاق في القيادتين ) في كرمه مع الطورانيين في آسيا الصغرى لكي يساعدوه بحروبه المقدسة في الشمال والجنوب ويديموا عجلة اقتصاده المنهوك بأساطيل و( تنكرات ) فقرهم وبؤسهم الممتدة من أنقرة الى إبراهيم الخليل، فاستقدمهم إلى أرضه وعرضه كما فعل أبا رغال في بغدادنا ذات يوم من أيام تاريخنا المجيد جدا جدا؟ وفي مغارب بلادنا التي ابتلت بنا وابتلينا بها حتى العظم، فقد أراد رئيسنا الملهم بنائبه الأسطورة وأركان حزبه العظيم أن يبتلع الشام وما عليها من اسود وثعالب في وحدة اندماجية يكون هو رئيسها الضرورة من شواطئ المتوسط وحتى ضفاف الخليج الهادر! وحينما لم يرضى الرفاق الأعداء ذلك، احرق صاحبنا الأخضر واليابس، وقتل الصديق والرفيق، وأغلق الحدود وأقام عليها السدود، وألغى من ذاكرتنا لأكثر من عقدين من الزمان بلادا في غربنا وشعبا مثلنا لا حول له ولا قوة. ولننتقل الآن إلى بانوراما الإخوة الأعداء في دول الجوار وسيمفونياتهم التي يعزفونها على مسرح عراقنا الجريح منذ خليقته والنازف منذ ولادته، والمحسود في فقره وغناه. فمنذ أن عرفنا عراقنا عراك ودول الجوار تدق وترقص على أحزاننا ومآسينا تارة على أعراقنا وأخرى على مذاهبنا، وكثير منها على بترولنا ومياهنا وما طاب ولذ مما تنتجه حقولنا ومزارعنا، وهي اليوم تقاصص شعبا لا حول له ولا قوة منذ أن فعل الخبيث سايكس واللئيم بيكو فعلتهما في توزيع ارث آل عثمان كما يشاءون هم دونما مراعاة لمصالح شعوب تلك المنطقة التي تنزف دما ونفطا وماءً لحد اليوم والى ما شاء الله. ترى هل تبحث الجارة في مشارق العراق عن مجال حيوي أسوة بالراحل هتلر لتجد بحجة الدين ومذاهبه الزاهية جدا جدا مدخلا الى هذا المجال على جماجم وجثث العراقيين من بنجوين والى الزبير، أم إنها تعاني من نقص في الأراضي أو السكان لكي ( تعلسُ ) جزءً من أراض أصبحت ملك عشائر وبطون وليست ملك بلاد وقانون. وهل الآخرون في شمال الكنز يبحثون عن وقود لتدفأ تهم، أم يخشون أن تتوقف أساطيل تنكراتهم البائسة أم ربما يخشون بدرا قد يظهر لاحقا في جنوبهم فيزيح الظلام ( وتطلع الشمس على الحرامية ) فيكتشفون أنهم أقلية في بلاد اسمها أسيا الصغرى وفيها كوردستان وارمينستان وعربستان وما هم إلا حفنة من بقايا البيكات والباشات الفلكلورية. وهل سيبقى الإخوة الأعداء في مغارب دولتنا العجب يصرون على أننا جزء منهم وربما جزء من ورث حزبهم العتيد الذي سجل البلاد العربية باجمعها ملكا صرفا باسمه في دائرة طابو العرق الأنقى والأرقى على طريقة الألماني أدولف هتلر، وهم الوحيدين الذين لهم خيار الموافقة والرفض في أي شيء يتعلق بمصيرنا وشكل دولتنا أو نظامنا، لأننا ما زلنا في نظر إخوتنا اللدودين أولاد قاصرين تحت وصاية ولي الأمر المختلف عليه فيما بين دول جوارنا من فارسستان الى سوريستان مرورا بآسيا الصغرى أو الباشاتستان، وحتى يثبت النسب ستبقى دوائر الصراع بيننا وبين ( ولاة أمورنا ) من دول الجوار الذين يدقون ويرقصون على أنغام وإيقاعات ذبحنا واغتيالنا ليل نهار الى ما شاء الله والراسخون في الاحتلال ومقاومة الحياة في كل مكان من ارض العراق طفولة ونساءً وشيوخا بحجة إخراج المحتلين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |