|
النقاب التحدي السياسي .... مابين الاندماجوالعزلة المقدمة منذ ان تغيروجه العالم بعد احداث 11 سبتمبر عام 2001 تتوالى القرارات بحق العالمين الشرقيوالغربي فمنها ما تتجه جغرافيا" نحو شرقوسط جديدومنها ماتهدف الى خدمة المعلومات الامنيةوالتي تخص جزئيات الحياة الفردية ،ومن هذه الجزئيات دعوة رئيس مجلس العموم البريطاني جاك سترو النساء اللواتي يزرنه في مكتبه في بلاكبورن شمال غرب انكلترا الى نزع النقابوالكشف عنوجوههم باعتبار انه يمثل حالة من العزلةوعدم الاندماج التي تسعى الحكومة الانكليزيةوبعد احداث مترو القطارات اتباع سياسة اندماج الجاليات مع المجتمع الانكليزي .وبالرغم ان دعوة سترو حظيت بتبرير من قبل رئيس الوزراء توني بليرواربع منوزرائه كما ان بعض الدوائر الرسمية في لندن لم تخفي قلقها من ازديادونمووتأثير ارتداء المظاهر الاسلاميةورموزها المتشددة على الشارع الانكليزيوتعتقد إن المجتمع البريطاني اصبح اكثر استقطابا" نحو العرقوالدين إلاّ ان تلك الدعوة جوبهت من داخل البرلمان بمعارضة تخشى على مستقبل الحقوقوالحريات المدنية للفرد ، كما انها اثارت جدلا" فقهيا"واسعا" على مستوى حكم الشريعة الاسلامية حول النقابوأمام من يعتبره إرثا" إجتماعيا" تواتر ظهوره قبل مجيء الاسلام منذ القرون الوسطى . اثارت مطالبة رئيس مجلس العموم البريطاني جاك سترو النساء اللواتي يزرنه في مكتبه في بلاكبورن شمال غرب انكلترا بنزع النقابوالكشف عنوجوههم مؤكدا انه لايرغب بهذا النوع من الحجاب لانه يشير الى العزلةوعدم الاندماج مع المجتمع البريطاني اثارت جدلا سياسياوثقافياوفقهياواسعا خاصة على مستوى الحريات المدنيةوالانعكاسات التي يمكن ان تخلفها تلك التصريحات على الاقلية المسلمة التي تقدر 1.6 مليون نسمة .ولم ينحصر هذا الجدل داخل اطار الدائرة المحصورة في المملكة المتحدة بل انتشرت تداعياته الى الدول الاوربية الاخرىودول العالم الاسلاميوكانت مصر من اكثر الدول التي نالتها تلك المعركة الجدلية الخاصة بالحجاب, فقد عبروزير الثقافة المصري فاروق حسني عن رأيه في الحجابواصفا ايّاه بأنه عودة الى الوراءوانه يتفهم معنى حرية التعبير عن الرأي ( كونه عاش فترة في الغرب ) ممّاواجه حملة اعلامية شرسة اندلعت ضدّه من قبل جماعة الاخوان المسلمينوجماعات اخرى سلفية تطالب بأستقالته. وعلى المستوى الاوربيوافقت حكومة اليمين الوسط في هولنده على فرض حظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة بما في ذلك الشوارعواثناء ركوب السيارات الخاصةوعللت الحكومة هذه الخطوة بأعتبارها امنية ,وفي ايطاليا صرح رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي ( ان النقاب يسبب صعوبات في البلد) فيما ردّ مارتينو رئيس مجلس العدلوالسلام في الفاتيكان على سؤال عن ارتداء النقاب اجاب ( ان الوافدين من معتنقي الدياتات الاخرى عليهم احترام تقاليد البلدان التي ينتقلون اليهاوثقافاتهاودياناتها )وقال (يبدو لي انه امر جوهري له مبررات قوية ان تطالب السلطات به ) . لم تخف بعض الدوائر الغربية من تأثير الحجابو النقاب على المعادلة الاجتماعيةوالثقافيةوالسياسية في الغربولهذا اتجهت الاراء الى ثلاث توجهات الاول هو الرافض لظاهرة الحجاب بكل اشكالهوتقف فرنسا في طليعة هذا الاتجاه ، اما التوجه الثاتي هو الذي يعتبر الحجاب مسألة شخصية تتعلق بحرية الشخصوقناعته الذاتيةوهذا التوجه سائد في العديد من دولوربا الشمالية , اما الثالث الذي يعتبر ايضا الحجاب مسألة خاصة لكن يحرم المحجبة الحقوق من العملوقطاعات اخرى .
