|
حين يدب الضعف في عروق أجهزة الأمن والأجهزة الحكومية الأخرى، تغدو الأقوال أكثر سرعة من الأفعال للتبرير، و يبدو التبرم هو التعبير المتبقي من فتات القوة فيما إذا كانت الأقوال خجلى. رئيس وزراء اكبر كتلة في مجلس النواب وصاحب اكبر شعبية، مدجج بأكثر من عشرة ملايين عراقي وفقاً لنسبة عدد أعضاء مجلس النواب من الناخبين، وأكثريتهم من الشيعة، كون الانتخابات الأخيرة كسابقتها كانت عبارة عن تصويت الشعب لأحزاب من نفس طائفتهم ونفس قوميتهم. لماذا إذن يستخدم رئيس الوزراء عصا الشجب وهو يملك أسلحة مفوضة بالقانون، ولماذا وهو مخول من قبل مجلس النواب الممثل للشعب العراقي لا يستطيع أن يحرك فرقة عسكرية، حسب قول وزير خارجيته هوشيار زيباري، على الرغم من أن رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة. يبدو أن القاعدة الجماهيرية التي فجرت "الثورة البنفسجية" كان همها أن تجري عملية التصويت عبر صناديق الاقتراع باعتبارها عملية وليدة، تنفس عن كبت الأجيال في السنين الخوالي فحسب، وأن ذلك الكبت اشبع بانتهاء تلك العملية. فباتت الجماهير غير مبالية بالديمقراطية، وشكلت الحاجة إلى الأمن والخدمات المكبوت الجديد الذي لم تستطع الحكومة ولا الشعب أن يشبعاه إلى هذه اللحظة. عقد الائتلاف إن لم يكن قد انفرط فقد تناثرت مجموعة من فصوصه، وبات رئيس الوزراء المالكي اقرب إلى العزلة داخل مكونات ائتلافه، ولا نتساءل عن دعم الكتل الأخرى إليه، لأنها هي الأخرى حائرة بهمها الداخلي والمذهبي والقومي وتسعى إلى تحقيق مصالحها فحسب. الأمريكان العرابون الحقيقيون لكل ما يجري في العراق، أصبحوا أكثر تخبطاً واشد حمقاً، فتارة تراهم يشنون الحملات لغرض تجريد المليشيات من الأسلحة، وأخرى تراهم يتعاضدون مع قتلتهم و يمدونهم بالسلاح لمقاتلة القاعدة، بل أصبحوا أكثر من أي وقت مضى لا يعيرون رئيس الوزراء أية أهمية و يعملون على استفزازه بشكل دائم سواء من خلال الإعلام أو من خلال العمل على الأرض. يوم السبت انتقد رئيس الوزراء نوري المالكي "بشدة العملية العسكرية الأمريكية مساء الجمعة 30-6-2007 ضد مدينة الصدر في بغداد". وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء "إنه لم يستشر بشأن العملية ولم يرخص باشتراك القوات العراقية الخاصة فيه" وهنا ألا يحق لأي عراقي أن يستشيط غضباً بسبب الاستهتار بجرح سيادة العراق والاستخفاف بالحكومة، وكيف لرئيس الوزراء العراق أن يبرر العملية بان الجيش الأمريكي لم يستشر ومنذ متى الجيش الأمريكي يستشر الحكومة العراقية؟ وهنا أود أن اذكر بقية التصريح الصادر عن مكتب المالكي "وتمنع الحكومة العراقية منعاً باتاً استجابة القوات العراقية الخاصة تنفيذ أية عمليات عسكرية دون إذن وموافقة تسلسل القيادة العسكرية العراقية وعليها أن تلتزم بالأوامر التي تصدر إليها من الجهات العليا وأن كل من يخالف أوامر القيادة سيتعرض للمساءلة القانونية وسيتم إحالته إلى القضاء" جميل هذا المنع إذا كان باقتدار و إن كان مجرد كلام فلا باس به، لكن كان الأولى أن يكون فعل الحكومة بفتح تحقيق ومحاسبة المشتركين وبعد ذلك من حق القائد العام للقوات المسلحة أن يدعو القوات العراقية إلى عدم الاشتراك مرة أخرى. حقيقة بدأت أشفق على الحكومة العراقية، وعلى موقف رئيس الوزراء بصورة خاصة، وأتساءل من يدعمك أيها المالكي؟ لا تقل لي "الشعب"، لأنه بات لا يثق بأحد ولا يستطيع أن يضحي أكثر من ذلك، أتساءل بلغة السياسة هل من دولة عربية تدعمك أيها المالكي، هل من دولة عظمى وهاهي أمريكا تقصد الإذلال و تصر على تطبيق ما تقتنع به وما تمليه عليها المصالح، هل من دولة مجاورة؟!! التيار الصدري كجزء أساس من الائتلاف خرج عن حكومة المالكي، حزب الفضيلة من قبله خرج كذلك، المجلس الأعلى مشغول بمرض زعيمه عبد العزيز الحكيم و قضية خلفه، التوافق و العراقية و الحوار يسعون إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، الأكراد قد يدعمون الوضع الحالي ولا يحبذون التغيير إلا أنهم باتوا اقل تأثيرا لشغلهم الشاغل بكركوك إضافة إلى الضغوط التركية المتواصلة والتحركات التي تقلق وتؤرق حكومة إقليم كردستان و تجعل من قضية دعمها لحكومة المالكي في بغداد أمرا ثانوياً. اعتقد بان على الرؤساء والقادة في العراق وخاصة رئيس السلطة التنفيذية عليه أن يغير إستراتيجيته في الإعلام والتصرف على الأرض وأن يهجر مفردات الضعف، وعلى مستشاريه أن يقولوا له إن لسان حال الشعب يقول " لا تنتقد.. امنع، لا تستنكر.. اضرب، لا تصمت.. وقلها باقتدار إن أمريكا لا تريدنا أن نعمل ولا نستطيع البقاء على كراسي لا تخدم الشعب"، حين ذاك ربما سوف تسخن دماء القاعدة الجماهيرية من جديد، انه شهر تموز و من بعده آب!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |