كرستيان امانبور فارسة الفرسان

توما شماني/ عضو اتحاد مؤرخين العرب

tshamani@rogers.com

شخبطة على الحائط

 من منا لا يعرف كرستيان امانبور انها فارسة زمانها في التقارير الصحفية المتلفزة وليس عليك ان تفتش عنها بل فتش عن حادثة عالمية فتجدها في اللحظة هناك وفي تقديري انها تتكهن عن طريق النجوم بالحادث الذي سيقع غدا ثم تجدها في عين الحدث في اللحظة الاولى من وقوعه، كرستيان امانبور ايرانية الاصل من ام بريطانية واب ايراني، ولدت في لندن وعاشت في ايران وفي الحادية عشر من عمرها ارسلوها الى بريطانيا والتحقت بمدرسة للراهبات، وبعد الثورة الخمينية هربت عائلتها الى بريطانيا، فقد كان والدها مديرا للطيران وكان مقربا من الشاه، ثم التحقت كرستيان بجامعة اميركية لدراسة الصحافة واثر تخرجها عملت في التلفزيون كمصممة غرافية الكترونية. في 1983 انتقتها ألـ (CNN) الشهيرة مراسلة لها فكتبت عن الثورة المضادة للشيوعية في المانيا الشرقية. واهم ما وضعها في خانة الشهرة هو عملها خلال حرب الخليج التي اثارها الجنون الصدامي. ثم عملت في البلقان في حصار ساراييفو وعندما قام بعض الخصوم. في نقدها اجابت (هناك اوضاع لا يمكن ولايستطيع المرء ببساطة اتخاذ الحياد فيه فان يكون المرء محايدا يكون شريكا. اما الموضوعية تجعل الانسان يعالج المسألة بمساواة كلا الطرفين) وتعني السماع من الجانبين. من 1996-2005 عملت مع (CBS) في الكثير من البرامج ومنها (60 دقيقة) وفي عملها نالت الكثير من المنح التقديرية خاصة في قصتها التلفزيونية (معركة لافغانستان). والجدير بالذكر ان كرستيان تتحدث الانكليزية والفرنسية والفارسية. وجعلتها مجلة (فوربس) واحدة من النساء ذوات التأثير القوي على العصر والعالم. كرستيان قابلت ياسر عرفات واحمدي نجاد ورؤساء عديدون. في 1998 تزوجت جيمس روبن الذي كان مساعدا لوزير الدولة الامريكية والناطق بلسانها ولهما ولد اسمه (داريوس) وزوجها الآن يعمل فيما يعرف بـ (تلفزيون السماء) ولها اخت (ليزا امانبور) تعمل في التلفزيون البريطاني.

 بالاظافة الى ما كانت تقوم به في مركز دائرة العمل في الـ (سي ان ان) في القضايا العالمية الرئيسية، فانها في السنوات الاخيرة اصبحت الشاهدة والمشاركة في جميع المشاركات الصحفية لـ (سي ان ان) خاصة الاصطدامات الحادثة في الشرق الاوسط والسونامي الضخم الذي اصاب الشرق الاقصى والعواصف المدمرة التي حدثت في لويزيانا الامريكية ثم في التفجير الذي حدث في 2005 في لندن تحت الارض، وكذلك التفجير الذي حدث في مدريد والاضطرابات التي قامت في باريس بمافيها من تفجيرات واشعال السيارات، كما شاركت في الانتخابات الاولى التي جرت في العراق ثم رحلت الى دارفور في السودان فجالت وكتبت ثم قابلت البشير الرئيس السوداني. كانت كرستيان الاولى التي قابلت احمدي نجاد في العالم في بدايته ولاحقت قضايا تسابق ايران لولوج الكتلة الذرية. وقابلت بشار الاسد اثر اغتيال رفيق الحريري والتقت محمود عباس في اول مقابلة جرت له وقابلت الملك عبد الله في 1999 وقابلت والده الملك حسين وكانت آخر صحفية تقابله قبل وفاته. وقابلت ياسر عرفات ويهود براك عندما كانا في مباحثات حول السلام، وقابلت ايضا الرئيس الايراني الاصلاحي خاتمي في 1997. ومن الجهة الاخرى كان لها الفضل في مقابلة توني بلير في اول مقابله له وقابلت الرئيس الفرنسي جاك شيراك في اول مقابله صحفية له وفي 2003 قابلت شيراك في قضية العراق لانه رفض التصويت على قضية العراق التي كانت معروضة على الامم المتحدة وقابلت الرئيس الباكستاني برفيز مشرف. ثم قابلت مايكل غورباشوف في الذكرى العاشرة على انهيار الشيوعية، والمعروف ايضا ان كرستيان ساهمت مساهمة كبيرة في حرب البلقان وكتبت عن ميلوسوفيتش في محاكماته في (هيك).

