تحية من الاعماق
نشر الاخ الفاضل الاستاذ حمدان العبل مقالة في موقع صوت العراق الاغر بعنوان (مناقشة هادئة لأفكار الجميل الساخنة ) يوم 21 حزيران / يونيو 2007 ، وهو يعتب عليّ بلياقة رائعة ، انني اصبحت متبرما حانقا على العراقيين في مقالاتي الاخيرة ، بحيث استخدمت لغة التعميم والفوقية والتعالي وجعلت من نفسي وصّيا على العراقيين .. وحاشا لله ان اكون كذلك ، وحاشا ان اكون قد قصدت كل العراقيين الطيبين ، مع ايماني الحقيقي بأن ثمة امراض ورزايا ابتلي بها المجتمع العراقي بعد التوغل الجاد في طبيعة السايكلوجية العراقية ومقارنة منتجها عبر الزمان والمكان ، وهذا ما لا ينكره أحد والا نكون من الديماغوجيين .. وهنا يستوجب منّا جميعا معالجة الاخطاء والخطايا بكل الوسائل الخيرة وبكل الاساليب الهادئة ..
اقول : حاشا لله ان اتعالى على اي عراقي في هذا الوجود .. اذ انني مؤمن بقيمة هذا الشعب ، وانني ادرك ادراكا حقيقيا طبيعته وتاريخ ارثه الرائع عبر طول الزمن .. واعرف مدى جلده وصبره وسمو تقاليده وعظمة سجاياه وقوة عطائه وعزة نفسه وشجاعة رجاله وعفة نسائه واصالة اهله ومهارة ابنائه .. انني على قناعة تامة ـ كما قلت مرارا وتكرارا ـ ان مجتمع العراق قد صادف من الاهوال والكوارث والمصائب ما لم يصادفه غيره من شعوب المنطقة او العالم أبدا خلال العقود الزمنية الماضية، ولولا تماسكه واصالته وعمق جذوره وقوة ارتباطه بهذه الارض الطيبة لتفكك منذ زمن طويل بعد ان صادف من النائبات والاحن ما تعجز عنه كل المواصفات .
انني وهذا " التفكير " و هذا " الايمان " الذي احمله لا يمكنني ابدا ان اشمل واعمم القول ابدا .. ولكن من طرف آخر ، لا يمكننا ان نضحك على انفسنا لنبقى نمّجد في سايكلوجيتنا العراقية ، ونجعل مجتمع العراق مثالي لا يمثّله الا الملائكة ، فهو يحمل بقايا موروثات صعبة وهو يعيش صراعا دمويا كارثيا لم نجد مثيلا له عبر التاريخ .. صحيح ان في كل مجتمع مثالب وانحرافات ، ومن مهمتنا ان نفصح عن اي خلل في السلوكيات او في التقاليد متوارثة كانت او مكتسبة ، وفي ظروف صعبة وقد تزداد او تنقص حسب قوة التربويات وزرع الافكار والتصويبات وتعديل المثالب ومحاولات العودة الى الانسجامات والتنبيه الى الاخطاء وما يرتكب من آثام وما يزاول من اساليب قبيحة تصل الى حد الذبح ، ولكي لا يستشري الداء لتغدو حالة عامة ، فيستوجب منّا التنبيه اليها ونقد من يزاولها كي لا تطرد العملة السيئة العملة الجيدة من السوق التي لا يمكننا التعامل الا معها.
انني لا يمكنني ابدا ان اعد نفسي وصّيا على العراقيين ، ولا اقبل ان يكون ايا منّا وصيا عليهم .. واذا كنت قد اوردت عبارة " وصايا الشفافية " كعنوان جانبي ، فهو عنوان كتاب ممتاز نشرته قبل سنتين الباحثة الكندية المعروفة جين اوستن وقد شخّصت ما يمكن حمله من عشرة اساليب في التعامل مع الحياة الحديثة ، ومن كتابها استفدت كثيرا في معالجة بعض الحالات .. وعليه ، ارجو ان يفهم مقاصدي كل الاخوة المهتمين .. ربما يعذرني كل الاصدقاء والقراء ان كتبت من دون اي تشخيصات لأسماء او حالات معينة ، فاعتبروا ما جاء في مقالي اساءة الى مشاعرهم المرهفة او ايذاء لكرامتهم العزيزة .. ان الاساءة ليست من طبعي ولا من اخلاقي ابدا . انني لا يمكنني البتة ان اتخّيل احدا يسيئ الى اهله وبني قومه العراقيين حتى لو اسيئ اليه ، وعليه ان يرد الاساءة بالاحسان . اشكركم يا اطيب العراقيين متمنيا من صميم القلب ان نكون كما تربينا عليه من سجايا العراقيين الحقيقية ، وان نعالج الامور والخلافات بيننا وتباين افكارنا بمنتهى الهدوء والحسنى والمعروف والشفافية وارجو ان تنصلح امور كلّ من شذّ عن الطريق مع خالص محبتي واسمى تقديري .
العودة الى الصفحة الرئيسية