هذا المصطلح الجديد ، أي" الديمقراطية العراقية " ، أصبح موضوع تهكم من أعلى المستويات السياسية العالمية ومنهم الرئيس الروسي ، بوتين ، والمعروف عن بوتين أنه دائما يطلق كلاما موزونا مدروسا وعلى قاعدة ، ما قل ودل ، ففي رده على مطالبة بوش لتطبيق الديمفراطية في روسيا ، رد عليه بوتين متهكما " تقصد مثل الديمقراطية العراقية " !! مما أثار ضحك وإستهزاء الحاضرين بالديمقراطية العراقية .
في كل فترة سياسية أو حدث سياسي عالمي تظهر إصطلاحات جديدة ، ففي الحرب العالمية الثانية ظهر مصطلح الحلفاء ودول المحور ، وبعدها ، ظهر إصطلاح الستار الحديدي الذي أطلقه السياسية البريطاني المخضرم ، ونستن تشرتشل ، أي أن الدول الاشتراكية بقيادة الإتحاد السوفياتي عزلت نفسها وأنزلت الستار الحديدي !!، ثم مصطلح الحرب الباردة ، ثم سقوط جدار برلين ثم الحادي عشر من إيلول ، وهكذا
وإفتتح العراق الألف الثالثة بمصطلح سياسي جديد وهو " الديمقراطية العراقية " وكل الشعوب المظلومة الواقعة تحت نير الدكتاتوريات تطمح وتسعى بل وتناضل في سبيل إقامة نظام ديمقراطي ، إلا أنهم يرفضون نموذج الديمقراطية العراقية بل كل يقال عن الديمقراطية في الدول العربية والإسلامية يتذكرون الديمقراطية العراقية ويستئهزون بها !!! ،وهي أول مرة ترفض الديمقراطية من قبل الشعوب التواقة للديمقراطية خوفا من أن لا تكون من نموذج الديمقراطية العراقية !! لأنها أسست من قبل أعداء الديمقراطية ،تلك الديمقراطية التي تمثلت " بالبرلمان " الذي يرأسه عدو الديمقراطية الذي يهدد النواب في البرلمان العراقي " الديمقراطي" " بالقنادر " كل من لا يلتزم أو يعارض الشريعة الإسلامية !! وذلك تطبيقا للديمقراطية العراقية التي يتشرف بتمثيلها من خلال ترأسه برلمانها " الديمقراطي "!!
هذه الديمقراطية ، الديماغوغية ، العراقية التي يتولى إقامتها ، المثلث الشيعي الطائفي الرجعي ، المجلس الإسلامي وذراعها العسكري فيلق بدر الممول والمسلح من قبل دولة ولاية الفقيه! ، وحزب الدعوة الاسلامية : " الذي يستهدف تحكم الإسلام في كل مجال الحياة ..."! ، والتيار الصدري المؤمن بمبدأ " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " وعدم تحقق العدالة إلا على يد " المهدي المنتظر أو وكيله في العراق مقتدى الصدر !!" هذا الصدر الذي إنتظره الرعاع والديماغوغيين منذ مدة ليسيروا خلفه المهرجون رافعين المصاحف والسيف البتار للكفار الذين لا يؤمنون بأن المقتدى أو المقتدر يملك ما يملك من الإقتدار !!! والثلاثة المذكورين يؤكون على الثوابت الإسلامية وفتاوى المرجعيات في ظل الديمقراطية العراقية الجديدة !!
هذه المجموعة الثلاثية التي تعادي الديمقراطية ، لأنها لا تتفق مع " الثوابت الإسلامية " هي التي كلفت بل فرضت نفسها لتأسيس نظام " الديمقراطية العراقية " التي إستبشرنا بها نحن الديمقراطيون ، أعداءها تولوا تطبيقها لكي لا يأتي الديمقراطيون الحقيقيون ويطبقون الديمقراطية التي يعادونها !!
ألا يحق والحالة هذه أن تكون الديمقراطية العراقية موضوع تهكم من الرؤساء ورفضها من قبل الجماهير التواقة لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي ، ولكن لا على نمط الديمقراطية العراقية !! ، تلك الديمقراطية التي لاتتعارض مع الثوابت الإسلامية !!ولكن ماهي الثوابت الإسلامية ؟ التفسير موكول لمقتدى الصدر والحكيم الكبير وبعده الحكيم الصغير والجعفري الفطير والمنفذ المالكي الأسير !! ، الثوابت الإسلامية معناها لا حقوق للمرأة ولا حرية الرأي والعقيدة ، إنتخابات طائفية بإشراف المرجعيات محروسة بالمليشيات ..الخ ، ولهذا نجد النائبات الشيعيات أي الممثلات عن المرأة يرفضن حقوق المرأة ، نعم ممثلات عن المرأة يرفضن حقوق المرأة !! أي حقوق أكثر من نصف المجتمع العراقي وفقا لتلك الثوابت ! وأحزابا كردية في برنامجها : كردستان أولا وآخرا وليكن بعده الطوفان وهو سر تمسكهم وتحالفهم " الإستراتيجي " مع الأحزاب الرجعية الشيعية الطائفية و هم ، الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الكردستاني والأحزاب الصغيرة التابعة لهم !..الخ .