 في عامي 1989 و1990 بدأت سمعة امانبور تطغي على السطح كمراسلة من الدرجة الاولى خاصة بعد غزو الكويت في عام 1990 فبدأت في تغطية الاحداث وكانت جريمة غزو الكويت اول حرب في التاريخ تعرض على التلفزيون وكنت هنا في كندا ابكي عندما كانت القنابل تنزل على بغداد، معروضة في كافة قنوات التلفزيون في العالم. ولم تقف عند هذا الامر بل وصلت مكاديشو الصومالية عندما قامت القوات الامركية في عملية حربية قصيرة.

 كرستيان امانبور فازت بتقديرات ومنح وجوائز عالمية منها جائزتين من جوائز جورج فوستر وجائزتين من جوائز جورج بولك وجائزة الشجاعة الصحفية وجائزة ذهبية من المهرجان الدولي للافلام في هيوستن. في عام 1994 اعتبرت كرستيان امانبور امرأة السنة وكذلك الكيبل الذهبي لتغطياتها في حرب الكويت. وفي حرب الخليج ايضا في 1991 حازت جائزة الاختراق للنساء وفي 1985 ساهمت كرستيان امانبور في برنامج امتد اربعة اسابيع في (ايران باسم الله). الواقع انه اذا كان آخرون من الرجال او النساء قد حصلوا على مدالية اومداليتين او تقديرا واحدة اوتقديرين فان كرستيان امانبور قد حازت على جوائز وتقديرات لا حد لها ولا يمكن تعدادها بكاملها. اما البرامج التي نالت عليها الجوائز والتقدير فهي الوثائقي (كفاح الاسلام) و (على خطى بن لادن) و (اين ذهب الاباء) في معالجة موضوع مرض الايدز المتفشي. اما المواضيع والاحداث والمعارك التي كتبت عنها فلا يمكن ادراجها في هذا المقال اذ لا تقل في ظني عن عشرة آلاف تقرير او معالجة تلفزيونية وينبغي القول ان كرستيان امانبور بقيت في علوها ولعل اختيارها لمهام من قبل محطة التلفزيون الـ (سي ان ان) وهي من اكبر المحطات العالمية واعلاها اختيار كرستيان امانبور مراسلة عالمية في المقام الاول.

 اجرت كريستيان أمانبور اول حوار على أول محطة إخبارية تلفزيونية مع أسامة بن لادن في العام 1997 في (تتبع أثر ابن لادن)، واستمر ساعتين. وفيه تتبعت حياة ابن لادن، وكيف تحوّل من طفل مميّز إلى إرهابي عالمي، عرضت فيه آراء مجموعة من الذين عرفوه وتعاملوا معه في مختلف مراحل حياته، وانتقالاً من سنين مراهقته الهادئة إلى تفاصيل أحداث 11 سبتمبر، شاهد فيها لعالم على مالا يعلمونه وكانهم يعرفونه عن قرب، وتتبّعت حياة ابن لادن من طفولته ونشأته وارتياده المدرسة في مدينة جدة بالسعودية، وانتقال محل إقامته إلى بيشاور في باكستان المدينة التي شهدت ولادة تنظيم (القاعدة) إلى مطاردته بين الجبال الفاصلة على حدود أفغانستان وباكستان. سُجّل البرنامج في 10 دول في أربع قارات، ويعرض 21 حواراً قصيراً مع مجموعة مقرّبة من ابن لادن تتضمن أقاربه، وأصدقاء الطفولة، ومدرسيه السابقين، ومرافقيه في الجهاد، وحرّاسه، إضافة إلى زوجة أحد الانتحاريين في القاعدة، بعد أن انكسرت حواجز الصمت، ليتحدثوا عنه ولأول مرة أمام عدسات الكاميرا.

وفي عام 2005 اجرت كريستيان أمانبور لقاء من الملك عبد اللة ملك الاردن اثر الانتخابات العراقية قال اجابة على سؤالها (اعتقد ان السنة يشعرون بانهم مهمشون؛ وأعتقد ان هذه القضية ستكون من اهم اولويات الحكومة الجديدة؛ بان تكون حكومة شاملة وان تضم السنة الى المسيرة؛ واعتقد ان المشاركة الكبيرة للعراقيين في الانتخابات بالامس هي مؤشر على مدى وعي وتقدم فكر الشعب العراقي الذي جازف بالذهاب الى صناديق الاقتراع والانتخاب؛ واعتقد ان الرسالة التي قدمها الشعب العراقي بالامس تفيد بانه لن يسمح للمتطرفين او المتمردين بالوقوف في طريق مستقبلهم؛ واذا كانت هناك عبرة يمكن استخلاصها مما حدث في الامس فهي ان العراقيين توحدوا واصبحوا اكثر قوة من المجموعات المتطرفة التي حاولت زعزعة العراق خلال العامين الماضيين) بيد الامر بعدئذ انقلب رأسا على عقب في العراق.

 وفي مقابلة تلفزيونية سالت كريستيان أمانبور الرئيس السوري بشار الاسد (هناك شهود قالوا بأنه خلال واحدة من زيارات السيد الحريري الأخيرة إلى دمشق تعرض للتهديد من قبلكم ما لم يؤيد التمديد لرئاسة أميل لحود وهو صديق لسورية. هل هددتموه؟ اجاب الاسد (هذا افتراض آخر غير قانوني أولاً ليس من طبعي أن أهدد أحداً أنا شخص هادئ وصريح لكني لا يمكن أن أهدد أحداً. الثانية كما قلت فالتهديد يتعلق بالتمديد ويقولون أن السوريين هددوه ثم قتلوه. لماذا نقتله اذا كان قد فعل ما أرادت سورية، هو لم يفعل أي شيء ضد سورية إذا كنا قد أردنا التمديد فقد ساعد سورية في التمديد فلماذا نؤذيه أو نقتله هذا ليس منطقياً على أي حال أنا لم أفعل ذلك ولا يمكن أن أفعل ذلك). كريستيان أمانبور ما تزال هي كريستيان أمانبور الطليعية الذي طافت اخبارها في جميع ارجاء العالم وفي كل اللغات وماتزال نشطة في فعالياتها وكان آخر ماكرمت به، التكريم الذي منحته لها الملكة إليزابيث الثانية وكانت من ضمن عدد من الشخصيات التي حصلت على الأوسمة بمناسبة عيد ميلادها. فحصلت على وسام الإمبراطورية البريطانية من درجة قائد، لجهودها في ميدان الصحافة.

 وآخر اواخر كريستيان أمانبور سؤلت حول فراقها ابنها الصغير (داريوس) البالغ من العمر سنتين ونصف السنة، اجابت كرستيان اشعر بشوق كبير له حيث افتقده كثيراً وأصبحت حريصة على تجنب المخاطر بعد ان رزقت به. واقولها مرة اخرى في تقديري ان كريستيان أمانبور تتكهن عن طريق النجوم بالحادث الذي سيقع غدا ثم تجدها في عين الحدث في اللحظة الاولى من وقوعه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com