إغراق الحقيقة

 

حيدر سليم الحسني

m-rafida@hotmail.com

بمناسبة ذكرى مرور 20 يوما على شهادة الصحفي نزار الراضي ويوم الصحافة العالمي

دأبت الصحافة ومنذ ُ أن عرفها الإنسان على نقل الوقائع والأحداث إلى كافة أرجاء المعمورة، وكان الصحفي أو الناقل للحدث هو سفير قومه والمتحدث باسمهم بل كانوا ينتقونه من بين عشرات الأدباء والكتاب .

أما في عراق ما بعد 2003 فقد عمل الصحفي – جاهدا -  على نقل الحقيقة التي كانت مكبوتة في صدره وذلك بسبب الظلم والجور الذي مارسته السلطات السابقة ، مما أدى به إلى أن يكون مستهدفا ، فالصحفي اليوم من أكثر الأشخاص عرضة للإقصاء والتهميش بل والهلاك ولهذا ترى قائمة شهداء ( صاحبة الجلالة ) طويلة والشهداء كثيرون بل تجاوزوا حدود المنطق والعقل في القتل .  ففي العراق وخلال السنوات الأربع المنصرمة قتُل ما لم يقتل من الصحفيين في أوربا وأمريكا خلال أكثر من ثلاثين عام وربما أكثر .

هل هذه مصادفة أم قتل بدون قصد أم ماذا ؟ !

وماذا نسمي قتل صحفي يحمل قلما وجهاز تسجيل وكامرة ، هل هو إرهابي ؟ !

 

هذا هو الفقيد ......

الشهيد نزار عبد الواحد هو من بين ابرز الصحفيين المميزين في ميسان بل يعد أبرزهم . صحفي مثابر . مهني في عمله . محب لعمله . واثق من أدواته ، عمل جاهدا لنقل كل ما يعرفه إلى شريحة من الشباب الذين ملأهم الطموح للخوص في غمار ( السلطة الرابعة ) فأسس رابطة الصحفيين الشباب التي جمع فيها كل أفكاره فوجهها إلى شباب واعي و مثابر .

الزميل الراحل مارس العمل الصحفي فأبدع فيه حتى ارتقى إلى العمل في أفضل المؤسسات الإعلامية التي نال عمله إعجابهم حتى كاد أن يكون التقرير الذي قدمه عن ( دار رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ) من أفضل الإعمال التي أحدثت ضجة حينما بُث من على الأثير  .

الفقيد الغالي نزار عبد الواحد كنا محضوضين عند التقائنا في إحدى الدورات الإعلامية في عمان فكان كريم الأخلاق حسن التعامل يحمل ابتسامه لا تفارقه ولا يفارقها حتى وصل الحال بباقي الزملاء من أنهم حسدوه على تلك الروح اللطيفة والمرحة فكان فعلا سفيرا رائعا لمحافظة ميسان بل للعراق .

 

رصاصات بلا رحمة .....

أخي ( أبو سيف ) لن أقول وداعا ولم تفارقنا بل أنت فينا وأنت بيننا أكاد أحس بأنفاسك وأتوقع رؤياك فلا تحزن لما حدث فحسبك الله وهو خير الناصرين .  

فقد اغتيل أثناء وقوفه إمام سيارته التي كان يريد قيادتها بعدما أنجز عمله مرت بجانبه سيارة بيضاء ( مسودة  ) بلون الحقد على الحقيقة وروادها فصاح احد الجنات ((نزار)) بصوت ٍ  أجش فرد نزار بالتفاته هادئة يملاها ابتسامة فرد عليه الأول باطلاقة أصاب بها قدمه فبادر الثاني بمجموعة من الاطلاقات وجهها إلى صدر الحقيقة ورأس الإبداع فأصاب بها  جسد التميز .

وانطوت صفحة من صفحات شاب عراقي حاول أن يكون فاعلا ومؤثرا في مجتمعه وأراد نقل الواقع والحقيقة  كما هي بدون تزيف أو تحريف فنجحت رصاصات من تغيب شمسا إضاءة للمجتمع طريق الحرية .

 

مذكرات شاب...

ذكر لنا شهيدنا نزار عبد الواحد في إحدى الأيام بأن ميسان أصبحت أفضل من غيرها من مدن العراق وذلك بفضل تزايد أعداد مثقفيها وروادها وأصحاب الكلمة بل هناك نشاط ثقافي وفكري ثر في المحافظة اختصت به عن محافظات العراق فأنا – ولا يزال الكلام له – استبشر خيرا في مدينتي العزيزة .

هذا جزء من نبؤات الفقيد الذي لم يكن يعلم بأن رصاص الغدر كانت منتظرة خلف ظهره ولم يكن يعلم بأن أفضل هدف ( لهم ) هو صاحب الكلمة ، فالكلمة في عراقنا الجريح أصبحت تهمة  وعقابها القتل دون محاكمة والشهود هم (( أغلفة الرصاصات )) يا ترى هل ستموت الكلمة أم ستخلد كباقي الرسالات السماوية وهل يستطيع احد أن يغير كلام الله بأن { الشهداء إحياء } وهل سيبقى الوطن صامتا على تلك الجرائم فعراق اليوم أصبح خاضعا لكل شيء ، للسرقة ، للاختطاف ، للقتل ، للتشريد لتغير التاريخ وتزييف الوقائع بل أراه يوافق على تغير بنود مسلة حمو رابي وتحويل الجنائن المعلقة إلى دكان .

انهض يا عراق  انهض يا وطني ودافع عن حدودك وقل للآخرين بأنك موجود وانك باقي ولا تزال عراق آشور ونبو خذ  نصر لا تزال صاحب أقدم حضارة ومن علم العالم الحرف والكلمة ومن علم الرياضيات والفلك .  

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com