أما لماذا يتمسك ويصر طائفيو الشيعة والعربان القوميون على تسمية هذا النظام بالنظام الديمقراطي وهم الذين كانوا ولا زالوا يعادون الديمقراطية ويصفونها أحيانا بالكفر وأخرى بالمبادئ الوافدة ! لأنهم يريدون مسخ وتشويه النظام الديمقراطي وإفراغه من محتواه الحقيقي وهو خير وسيلة لمحاربته ومقاومته.
هذا المسخ والتشويه ليس جديدا فهو سلاح فعال في محاربة المبادئ السامية بأن أعدائها يتخذونها أسماء لها بقصد مسخها وتحريفها عن حقيقتها ، فكان هناك الحزب النازي الاشتراكي ، حزب القومي الإشتراكي ، حزب البعث العربي الاشتراكي ،القوميون الإشتراكيون ، الإشتراكية الرشيدة ، الإشتراكية الإجتماعية ، الإشتراكية العادلة ،الإشتراكية العربية ، الإشتراكية الإسلامية ...والإشتراكية الطوبائية ...الخ كل هذه الأنظمة والحركات السياسية التي رفعت شعار الإشتراكية كانت ولازالت معادية للإشتراكية العلمية وحتى الإشتراكية الطوبائية التي بشر بها السيد المسيح وبقية الأنبياء ، إلا أن هذه الحركات تعمدت رفع شعار الإشتراكية إعترافا منها بأنه شعار مغري للشعوب ، فلجأوا الى تشويهه وإفراخه من محتواه الحقيقي لأنهم عجزوا عن مقاومته بالحجج أو وجها لوجه ،حتى أصبح موضوع الإشتراكية موضوع تهكم عندما يرفعه بعض القادة السياسيين وإن كانوا جادين به وبتطبيقه !!
وهذا ما يحصل للديمقراطية في العراق وفلسطين ولدى ملالي إيران وغيرها ..الخ وقد نراه في دول أخرى عربية وإسلامية ، وسيقولون إننا حققنا الديمقراطية ولا حاجة أن نستوردها من الغرب الكافر الذي أعطى حرية زائدة للمرأة !وإنفلاتها !!وكذلك المبالغة في حرية الرأي والعقيدة بحيث تركوا الدين ولم يؤمنوا بيوم الآخرة وبالشريعة التي أنزلها الله !!وديمقراطيتنا أيضا نتيجة صناديق الإنتخابات كما يحصل في الغرب ، بل أفضل منهم ، لأنهم قد يشتركون أقل نسبة من المشتركين عندنا إضافة الى أنها لا تخرج من شرع الله !!.
وبرأي المتةاضع ، إننا يجب ألا نلقي اللوم كل اللوم على الأحزاب القومية والدينية الرجعية ، لأنهم عملوا وفق برنامجهم الحزبي ،ونحن أردناهم أن يعملوا ضد برنامجهم ومبادئهم التي يؤمنون بها وسعوا وناضلوا من أجلها ، ولم تكن هذه الأهداف والبرامج أي إقامة النظام الديمقراطية من برامجهم وأهدافهم ، كما اردناهم نحن وكما كما فرضوه عليهم الأمريكان فكانت هذه النتيجة !!!، اي تحريف النظام الديمقراطي الى الفوضى وقالوا هذه هي الديمقراطية التي أردتموها !!
وأقول : بل نحن الديمقراطيون نتحمل المسؤولية التاريخية فقد ساهمنا مساهمة فعالة بتشجيعهم ، بالتصفيق والتهليل للديمقراطية العراقية التي سيبنوها أعداءها!!! قبل أن نتفحص ونتأكد ونسأل أنفسنا : هل ممكن أعداء الديمقراطية وأعداء حقوق الإنسان وحقوق المرأة والراي والعقيدة ،هل يمكن أن يؤسس هؤلاء نظاما ديمقراطيا ؟؟ طبعا لا .. والف لا ، وبرأي ، كان الأصح أن نطالب أولا وقبل كل شيئ بتأسيس دولة المؤسسات والقانون قبل الدخول بالإنتخابات ، وأن نعارض كل أنواع الإنتخابات في ظل المليشيات وتوجيهات وفتاوى الملالي .
أي كان الأصح ، إعطاء الأهمية القصوى لإ عادة بناء دولة بكل ما تعنيه كلمة دولة ،دولة علمانية أي لادينية ولا قومية ، تكون أولى أولياتها حماية الفرد العراقي ، توفير الخدمات ، إعادة بناء الجيش والشرطة والقضاء ، وبقية المؤسسات التي تشكل بمجموعها دولة .
إننا وقعنا في خطأ ، ومن أخطر الأخطار التي لايمكن تصحيحها ، كالمتهم الذي يتعلم العقل بعد خروجه من المحكمة ، او كالقاضي الذي يكتشف المجرم الحقيقي بعد إعدام المتهم البرئ!!!