هنيئا للثقافة العراقية بوزيرها الهمام

 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid@yahoo.com

 صدق أو لا تصدق، هذا ما يحدث في العراق الجديد،فالعراق كما يبدو من بلاد واق ألواق التي تحوي العجائب والغرائب، ولا يزال البعض يتصورون أنهم يعيشون في عصور ما قبل التاريخ، ودستورنا الجديد ابعد أسم الثقافة وما يمت إليها، فلا ثقافة ولا مثقفين، والدليل أن الساسة العراقيين ظلوا لستة أشهر يبحثون  عن وزير للثقافة، فلم يجدوا غير مؤذن في أحد الجوامع، ارتقى بجده واجتهاده في الذبح والقتل إلى خطيب جامع،ومنح شهادة الدكتوراه من سوق مريدي بامتياز،فنسب للعمل وزيرا للثقافة،ليشيع ثقافة (الدر باشة) في العراق الذي هو بحاجة للثقافة المتخلفة،أكثر منها للثقافة التقدمية والفكر النير، ولا أدري كيف أرتضى السيد رئيس الوزراء لنفسه اختياره من بين ثلاثة مرشحين، ولكن ربما كان أولئك ممن يكبرون أمام إمام الجامع، أو يجلسون خلف بركان الجامع، فرأى انه أجدرهم بالقبول لأنه خبير بالخطابة والدجل الذي يلهب حماس المؤمنين،فيدفعهم للقتل ويحرضهم على الفتنة،، وهنيئا للثقافة العراقية بوزرائها أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين، فالأجدى لها أن يتولى أمرها من يحسب الثقافة بيع (الشلغم) ولهم الحق في ذلك فالعراق كاد أو خلا  من المثقفين الذين راح أكثرهم ضحايا القتل، أو الموت قهرا،أو الهجرة إلى البلدان الأخرى ليعملوا في الفنادق والحانات،فالعراق في العصر الحالي لا يحتاج إلى المثقفين بقدر حاجته  للقتلة والسفاكين،والمجرمين المحترفين،فأكثر مثقفينا لا يعرفون الكلاشنكوف من السمنوف، أو رمان شهربان من رمان هذا الزمان، وآخر ملاذ لهم في شارع المتنبي أحاله نشامى العراق الى أنقاض، ولعلهم يرون في سيادته أنه من المع المثقفين، فهو يأنف من حضور المهرجانات الأدبية لأنها رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه، ولا يرعى المهرجانات الفنية،لأنها من الفنون الجميلة التي تتعارض مع فنونه القبيحة، فقد حدثني أحد معارفه أنه ممن يجيدون الدق على الدفوف والمزاهر، والهز والدوران في المواليد، ولا يمل الهز والدوران،كأنه البهلوان، وهو خطيب مفوه إذا ارتقى المنبر فاح المسك من لسانه والعنبر، وأنطلق لسانه بالدعوة الى قص الرؤوس وإزهاق النفوس،ويقال والعهدة على من قال أنه زعيم لجوقة من القتلة والسفاكين يأتمرون بأمره،فيسبون النساء،ويقتلون الرجال،ويجلبون له الغنائم من بلاد الكفر،وقد أعترف أفراد حمايته بالكثير من الجرائم التي أشرف عليها أو أمر بها، ومنها قتل نجلي النائب مثال الآلوسي، الذين قتلا بأمر من جنابه العالي، لأن هذين البريئين يشكلان خطرا على المذهب والدين وخلافة المسلمين.

 ولعل الغريب أن يعترض زميله في الفتنة والقتل،الذي تقول فيه صديقة الملاية(يا حلو يابو السدارة،متيمك سويله جاره) ليبرئ ساحته  من هذه الجرائم،ويطالب بإيقاف الأجراآت القانونية بحقه،لأنه من العناصر المؤمنة التي لا يأتيها الباطل من أمامها ولا من خلفها،وأن أفراد حمايته اعترفوا بذلك تحت التعذيب،ولا ادري كيف  لرجل يدعي إمامة المسلمين ،والتفقه في الدين ويكذب على الناس والملائكة أجمعين.

 ولكن أين سترسو سفينة الثقافة العراقية،بعد أن تبوأ أمرها لدورتين متتاليتين وزراء لا يمتون الى الثقافة بصلة،أو يفهمون معنى الثقافة،فالثقافة كما يقول ثقات اللغويين،تعني العدالة،اشتقت من المثقف الذي هو الرمح،ولعل هؤلاء تصوروا أن وزير الثقافة يعني وزير الرماح،فاستعاضوا عنها  بالبنادق لقتل الأبرياء،لأنهم لم يتعودوا على حمل الأقلام،فقد (رفع عنهم القلم)لأنهم درسوا في مدارس الطائفية المقيتة  كيف يقتلون البشر،وينتهكون الأعراض،ويأكلون السحت،بما يقريهم درجة أعلا في عليين،التي ستكون على رأي هؤلاء خاصة بالقتلة والسفاكين،الذين يستبيحون المحارم،ويرتكبون المأثم،فلهم حوريات الأرض التي اغتصبوها،وحوريات الجنة الموعودات،وأباريق الخمر،والولدان المخلدون الذين كأنهم الجوهر المكنون،ولنا نحن المثقفون الذين لا نعرف غير القلم ولغة الأدب،النار مع أسلافنا العظماء أمثال أديسون  صاحب الاكتشافات الكثيرة،ودارون صاحب النظرية الشهيرة،والمعري الذي لم يجني على أحد،والزهاوي الذي أعلن ثورته في الجحيم،والجاحظ وأبي حيان التوحيدي،وربما ماركس الذي لا تشفع لحيته الطويلة المرسلة التي تشبه لحى المتدينين هذا الزمان،ولعلهم يخطئون به،فيحظى بالجنة التي حاول أن يجعلها في الأرض،ليتمتع بها الناس بدلا من جنان السماء التي يبدوا أنها حجزت لهؤلاء القتلة والتكفيريين،الذين  قدموا ملايين الضحايا للتقرب الى الله زلفى،فهؤلاء الموعودون بالحور العين،إذا قتلوا العراقيين المساكين،سوف يملئون الجنة،وربما يمنحون أكثر من قصر فيها،على عدد الضحايا الذين قتلوهم فيصبحون ملاكين هناك،يؤجرون الشقق المفروشة لمن لم يتسنى لهم الحصول على مكان.

 ولعل السيد وزير الثقافة سيكون من السباقين للحصول على ناطحات السحاب هناك لجرائمه الكثيرة التي يندى لها الجبين،فقد أشتهر بقتل الأطفال،وخطف النساء،وعصاباته تجوب المناطق الآمنة لترتكب جرائمها باسم الإسلام الذي هو براء من أعماله الدنيئة وأعمال من يشابهه في هذه التصرفات.

 وندائي الأخير للسيد المالكي،أختر للثقافة وزيرا مثقفا،من أوساط المثقفين،على أن لا يكون شرطيا كالوزير السابق،أو أمام جامع كالوزير الحالي،فالثقافة تحتاج للرجل الرجل،حتى لو كان كاظم الساهر ليطرب العراقيين بأغانيه الجميلة،بدلا من هؤلاء الغربان الذين ملئوا العراق بكاء وعويلا،وعسى أن يكون القادم من أعمدة الثقافة العراقية الوطنية،لا من مواخير الطائفية التي أزكمت روائحها الأنوف. 

 

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com