سياسة الاندماج الحكومة البريطانيةومنذ احداث مترو القطارات 7 – 7-2005 التي اسفرت عن مقتل 56 شخص سعت الى ان تضع فيولى منهجياتها المهمة دمج الجاليات المسلمة داخل المجتمع البريطانيودفعت كثيرا الى هذا الاتجاه ، لذا ادّت تلك التصريحات الى نوع من الانقسامات الواضحة داخل اعضاء الحكومة الانكليزية مابين مؤيدومعارض لهاوانضم الى جانب جاك سترو رئيس الحكومة توني بلير الذيوصف التصريحات بالمنطقيةوالمبررة اضافة الى اربعوزراء منهم كوردن براون نائب رئيس الحكومة كذلكوزير الثقافة معتبرين ان النقاب يشير الى ظاهرة رمزية تهدف الى رفض الاندماجوالانخراط بالمجتمع البريطاني . اعلاميا الصحف البريطانية هي الاخرى لم تخفي قلقها من ازدياد المظاهر الاسلاميةونموّهاوتأثيرها على الشارع البريطاني ففي صحيفة الصنداي تايمز انتقد الكاتب فيلبس المسلمين الذين حملوا على سترووقال انهم على خطء مشيرا في مقاله ( ان المؤشرات الاخيرة تدل على اننا كمجتمع اصبحنا اكثر مستقطبين نحو العرقوالمعتقدوالدين ). بالمقابل لقد رفض فريق آخر داخل الحكومة دعوة سترو بأعتبارها تتقاطع مع قانون الحريات المقررة في البلدوان النقاب يعد مسألة شخصية تتعلق بحرية الفردوقناعته الذاتية . وقد تم فصل معلمة اللغة الانكليزية في مدرسة ابتدائية مؤقتا بعد اصرارها على ارتداء النقاب اثناء التدريس كان قد طلب منها لبسه في كل اماكن المدرسة ماعدا داخل صف التدريس لكي يتمكن الطفل من فهم التلفظ .
حظر النقاب خطوة استباقية على صعيد الجالية الاسلامية في انكلترا،ظهرت ردات فعل متباينةوواضحة بين الاوساط المختلفة مابين الاستنكاروالقبولوالاعتدال لدعوة جاك سترو . فالتيارات المتشددة لم تخف مخاوفهاواعتبرت التصريحات قد تمثل خطوة استباقية لاصدار قرارا يحظر لبس الحجاب اسوة بالقرار الفرنسي , فيما تعتقد بعض الجماعات الرافضة للنقاب ان هناك جماعات سلفية معينة تحاول ان تضع للحجاب مواصفات حسب هواها تريد ان تحجب المرأة من ان تخوض معركة قيادة عجلة التقدم الزمني الحاصلة في الحياة الاجتماعيةوالثقافية الى الاماموبالتالي تعتبر النقاب مفهوم يرمز الى التخلفوالرجعيةوان اللبس الذي يفهم منه الحشمةوالوقاروتغطية الرأس من دون تغطية الوجه بالنقاب هو المعيار الاسلامي الصحيح في هذا الوقتوالظرفوتذهب جماعات اخرى في رأيها بأن لايمكن قراءة الحشمة من خلال النقاب فلربما يستغل النقاب لغايات اخرى في النفس كأن يراد منه عدم ابراز هوية المنقبة لعمل مرفوض اجتماعياو امنيا .
الجدل الفقهي على صعيد الجدل الفقهي حول تعريف الحجابوهل يعتبر لبس النقاب حكما شرعيا اقرّه الاسلاموفرضه على المرأة ؟ فمن يرى من تلك المدارس الفقهية ان الاسلام لم يفرض النقاب اصلاوان كل مايجري هو في اطار مجرد اجتهاداتو انه اختيار شخصي يتناسب مع حجم الموروث الاجتماعي التي تتمسك به الاسرةو العائلة ,وعلى العكس لايتساهل المذهب المتشدد نحو هذه المسألةويدافع عنه بشدةوبهذا تكون هذه التيارات المذهبية المتشددة قد ابقت خصوصية الحديث عن النقاب مسألة معطلة ترفض ان تخضع الى نقاشات التطويروالاستحداث مهما تقدمت عجلة الحياةوتيارات العولمة الجارفة التي تحكمت في كل جزئيات حياة الفرد ابتداءا من التلفزة الى الشارع الغربي الى منتديات الانترنيتوالى كل ماتقع به الحياة المدنية الصارخة بل بالعكس ذهب البعض منها الى تجديد هذه الظاهرةواعتبر التمسك بها بقوة حالة ضرورية عنوانا للتحديوالغضب السياسي نحو العالم الغربيوصراعاته مع الشرق الاسلامي مستغلا لباس المرأة كأضعف نقطة للتحديوتشويه صورة الاسلام الصحيح امام الحاقدينو المنتقدين له في الغرب. ففي الوقت الذي تباينت الآراء الجدلية حول لبس النقاب بين المذاهب الاسلامية نجد ان هذا الصراع لايقل اختلافا بين فقهاء المذهب الواحد ايضا . فمذهب اهل البيت الذي يعتمد على استنباط الحكم من الاجتهادويخضع في كثير من مستحدثاتهومستجداته على الظرفوالعامل الزمني اختلفت اراء فقهاءه العظام حول هذه المسألة مابين الوجوبوالاحوط شرعاومابين تركه لقناعة المرأة المسلمةولكن اجمعوا علىوجوب رفعه اثناء الحجواتفقت كل المذاهب بهذا الخصوص . آية الله العظمى المرجع الكبير الميرزا جواد التبريزي (قدس سره) يجيب في مسألة رقم 338 حول جواز لبس النقاب في عرف مجتمعات تلزم الفتنةوالريبة ، (اذا كان موجبا" لجلب نظر الاجانب فلا يجوز ) .وفي مسألة 339 يرد حول حكم لباس غطاء الوجه للمرأة ( لابأس به،بل قد يجب اذا كان كشفه في معرض جلب انظار الاجانب اليها ).. فيما اجاز السيد آية الله العظمى علي السيتاني (دام ظلّه ) كشف الوجه ، ففي كتاب الفقه الميسر مسألة 620 تنص (( على النساء ستر البدن ماعدا الوجهوالكفين ))وجاء في مسأله 501و503 من باب شوؤن النساء ( يجوز للمرأة كشفوجههاوكفيها امام الناضر غير المحرم ، إذا كانت لاتخاف الوقوع في الحرام ،ولم يكن إبرازها للوجهوالكفين بداعي إيقاع الرجال في النظر المحّرمولم يكن موجبا" للفتنه بوجه عام ،وإلاّ فيجب عليها الستر حتى عن المحارم ) ، كذلك في مسألة (7) في كتاب الفقه الميسر جوّز للمرأة المنقبة خلع نقابها اذا كان لبسه يثير الشهرةو الاستهجان .وبالرغم من ان التعمق في تفسير الاستهجان ومدى محدوديته ونوعه وقواعد شروطه التي تتحول عندها الى حالة الاستهجان تبقى غامضة نوعا" ما قد تحتاج الى توضيح , لكن في جميع التفسيرات منح سماحة السيد السيستاني مساحة من الخصوصيةوالحرية في احترام رأي المرأةوخيارها على لبس النقاب كذلك اعتبره خصوصية تتعلق بالبيئةوالتقاليد ، سماحة آية الله العظمى السيد محد سعيد الحكيم اختلف عن كل المجتهدينوراح يضع مسوؤلية الوجه الجذاب للفتنه بأيدي الرجالوعليهم غض النظروليس لزوما" للمرأة ان تضع الخمار علىوجههاو تستره حتى إذا كانوجهها يثير الفتنه بجمالهوبذلك فهو خفف عن كاهل المرأة لبسه كما اجاز لهاوضع الكحل ايضا" ،وذلك حسب ما جاء في ردّه لسؤال هل يجوز للمرأة ان تستروجهها اذا كانوجهها يثير نظر الرجال اجاب ( نعم يجوز لها كشف الوجه من دون زينه غير الكحل ،ويجب على الرجل غض النظر عنها اذا كان بريبه) ، السيد آية الله العظمى ابو القاسم الخوئي (قدس سره) صنّف الخمار في دائرة الوجوب الشرعيوينضم اليه آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الذي يفسر سدل طرف الخمار الى الصدر مستلزم لستر الوجه استنادا الى الاية الشريفة (وليضربن بخمرهن على جيوبهن ). آية الله العظمى المرجع الكبير الميرزا جواد التبريزي (قدس سره) يجيب في مسألة رقم 338 حول جواز لبس النقاب في عرف مجتمعات تلزم الفتنةوالريبة ، (اذا كان موجبا" لجلب نظر الاجانب فلا يجوز ) .وفي مسألة 339 يرد حول حكم لباس غطاء الوجه للمرأة ، ( لابأس به ،بل قد يجب اذا كان كشفه في معرض جلب انظار الاجانب اليها وفي ايضاح للشيخ محمد السند حول الفرق بين النقاب والخمار فرق بين المصطلحين مشيرا الى ان الخمار ليس بمفهومه معنى النقابويعتقد ان معيار الخمار الاسلامي هو ما تتخمر المرأة بجزء منوجههاوليس تغطية الوجه كاملا كما هو حاصل في العراق قديما في مدينتي النجفوكربلاءوبعض المدن العراقية الاخرىولا هو الحاصل في التقابواظهار العينين فقط من الوجه كما هو في دول الخليجوباكستانوافغانستان بل الاصح هو الخمار الجزئي الذي يظهر جزء من الوجهوالذي تتخمر به المرأة الايرانية الاصح في اكثر التقديرات .وبعيدا عن الفقهاءو فقه المجتهدين حول النقاب يصف سماحة السيد سعيد الخلخالي النقابو الخمار هو موروث اجتماعي اكثر من كونه حكم اسلاميويعتقد بضرورة عدم لبسهواظهاره في الدول الغربيةوعلى الجالية الاسلامية ان تحترم قوانين الدول المضيفة تماما كما تطالب الدول الاسلامية من الزائر الاجنبي ان يحترم قوانينوقيم بلدانها. على مستوى المذاهب السنية تزداد المعركة الجدلية بخصوص شرعية لبس النقابوتظهر اكثر حدّة . فبينما تدافع المدرسة الحنبلية بشدّةوتطرّف عنهوتعتبروجه المرأة اكبر عورة فالمحرمة وغير المحرمة يجب عليها ستروجهها لان الوجه مركز الجمالوهو محل النظر من الرجالويرجع الداعية الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الاعلى للشؤؤن الاسلامية الحكم الاسلامي في ذلك الى الآية الشريفة (يدنين من جلابيبهن )ويفسر معنى الادناء انه مرتبط بتغطية الراس حتى القدم. في حين يعلل فريق آخر نزول الاية الكريمة لان نساء الجاهلية كانت ترفع جلابيبهن عند قضاء الحاجة فتكون عرضة الى هجمات الرجال ليلا لذا نزلت الاية لتأمر نساء الرسول الاكرم (ص)والمؤمنات بأدناء الجلبابوليس بتغطية الوجه . كذلك انتقد المرشد العام للأخوان المسلمين محمد مهدي عاكف معارضي النقابواتهم دعوة سترو بنزعه بأنها تهدف الى طموحات سياسية . امّا رجالوفقهاء الازهر في مصر فالكثير منهم لهم رأي آخر فينظر الشيخ محمد عاشوروكيل الازهر السابقوعضو مجمع البحوث الاسلامية للنقاب ( بأنه ليس بفرضولا سنّةوانما هو فضيلة لمن ارادت ان تلبسه لدواعي هي اعلم بها ،وان النقاب هو حالة من التشددوليس من الاسلام لأن الاسلام دين اليسروالسماحة )ويؤكد الاستاذ احمد عبد الرحمن السايح بجامعة الازهر على ان النقاب هو( عادة جاهلية لاترتبط بالحكم الاسلاميوالله يقول قل للمؤمنين ان يغضوا من ابصارهمومعنى ذلك لو كانت المرأة منقبة لايطلب عمل آية من آيات القرآن فمن ايّ شيء يغض الرجل بصره ؟ )ويصطف الى جانب هذا الرأيوزير الاوقاف المصري الدكتور محمد حمدي زقزوقويعتبر النقاب ليس في الشريعة الاسلاميةوانه ليس عبادةويضيف ان هناك من المسلمين من يعطون انطباعات سيئة عن الاسلامويشوهون سمعتهويرى ان المقصود من كلمة جيوبهن في الاية الكريمة (وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) هو الصدروليس الوجهويقول (كيف يأمر النساء بأخفاء الوجه ثمّ يأمرهن بكشفه في الحجوالعمرة ؟؟ ) . . فيما أبدى عدد من علماء الأزهر الشريف،وكبار مسئوولي المؤسسات الإسلامية في مصر تأييدًا لما ذهب إليه الدكتور محمود حمدي زقزوقوزير الأوقاف المصري من أن النقاب ليس عبادة،وإنما مجرد عادة، بينماوضحت العديد من الآراء المخالفة لهذا التوجه،واعتبار النقاب ثيابًا شرعية يتأرجح بين الوجوبوالندب، رافضة ما ذهب إليهوزير الأوقاف المصري من كونه عادة. فمن الجانب المؤيد لرأيوزير الأوقافوضح الشيخ عمر الديب -وكيل الأزهر الشريف- أن النقاب في حقيقته هو عادة زيادة في العفةوالفضل. وقال الشيخ الديب: "إن الإسلام أمر جميع النساء المسلمات أن يضربن بخمرهن على جيوبهنولا يبدين شيئًا من زينتهن لأحد غير المحارمو الأزواج، حيث إن الآيات القرآنية،وأحاديث رسول الله (ص) الصحيحة الواردة في ذلك الشأن تبين أن المرأة كلها عورة عداوجههاوكفيها؛ولذا كان هذا هو الحجاب المفروض على المرأة أما ما زاد على ذلك مثل النقابو غيره فلا يُعَدّ فرضًا. على الجانب الآخرومعارضة لرأي الوزير المصري يقف مجموعة من العلماء موقفا محايداوعلى رأس هؤلاء فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي الذي يرى أن أقل ما يمكن أن يقال في النقاب أنه جائز،وأن من قال بأن النقاب بدعةو حرام فهو جاهل بأصول شريعة الله عزوجل. ويوضح العلامة القرضاوي –في فتوى نشرت له على موقع إسلامون لاين.نت- أن الواجب على المرأة هو أن تستر جميع جسدها سوى الوجهوالكفين فلها أن تظهرهما. في حين ترىالدكتورة سعاد صالح استاذة الفقه المقارن بجامعة الازهر ان معنى الخمار على جيوبهن ان تضع المرأة الخمار على رأسهاوترميه من الجانب الايمن على الجانب الايسر حيث كانت المرأة في الجاهلية تسدل خمارها منورائهاوتكشف ما قدامها , فأمرها بالاستتار . وتضيف ان كلمة النقاب لم ترد على لسان الرسول الاكرم ( ص) الاّ مرةواحدةوذلك في مناسبة حظره على المرأة المحرمة حين قال ( ص) :- لاتتنقب المحرمة , فالادّلة عندها قائمة على اباحة كشفوجه المرأةوانه ليس بعورة . وبشيء من التفصيل الفقهي العلميوضح الباحث الشرعي مسعود صبري أن النقاب لا يمكن اعتباره عادة لا أساس له من الشرع،وذلك أن حكم الفقهاء يدور حوله بين الوجوبوالندب؛والوجوب حكم شرعي لا علاقة له بالعادة،وهو يعني طلب الفعل علىوجه اللزوم، بحيث يأثم تاركه،ويثاب فاعله،والندب حكم شرعي،وهو طلب الفعل علىوجه الاستحباب، بحيث يثاب فاعلهولا يعاقب تاركه. ويرى الباحث أن المشكلة الأساسية التي قال فيها من قال إن النقاب عادة لا أساس له من الشرع هي أنهم قصدوا ترجيح الرأي الذي يذهب إلى أن النقاب ليس بواجب،وهو رأي قد يعتبر –عند البعض- لذهاب عدد من الفقهاء القدامىوالمعاصرين إليه، غير أنه لا يصح أن يطلق عليه أنه عادة؛وذلك لأن معنى هذا نفي الوصف الشرعي عنه،وهذا ما لم يقله فقيه في القديموالحديث،وأن ماورد على ألسنة من يرى أن النقاب عادة أن كتب الفقه جميعها لم تذكره هو نوع من التعجلوعدم مراجعة المصادر الفقهية،وإلا فمن أين أتى الخلاف الفقهي بين كونهواجباو مندوبا إن لم ينقل عن كتب الفقهاء؟ وأشار الباحث الشرعي إلى قول الفقهاء "لا اعتبار للعادة معوجود النص بخلافها"، مؤكدا علىوجود نصوص في مسألة النقاب، بعيدا عن اختلاف الفقهاء في حكمه بين الوجوبوالندب، لكن المشكلة هي عدم انضباط استخدام المصطلح الشرعي،وهي أزمة فقهية كبرى يجب الانتباه لها، فقد يكون المقصود شيئا،والتعبير شء آخر، محذرا الفقهاء من استخدام مصطلحات إعلاميةوالابتعاد عن المصطلحات الشرعية التي تتميز بالدقة في تحديد المعنى،وعدم الانجراروراء الصنعة الإعلامية التي تسعى للمفرقعات
النقاب بين الارث الاجتماعيوالاديان السماوية الثلاث اعتبر حجاب المرأة في الشرق الادنى اقدم بكثير من الاسلام بفترات طويلة جدا".وقد ذكرت الكتب السماوية كلمات البرقعوالعصائب مالم يذكره القرآن الكريم ,اضافه الى ان هناك دراسات لمؤرخين قدامى منذ العهود اليونانيةوالرومانية بحثت عن ظروفوأسباب لبس البرقعوالنقاب . استمر الحجاب عند اليونان فترى الحضارةوالازدهارويرجع بعض الباحثين ان سبب تدهور الحضارة اليونانية التي استمرت طويلا الى زيادة اباحة الحرية المطلقة للمرأةوتشير دائرة المعارف الكبرى (ان عمران المملكة اليونانية كان سببه عدم اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل فهي لاتخرج الاّووجهها ملثموعليها رداء طويل يلامس الكعبينوفوق ذلك عباءة لاتسمح برؤية شكل قوامها ). كذلك عرف الحجاب عند الرومان زمنا" طويلا"وكانت النساء تستعمله في القرون الوسطى حتى القرن الثالث عشر حيث صارت النساء يخففن منهوقد كان لترك الحجابوعدم استقرار المرأة في بيتها دور؛ في سقوط الدولة الرومانية .وفي دراسة للدكتور منجية السوائحي في جامعة الزيتونة يتحدث عن اصل الحجابوالنقاب في المجتمعاتوالاديان يقول :-وجدت ظاهرة حجب المرأة عن العيون فلا يراها الاّ زوجهاواولادها منذ القديم عند اليونانيين . ومنعوها من ارتياد الاماكن العامةو التدخل في الشأن السياسيو غيرهو اعتبروا صوتها عورة لا بد أن لا يتجاوز البيت "فحبس صوت المرأة المصون . (ومن آليات الحبسوضع المتاريس عند ابواب ألبيوت التي تسكنها النساء) . ومن الأشرف لها أن تضل داخل البيتو اعتبر هذا القانون فرض الآلهة صادق عليه البشرو من يخالفه يعاقبواعتبر الشعر من اكبر مغريات الذي يمكن ان يفتتن به الرجالوالملائكة. وهكذا ظهرت فكرة الحريم وحجب الزوجة عن العيون لأنها ملكية خاصة للزوج فلا تسوى بالملكية العامة الجواريو الغوانيو البغايا منذ عصر هوميوروسو هزيودوتواصل مع فلاسفة اليونان الكبار سقراطو أفلاطونو أرسلوو سبب هذا الحجب في تحليل Louis Morgan عالم(1818-1881م . الانتروبولوجيا الأمريكي يعود الى أسباب اقتصادية صرف بدأت مع شيوع الملكية الخاصة وعندها فكر الرجل في أهمية عفة المرأة الزوجة ليضمن نقاوة سلالته من الأبناءو لن يصل الى هدفه إلا بحجب الوعاء الذي يلد النسلو هي الزوجةو عندها فقط يتأكد أن الأبناء من صلبه فيطمئن على من يرث ثروته من بعده . ولذلك وجبوا عليها اذا اضطرت على المشي في الشارع أن تكون محجبة ومنقبة كعلامة على المرأة الحرة المتزوجة ملكية الرجل الخاصة و فعلا كانت نساء اليونان طبعا الزوجات تستعمل الخمارو النقاب اذا خرجت لتخفيوجهها عن المارة .
البرقع عند اليهود عرف العبرانيون الحجاب منذ عهد ابراهيم عليه السلامو انتشر بينهم في ايام انبيائهم جميعاو تواصل الى ما بعد ظهور المسيحيةو الدليل على ذلك تردد كلمة البرقع في أكثر من كتاب من كتب العهد القديم وجاء في نشيد الانشاد الاصحاح الأول :" قل لي يا من تحبه نفسي أين ترعى قطعانكو اين تربض بها عند الظهيرة ؟ فلماذا أكون كامراة مقنعة اتجول بجوار قطعان أصحابك"..وفيه ايضا عيناك منوراء نقابك كحمامتين...و خداك كفلقتي رمانة خلف نقابك" فرضت الشريعة اليهودية قديما على الزوجة أن تغطي رأسهاو تستر كامل جسدها بملاءة عدا ثقباواحدا تنظر من خلاله لترى الطريقو الأفضل لها أن لا تخرج كذلك استحدثوا الساتر في المعابد للفصل بين الرجال . وخصصوا لهنّ مدخل خاصوحرموهنّ من مصافحة الرجال اشترطوا عليهم الصمت داخل أماكن العبادة توقيرا للرجالو لأن صوتهن عورةو بناء عليه منعوهن من ارتقاء المنصة خلال الصلاة .واعتبروا صوتها عورة منذ ايام أرسطو الذي أعتبر الصمت هو تاج المراة .
النقاب عند الدين المسيحي امّا الحجاب عند المسيحية فقد منعت المرأة قديما من ان تخرج حاسرة الوجهواذا خالفت القانونو ذهبت الى الكنيسة عارية الرأس تعاقب بقص شعرها حسبما جاء في رسالة القديس بولس الى أهل كورنثوسو هو يرى أن النقاب شرف للمراة . ويدعو الأب المسيحي كلمنت السكندري َClément Alexandre (150-223م) المرأة الى تغطية كامل جسدها كلما خرجب من البيت لان هذا النوع من اللباس هو الذي يحميها من نظرات الرجال فاذاوضعت الخمار علىوجهها حمت الرجل من أن يقع في الخطيئةو لاكتساب شرعية للخمار يرى هذا الأب أن الخمار مشيئة الكلمة الربانية التي تأمر المرأة أن تصليو هي محجبةو سار على هديه الأب ترتوليا Tertullion (160-230م من أشهر الأباء المسيحين في زمنه فأوجب على المراة أن تضع خماراو تستروجهها .
فترة الجاهليةوانتشار الاسلام في مجتمع عرب الجاهلية تمثل الحجاب عندهم بصوره المتعددة البرقعوالنقابوالجلبابوالعباءةوكانت النساء تلبس الحجاب بأشكاله المختلفة فمنها من تستر جسدها فيه الاّ الصدروتزينه بالذهبومنها من تستر جسدها كاملا" مع بقاء مخالطتها للرجال جنبا" الى جنبومنهن من تكشف أجزاء من شعرها زكانت المرأة في مكة تضع الخماروتسدلهوراء ظهرهاوترتدي الجلباب لذا عندما جاء الاسلام كانت عادة لبس الحجابوالنقاب مستمرة في مكةولم تكن تلك الظاهرة دخيلة كما ان ظهوره القديم عند المجتمعاتوالاديان السابقة كاليهوديةوالمسيحية ساعدته في عدم اعتراض المجتمع الجاهلي عليه لكن الذي ميّز الدين الاسلامي عن باقي الاديان اته اخذ مسألة الحجاب مأخذا جديا"وأحكم المرأة بلبسهوبيّن خطورة السفوروبيّن فوائد الحجابووضائفهوشروطهوفي نفس الوقت أهتمّ بثقافة المرأةولم يمنعها من مطالبتها للعلموالعمل خارج المنزلوالسعي الى الوضائف العاليةومخالطتها الرجال مع الاحتفاظ بوقارهاوحشمتهاوهذا يدحض كل الافتراءات ضدّه التي تتهمه بالتخلفوالرجعية .
الانحساروتحرير المرأة تشير بعض الدراسات انه بأستثناء فترة العشرينات لم تكن المرأة المحافظة تخرج الى المدينة بدو ن القبعةو الخماروبعيدا عن الجانب الاسلامي تفسر هذه الظاهرة عند البعض ان المجتمع الاسلامي في العصور الوسطى كان يتمتع بموارد اقتصادية كبيرة ممّا جعله يستغتي عن المرأة في مجال العملوحين خروجها من بيتها كانت تلبس القبعة مع الخمار كعلامة تميّزها انها تنتمي الىعائلة عريقةو غنيّةو حتى ميسورة الحال , لوحظت هذه الظاهرة في كل من مصروسورياولبنانوتركيا . على العكس كانت البدوياتوالفلاحات في المجتمع الاسلامي في تلك الفترة لاتلبس الخمار . فكان لبسه حكرا " على نساء المدينةوكان رمزا مميزا" لهنّ بسبب حقد الطبقة الفقيرة عليهنّ . بسبب المتغيرات السياسية آنذاك بدأ الحجابوالنقاب يتجه نحو الانحسار خاصة في ايران فقد جوبه الحجاب بحملة شرسة من قبل شاه ايرا ن رضا بهلويوفي مصر حيث دعا محمد علي باشا عام 1826 الى القضاء على الحجاب ثم جاء قاسم امين فأصدر كتابه تحرير المراةوالمراة الجديدة عام 1899 ضد الحجابوأدعى ان الحجاب ليس من الدين الاسلامي ثم أنضمّ اليه سعد زغلولونظّم تظاهره نسوية في 1919 -3-20 بنزع الحجاب في ميدان التحريروعندما جاء جمال عبد الناصروضع قوانينوشروط لتسهيل عمل المرأةوبدت القاهرة حينها مدينة تتطلع الى الغرب يحتذى بها عند باقي الدول العربية خاصةوان جمال عبد الناصر كان يعتبروقتها قائد الامة العربية حينها كانت كل من سورياولبنانوبغداد قد شاع السفور عندها .
رفض الاندماج ..والعودة الى الجذور ثلاث متحولات سياسية رئيسية من تاريخ الامة العربية خلقت ازمة الثقة بين الجماهيروالحكامولها فشل الجيوش العربية في نكسة حزيران عام 67 من القرن الماضي امام القوّة الاسرائيليةوالثانية الزيارة التاريخية التي قام بها انور السادات الى اسرائيل عام 1977والثالثة توقيع معاهدة كامب ديفد بين انور الساداتورئيسوزراء اسرائيل مناحيم بيغنوالرئيس الامريكي جيمي كارتر في امريكا 1978. هذه المنعطفات الهامة من عمر الامة العربية مثلت المنطلقات الاولى لأحباطوغضبة الجماهير لبداية المواجهة بين الحكاموالشعوبولاسيما بين نفوس الشباب المسلم فخلقت اجواءواسعة من الرفضوالتحدي لهذا التحول نتجت عنه تنظيماتواحزابوحركات بين الطبقات الوسطىوالمثقفة رفعت الكثير منها شعارات اسلامية متشددة تحارب هذا التحولوتدعو الرجوع الى مباديءواحكام الشريعة الاسلامية بأعتبارها الحل الوحيد للحفاظ على هوية الامة الاسلامية .وكانت ظاهرة عودة الحجابوالرجوع الى الجذور من اهم تداعيات هذا التحولوسط الشباب الرافض . بعد الثورة الاسلامية في ايران عام 1979وأحتلال جنوب لبنانوتقهقر القضية الفلسطينيةوالمزايدات السياسية حولها ازداد ظهور هذه الحركاتوالاحزاب الاسلاميةوتحت شعاراتومسميات عديدة لكن المواجهه الاصعب التي بلغت ذروة التحدي ظهرت عندما تغير مسار العالم بعد احداث 9 ايلول عام 2001والحرب على افغانستانوالعراقومطالبة الرئيس الامريكي بوش بتغيير خارطة الشرق نحو شرقوسط جديد حينها برزت دعوات متشددة تدعو الى التمسك بمظهر الحجاب مع لبس النقاب . لذا فسّر النقاب عند الغرب بمفهوم العزلةورفض الاندماج في حين يتمثل عند بعض الاوساط الاسلامية هوتطبيق حكم الشريعة الاسلاميةو رمز التحدي لما تتعرض له الامة الاسلامية من اعتداءات .
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |