أثبتت الأيام والوقائع في تاريخ العراق الحديث والمعاصر منذ بزوغ شمس الحوزة العملية في النجف الاشرف قبل أكثر من ألف عام وحتى هذا العهد بروز دور المرجعية الدينية في عاصمة العلم والعلماء مدينة أمير المؤمنين(ع) وخصوصا في القرن العشرين بعد ضعف الدولة العثمانية وظهور الاحتلال الغربي كان دور المرجعية السند القوي والمعين الأبوي للشعب العراقي بمحنته وهمومه والتقلبات التي مرت على أطيافه المختلفة فلم يستنهضا السيد ألحبوبي والإمام الحكيم (قد) لقتال الأجنبي عام 1914 في الشعيبة من اجل طائفة معينة واقصد بها الشيعة فقط ولم يدعو السيد الشيرازي (قد) عشائر الفرات الأوسط والجنوب فقط دون أبناء عشائر المنطقة الغربية وشمال بغداد وعشائر الكرد للثورة ضد الإنكليز والتي كانت ثورة العراق الكبرى بحق ثورة العشرين الخالدة والتي يجب أن تخلد بأنها الثورة الإسلامية بقيادة المرجعية الدينية من اجل الشعب العراقي كله بدون استثناء.
وبعد أن وضع يده المحتل على كل مقدرات العراق وأراد صنع شخصيات كارتونية يحركها كما يشاء ومتى يشاء من خلال ما يسمى بالمجلس التأسيسي لحكومة عراقية محكومه بالنيابة عن المحتل بالنظام الملكي شمر ساعده شيخ الشريعة الاصفهاني (قد) ومن سانده من مراجع الدين آنذاك في فتوى تحريم الانتخابات والدخول في مثل تلك المجالس المشبوه وكانت الفتوى لمصلحة الشيعي والسني والكردي بل جميع العراقيين على السواء وهذا ما وحد الآراء وطابق الأفكار مع الواقع وعكس صورة مشرقة عن قيادة رشيدة تنئ عن نفسها بان تكون المدافع عن مصالح فئة أو جماعة معينة بل أنها من الشعب والى الشعب والممثل الحقيقي للزعامة الدينية الإسلامية وحينما نؤكد بأنها المرجعية الدينية للشيعي والسني هذا لا يعني أن الإقطاعيين والتجار الذين أتى بهم الإنكليز لتمثل شرائح معينة هم الممثل الحقيقي عن تلك الشرائح مثلما يصنع الآن من يريد تمثيل شريحة معينة يحاول أن يأتي بقيادات كارتونية لها.
الدور التاريخي لسماحة العلامة الكبير محمد حسين كاشف الغطاء (قد) يثبت للقاصِِ والداني أن توجيهات هذا الشخصية لم تكن فقط دينية عراقية بل كانت إسلامية عالمية للمسلمين العرب وغير العرب وكافة الطوائف الأخرى فكانت هذه الآراء مكسب كبير للحوزة العلمية في النجف الاشرف عكس توجهات بعض مفتي الطوائف الأخرى الذين لم يذكر التاريخ بأنهم نصروا أو استنصروا غير فئاتهم وهذا هي الفئوية أو ما تسمى اليوم بالطائفية.
غير ما استخدمه النظام العفلقي ضد سماحة الإمام محسن الحكيم (قد) من اجل سحب فتوى قتال الشعب الكردي والتي كانت ضربة قاصمة للنظام الذي حاول تدمير فئة كاملة من أبناء الشعب العراقي تضم الشيعي والسني والمسيحي وغيرها من الطوائف الأخرى دليل على إسناد المرجعية الرشيدة لجميع العراقيين وهذا برهان يدلل مآثر ويثار المرجعية الدينية بأنها الإسناد الحصين لشعب الآهات والمظلوميات والتي وقفت بوجه القوة الطاغوتية التي تحاول زرع بذور الفرقة والتشتيت والتقاتل.
لكن تلك الأنظمة الضعيفة شاهد المواقف المشرفة من قبل زعامات الحوزة العلمية ووقوفها صف واحد من اجل وحدة العراق فما قامت به كان ديدن الحاقدين على أبناء العراق فابتدأت حماقاتهم بتهجير شرائح علمائية كبيرة وقتل خيره أبناءها أمثال الاعظمي والبدري وغيرهم من السنة ومن الأكراد البرزنجي والحفيد والمئات من علماء ومفكري الشيعة خاصة في عهد البعث الدموي والذي ارهب الشعب بالنار والحديد ألا أن المرجعية الدينية لم تثني عن تأدية واجبها الشرعي وتكليفها الإلهي فيذكر التاريخ مشاهد من الصفحات المشرقة لزعامة الإمام أبا القاسم الخوئي (قد) والسيد السبزواري (قد) واللذان وقفا موقفا شجاعا أمام العنجهية والتطرف البغيض الذي قامت به الزمر الصدامية في محاولة لإسكات الصوت العراقي المجاهد الثائر في انتفاضة شعبان 1991 والذي تدخل فيها الذراع العسكري للحوزة العملية قوات بدر الظافرة بقيادة سماحه شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم (قد) وعلى طول الحدود الجغرافية للعراق مع جمهورية إيران وبعد تصدي سماحة الإمام علي
السيستاني (دام ظله) لمقاليد الزعامة والمرجعية لحوزة النجف الاشرف بقى الدور الحقيقي في صنع أرادة الشعب المستلبة فما صنعه المرجع الديني الكبير السيد على السيستاني (دام ظله) للشيعة والسنة والأكراد والتركمان والكلدوا آشوريين وغيرهم لم تصنعه أيادي من تلك الفئات لا بناءها.
هذا التاريخ المشرف ما هو ألا أنتاج المؤسسة الدينية التي تدافع بكل حرقة عن كل أبناء الشعب والتي أثبتت للعالم أن الرعاية الأبوية للمرجعية الدينية لشعبا ضحى طيلة العقود المنصرمة والتي تستحسن أن يكرم ويثنى بالجميل الحسن على هذه الجهود الكبيرة رغم المآسي والمحن التي تتكالب علية بصنع من يبغضه فعلى طول الخط البياني للتاريخ الحوزوي لم نجد في أي عصر من عصور أن المرجعية الرشيدة تخلت عن أبناء وطنها ورغم ما لحق بها من تدمير ومحاولات هدامة للقضاء عليها فيبقى التكاتف والتعاون والارداة الصلبة والانسجام الكبير بين المرجعية الدينية والعراقيين هو المقبض الذي يضرب كل الطواغيت الذين يحاولون بث الفساد في الأرض.
العودة الى الصفحة الرئيسية