صنع في العراق

سعد الركابي

rikabisumar@yahoo.com

امر غريب ان يكون مافي البلد مستوردا جملة وتفصيلا ...من الاجبان الى الخضراوات الى مساحيق التنظيف الى الملابس النسائية لايمكن تعداد وتصنيف المواد التي تستورد من الخارج . فالسوق العراقية الضخمة التي لا تمتليء ابدا رغم قوافل الشاحنات التي تجوب الطرق السريعة والبطيئة  تبتلع يوميا عشرات بل مئات الاطنان من البضائع المستوردة التي لايطول بقائها على رفوف الباعة قبل ان تتحول الى ايدي المستهلكين...المشكلة في كل هذا ان الغالبية العظمى من البضائع التي تغزو البلاد من كل حدب وصوب ربما تكون ذات مناشيء تصنف عالميا بانها رابعة او سابعة او عاشرة او حتى المائة مايبقي المواطن العراقي فريسة لعملية شراء وتصليح مستمرين تستنزف راس ماله المتواضع الذي يتعرض الى ضربات موجعة تحت مطارق الازمات الكثيرة من بنزين وكهرباء وبطالة وانعدام في الامن  ...

 سيل البضائع المستوردة الجارف الذي تحاصر به الاسواق والمراكز التجارية صار مساهما فعالا في امتصاص المليارات من العملة الصعبة المحلية التي تتدفق الى الخارج في حين يعاني ابن البلد البطالة علاوة على معاناته من تلك البضائع والاجهزة التي لايمكنها ان تتناسب مع ما يدفعه من مال لقاء الحصول عليها .ربما تكون المناطق الحرة توفر البضائع باسعار عالمية تقريبا ولكن الحقيقة تقول ان الغالبية العظمى منها من انواع وماركات لايمكن الوثوق بها ابدا  بل قد اثبتت التجارب المريرة ان العراقي صار لا يثق بكل مايشتريه مرغما لان السوق تخلو من بديل!!.

 الكل يتسائل عن البضائع والسلع والاجهزة ذات المناشيء اليابانية والالمانية والروسية والايطالية ولماذا لايقوم التجار والمستثمرون بالتوجه اليها حتى لو قاد ذلك الى فرق في السعر عن اشباه الازبال التي تطرح في السوق اليوم

والتي لايمكنك ان تجد مثيلاتها في اغلب دول المنطقة عدا العراق.

المريب في الامر ان الحركة الصناعية في البلد والتي تعرضت الى هزات عنيفة اطاحت بمفاصلها المهمة وركائزها الرئيسة لم تشهد توجها حقيقيا لأ نتشالها من صمت ماكناتها والكساد الذي طغى على العاملين فيها بل ان من الملاحظ ان الكثير من الصناعات البسيطة كالاجبان والالبان قد انهارت واختفت هي الاخرى لتحذو الجبنة واللبنة حذو الخيار والطماطم  التي تشترك جميعها في كونها تصنع في خارج العراق وتستورد بايدي عراقية ...قبل ايام كنت في عيادة طبيب وشاهدت فيها قوافل من النساء والرجال الذين ينتظرون دورهم للعلاج ..كان العدد ضخما ما اثار فضولي فسالت عن اختصاص الطبيب وعرفت انه طبيب عقم ...العامل في العيادة شرح ان اعداد الذين يعانون هم وازواجهم من عدم الانجاب تتضاعف بنسب مذهلة ومثيرة للعجب .

عندما خرجت من العيادة كنت مقتنعا تماما بان الجبنة واللبنة ليست مهمة جدا طالما ان الانسان العراقي نفسه يعاني من شحة المصنوع في العراق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com