|
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها قوانا الدينية والوطنية للمضي بالمشروع التغييري البنيوي في العراق الجديد وما لازم البناء المؤسسي من عراقيل ومؤامرات داخلية وخارجية في محاولة لاعادته لما قبل 2003، غير أن الحقيقة المثيرة للريبة والقلق في هذا الاطار هو استمرار الاخطاء الاستراتيجية الخارجية التي نعتقد بضرورة اعادة قراءتها للواقع العراقي مع الاخذ بالاعتبار الكيفية التي يتم التعامل بها معه، فتسليح المجاميع غير المنضبطة ذات الامتدادات القاعدية يضاف الى قائمة الاخطاء اللاحقة التي ارتكبت في العراق، فالتسليح غير المبرمج البعيد عن الاطار الوطني الحكومي سيضع تلك المجاميع بمصاف منظمة خلق الارهابية وغيرها التي كانت ولا زالت مصدر ازعاج وتعكير صفو العلاقات العراق - اقليمية التي بها تحول العراق الى قاعدة واسعة للارهاب، فلا مجال للتراجع او التردد لملاحقة وتفكيك تلك الشبكات الاجرامية من القاعدة والصداميين وذلك من خلال العمل الامني المشترك، اذ لا يمكن فصله عن محوره السياسي على ذات القدر من الفاعلية بعد أن ضاق الخناق عليهم اثر الضربات الموجعة التي تلقاها اعداء العراق بخطة فرض القانون، فهي تتوالد بشكل انشطاري اذا ما وجدت الارضية الخصبة لها، حيث لا يمكن تجاهلها وحصرها في ساحات الوبائية فقط، اما تغييرها الديناميكي باستهداف اماكن العبادة وحرب تدمير المساجد فهو لا يقل فجاجة عن الاحزمة والعبوات الناسفة التي تطال الابرياء العزل، والتهجير القسري الذي ارادت به تغيير ديموغرافية المناطق العراقية المختلطة، مما يؤكد على النموذج الدموي التكفيري السيئ، بكل ظروفه ومناخاته السياسية والايديولوجية وهو سلسلة انفصالية وجنون مس هؤلاء الذين يرتكبون الفضائع التي لا يقرها شرع سماوي ولا وضعي، ولا عرف حتى عند أكثر المجتمعات تخلفاً، فقد اثبتت السنوات الثلاث الماضية ان لا سبيل لتحقيق الأمن في العراق الا من خلال دعم حكومة الوحدة الوطنية والتوجه نحو المصالحة الحقيقية بعيدا عن الاستئثار الذي يحاول البعض اعادة انتاجه، والاقرار بجدية التحرك نحو خطاب وطني موحد يضمن العدالة في التعامل مع اطياف الشعب العراقي كافة، فضلا عن احترام المعطيات الديمقراطية ووقت استجداء الدعم الخارجي الذي يعطي البعض المسوغات للتدخل بالشأن الداخلي وبالخصوص الجوار الاقليمي بهدف تصفية الحسابات او الاطاحة بالاستحقاق الوطني، مضافا الى التجرد من التخندق الطائفي، الذي سوف يسهم وبشكل فعال في تطييب النفوس ومحاصرة العنف، لاسيما بعد الانعطافة الحقيقية في الشروع للدور البنائي للمؤسسة الحكومية القادرة على اشاعة الامن والاستقرار في العراق، فهو ذاته الذي يعمل على تطوير وتنمية بنائه التحتي المستقبلي، فقد تمكنت المرجعية الدينية المباركة والقوى الوطنية المنضوية تحت اجنحتها من السيطرة على الساحة العراقية بعد الاحداث المأساوية التي طالت سامراء وغيرها من المدن العراقية، حيث تمكنت من تحديد مكامن العنف الذي حاول أعداء العراق جره إلى مستنقع الاحقاد، كما خسرت الرهان باشاعة الفوضى في المناطق الامنة وستبقى كذلك بوعي القيادات السياسية والقواعد الجماهيرية الوطنية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |