في زمن الطاغية كانت تتسابق أقلام مأجورة وما أكثرها لمدح وجه وفعل المجرم صدام لعنه الله ولطالما كانت تلك الأقلام تقززنا بكتاباتها نحن العراقيين لأنها وببساطة كانت لا تصنع شيء جميلا ، وأنما كانت تحاول أن تجمّل الصورة القبيحة البشعة للنظام الإرهابي البعثي الدموي . وكانت أكثرها دجلا وقبحا تلك الكتابات التي تتقيّح من أقلام عربية يرمي أصحابها بنفاقهم المعهود آلاف النعوت وصفات التبجيل أمام الفارغ الساذج الذي كان يحلم بمجد الطغاة الظلمة ممن لفظهم التأريخ فلم يكن يبخل عليهم من هباته التي كانت تمثل قوت الشعب العراقي البائس المظلوم . في ذلك الوقت كرهنا وكفرنا بأي شيء كان أسمه كاتب أو شاعر. ومهما تكن المصيبة والرزية ثقيلة بوطأتها الشديدة علينا ، إلا أن بعض نتائجها كانت تلقي بظلال الهزل التي كنا نتندر بها. فكم من مرة كانت كتابات ومقالات لا يمكن أن تدعى بمقال ولا هي بدراسة تأخذ حيزا كبيرا في صفحات جرائد العراق اليومية لأمثال هاني وهيب أو غيره ممن يسمون أنفسهم كتابا من المأجورين العرب، فتضحكنا بطولها ومضمونها الفارغ. ومن تلك النتائج التي أثرت فينا لربما إيجابا ، أننا نفرنا كل ما يتعلق بمفردة واحدة تتعلق بشيء أسمه مديح ،مع اشمئزاز أذواقنا أصلا وامتهانها لهذا النوع من المديح منذ الصغر.
وعلى كثرة المدّاحون في بلادنا والقادمون إليها بالمديح ( للقائد الضرورة) من العربان الجياع والرعاع، لم نكن نميّز أن المديح غرض من أغراض الشعر العربي ، لأننا لم نستشعر باقي أغراضه لإهمالها جملة وتفصيلا.غير أن أنفسنا لم تألف بالمرة مهارة المنافقين تلك فكرهناها إلى يومنا هذا.
ولم تعد أذواقنا ولا أنفسنا التي تشبعت بمديح المجرمين القتلة من قبل المأجورين العرب ، أن تتقبل هذا الغرض المستباح حتى وان كان لمستحقيه من رجال العراق الجديد ممن وقف كالطود الشامخ في سبيل تحرير العراق من الاحتلال الصدّامي العفلقي العابث بكل مقدرات العراق وقدرات شعبه الباسل.
ورغم استحقاق شخصية وطنية عراقية مثل شخص الدكتور أحمد الجلبي كل التقدير والاحترام، إلا أنني هنا لست بصدد ذكر لطيف شمائله ولا لمدح جميل صنائعه ، فالرجل وكما أعرفه لا يحتاج إلى أن يمدحه أحد . إلا أن المثل المشهور يقول: (( من يعيش في بيت من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة)) ففي مقالة كتبها المرتزق إعلاميا السوري الذي يسمي نفسه بالمواطن العربي البريطاني لأنه من أتباع القومية العروبيه والخادم في صحافة آل سعود (الحياة) التي ليس بها أي حياة ولا تعرف الحياء أيظا ، نفث جهاد الخازن سمه كما هيّ عادته متحملا بدافع الحقد العروبي الوهابي ليرضي أهل خبزته ومستخدميه من أمثاله الجهلة وأصحاب الفتنة والمتخمين بازدواجية شخصياتهم المنبوذة ،فلم يستطع أن يأتي بشيء جديد ليرضي به أسياده غير أن يقذف على المؤتمر الوطني العراقي كعادته وينعته ب(عصابة أحمد الجلبي التي تآمرت مع المحافظين الجدد لغزو العراق عبر تقديم معلومات ملفقة أو محسنة....) وأريد أن أقول لهذا الخرف إذا كان حزب المؤتمر الوطني العراقي الذي جمع تحت لواءه كل أطياف العراق من مناضلين كانوا معارضين لنظام المجرم صدام وقد احتضن العراقيين في جمع واحد لمقارعة النظام العفلقي الصدّامي الدكتاتوري الفاشي وكانت قضيته هي تحرير العراق وشعبه من اخطر أنواع الاستعمار الذي ابتكرته أفكار المستعمر الغربي ، تصفه بالعصابة ، فهل كان المؤتمر الوطني العراقي قد قطع عليك طريق أو تعدى على بيت أبيك أو سلب حقا لك قد ورثته من أبوك في العراق؟
أم انك كنت تنوي أن تتكسب من مال العراقيين كما هو أبن جلدتك فيصل القاسم أو مصطفى بكري وعبد الباري عطوان على حساب الدم العراقي المباح لعدد من السنيين وقد قطع عليك المؤتمر الوطني العراقي كما قطع على بقية العربان من مصاصي الدماء بتحرير العراق من نظام صدام أحلامكم الخبيثة في أن تقتاتوا على خير العراق وأموال أبناءه كالمتطفلين .
