الاعلام هذه المهنة التي لاتخلو في اي وقت من المتاعب والمصاعب والهواجس والهموم هي ايضا لا تتخلى عن الحقيقة كثابت اساس من الثوابت التي يعتد بها ويعتمد عليها في العمل الاعلامي والذي بخلافه لايكون في امكاننا ان نتوقع استمرار تلك المؤسسة في اداء عملها وتقديمها المفيد والنافع والناجح الا لفترة وجيزة جدا ...الاعلام بلا حقيقة لايمكن ان يكون اعلاما ...ومن يسخر قلمه وأمكانته الأعلامية لتصدير الأكاذيب وأشباه الحقائق سيكون الأقرب لاطلاق اي صفة اخرى عليه دون ان يكون اعلاميا ...ما نراه في الوقت الراهن من تسخير كامل للوسائل الاعلامية بما تضمه من كوادر وكفاءات وطاقات وموارد مالية من اجل تشويه وتظليل وقلب للحقائق ...هناك فرق هائل طبعا بين ان تكون للوسيلة الاعلامية سياسة معينة تنبثق من وجهة نظر وقناعات مؤسسيها او مموليها او القائمين عليها وبين ان تنحو منحى تظليلي او مجانب للحقائق في كل شيء ...وللاسف الشديد هناك الكثير من الوسائل الاعلامية ومن الاقلام الصحفية التي اثبتت قدرة عجيبة على القيام بهذا الدور بنجاح منقطع النظير ..
مما يجعلنا نقف كثيرا ازاء هذه الظاهرة الغريبة التي اصبحت واسعة الانتشار في اكثر من وسيلة اعلامية وعن الاسرار التي تقف وراء الأنكفاء الأهوج من قبل البعض على أنتهاج سياسة غير صادقة او مغيبة للحقائق ...
من المؤسف حقا ان نجد ان بعض من الاخوة الاعلاميين خلعوا عنهم رداء الحقيقة وصفة المهنة الجالبة للمتاعب بشغبها وبحثها عن الحقيقة وابتدع له دورا اخر لايمكن تعريفه دون اللجوء الى وعاظ السلاطين للدكتور الوردي فالقى القلم بعيدا ...وحمل بدلا عنه فرشاة الطلاء يقوم بواسطتها بتلميع صور البعض من المسؤولين الحكوميين وكل على هواه وربما بموجب مصالحه الخاصة ...ان المجتمع الذي يرى في الاعلام الناشيء مايبشر بالكثير من الخير من ناحية الكم والنوع لايمكنه ان يستمر بممارسة دور المستغفل الذي يريد البعض من المحسوبين على الاعلام والصحافة ان يجعلوه قرينا للمرحلة الحالية ويؤسسوا لمراحل قادمة ايضا ..ففي الوقت الذي ينهش فيه شبح الفساد الاداري والمالي بدن الدولة والمجتمع ويستنزف موارد الوطن ويقوم بالحد من اي تقدم منشود لاصلاح وتاهيل البنى التحتية في عموم البلاد في الوقت الذي يقوض الكثير من فرص التقدم لانعاش المواطن البسيط والتقليل من همومه اليومية ...الاقلام التي تقوم بتنفيذ واجبات غامضة مامن شك بأنها مدفوعة الاجر مقدما او مؤخرا تسيء كثيرا الى الاعلام في الوطن ككل والى كل الكتاب ودعاة الحقيقة الذين لازالوا يتمنون ان يكون اعلامنا الجديد بحجم المرحلة وجسامة تحدياتها لا ان يكون مجرد ابواق بائسة تردد اكاذيب واشباه حقائق لا نظن بانها تنطلي على القاريء او المتلقي ...اذا كانت الحكومة جادة في التصدي لظاهرة الفساد الاداري فيجب ان تكون هناك حملة لفضح الاعلام الذي يموه القاريء ويظلل الراي العام وصولا الى الحالة التي يوضع فيها الحرف المناسب في الموضع المناسب .
العودة الى الصفحة الرئيسية