ما مصير ومستقبل العراق بعد عامين !؟ 

ضياء الهاشم

diaa_alhashim@hotmail.com

وسط تصاعدا لنداءات من خارج الكتل المشكلة للحكومة العراقية الحالية والممثلة في البرلمان العراقي وبصورة مباشرة ، وتلميحات من قبل أطراف مساهمة في الحكومة بضرورة الإسراع في الإعداد لانتخابات مبكرة وحل البرلمان ، كأداة ووسيلة للخروج من مأزق النفق المظلم الذي دخلت به العملية السياسية في العراق وحلا لإشكاليات المحاصصة الحزبية والطائفية والعنصرية ، يتعقد المشهد السياسي العراقي أكثر فأكثر ولا يبدو مع وجود المحتل أي إشارة إيجابية لتغيير الوضع السياسي نحو الأفضل .

فالفرقاء السياسيون في العراق لم ينضجوا بعد برامجهم التي تنسجم مع توجهات المحتل من جهة ، ولا تلك التي تتناغم مع طموحات الشارع العراقي المؤهل لتغيير الخريطة السياسية وفق المعطيات التي توفرت أمامه وأبرزتها التجربة الديمقراطية وما أفرزته نتائجها المخيبة لآمال شريحة واسعة من الشعب العراقي من جهة أخرى.من تلك النداءات جاءت مناشدات موجهة لشخص رئيس الوزراء بحل البرلمان وتعويضا عن الفشل الحاصل في الأداء الحكومي والعجز المتمثل بالقفز على خيارات الهروب  من الواقع الذي صنعته أيدي الساسة أنفسهم ، لجأ أغلب المتنفذين في الدوائر الرئاسية إلى تعليل الفشل الحاصل بأداء الحكومة إلى ضعف الدولة وقلة هيبتها من جراء التدخلات المباشرة من قبل المحتل الأمريكي أو تلك التدخلات التي تثار من قبل التيارات السياسية المشكلة للحكومة، وجميع تلك الممارسات تلقي بظلالها على فشل التحركات القائمة على مبدأ رد الفعل من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.ففي آخر دراسات لصحيفة لوس أنجلس تايمز الأمريكية عن الوضع في العراق أشارت  الصحيفة إلى أن " نوري المالكي شخصية معزولة بشكل متزايد وغير فعالة أو مؤثرة ، تعوزه الثقة بالنفس ويفتقر إلى السرية وغير قادر على كسب ثقة الناس وأنه لم يكن مقبولا أبدا ليصبح رئيسا للوزراء " .

وقد يكون هذا الرأي الرسمي لصانعي القرار الأمريكي وواضعي السياسات الخارجية الأمريكية عن شخص رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، فهم لم يتوانوا عن توجيه نداءات الإسراع بضرورة تنفيذ ما يقروه من وصايا قد تشكل عبأ حقيقيا على شخص رئيس الوزراء أمام العديد من التحديات التي تقف حجر عثرة في وجه تقدم  دفع العملية السياسية إلى مرحلة متطورة  تتعدى إشراك الكثيرين من السنة العراقيين فيها.

ولعل المتتبع للأحداث يستقرئ جملة من التطورات في هذا المضمون، أكثرها إحراجا هي التردد في تحديد المواقف والأولويات  واتخاذ الرأي الناضج والمدروس ومتابعة الواقع بكل حيثياته .

ففي هذا الجانب كانت تحصل في العراق عملية تصادم  بين الأفكار المطروحة من قبل المحتل الأمريكي من جهة والحكومة العراقية متمثلة

بشخص رئيس وزرائها ، وبين التباين الحاصل في وجهات نظر الكثيرين من شركاء الوطن والمساهمين في العملية السياسية من جهة أخرى .والاهم من كل هذا يبرز اليوم دور السياسيين المحنكين للعب المساومات السياسية مع الجهات الإقليمية  لا من أجل إنقاذ البلد من حافة الانهيار ، وانما لتفويت الفرصة على القائمين على تنفيذ البرامج السياسية ولكسب المزيد من الفرص للانقضاض على السلطة وبأي ثمن كان!

حالة التردد التي أنتبه أليها المواطن العراقي في تعامل رئيس الوزراء المتشكك بنوايا من حوله من السياسيين وحتى أولئك الذين هم من حزبه عدا من انتخبهم ليكونوا فريقه الاستشاري ، مع جملة من القضايا المهمة وذات الصلة بالوضع السياسي العراقي والمتمثلة بقبوله بعد رفضه العلني والمتكرر لانعقاد المؤتمرات الدولية التي تبحث الوضع السياسي العراقي خارج العراق ومسألة بناء الأسوار في أحياء بغداد الرئيسية والموقف من فكرة تسليح بعض العشائر السنية وعودة البعثيين من كبار الضباط في المؤسسات العسكرية والأمنية في العهد القديم وكذلك الذين شملهم قانون اجتثاث البعث من كبار موظفي الدولة ومسألة التفاوض معهم ، جميع تلك الأمور شكلت مؤشرا على ضعف الأداء والارتباك الحاصل في لعب الأوراق الصحيحة مقابل التمسك والبقاء في أعلى مراتب السلطة التي تتسابق الكثير من الأطراف المتآلفة والمتحالفة  للوصول إليها وبكل الطرق والوسائل المتاحة حتى أضحت فكرة الانقلابات تقض مضجع رئيس الوزراء ليل نهار ولم يترك التعليق عليها في كل

فرصة يتحدث بها عن حدث مهم وبات لا يعرف بمن يستنجد حتى أن مباحثاته المتكررة ولقاءاته مع بعض المتحالفين في حكومته لم تخلوا من شكواه ممن وصفهم بأنهم وراء فكرة أنشاء تحالفات جديدة يراد من وراءها الانقلاب وأغلب تلك الوساوس كانت تسببها الاستشارات المبالغ في حساب جديتها والمستندة على التشكيك وسوء الظن بالآخرين ولا تستند على الحقائق المستقاة من استنتاجات وتحليلات واقعية.

وستبدو الحالة على عكس ما يساء الظن بالمقربين ممن يريدوا الوصول لرأس السلطة على الرغم من تشابه في وجهات نظر العديدين من المعنيين بالشأن العراقي وتحديدا فأن الأيام القادمة لا تحمل في طياتها  من جديد على صعيد التغيير وان تكرر التصريح بأن الوضع  في العراق خطير للغاية وسواء جاء هذا التصريح من شخص مثل الرئيس الأمريكي بوش نفسه أو من خلال ما نقرأه من أفكار يبثها  أعضاء من الائتلاف الشيعي كان هدفهم  ولازال الوصول إلى درجة أكبر من سلم درجات صنع القرار السياسي في العراق، أو حتى تلك التوسلات التي يكررها وزير خارجية العراق مناشدا قوات الاحتلال بعدم الانسحاب وترك العراق قبل أن يحصل تحالفه على المزيد من تحقيق طموحاته عبر الوصول إلى مبتغيه  من خلال  وصف الحالة العراقية بلون لا يحمل في  جوانبه غير الضبابية وتصويرها بالضياع التام إن بقت الأمور تسير بدون وجود المحتلين.

وانطلاقا من خيبة  أمل المواطن العراقي البسيط والذي لا يوجد من يحسب حساب مصلحته، في قادة العراق الذين أوصلهم عبر صوته إلى مواقع السلطة والقرار بتوفير أرضية وبرامج تبعث على الحياة لتغيير واقع ذلك المواطن نحو الأفضل ، ولنفس السبب وان كان بقدر مختلف  فالمحتل الأمريكي له ما يبرر خيبة أمله  في أن يجد سياسيين عراقيين محنكين من الدرجة الأولى ومستعدين للتضحية في سبيل خدمة وطنهم ومواطنهم قبل مصالحهم الخاصة ، وليسوا مهرة في التآمر على بعضهم البعض فقط بل لابد وأن يكونوا مهرة في مختلف المساومات السياسية وعلى كافة الأصعدة، فأن ما ستأول إليه الأمور في الأيام القادمة  لا يتعدى سوى تغيير بسيط في نوع التحالفات الجديدة والتي تؤسس لمرحلة من تهاوي كتل كبيرة كانت ولا زالت تعاني عدم الانسجام فيما بين مكوناتها الرئيسية والتي أنفرط منها جزءا كبيرا وسيحكم الزمن على فشل

تجربتها عموما في الوصول بالعراق إلى بر الأمان والازدهار، ومن بروز لتيارات علمانية لا يتخطى حجم تمثيلها  بضعة مقاعد في البرلمان

مما يجعلها تبحث عن تحالفات مع تيارات انشقت من  تكتلات  انفرطت أثناء  العملية السياسية لتصبح غير قادرة على المساومة للوصول بدرجة تمثيلها للسلطة أو الحصول على حقائب وزارية مهمة.ويبقى التحالف المؤسس على أساس أثني قومي يجتذب كل الأطراف في العملية السياسية ليحتويها بتماسكه فتتسابق إليه بدورها جميع  الكتل الممثلة برلمانيا ولن تجد منه إلا تقديم المزيد من التنازلات شرطا في القبول بها  كحليف يمرر لها عددا من الحقائب الوزارية الخدميّة هذا إذا توفرت الإمكانية للعمل السياسي بعيدا عن إطار التعامل من جديد بنظام المحاصصة الطائفية والعنصرية وسيكون السياسيين  العراقيين مجبرين على ذلك كون الكتل الممثلة في البرلمان الجديد ستكون متباينة  جدا  في حجم  تمثيلها لأنها ستتخذ شكلا آخر من أشكال الظهور بسبب الضمور العددي لعدم الحصول على عدد كبير من الأصوات في الانتخابات القادمة لما تشهده الحركة الديمقراطية من نضوج في الوعي عند المواطن نتيجة الغبن الذي مورس بحقه في الانتخابات السابقة والتي ستكون نتيجته حتما تشتت عدد كبير من الأصوات وضياعها موزعة بين الكيانات التي لن تحصل على ثقة المزيد من الناخبين في المرة القادمة.ولن تكون في البرلمان كتل متقاربة في عدد المقاعد وان حصل فهذا مع الكتل الصغيرة وليست على مستوى الكتل الكبيرة تحديدا، شريطة أن تسير الانتخابات وفق نهج سليم ومراقبة دولية من قبل  المنظمات العالمية ولا يسودها أي شائبة في تزوير أو تلاعب من فئة على حساب فئة أخرى وأن يفعل دور الآليات الحديثة المعتمدة عالميا في عد الأصوات والنقل وتوفير الحماية لمراكز الاقتراع وحتى المتعلق منها في اختيار العناصر الكفوءة والمدربة للعمل في الانتخابات بعيدا عن ما متوفر من نماذج قد اختيرت بعجالة لتعمل في المفوظية  غير المستقلة للانتخابات العراقية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com