وإذا كنت قد قلت يوما وأذكرك بكلامك في قناة الجزيرة عندما كان يسألك مقدم البرنامج فيها حافظ الميرازي أن ( النتيجة الإيجابية الوحيدة للحرب في العراق هي إسقاط صدام حسين وصدام حسين كيفما نظرت إليه كان كارثة وإسقاطه إيجابية تذكر للأمريكيين ) فهل تغيرت اليوم مواقفك أم أن دافعي الريالات قد حولوا لك المزيد لتنقلب بكلامك وتناقضه اليوم بكلام آخر وتحسب تحرير العراق غزو! أما قلت يومها في نفس
البرنامج وبعد مرور عامين على إسقاط صدام ونظامه وتحديدا في عام 2005 نهاية شهر مارس حينما سألك مقدم البرنامج إذا كانت الحرب قد حققت شيئا وهو إزاحة صدام فهل تستحق إزاحته بعض المتاعب...؟ فرددت عليه يا جهاد يا خازن ( لو قلت لي قبل الحرب أن نعم لو كانت الحرب لإزاحة صدام أنا أؤيد الحرب) وكان هذا جوابك فما الذي تغير ألان يا ترى؟
ثم يضيف الخازن خزيا له ليدعي أن التخطيط لغزو العراق كما يصفه هو ويسميه قد بدأ في الأسبوع الأول من إدارة بوش ومعه كان دور المؤتمر الوطني العراقي، ونسى قانون تحرير العراق الذي أصدره الكونجرس الأمريكي كان في عهد الرئيس بيل كلنتون وكان قد عمل الدكتور أحمد الجلبي ما في وسعه لكي يقنع الديمقراطيين بهذا القرار الذي لولا الفضل العائد له فيه لما تحرر العراق . وبعد تحرير العراق كنت تتحدث يا خازن عن أفكارك وتصوراتك وتظن أنك عبقري حتى نسجت مخيلتك بأن الأمريكان سينسحبون فورا بعد القضاء على صدام وزمرته وكنت تقول بأنك ضد انسحابهم الفوري وكان تصورك غير صحيح ولا تحمل في فكرك أي بعد أفق لأي استراتيجية قائمة على التحليل العميق وكنت تتمنى فوز علاوي البعثي بنسبة عالية من أصوات الناخبين العراقيين في الانتخابات . أو ليس انك كنت تتهم السيد عبد العزيز الحكيم رئيس كتلة الائتلاف العراقي وهي أكبر كتلة في البرلمان والحكومة العراقية بأنه طرف في الإرهاب ومنذ البداية كنت تنبذ الدكتور ا أحمد الجلبي شأنك شأن كل حاقد على العراق والعراقيين من العروبيين القوميين من دون أن تذكر سببا وجيها واحدا لكرهك ذاك وأنا إذ أتمثل بقول الشاعر العربي في كلامه المأثور حين يقول : إذا أتتك مذمة من ناقص فهي الشهادة بأنك كامل لتكفي ردا لك على شعورك بالنقص لما تنتقص به الرجل العراقي الشهم والوطني الذي سعى منذ البداية لاحتواء كل الأطراف المتنازعة في العملية السياسية وضمها لطاولة الحوار وكان لا يبخل بجهده ولا يخاف أحدا ، فكل تفكيره وهمه العراق وقد تعددت سفرات السياسيين العراقيين وفي كل فرصة ينتهزها أحدهم وكأنه وزير خارجية حتى أن وزير الخارجية لم يسافر بقدر سفراتهم ، إلا أحمد الجلبي فكان يفضل البقاء في العراق والعمل جنبا إلى جنب أبناءه من أجل بناءه من جديد فكانت توجه أليه دعوات كثيرة من برلمانات وحكومات دول أوروبية وغير أوروبية وكان يرفضها لا من أجل شيء وهو الحريص على بناء علاقات صداقة تربط العراق الجديد بمختلف دول العالم، وانما في سبيل مبدأه وهو التضحية في كل وقته وجهده لتفقد مكان هنا في بغداد قد تعرض لحقد الإرهاب الوهابي التكفيري أو للوقوف على مشاكل الناس وهمومهم واحتياجاتهم في مناطق العراق الأخرى في شمال بغداد أو في جنوبها .وكان يلم شيوخ العشائر العراقية وترحب به كافة الناس من مختلف فئات الشعب العراقي مرحبة به مسترشدة بفكرته ، تأنس لحديثه في حين تحصنت أغلب الشخصيات الحكومية في المنطقة الخضراء لتنعم بحماية القوات الأمريكية ، وجعلت من لقاءها بالجماهير شيئا لابد أن تزهد فيه لكي يكون شرط سلامتها من محاولات الاغتيال التي تكررت من قبل الإرهابيين لشخص مثل الدكتور أحمد الجلبي فكان قريبا من الناس وليس كما تزعم بزعمك يا خازن أنه ( بعيد عن الشعب العراقي وقد وصل إلى جنوب العراق في طائرة أمريكية ) وما عساه يا ترى يفعل هل تريده أن يمتطي حصانا لكي يدخل به إلى العراق ؟ ! أو ليس أصحاب نعمتك ممن يستخدمون الطائرات والسيارات الأمريكية في جميع ترحالهم ورحلاتهم؟
ثم لما كل تلك الازدواجية التي تتعامل بها يا خازن وتتوارثها كأي عربي عقيم بفكرك ومنهجك ، أو لم تكتب يوما عن شخص الدكتور أحمد الجلبي لتقول بأنه :( الواقع أن السيد الجلبي ذكي جدا ، ومثقف جدا ، ووطني عمل باستمرار ضد نظام صدام ، وصنع أسمه في الخارج ولا يزال رئيس المعارضة العراقية...) فهل كنت وقتها في ذلك التأريخ تعول على أن تحصل من الدكتور الجلبي على بعض المال أو أنك حسبته لا يعرف من تكون؟ أم أن المواقف تتغير فجأة كما هو تغير مناخ لندن الذي لربما أثر فيك وفي نفسيتك!!
وقلت ذلك بعد دخول الأمريكان بشهر أي في نيسان من عام 2003 . ويحتار في وصفك من يريد تحليل شخصيتك الغريبة فأنت تدعي مرة بأن: (الانتصار على العراق هو انتصار تجاوز العراق وصدام حسين ليعني هزيمة العرب والمسلمين في كل مكان) ومرة أخرى تدعي بأن ( الولايات الأمريكية جعلت أيران أقوى منها في الشرق الأوسط بإزالة طالبان وصدام ) فهل تريد أن تقول أن تلك من بنات أفكارك أم ترانا لا نفقه أن كل كلمة تكتبها وتقولها يلقنها لك أسيادك الذين لا هم لهم سوى إثارة الفتن والتحريض ضد كل الشيعة في العالم سواء في العراق أو في إيران مستخفين وراء ذلك بالكثير من الأموال التي يبذلوها من أجل أن تنفذ أمريكا وغيرها مخططاتهم الخبيثة في التربع على عموم حدود المنطقة الإقليمية وليحصلوا بالمقابل على تحالفات تقوض فرص النهوض الديمقراطي والعمراني في العراق.!
وأخيرا أريد أن أعزي نفسك المريضة يا خازن ريالات الحجاز بنهايتك الذليلة فأن تقول وتتطاول على من هو أشرف منك فهذا لن يجدي لك غير خسران الذات والكرامة وليس أنك تحسب أن نجاتك في قول متناقضات يدر عليك المال إلى آخر عمرك وهو السبيل للوصول بالكلمة الصادقة لقلوب الكثيرين ممن تظن أنك لن تصل إليهم ا بعملك وفكرك فالسباب الذي جئت به سيعمل على أن يهيج عليك تفاعل الكثيرين من محبي العراق من متلقين في طرف المعادلة الإعلامية أو من محبي رموز العراق الذي يكون أحمد الجلبي واحدا منهم .فهو أنسان عراقي وقائد لم يعمل بروح الهيمنة والسيطرة وطلب الحكم لنفسه ، والجميع منا يتذكر الجلبي وهو المضحي لغيره ممن تشرط أن تكون الرئاسة له ميزة على غيره وطالما أعتبر أن حزبه ليس حزبا تقليديا ولم يفتخر بأن له جنسية أخرى غير جنسيته العراقية ،فانتماءه إلى العراق هو أغلى شيء عنده وحرصه على العراقيين هو ديدنه وهو كما وصف أمير المؤمنين علي عليه السلام الرجال بقوله (( لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال : يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ، ويشير بالرأي الّذي فيه صلاح أهله)) * 1 فمن غير الجلبي اليوم يستحق أن يقال كل هذا فيه وهو فيه الكثير لو أتيح له المجال لقدمه لهذا الوطن.
1 – كتاب تحف العقول * الصفحة 389
العودة الى الصفحة الرئيسية