|
هل جرت قراءة قصائد الشاعرة العراقية نازك الملائكة في ضوء المفاهيم الفلسفية المعروفة ؟ ذلك السؤآل شبه المهمل في زاوية من الذهن العراقي المنشغل عموما بالشعر في حومة الصراع السياسي ، وان كانت السياسة جوهريا تعبير كامن في موقف فلسفي ما . لقد تغلغلت أحاسيس الشاعرة وتعشقت بالفلسفة عبر مفاهيمها في الجوهر والماهية ، التناقض والتضاد ، الخير والشر ، المخير والمسير ، القدر ، الوهم والحقيقة ، الحركة والسكون ،الشكل والمضمون ، الجزء والكل ، الصدفة والضرورة ، وكثير من المفاهيم الفلسفية الاخرى . في التناقض والتضاد يعمل القانون الفلسفي عبر السالب والموجب في وحدة متداخلة كالصراع في الطبيعة والانتاج المادي والذات الانسانية . وللذات عند نازك تناقضات اخرى ذات بعد سايكولوجي في اطار من مشاعر ٍ تصادم بعضها البعض : أُحب وأكره ماذا أُحبُّ وأكره ؟ أي شعور ٍ عجيب ْ ؟ وأبكي وأضحك ماذا ترى يثير بكائي وضحكي الغريب ْ ؟ أُريد وأنفر ، أي جنون ٍ حياتي ؟ وأي صراع ٍ رهيب ْ ؟ واذ تندرج هذه اللقطة الموحية والسامقة في تلمس خلجات النفس والتناقض المهول في الذات الانسانية فان نازك قد بزّت في هذا المضمار لكثرة هذه الشذرات اللآمعة في مجموعتها الكاملة . وفي مفهومي الخير والشر كحالتَيْ تناقض ٍ لم تجد الشاعرة بين الأشرار أثرا للسعادة فراحت تفلسف الرؤى اياها عبر الشعر . واذا لم تكن نازك شاعرة الفلسفة فهي فيلسوفٌ في الشعر ولكن كم من الضوء او الشهرة قد نالت شاعرتنا الألمعية ومن الاستحقاق والاعتبار السامي في هذا الصدد ؟ هذا ماسوف تجيب عليه الضمائر الحية من مجايليها من الادباء والشعراء والفلاسفة وحتى من تلامذتها الذين يعدون بالملايين من المخلصين لدورها في الحياة والفكر النبيل العاشق للانسان وسعادته : تقول بصدد الخير والشر : قد رقبت الأشرار حينا فلم أعثر لديهم على سناك الحبيب ِ فهم البائسون تطحنهم أيدي الليالي بما جنوا من ذنوب ِ ورأيت الطغاة يحيون محزونين بين الأوهام والأشباح ِ ليس يشفيهم ُ من الحزن واليأس دواءٌ فالداء في الأرواح ِ فاذا أخمدوا هتافات مظلوم فما يخمدون صوت الضمير ِ ذلك الراقب الإلهي في النفس لسان الهدى وصوت الشعور ِ الى أن تقول : فاذا حادت القلوب عن الخير علا صوت ذلك الجبار ِ فهو الناقم النبيل على الشر وقاضي الطغاة والأشرار ِ . وفي قدرية الشر ( القدر) قالت الشاعرة وهي تسبر الذات البشرية ونزوعها الى الحرب والصراع في أن هذه المأساة الكونية هي من طبيعة الانسان ولا امل للخلاص من هذا القدر المسلط : يافتاة الاحلام حسبك شدوا برثاء القتلى وحسبك حزنا سوف يفنى هذا النشيد ويبقى الشر في الأرض خالدا ليس يفنى هكذا شاءت المقادير للعالم إثم ٌ ونقمة ٌوحروب ُ وهي النفس تحمل الشر والبغضاء ماذا يفيدها من التهذيب ُ وفضلا عن ذلك فقد تناولت نازك مفهومين آخرين هما الحرب والسلام فكانت نصيرة للأمان وحب الحياة والايمان بروعتها وسلامتها : اجمعوا الصبية الصغار ليلقوا اغنيات فجرية الأنغام ِ وليكن آخر اللحون التي تلقى على سمعهم نشيد السلام ِ فيم هذا الصراع ؟ فيم الدماء الحمر تجري على الثرى العطشان ِ والشباب البريء في زهرة العمر لماذا يُلقى على النيران ِ في سبيل الثراء هذا ؟ أليس الضوء والحب والورود ثراءا وليالي السلام والأمن هل في العمر أغلى منها وأحلى ضياءا وفي مفهومي السبب والنتيجة تحيلنا نازك الملائكة الى حقيقة الفعل ورد الفعل ، والثاني بطبيعته مفعول بالأول وتال ٍ له في الظهور ، والأمثلة مدرسيا عديدة لاتحصى أقربها الى العيان هو طبيعة الشعر العراقي النابع من اتون حزن تاريخي لايُضاهى مأساوياً، ان حزن العراقيين في الشعر على سبيل المثال رد فعل لفعل الأحداث الدامية على أرضهم . ان للشاعر البكائي الطبيعة رد فعله على مايدور الى هذه اللحظة وهو ليس ماكينة للانتاج التراجيدي بل انه انعكاس لواقع والى ذلك تشير نازك في تبرريها لهذا الهم وتجسيدا منها ايضا الى مفهومي السبب والنتيجة تقول عن الشاعر : تلك مأساته يبيت الليالي ساهد اللحن راثيا للحيارى كلما أنَّ في الدياجير مظلوم ٌ بكى الشاعر الرهيف وثارا أبدا ً يرقب المدى ويناجي الليل روحا وجبهة ً وشفاها في حياة ٍ يرى الخليُّ ضحاها ويعيش الفنان تحت دُجاها يرقب الأشقياء أنّاتهم تجرح احساسه تعز عليه دمعة ٌ في جفونه وصلاة ٌ من حنان ٍ تذوب في شفتيه وفي قصيدة اغنية الانسان ، نجد ( النسبية) نسبية النظرة الى السعادة فهي في البحث عن المال مرة وهي في الزهد مرة اخرى وهي في مايراه صريع الغواني او العشاق او السكارى او الشاعر الرائد او المصلح الاجتماعي او السياسي او الراعي اوالقس الخ ، والشاعرة في قصيدة مطوّلة تنثر لآلىء من الورد والاحساس الشاعري الجميل مؤكدة على نسبية الرؤى البشرية لمفهوم السعادة ولكن اكثرها اثارة للاعجاب وهذا نسبي أيضا ان تجد غنيا يشرب الموفور من الماء لكنه ظامئ ، من حيث يدري ولا يدري ، الى كوثر الروح : غرقوا في الضياء والعطر لكن ليس فيهم قلب ٌ يحس الضوءا وتمر الأنهار في أرضهم تسقي شفاها وتترك الروح ظمأى تلك إغفاءة القصور يموت الحس والشعر في حماها الضنين ِ آه فلنمض ِ باحثين لعل الكون يفضي بسره المكنون وتمضي الشاعرة الى الانسان وعوالم الحيوان والنبات والحجر وتستنطق الارض والسماء وكل مقادير الوجود لتتسائل ماهي السعادة وفي كل مرة هي نسبية يراها كل ٌ عبر نافذته وربما حسب وعيه ! وما اروع أحمد الصافي النجفي الذي لخص الأمر قائلا : وتأتي رزايانا على قدر حسِّنا ورب سعيد ٍ وهو يغمره ُ البؤس ُ وفي ديوان شظايا تكتب الشاعرة عن النفس كمفهوم فلسفي تناوله الفلاسفة ومن ابرز القصائد تاريخيا في هذا الصدد قصيدة ابن سينا " نزلت اليك من المحل الأرفع " والتي عارضها شوقي ، كما كتب بهذا الصدد الكثير لسبر غور النفس الانسانية وتأمل كنهها . كتبت الشاعرة عن الذهول النفسي في قصيدة الخيط المشدود في شجرة السرو، كما كتبت عن غموض النفس في لوحة قل نظيرها . وتحيلنا في هذا الى ماهية الذات او ذوات الاشياء ، والماهية ببداهة هوكل مايقال جوابا على ماهذا ؟ : المبهم في روحي يبقى في ابهامه دعه لا تسأل عنه ، عن أنغامه دعني في ألغازي العليا ، في أسراري في صمتي ، في روحي ، في مهمه ِ أفكاري في نفسي جزء ٌ أبدي ٌ لاتفهمه في قلبي حلم ٌعلوي ٌ لاتعلمه دعهُ ، ماذا يعنيك لتسأل في اصرارْ الحب ُّ يموت اذا لم تحجبه أسرارْ إني كالليل : سكون ٌ ، عمقٌ ، آفاق إني كالنجم : غموض ٌ ، بعد ٌ ، ابراق فافهمني إن فُهم الليل ُ ، افهم حسي والمسني إن لُمس النجم ُ ، المس ْ نفسي . كما كتبت الشاعرة ماهو مبدع وجميل في نقيضين آخرين او مفهومين فلسفيين معروفين هما السكون والحركة ، والسكون عند نازك هواضافة مختلفة للتوصيف المادي الجدلي الذي يعتبره نسبيا والحركة مطلقة ، فهو في نظر الشاعرة يختبئ –أي السكون - تحت كل حركة وبهذه الحالة فالسكون حالة ابدية مستقلة قائمة بذاتها عدا نسبيتها ! " قالوا السكون اسطورة حمقاء جاء بها جماد ْ يصغي بأُذنيه ويترك روحه تحت الرماد لم يسمع الصرخات يرسلها السياجُ وقصائص الورق الممزق في الخرائب ، والغبار ومقاعد الغرف القديمة ، والزجاج غطاه نسج العنكبوت ، ومعطف ٌ فوق الجدار . " وفي الفناء وهو القانون الأبدي الذي لابد منه ، تقول نازك متوجعة من هذه الحقيقة الكؤود : لحظة الموت لحظة ٌ ليس من رهبتها في وجودنا المر حامي وسيأتي اليوم الذي نحن فيه ذكريات في خاطر الأيام ِ كل ُّ رسم ٍ قد غيّرته الليالي كل قلب ٍ قد عاد صخرا ً أصما دفنت عمرنا السنين كأن لم نملأ الأرض بالأناشيد يوما ليس الاّ صوت العواصف فوق المدفن الصامت الرهيب الستور ِ وحفيف النخيل في رعشة الريح ونوح الأمواج بين الصخور ِ والشاعرة نازك ، اضافة الى توجعها من الظاهرة المفجعة أعلاه فانها ذات موقف أخلاقي من الموت معبّرٌ عنه بحب الحياة وضرورة عيشها والابتهاج بها : ياجموع الاحياء في الارض هيهات يعود الماضي الجميل اليكم فاغنموا ليلكم وغنوا فمَن يدري ؟ لعل الصباح يقضي عليكم . وفي سبر حقيقة الحياة المعاشة يطل الوهم فاذا بالحياة طيف عابر ، تقول شاعرة الإحساس المرهف في هذين المفهومين الفلسفيين ايضا ( الحقيقة والوهم ): ذهب الأمس والطفولة واعتضْت ُ بحسي الرهيف عن لهو أمسي كل مافي الوجود يؤلمني الآن وهذي الحياة تجرح نفسي قد تجلّت لي الحقيقة طيفا ً غيهبيا في مقلتيه جنون ُ وتلاشى حلم الطفولة في الماضي ولم يبقَ منه الاّ الحنين ُ والزمان والمكان مفهومان فلسفيان تتناولهما الفلسفة في تعريفات ومصطلحات تتوخى الدقة العلمية ، وتتناوله الشاعرة حسيا في معاناة الانسان المرهف من التلاشي في مدار الزمان : الزمان يسير بدقائقه المبطئآت الثقال ْ ساحبا ً خلفه العربات الثقال ْ مثقلاتٍ بأسرارها الكائنات الزمان يسير ُ، يجر الحياة ، وهنالك ، فوق بساط الرمال أثرا من خطى العجلات لم نزل نحن ، في كل كف ٍقَدُوم لم نزل نحفر الأرض في وحشة ٍ ووجوم نحن نبكي هنا والزمان يسير نحفر الأرض ، نبحث عما أضعنا هنا والزمان يسير . وفي اسئلة فلسفية مريرة تتشظى في اعماقها شاعرية عذبة تمازج مابين حيرة وجودية شاهقة وانين كامد يفضي الى معاينة الذات في ذهاب مريب مع تلاشي (الزمان والمكان ) وهي لاتفسرهما بحرفية المصطلحات الفلسفية ولكنها تلامسهما كمفهومين محسوسين حياتياً : الليل يسأل من أنا انا سره القلق العميق الأسودُ أنا صمته ُ المتمردُ قنّعت كنهي بالسكون ولففت قلبي بالظنون وبقيت ُ ساهمة ً هنا أرنو وتسألني القرون أنا من أكون ؟ والريح تسأل من أنا أنا روحها الحيران أنكرني الزمان أنا مثلها في لامكان نبقى نسير ولا انتهاء نبقى نمر ولابقاء فاذا بلغنا المنحنى خلناه خاتمة الشقاء فاذا فضاء ! . وفي الفقر والغنى : لم تمتلك الشاعرة سوى أرقى الجماليات ، الآ وهي الاحساس بالمحيط الناعس الرومانسي ، الشعور بعذوبة ايقاع الحياة ، التأمل السامي للضفاف والأقمار والغصون ولحن الحياة ودفئها وعبيرها المبثوث في الأرجاء ، انه الغنى بحاله ! كيف ؟ انها مفارقة في الواقع انك عندما تمتلك تنشغل بملكيتك ومخاوفك وارقامك وتجارتك ومواعيدك وذكائك في تراكم ملكيتك وصراعك المرير وبالتالي لاترى ! لاتقوى ان ترى جمالية خيط من شعاع جميل على نهر وماروع مارأى السياب على سبيل المثال : عيناك غابتا نخيل ساعة السحر او شرفتان راح ينآى عنهما القمر عيناك حين تبسمان تورق النجوم وترقص الأضواء كالأقمار في نهر فكيف ياترى نظرت نازك الملائكة الى البهاء الكوني من دون امتلاك ! : مروا بكنزك سائلين مسكينة ما تملكين بيضاءُ : نحن ُ أنا وأنت ِ سنكتم السر المثير ْ سري وسرك لن نبوح به الى الركب الضرير ماذا ملكنا ؟ لاضياع ولاعبيد ولاقصور لاشيء الاّ رعشة القمر المرنح في الغدير وغناء انسام المساء المخمليات المرور وصداقة العصفور والفجر الملون والعبير ومودة الشمس الحنون وقبلة المطر الغزير ووساد اعشاب وثير ْ وارحمتا للسائلين وسؤآلهم ماتملكين وفي أغرب قصيدة شعرية نادرة ، تتناول الشاعرة وجود الأشياء وتفضل عدمها ، كما تفضل على الحضور مايغيب منه ويختفي ، فان ذلك أدعى للحنين الى ماهو قادم ! القادم الذي لايجيء هو المرارة والتطلع بلوعة الى جهته ، ان الغياب يمنحنا الشاعرية ، أما حضور الأشياء فهو كالماء المبذول ، يكون الظمأ الى عدم وجوده هو الشوق اللآهث باتجاهه ! وهذا يذكرنا بقصيدة للشاعر الانجليزي كيتس الذي يتمنى ان لايحظى بقبلة من شفاه العرائس اللواتي يجري وراءهن من أجل تلك القبلة ! اذاً فالممكن هو العادي والمبذول ، والمستحيل هو مدى فسيح لتوهج الذات ومن هنا تتشعب أسئلة حارقة حول الامتلاك ! هل سنتذكر قطط دانيال في دروب الحرية لجان بول سارتر ؟ هل سنتذكر انتظار جودو ؟ الأمل الذي يجيئ ولايجيئ ، هل سنتذكر ونتذكر !!! دعنا مع قصيدة الشاعرة المبدعة نازك الملائكة : وماكنت أعلم أنك ان غبت خلف السنين تخلف ظلك في كل لفظ ٍ وفي كلّ معنى وفي كل زاوية ٍمن رؤآي وفي كلّ محنى وماكنت أعلم أنك أقوى من الحاضرين وان مئآت من الزائرين يضيعون في لحظة من حنين يمدُّ ويجزر ُ شوقا ً الى زائر ٍ لم يجيئ . ولو كنت جئت َ ... وكنا جلسنا مع الآخرين ودار الحديث دوائر وانشعب الأصدقاء أما كنت تصبح كالحاضرين وكان المساء يمر ّ ونحن نقلب أعيننا حائرين ونسأل حتى فراغ الكراسي عن الغائبين وراء الأماسي ونصرخ أن لنا بينهم زائرا ً لم يجىء ؟ ولو جئت يوما – ومازلت أُوثر أن لاتجيئ لجف عبير الفراغ الملوّن في ذكرياتي وقص ّجناح التخيّل واكتأبت اغنياتي وأمسكت في راحتي ّحطام رجائي البريءْ وأدركت أني احبك حلما ومادمت قد جئت لحما ً وعظما سأحلم بالزائر المستحيل الذي لم يجيء ْ ان نازك الملائكة تعمل تحت ظلال المفاهيم الفلسفية كبروق والتماعات قريبة وبعيدة وتوحي بها ، فتعبير " سأحلم بالزائر المستحيل" يلقي بالممكن في الغياب وعدم الاكتراث . وتحت مفهومي الممكن والمستحيل يتحفز هذا الكوكب وربما سواه نحو جماليات الكشف عن معطيات العلم وثماره وفوائدة وما نجرؤ على جعل المستحيل ممكنا على سبيل المثال : قالوا لنابليون ذات عشية ٍ اذ كان يرقب في السماء الأنجما هل بعد فتح الأرض من امنية فأجاب انظر كيف تُفتتح السما بينما الممكن هو السائد المتعارف عليه والذي لايجدر الوقوف عنده كحائط مبكى الى ابد الآبدين وهذا مايدفعنا اليه الفكر السائد والرجعي المحافظ المتشدد بالبقاء في حدود ما لايمكن تجاوزها وهذه علة اخفاقنا الحضاري . اصرار نازك الملائكة على يوتوبيا الحسن والبهاء الخالد في حياتنا العملية او الحلم بعالم روحاني آخرتسود فيه العدالة والجمال وربما الاستقرار النفسي في حالة من الانتشاء والقناعة المتجددة ! وليس المتحجرة هو روح قصيدتها : سأبقى تجاذبني الامنيات الى الافق السرمدي البعيد وأحلم احلم لااستفيق الاّ لأحلم حلما ً جديد أقبل جدرانها في الخيال وأسأل عنها الفضاء المديد وأسأل عنها انسكاب العطور وقطر الندى وركام الجليد وأسأل حتى يموت السؤآل على شفتي ّويخبو النشيد وحين أموت .. أموت ُ وقلبي على موعد ٍ مع يوتوبيا . وفي مفهومي الجزء والكل قالت نازك الملائكة وهي العاشقة لكل القلوب والباكية لآلامها ، والتي تضع نفسها كجزء عاطر ونبيل ومتفان ٍ إزاء كل ٍ حزين ظامئ ٍ ومبعثر ... يالها من جَنان انساني العاطفات كليّاني المحبة ، نازك الملائكية الوجد طوبى لها : أنا أبكي لكل قلب ٍ حزين ٍ بعثرت ْ اغنياته الأقدار ُ واروّي بأدمعي كلّ غصن ٍ ظامئ ٍ جف غصنه المعطار ُ إن شعر نازك الملائكة صياغة فذة من التفلسف والشعر في قلادة نادرة من الجمال على صدر الشعر العراقي الحديث ، وهو مفخرة ، وهو بحد ذاته نجمة مؤتلقة في وادي عبقر وسموات الإبداع العالمي . لها في حياتها وفي يوتوبياها رفيف الورود وعبير النسائم التي طالما حلمت بها ، ولوداعها أنقى وأحر الدموع .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |