|
قد نختلف مع الآخرين بالرؤيا والفهم الوطني الذي افرزته معايير ومعطيات الواقع الحالي من المسيرة السياسية العراقية، ففي الوقت الذي طرحت فيه قياداتنا الدينية والوطنية مشروعة اللجان الشعبية التي تعد المنظومة الحيوية في بناء وإرساء قواعد الاستقرار الأمني ـ المناطقي، بدا التخبط واضحا في معارضة هذا التشكيل الذي يعتبر استثمار الخزين الاستراتيجي للطاقات العراقية، فقد عدّ رفضه تعبيرا عن مدى قصور تلك الرؤيا المرحلية لاسيما بعد أن تم تسليح بعض المجاميع غير المنضبطة من خارج الاطار الحكومي وتوزيعه خلاف الضوابط المؤسسية الدستورية العراقية مما سيؤثر على ابعاد الوضع الأمني ويفاقمه، وربما ستنضوي تحت اجنحة تلك المجاميع مسميات لها اجندات اجرامية كالتي تفخخ الاجساد وتقتل الابرياء بدم بارد لما لها من مهارة عالية في ارتكاب ابشع الجرائم التي لا تليق الا بالشعوب الهمجية البربرية التي تحكم غرائزها البعيدة عن الفعاليات العقلية. والحديث ذو صلة، فالقاعدة التي اوجدتها يد المخابرات الاقليمية لابتزاز الشارع العراقي لزرع بذور الفتنة الطائفية كما يؤكد الخبراء والمحللون السياسيون من الاتجاهات كافة ، انها حقيقة، وأصبحت ورقة محورية تتداولها بعض القوى السياسية الداخلية والخارجية، وهي بين راغبة في تأكيد وجودها للحصول على المزيد من المكاسب السياسية وهي ورقتها الضاغطة بذلك الاتجاه وهذه المجاميع المكيافيلية لا يمكن التواصل معها وأمرها ميؤوس منه لانها تعتبر قتل العراقيين غاية، وأخرى تنفي نفياً قاطعاً باتجاه تغذيتها مرة، وديمومة بقائها واسنادها المجاميع التكفيرية الهجينة مرة أخرى، حسب ما تقتضيه مصالحها الاقليمية، فقد اصبحت القاعدة مشجب وصندوق البارود التي تقف عليه الكثير من الممارسات والتجاوزات ضد الانسانية وكيانها، لذلك فإن التواصل الاقليم - دولي سيسهم في تحقيق الامن والاستقرار وبلا شك إن ما يسمى بـ(المقاومة) في العراق تتراوح بين الحلف الصدام - قاعدي وقطاع الطرق، وبين من خمنوا أن رفع السلاح يعجل بخلاص البلد من أزماته المتلاحقة، ويسرع خروج المتعددة الجنسية، وهؤلاء حصراً هم من يجب ان يتم التواصل معهم في الحوار والتفاوض، غير أن الحكمة تفضي تحديد من اختاروا الخط السياسي اذ ان القوات الاجنبية لا تخرج بمفاقمة الوضع الامني، إنما باقناعهم على الارض ان العراق آمن وذو سيادة واستقرار على كامل أرضه، وذلك من خلال تعزيز جهود المصالحة الوطنية الحقيقية وبدعم جميع المساعي الهادفة لتعزيز أمن واستقرار العراق الذي تعرض على مدى نحو نصف قرن لابشع ما تعرض له اي شعب من شعوب الارض من ويلات ومذابح وقمع ومصادرة حريات، وصلت حدود افتقاد الرؤيا العربية وعدم القدرة على التشخيص، فالدعوات العروبية يجب أن تكون ذات منطلقات اخلاقية بعيدة عن المساوقة السياسية وبعيدة عن ارث النظام الصدامي المقبور وممارساته ضد كل القوميات العراقية، التي نالت من الحيف والظلم والحرمان ما لم تشهده امة من الأمم، والخيار الاستراتيجي للقوى الوطنية العراقية هو تعزيز اواصر تلك العلاقات على اساس الشراكة والمصالح المتبادلة بين القوميات والثقافات بهوية عراقية خالصة والتعايش الطوعي هو الخيار لبناء قاعدة المواطنة والمساواة، وهذه المنظومة من القيم والعلاقات الندية هي التي تحمي العراق الجديد كافة مكوناته واطيافه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |